الولايات المتحدة.. دولة ولدت من حرب أهلية وقوتها حربان عالميتان
دولة عظمى تقع في الجزء الشمالي من القارة الأميركية، استقلت عام 1776 بعد إعلان مجموعة من المستعمرات الحرب ضد المملكة المتحدة التي كانت تتبع لها، احتجاجا على ضرائب جديدة على البضائع المستوردة. ومع أن الدولة الوليدة واجهت تحديات كبرى أبرزها الحرب الأهلية الأميركية عام 1861، إلا أنها أصبحت خلال فترة وجيزة واحدة من القوى العالمية العظمى، خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى.
وبعد الحرب العالمية الثانية، التي استخدمت فيها أميركا السلاح النووي، لأول مرة ضد اليابان، دخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي صراعا عرف بالحرب الباردة وانتهى بانهيار الاتحاد عام 1991 ليبدأ عصر الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
الاسم الرسمي: الولايات المتحدة الأميركية
الاسم المختصر: الولايات المتحدة
العاصمة: واشنطن
اللغة: الإنجليزية (رسمية)، الإسبانية، لغات أوروبية، لغات آسيوية، لغة هاواي
النظام السياسي: جمهوري فدرالي، يقوم على فصل السلطات الثلاث: السلطة التشريعية ويمثلها الكونغرس المكون من مجلس الشيوخ ومجلس النوب، والسلطة القضائية وتمثلها المحكمة العليا، والسلطة التنفيذية ويمثلها الرئيس.
تاريخ الاستقلال (اليوم الوطني): 4 يوليو/تموز 1776 (عن المملكة المتحدة)
العملة: الدولار الأميركي.
الجغرافيا
الموقع
تقع الولايات المتحدة الأميركية في النصف الشمالي من القارة الأميركية، وتحدها من الشمال كندا ومن الشرق المحيط الأطلسي ومن الجنوب المكسيك ومن الغرب المحيط الهادي. تبلغ مساحتها تسعة ملايين و826 ألفا و675 كيلومترا مربعا.
الموارد الطبيعية: الفحم والحديد والنحاس والذهب واليورانيوم، إضافة للنفط والغاز الطبيعي
المناخ: معتدل بشكل عام، لكنه يختلف بحسب مناطق البلاد، فيكون باردا في ولاية ألاسكا، حارا في ولاية تكساس وولاية فلوريدا.
السكان
التعداد:
بلغ مجموع سكان الولايات المتحدة الأميركية 333 مليونا و287 ألفا و557 نسمة حسب تقديرات يوليو/تموز 2022.
وحسب التوزيع العرقي فإن من بين هؤلاء 58.1% بيض غير لاتينيين، و19.1% من أصول لاتينية، و12.6% سود، و6.1% آسيويون، و0.7% هنود حمر وسكان ألاسكا الأصليون، و0.2% سكان أصليون (هاواي وجزر المحيط الهادي) و2.4% أعراق أخرى.
الديانة: يمثل المسيحيون البروتستانت نسبة 51.3% من مجموع سكان الولايات المتحدة الأميركية، و23.9% روم كاثوليك، و1.7% من طائفة المورمون، و1.6% طوائف مسيحية أخرى، و1.7% يهود، و0.7% بوذيون، و0.6% مسلمون، و2.5% ديانات أخرى أو ديانات غير محددة.
الاقتصاد
تمثل الولايات المتحدة الأميركية القوة الاقتصادية الأولى عالميا، وتتربع على هذه المرتبة منذ عام 1960.
أما عن الناتج المحلي الإجمالي فقد وصل عام 2023 إلى 27.35 ترليون دولار، مقابل 25.46 تريليون دولار في 2022، وبلغت نسبة النمو 2.5% عام 2023، مقارنة بـ1.9% في 2022.
الناتج الفردي السنوي: 76.399 دولار في 2023.
نسبة البطالة: 3.7% في ديسمبر/كانون الأول 2023.
نسبة التضخم: 3,4%.
الدَين الخارجي: 34.47 تريليون دولار.
أهم المنتجات: التكنولوجيا المتقدمة، البترول، الصلب، صناعة السيارات، آلات صناعية، المركبات الفضائية، الاتصالات، الأجهزة الإلكترونية، الصناعة الغذائية، التعدين، الحبوب، الذرة، الفواكه، الخضراوات.
التاريخ
يعود أصل تسمية القارة الأميركية إلى البحار "أمريكو فسبوتشي"، الذي توصل إلى أن ما اكتشفه المستكشف "كريستوف كولومبوس" قارة جديدة، وليس كما ظل يعتقد لسنوات أنه الجانب الشرقي من آسيا وأن السكان الذين استقبلوه هنود يميل لونهم إلى الحمرة.
تتعدد الفرضيات حول أصل سكان القارة الأميركية بين قدومهم من غرب أوروبا أو شرق آسيا ثم نزوح بعضهم نحو جنوب القارة، وحول وصولهم عبر السفن في البحر أو سيرا على الثلوج في موسم الشتاء أو على اليابسة قبل انفصال القارات.
ومع أن بعض المؤرخين يتحدثون عن عمليات استكشاف قديمة، يُعتقد أن بعض أصحابها من المسلمين والأوروبيين وصلوا إلى قارة أميركا، لكن رحلات كريستوف كولومبوس الأربع بين عام 1492 و1502 الممولة من طرف ملك إسبانيا فرناندو الثاني كانت الأهم.
فقد نُظمت هذه الرحلة بدافع تجاري بحثا عن طريق نحو شرق وجنوب شرق القارة الآسيوية دون المرور بالطرق التي يسيطر عليها العثمانيون والمماليك، ودون الحاجة إلى الطريق الطويل الذي يمر عبر رأس الرجاء الصالح.
الاستيطان الحديث
بعد عودة كولومبوس وفريقه وما راج عن توفر الذهب بكميات كبيرة في العالم الجديد تزايدت الرحلات الاستكشافية الإسبانية والبرتغالية إلى أميركا، ثم تزايد عدد الدول التي تبعث بمستكشفين إليها لتصبح المنطقة بعد فترة قصيرة موزعة إلى مجموعة مستعمرات لإسبانيا والبرتغال وفرنسا وبريطانيا وغيرها.
إلا أن المستعمرات البريطانية التي يتركز وجودها في الجزء الشمالي الشرقي كانت الأهم، كما أنها استقطبت هجرات واسعة من المسيحيين البروتستانت ومؤيدي النظام الرئاسي الذين لم يرضوا عن نفوذ الكاثوليك وأنصار النظام البرلماني لدى صاحب التاج البريطاني، فضلا عن دوافع أخرى اقتصادية وغيرها.
ولأن الذهب لم يكن متوفرا بالقدر الذين توقعه المستوطنون الجدد فقد انتشرت زراعة التبغ الذي أصبح منتجا مطلوبا بكثرة في أوروبا للاعتقاد بأهميته لعلاج العديد من الأمراض، ومع انتعاش هذه التجارة ظهرت تجارة الرقيق المستقدمين من أفريقيا للعمل في حقول الزراعة.
وسعيا إلى توسيع مستعمراتها اتجهت بريطانيا إلى ضم الأراضي الفرنسية، ما أدى إلى اندلاع ما عرف بحرب السنوات السبع منتصف القرن الثامن عشر، وانتهت بانتصار بريطانيا على فرنسا وحلفائها عام 1763، فأصبحت تسيطر على معظم النصف الشمالي من قارة أميركا.
حرب الاستقلال
بسبب خروجها منهكة من حرب السنوات السبع اضطرت بريطانيا لفرض ضرائب على السلع التي تصدرها لمستعمراتها، مما تسبب في احتجاج المستوطنين وكان من أشهر الوقائع ما عرف بحفلة بوسطن عام 1773، حين هاجم المستوطنون سفينة بريطانية محملة بالشاي ورموا حمولتها البالغة 342 كيسا في المياه، فبعثت بريطانيا بتعزيزات من الجنود لإخماد الاحتجاجات.
وفي 14 يونيو 1775 أعلن كونغرس (برلمان) يضم أكثر من 10 مستعمرات تكليف جورج واشنطن بقيادة جيش أميركا للحرب ضد بريطانيا، واستمرت الحرب حتى عام 1783 حيث اعترفت بريطانيا باستقلال الولايات المتحدة التي حصلت خلال الحرب على مساعدة كل من فرنسا وإسبانيا.
وفي 1789 اختير "جورج واشنطن" أول رئيس للبلاد، كما أصدر الكونغرس في 1791 قرارا بتأسيس مدينة واشنطن لتكون العاصمة، ثم انضمت للدولة الجديدة ولايات أخرى من بينها تكساس وكاليفورنيا ونيو مكسيكو بعد حروب انفصلت بموجبها عن المكسيك.
كما توسعت الولايات المتحدة نحو الأراضي الممنوحة للسكان الأصليين خلال العهد البريطاني وطردتهم منها، كما اشترت أراضي من مستعمرات فرنسا، إضافة لألاسكا من روسيا.
الحرب الأهلية
بدأت الحرب الأهلية الأميركية في 1861 عقب انتخاب أبراهام لنكولن رئيسا للبلاد وإصداره قرار تحرير العبيد، وهو قرار كان مثار جدل بين الشمال والجنوب، وكان الرئيس الجديد أحد مناصريه.
ويعود السبب في الاختلاف حول القرار إلى الوضع المتطور في الولايات الشمالية التي تعتمد على الصناعة، بينما كان الجنوب حينها أقل تطورا ويعتمد على الزراعة التي يحتاج أصحابها إلى يد عاملة رخيصة.
وإثر اندلاع الحرب أعلنت سبع ولايات ثم تلتها أربع أخرى في الجنوب استقلالها تحت اسم الولايات الكونفدرالية الجنوبية، واستمرت الحرب نحو أربع سنوات من 12 أبريل/نيسان 1861 إلى 9 مايو/أيار 1865، وخلالها اغتيل لنكولن، لكن الولايات الشمالية انتصرت في آخر المطاف، واعتمد قرار إلغاء العبودية.
لكن السود ظلوا يعانون من التمييز العنصري، خصوصا بعد صدور قرارات بفصلهم عن السكان البيض في المدارس ووسائل النقل، فضلا عن حرمانهم من الحق في الانتخاب.
قوة عالمية عظمى
بعد استقلالها عن بريطانيا شهدت الولايات المتحدة تطورا متسارعا على الصعيد الاقتصادي والصناعي، وأصبحت أرض الأحلام بالنسبة لمواطني العديد من الشعوب الأوروبية، فاستقطبت المزيد من الهجرات.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى أعلنت الولايات المتحدة أنها تقف على الحياد واستفادت من تصدير السلاح للدول المتصارعة، ثم دخلت الحرب بعد استهداف ألمانيا سفنا أميركية، ومع انتهاء الحرب خرجت المنتصر الأول، والأقل خسائر لبعدها الجغرافي عن أرض المعركة ولأن الدول الأخرى كانت منهارة اقتصاديا وعسكريا بسبب سنوات الحرب.
ومن جديد شكلت الحرب العالمية الثانية فرصة أخرى للولايات المتحدة للظهور كونها قوة عالمية كبرى، فعلى الرغم من إعلانها الحياد تجاه الصراع، فإنها قطعت الإمداد بالوقود عن اليابان ومنعت تصدير الحديد إليها، ما دفع الأخيرة إلى مهاجمة الأسطول الأميركي في جزر هاواي يوم 02 ديسمبر/كانون الأول 1941.
دخول الولايات المتحدة الحرب قلب المعادلة، وعلى إثره حقق الحلفاء انتصارات كبيرة وألحقوا الهزيمة بألمانيا النازية، فانتحر الزعيم النازي أدولف هتلر وأعدم الزعيم الإيطالي بينيتو موسيليني من قبل الثوار الإيطاليين، أما اليابان فقد استسلمت هي الأخرى بعد إلقاء الأميركيين قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناكازاكي.
ولم تكد تنتهي العالمية الثانية حتى بدأ ما عرف بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فكان أبرز ملامحها سباق التسلح وغزو الفضاء والحروب بالوكالة، وانتهت بانهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 وبدء ما أطلق عليه عصر الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.