سيف الإسلام القذافي
سيف الإسلام هو نجل العقيد الليبي معمر القذافي، لعب منذ سنة 2000 أدوارا هامة في الشأن العام الليبي الداخلي والخارجي دون أن يكون له منصب سياسي رسمي، قاد مفاوضات بين ليبيا وجهات أجنبية استطاع من خلالها تسوية العديد من القضايا الشائكة.
تحدث عن الإصلاح السياسي والاقتصادي في ليبيا دون الخروج عن المسار الذي رسمه والده، وقد وقف بجانبه لإخماد ثورة 17 فبراير لكنها عصفت بوالده ونظام الحكم "الجماهيري" ليصدر بحقه حكم بالإعدام رميا بالرصاص في يوليو/تموز 2015.
المولد والنشأة
ولد سيف الإسلام القذافي يوم 52 يونيو/حزيران 1972 في معسكر باب العزيزية حيث تقيم أسرة الزعيم معمر القذافي، وهو الابن الثاني للعقيد القذافي من زوجته الثانية الممرضة صفية فركاش. ولسيف القذافي خمسة أشقاء من بينهم أخت واحدة.
الدراسة والتكوين
درس سيف الإسلام بمدارس طرابلس وتخصص في الهندسة المعمارية، تخرج عام 1994 من كلية الهندسة بطرابلس مهندسا، ثم التحق عام 1998 بكلية الاقتصاد بجامعة "إمادك" بالنمسا وتخرج منها عام 2000، وبعدها التحق بمعهد للاقتصاد في بريطانيا لنيل شهادة الدكتوراه.
وقد قالت صحف بريطانية: إن نجل العقيد القذافي سرق أطروحته التي حصل بها على الدكتوراه، وإن أكاديميا ليبيا ساعده في إعدادها كافأه بتعيينه سفيرا.
الوظائف والمسؤوليات
التحق سيف الإسلام بعد تخرجه بمركز البحوث الصناعية في طرابلس. وفي عام 1996 عمل في مكتب استشاري.
منح رتبة رائد في الجيش الليبي مع أنه لم ينتسب إلى مؤسسة عسكرية، وترأس مؤسسة القذافي الخيرية للتنمية التي أنشئت عام 1998.
التجربة السياسية
شارك سيف الإسلام باسم مؤسسة القذافي الخيرية في صيف عام 2000 في التفاوض مع مجموعة أبي سياف الفلبينية التي كانت تحتجز رهائن ألمان واستطاع تحريرهم مقابل مبلغ مالي يقدر بـ25 مليون دولار.
ساهم في تسوية "ملف لوكربي"، الذي اتهِمت فيه ليبيا بإسقاط طائرة "بان أميركان" المتجهة إلى نيويورك فوق بلدة لوكيربي بأسكتلندا في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988، حيث قتل ركابها البالغ عددهم 259 شخصا و11 شخصا من سكان لوكربي. دفعت ليبيا بموجب هذه التسوية مبلغ 2.7 مليار دولار للضحايا.
كان له دور في حل ملف البرنامج النووي الليبي الذي تم القضاء عليه لفك الحصار عن ليبيا واستئناف العلاقات الأميركية الليبية بعد ذلك في 28 يونيو/حزيران عام 2004.
لعب سيف الإسلام دورا محوريا في تسوية ملف الممرضات البلغاريات، حيث أفرج عنهن في يوليو/تموز 2007 بعدما أمضين هن والطبيب الفلسطيني قرابة 8 سنوات في السجن، وذلك بعدما كان القضاء الليبي حكم على الجميع بالإعدام في مايو/أيار 2004، لإدانتهم بنقل فيروس الإيدز إلى 438 طفلاً ليبيا في مستشفى بنغازي، توفي 56 منهم.
بعض أطياف المعارضة الليبية في الخارج، اعتبرت سيف الإسلام الخليفة القادم لأبيه، ورأت أنه مهما ابتعدت تصريحاته عن نهج أبيه السياسي فهي محاولة لإنقاذ نظام العقيد القذافي وتلميع صورته في الغرب.
كان سيف الإسلام بعد قيام " ثورة 17 فبراير" عام 2011 ثاني شخصية تدافع عن النظام، ظهر على شاشات التلفزيون الليبي أكثر من مرة يدافع عن والده وينتقد الثوار ويهددهم ويصفهم بـ"العملاء" و"الخونة".
في أواسط مايو/أيار 2011، تقدم مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بطلب إلى المحكمة الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق معمر القذافي وسيف الاسلام ورئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي. صدرت المذكرة بالفعل في 27 يونيو/حزيران 2011 ليصبح سيف الإسلام مطلوبا للعدالة الدولية.
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أكد مسؤولون ليبيون بينهم مسؤول ملف العدل في المجلس الوطني الانتقالي الليبي محمد العلاقي، اعتقال سيف الإسلام ومرافقين اثنين على الأقل في منطقة صحراوية قرب مدينة أوباري التي تبعد 200 كيلومتر عن مدينة سبها.
وقد وضع في سجن بالزنتان، وسعت محكمة الجنايات الدولية لنقله لمحاكمته بمقرها لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال ثورة 17 فبراير، لكن ليبيا رفضت تسليمه.
وعقدت محكمة ليبية أكثر من جلسة لمحاكمته بالفساد وجرائم الحرب ضد الثوار، بالإضافة لمسؤولين كبار أيام حكم والده العقيد معمر القذافي.
وفي 28 يوليو/تموز 2015، أصدرت محكمة استئناف في العاصمة الليبية طرابلس حكما بالإعدام رميا بالرصاص على تسعة من رموز نظام القذافي بينهم نجله سيف الإسلام ومدير المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي وآخر رئيس وزراء في عهد القذافي البغدادي المحمودي.
وأصدرت هيئة المحكمة حكما غيابيا على سيف الإسلام القذافي الذي تغيب عن الجلسات السابقة لأسباب أمنية، وذلك خلال جلسة المحاكمة التي شملت 37 من رموز نظام معمر القذافي.
وواجه سيف الإسلام وبقية المتهمين تهما من بينها التحريض على إثارة الحرب الأهلية والإبادة الجماعية وإساءة استخدام السلطة وإصدارُ أوامر بقتل المتظاهرين والإضرار بالمال العام وجلب مرتزقة لقمع ثورة 17 فبراير.
وفي السادس من يوليو/تموز 2016 والذي صادف احتفال المسلمين بعيد الفطر، فاجأ كريم خان محامي سيف الإسلام الجميع بتصريحه لقناة فرانس 24 الفرنسية أن موكله قد خرج من السجن في 12 أبريل/نيسان 2016 بعد سنوات خمسة قضاها وراء القضبان، مستفيدا من قانون العفو العام الذي "يطبق على كل الليبيين"، موضحا أن موكله "بخير وأمان وموجود داخل ليبيا".
لكن إدارة السجن الذي يعتقل فيه سيف الإسلام سبق لها وأن نفت ما تم تداوله بشأن الإفراج عن نجل القذافي، وقالت في بيان إن "سيف الإسلام القذافي لازال يقبع في سجنه ولم يتم الإفراج عنه حتى اللحظة".
كما نفت وزارة العدل الليبية الخبر، وذكرت أنه "من شروط تطبيق القانون (قانون العفو) أن تكون أحكام صادرة في حق طالب العفو"، في حين أن "المتهم سيف الإسلام القذافي موقوف على ذمة قضايا عديدة ومازال رهن التحقيق في بعضها والبعض الآخر منظور أمام القضاء".
في يونيو/حزيران 2017، أفرجت كتيبة أبو بكر الصديق، الموالية لعملية الكرامة في الزنتان، عن سيف الإسلام، بعد اعتقاله لديها لأكثر من خمس سنوات.
وبرر آمر الكتيبة العجمي العتيري قرار الإفراج بأنه جاء تنفيذا لمراسلات وزير العدل بالحكومة الموقتة، ومطالبة وكيل الوزارة في مؤتمر صحفي بضرورة الإفراج عن نجل القذافي وإخلاء سبيله طبقًا لقانون العفو العام الصادر من مجلس النواب الذي أقره في 28 يوليو/ تموز 2015.