القرار 1701 لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله عام 2006

القرار 1701 صدر عن مجلس الأمن الدولي يوم 11 أغسطس/آب 2006، بهدف إنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان بعد 34 يوما من الصراع، ويتضمن بنودا بهدف حفظ الأمن والسلام وإيقاف إطلاق النار. 

خلفية القرار

في يوم 12 يوليو/تموز 2006 هاجم حزب الله دورية للجيش الإسرائيلي على المنطقة الحدودية بين البلدين وخطف جنديين وقتل 3 آخرين، وقد أصدر الحزب بيانا أوضح فيه أنه أسر الجنديين ونقلهما إلى منطقة آمنة.

ووفق مصادر عسكرية، فقد تمت العملية على مرحلتين:

  • الأولى شن قصف تكتيكي مكثف على أحد المواقع الإسرائيلية بصواريخ الكاتيوشا.
  • الثانية استهداف موقع قرب موشاف عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية وأسر الجنديين.

وذكرت مصادر إسرائيلية أن 3 جنود قتلوا وأصيب 8 آخرون، في حين قُتل مدنيان لبنانيان على الحدود.

وإثر ذلك بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في اليوم ذاته على لبنان عُرفت باسم "حرب تموز" استشهد فيها أكثر من 1300 لبناني ودمرت مناطق وعمارات وبنى تحتية، واستمرت الحملة حتى 14 أغسطس/آب 2006.

محاولات لوقف إطلاق النار

سبقت قرار مجلس الأمن الدولي محاولات لوقف إطلاق النار، منها:

  • مبادرة الدول الصناعية 

طالبت الدول الصناعية الثماني بوقف إطلاق النار يوم 16 يوليو/تموز 2006، أي بعد بدء الحرب بـ4 أيام، واقترحت إرسال قوة استقرار دولية، بالتزامن مع بدء عمليات إجلاء الأوروبيين من لبنان.

  • المبادرة الأميركية الفرنسية 

بعد أسابيع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان بدأت فرنسا والولايات المتحدة الأميركية صياغة مشروع قرار يُعرض على مجلس الأمن من أجل الوقف الفوري للأعمال القتالية في لبنان ونشر قوة دولية.

إعلان

تضمنت المبادرة نزع سلاح حزب الله وتفكيك البنية التحتية العسكرية في الجنوب اللبناني، وهو مطلب إسرائيلي جوهري، وتمكين الجيش اللبناني من بسط سيطرته على الجنوب مع قوة لبنانية داعمة، إضافة إلى الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله.

أيدت إسرائيل القرار ورفضه لبنان واعتبره داعما لإسرائيل، ولم يفرض عليها الانسحاب من الأراضي اللبنانية.

  • المبادرة العربية 

عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا طارئا في بيروت يوم 7 أغسطس/آب 2006 استعرض فيه رئيس الحكومة اللبناني آنذاك فؤاد السنيورة الدمار والمعاناة الإنسانية التي نتجت عن الحرب.

وطالب السنيورة من خلال خطة تبنتها الحكومة اللبنانية بوقف فوري لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل خلف الخط الأزرق، وتبادل الأسرى بين الجانبين وتسليم خرائط الألغام وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية والدعم العربي لهذه المبادرة.

وعلى إثر الاجتماع توجه وفد عربي مكون من الأمين العام للجامعة العربية آنذاك عمرو موسى ووزير الخارجية القطري حينها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى نيويورك، للمشاركة في جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة أوضاع لبنان يوم 9 أغسطس/آب 2006.

وقد هدف الوفد إلى تعديل مشروع القرار الأميركي الفرنسي بناء على مبادرة الحكومة اللبنانية، وطالب في الجلسة بوقف فوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان.

وأجرى الوفد العربي مناقشات مكثفة مع ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة بشأن القرار الذي تقدمت به باريس وواشنطن ورفضه لبنان.

  • جلسة التصويت على القرار 

في 11 أغسطس/آب 2006 اتخذ مجلس الأمن بعد مفاوضات مكثفة القرار 1701 بإجماع أعضائه في جلسة عقدت لمناقشة أوضاع لبنان والتصويت على مشروع القرار بهدف التوصل إلى وقف كامل وفوري لإطلاق النار.

بنود القرار

تضمن القرار بنودا عدة، منها:

إعلان
  1. الدعوة إلى الوقف التام والفوري للأعمال القتالية، خاصة وقف جميع الهجمات التي يقوم بها حزب الله، ووقف إسرائيل عملياتها العسكرية الهجومية جميعها.
  2. مطالبة الحكومة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة "اليونيفيل" بنشر قواتهما في مناطق الجنوب فور وقف إطلاق النار، مع مطالبة حكومة إسرائيل بسحب جميع قواتها من جنوب لبنان بشكل مواز مع بدء نشر القوات اللبنانية وقوات الأمم المتحدة.
  3. بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها عليها وفق أحكام القرار 1559 والقرار 1680 لعام 2006، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة.
  4. تأييده الشديد للاحترام التام للخط الأزرق.
  5. التأكيد الشديد في جميع القرارات السابقة ذات الصلة على سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دوليا حسب اتفاقية الهدنة العامة بين إسرائيل ولبنان والموقعة في مارس/آذار 1949.
  6. دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فورية لمد الشعب اللبناني بالمساعدة المالية والإنسانية، وتسهيل طريق العودة الآمنة للمشردين، وإعادة فتح المطارات والموانئ تحت سلطة الحكومة اللبنانية، والمساهمة في إعمار لبنان وتنميته.
  7. مسؤولية جميع الأطراف عن كفالة اتخاذ أي إجراء يخالف قرار وقف إطلاق النار، وقرار وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين، والمرور الآمن لقوافل المساعدة الإنسانية، والعودة الطوعية للمشردين، ومطالبة جميع الأطراف بالالتزام والتعاون مع مجلس الأمن.
  8. يدعو القرار إسرائيل ولبنان إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل طويل الأمد يستند إلى العناصر الآتية:
    – الاحترام التام للخط الأزرق وهو الحدود المعترف بها دوليا بين إسرائيل ولبنان، وضمان عدم حدوث انتهاكات من الطرفين.
    – اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، وإنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
    – منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة الحكومة.
    – تزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقية للألغام في الأراضي اللبنانية والموجودة في حوزة إسرائيل.
  9. يدعو الأمين العام إلى دعم الجهود الرامية لتأمين الحصول على موافقات من حيث المبدأ من الأطراف المعنية على مبادئ وعناصر حل طويل الأجل وفق ما ورد أعلاه.
  10. يتوجب على الأمين العام وضع مقترحات لتنفيذ الأحكام ذات الصلة الصادرة في اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 بعد الاتصال مع العناصر الفاعلة، ويتضمن العمل على نزع السلاح وترسيم الحدود الدولية للبنان، ومعالجة مسألة مزارع شعبا، وعرض مقترحات الحلول على مجلس الأمن خلال 30 يوما من صدور القرار.
إعلان

عمل قوات اليونيفيل

تضمن قرار مجلس الأمن تفاصيل تخص قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، فقد طالب بتعزيز القوة من حيث العدة والعتاد والولاية ونطاق العمليات، وطلب الإذن بأن يصبح عددها 15 ألف جندي، وتتولى المهام المنوطة بها في القرارين 425 و426 لعام 1978 إضافة إلى:

  • رصد وقف الأعمال القتالية.
  • مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أنحاء الجنوب وعلى طول الخط الأزرق وأثناء سحب إسرائيل قواتها المسلحة من لبنان.
  • تنسيق أنشطتها المتصلة بمرافقة القوات ومراقبة العمل.
  • تقديم مساعدتها للتأكد من وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين، والعودة الطوعية والآمنة للمشردين.
  • مساعدة القوات المسلحة اللبنانية على اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء المنطقة الخالية من المسلحين والأسلحة بين الخط الأزرق.
  • مساعدة الحكومة اللبنانية في حماية الحدود إذا احتاجت إلى مساعدة اليونيفيل.

كما أعطى القرار الإذن لقوات الأمم المتحدة المؤقتة باتخاذ الإجراءات اللازمة في مناطق نشر قوتها وحسب ما تراه مناسبا لضمان منع استخدام مناطق وجودها للقيام بعمليات أو أنشطة معادية من أي نوع كان.

كما يأذن لها باتخاذ التدابير المناسبة لمقاومة محاولات منعها بالقوة، وكفالة أمن موظفيها والعاملين في القطاع الإنساني والمدنيين وحرية تنقلهم، دون المساس بمسؤوليات الحكومة اللبنانية.

وطلب القرار من الأمين العام أن ينفذ بشكل عاجل تدابير تكفل لليونيفل القدرة على القيام بمهامها المنصوص عليها وتحث الأعضاء على الاستجابة الإيجابية لما تطلبه القوة من مساعدة.

ونص القرار على بقاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان حتى تاريخ 31 أغسطس/آب 2007.

دور الدول الأخرى

إضافة إلى تشديد القرار على منع السلاح واستخدامه إلا بإذن الحكومة فإن القرار دعا جميع الدول إلى اتخاذ تدابير لـ:

إعلان
  • منع بيع أو تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأسلحة وما يتصل بها من عتاد من كل الأنواع، بما في ذلك الذخيرة والأسلحة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار، سواء كان منشؤها من أراضيها أو من غيرها.
  • منع تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأي تدريب أو مساعدة في المجال التقني في ما يتصل بتوفير الأسلحة أو صيانتها أو استخدام المواد المذكورة أعلاه، والسماح فقط بما تسمح به الحكومة اللبنانية أو قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.

النتائج والآثار

نتج عن القرار:

  • تطبيق وقف إطلاق النار بعد أيام عدة من اعتماد القرار، إذ توقفت الأعمال القتالية على الرغم من بعض الانتهاكات بين الحين والآخر.
  • انتشر الجيش اللبناني لأول مرة منذ عقود في الجنوب اللبناني إلى جانب قوة الأمم المتحدة، مما عزز سيطرة الحكومة اللبنانية على المنطقة.
  • تعززت قوة الأمم المتحدة وتوسع نطاق عملياتها ومهامها.
  • استمر التوتر بين حزب الله وإسرائيل.
  • أدى القرار إلى تعميق الانقسامات السياسية في لبنان، بين مؤيد له يرى فيه فرصة لتعزيز دور الدولة وبين معارض يعتبره استهدافا لحزب الله على نحو غير عادل.

عودة للواجهة

وتجدد الحديث عن القرار 1701 في سبتمبر/أيلول 2024 بعد توغل بري إسرائيلي في جنوب لبنان إثر توتر عسكري على الحدود دام نحو سنة، وبدأ منذ يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة.

وأعقب العملية عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، فأعلن حزب الله فتح ما سماها "جبهة إسناد لغزة" من جنوب لبنان، وقصف على مدار شهور أهدافا في الجبهة الشمالية لإسرائيل وفي مناطق أخرى.

وردت إسرائيل بقصف قرى في جنوب لبنان وأحياء في الضاحية الجنوبية لبيروت اغتالت على إثرها قيادات عدة من حزب الله، وعلى رأسها أمينه العام حسن نصر الله، كما فجرت أجهزة اتصال لاسلكي كان يحملها عناصره، وفجر اليوم الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024 أعلنت تنفيذ عملية برية في مناطق الجنوب اللبناني.

إعلان

وعلى إثر هذه التطورات أعلن رئيس الحكومة اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي استعداد بلاده لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وما يقتضيه من وقف لإطلاق النار وإرسال الجيش إلى جنوب نهر الليطاني.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان