بنغازي

مشاريع أبراج وفنادق ببنغازي توقف العمل فيها منذ ثورة 17 فبراير
عرفت المدينة بعد اكتشاف النفط عام 1964 طفرة اقتصادية جعلت الكثير من الليبيين يقصدونها للعمل (الجزيرة نت)

إحدى عاصمتي ليبيا -والثانية طرابلس- بحسب دستور استقلالها عام 1951، وعاصمة سابقة مؤقتة للمجلس الوطني الانتقالي الليبي إبان ثورة 17 فبراير/شباط 2011، وثاني أكبر المدن الليبية حجما بعد طرابلس. كانت مهد ثورة الفاتح من سبتمبر/أيلول 1969 التي أوصلت العقيد معمر القذافي للحكم، ومنها انطلقت الثورة عليه وإسقاط حكمه.

الموقع
 تقع مدينة بنغازي في الجزء الشمالي الشرقي من ليبيا، وتطل على ساحل البحر المتوسط، وتتميز بطقس دافئ ومناخ شبه جاف، فصيفها حار ووجاف، وشتاؤها معتدل ممطر في بعض الأحيان.

السكان
تعد بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا من حيث عدد السكان بعد طرابلس العاصمة، إذ بلغ عدد سكانها بحسب التعداد العام للسكان سنة 2012 حوالي 562 ألف نسمة.

موقعها الإستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط وتقاطع طرق قوافل التجار والحجاج جعلها مقصد هجرات من الداخل والخارج، فجمعت تركيبتها الديموغرافية بين شرائح وأعراق مختلفة: عربية وبربرية وتركية ويونانية وأفريقية وغيرها، مسلمين ويهودا.

الاقتصاد
عرفت المدينة بعد اكتشاف النفط عام 1964 طفرة اقتصادية جعلت الكثير من الليبيين يقصدونها للعمل، كما أن فيها نشاطا تجارية واقتصاديا حيويا، ففيها ميناءان بحريان ومطار بنينة الدولي، وتوجد فيها قاعدة عسكرية كبيرة ومستودع ضخم للسلاح والذخائر.

وتضم المدينة جامعات ومعاهد عليا عديدة كجامعة بنغازي والجامعة الليبية الدولية للعلوم الطبية والجامعة الأفريقية والمعهد الوطني للإدارة، وغيرها.

التاريخ
يعود تاريخ تأسيس بنغازي إلى عام 525 قبل الميلاد، وكانت مستوطنة إغريقية عرفت باسم "يوسبيريديس"، وهي تدخل ضمن منطقة برقة.

وصلها الفتح الإسلامي عام 22 للهجرة، وصالح عمرو بن العاص أهلها على دفع الجزية. وعندما نزح المسلمون من الأندلس عام 1637 توجهوا إليها، وأقاموا بها وبدؤوا يشيدون قلعة يتحصنون بها، لكنهم ما لبثوا أن هجروها بين عامي 1638 و1639.

حكمها العثمانيون والقرمانليون، وساهم العثمانيون في إعطاء المدينة طابعا حضاريا من حيث العمران وتقسيمها الإداري إلى محلات، والمدارس التي ألحقت بالمساجد.

تعرضت أثناء الحرب العالمية الثانية لدمار وخراب كبير، وبعد الاستقلال والتخلص من الاستعمار الإيطالي استعادت مكانتها بعد إعلانها عاصمة ثانية لليبيا، تحتضن رمز الجهاد الوطني عمر المختار.

تميزت المدينة بنشاط سياسي وثقافي، لأنها مقر أول جامعة ليبية أنشئت في خمسينيات القرن العشرين، وتتوفر على مسارح ودور سينما ودار كتب وغير ذلك، ولكثرة الأنشطة الثقافية فيها اعتبرها كثيرون العاصمة الثقافية في ليبيا.

أما على المستوى السياسي فكانت عاصمة لإقليم برقة في العهد الملكي، وكانت مسرحا لعدد من الأحداث السياسية، كما كانت مهدا لثورة الفاتح من سبتمبر/أيلول 1969 التي أوصلت العقيد معمر القذافي للحكم، ومنها انطلقت الثورة عليه وإسقاط حكمه.

ثورة 17 فبراير
شكل قتل قوات خاصة 1200 سجين في سجن بوسليم يوم 29 يونيو/حزيران 1996 واحدة من القضايا التي دفعت سكان بنغازي لمعارضة نظام القذافي.

فنظم أهالي الضحايا في المدينة -رغم المنع والضرب- وقفات ومظاهرات أسبوعية للمطالبة بالتحقيق في القضية وتحقيق مطالبهم، إلى أن أعلن سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي عام 2009 أن مسؤولي الشرطة في سجن بوسليم سيقدمون للمحاكمة.

كما نظمت أسر فقيرة اعتصامات بما فيها اعتصام داخل مقر أمانة مؤتمر الشعب العام (البرلمان)  للمطالبة بتحسين ظروفها المعيشية وتوفير سكن، وما أن اندلعت الثورة في تونس ومصر ونجحتا في خلع رأس الحكم في البلدين حتى تحرك الليبيون.

وعلى الرغم من أن الدعوات نادت إلى انطلاق المظاهرات والاحتجاجات يوم 17 فبراير/شباط 2011، فإن بنغازي كانت استبقت هذا الموعد وأطلقت الشرارة قبل يومين في 15 فبراير/شباط 2011 باحتجاجات تطالب صراحة بتنحي القذافي، لتجتاح بعد ذلك الاحتجاجات والثورة كل ليبيا، فقابلها النظام بعنف غير محدود، فتحولت لثورة مسلحة، ثم أعلنت مدينة بنغازي في 19 فبراير/شباط 2011 تحررها من سلطة نظام القذافي.

عرفت بعد سقوط نظام القذافي ونهايته سلسلة من أحداث الخطف والاغتيالات، ومنها حادث مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا، كريستوفر ستيفنز، وثلاثة عناصر أمن أميركيين في أكتوبر/تشرين الأول 2012، بالإضافة إلى اشتباكات بين مجموعات مسلحة بخلفيات سياسية وقبلية.

وفي عام 2014 تعرضت ضواحي المدينة لقصف عنيف بعد ظهور حركة يقودها اللواء المُتقاعد خليفة حفتر قائد القوات البرية الليبية السابق، تحت ما سماه "عملية الكرامة" لمحاربة ما يصفه بـ"الجماعات الإرهابية".

المصدر : الجزيرة