لبنان.. أرض الأَرْز والحضارات الغابرة
الجمهورية اللبنانية دولة عربية تقع في غرب آسيا وتطل على البحر الأبيض المتوسط، كانت أرضها موطنا لحضارة الفينيقيين الذين ارتبطوا بأول أبجدية كتابية قائمة على النظام الصوتي.
كما ظلت محط أطماع القوى العالمية منذ القدم، فخضعت لحكم الآشوريين والبابليين والفرس والمصريين والإغريق والرومان والبيزنطيين والمسلمين، وبعد نحو 23 عاما من الانتداب الفرنسي عقب الحرب العالمية الأولى، استقل لبنان رسميا عام 1943.
ورغم التوافق بين الطوائف الدينية على تقاسم المناصب العليا، فإن البلاد واجهت حربا أهلية عصفت باستقرارها، إلى جانب مطبات عديدة عمقت الشرخ بين القوى السياسية.
المعلومات الرئيسية
- الاسم الرسمي: الجمهورية اللبنانية.
- الاسم المختصر: لبنان.
- العاصمة: بيروت.
- اللغة: العربية (رسمية)، الفرنسية، الإنجليزية، الأرمينية.
- النظام السياسي: جمهوري.
- تاريخ الاستقلال: 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 (عن فرنسا).
- العملة: الليرة اللبنانية.
الجغرافيا
الموقع: يقع لبنان شرق البحر الأبيض المتوسط، تحده شمالا وشرقا سوريا، وجنوبا إسرائيل.
المساحة: 10 آلاف و452 كيلومترا مربعا.
الموارد الطبيعية: الأراضي الزراعية، الحجر الجيري، الملح.
المناخ: متوسطي.
السكان
التعداد: 5 ملايين و209 آلاف و317 نسمة (تقديرات يوليو/تموز 2024).
نسبة النمو: -2.03% (تقديرات يوليو/تموز 2024).
التوزيع العرقي: 95% عرب، 4% أرمن، 1% قوميات أخرى.
الديانة: 61.1% مسلمون، 33.7% مسيحيون (طوائف عديدة مثل المارونيين واليونان الأرثوذكس واليونان الكاثوليك)، 5.2% دروز، مع وجود أقليات دينية أخرى مثل اليهودية والبوذية والهندوسية والمورمونية.
الاقتصاد
واجه الاقتصاد اللبناني أزمات عديدة وضعته في حالة انهيار مستمر، خصوصا إثر جائحة كورونا (كوفيد 19) وتفجير مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، إضافة إلى تداعيات الأزمة السياسية والفراغ الرئاسي.
فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي -حسب تقديرات البنك الدولي– من 54.9 مليار دولار في 2018 إلى 17.94 مليار دولار في 2023، مرورا بـ20.99 مليار دولار في 2022 و23.13 في 2021، و31.71 في 2020، و51.61 في 2019.
أما الناتج الفردي السنوي -حسب المصدر نفسه- فقد انخفض إلى 3350 دولارا في 2023، مقابل 9225 دولارا في 2018، ويظهر مؤشره انحدارا متواصلا خلال هذه الفترة.
بينما تراجعت نسبة البطالة إلى 11.56% في 2023، بعد أن وصلت إلى 13.23% في 2020، ووصلت نسبة التضخم 41.8% في يونيو/حزيران 2024 مقابل 51.6% في الشهر السابق. وارتفع حجم الدين الخارجي ليصل إلى 41.6 مليار دولار في 2023.
أهم المنتجات: الخدمات البنكية، السياحة، تجهيز الأغذية، المجوهرات، الخمور، المنسوجات، الحمضيات، العنب، الطماطم.
التاريخ
تشير الآثار المكتشفة في لبنان إلى وجود حضارات إنسانية على أرضه منذ عصور غابرة، برزت بينها بقوة حضارة الفينيقيين التي كانت مزدهرة في الألف الثالثة قبل الميلاد، ونشطت في مجال التجارة عبر البحر واشتهرت بموانئ صيدا وصور وغيرها، وبسطت نفوذها على حوض البحر الأبيض المتوسط، كما تنسب إلى الفينيقيين أول أبجدية كتابية قائمة على النظام الصوتي.
وبحكم الموقع الجغرافي في غرب آسيا وبالقرب من آسيا وأفريقيا، فقد ظل لبنان محط أطماع القوى الكبرى المتصارعة، فتعاقبت السيطرة عليه حضارات من الشرق والغرب منها: الآشوريون والبابليون والفرس والمصريون والإغريق والرومان والبيزنطيون…
وابتداء من هزيمة البيزنطيين أمام المسلمين في معركة اليرموك عام 636م بقيادة خالد بن الوليد خلال عهد الخليفة أبي بكر الصديق، أصبحت بلاد الشام بما فيها لبنان تحت سيطرة الفاتحين الجدد حتى عهد الصليبيين، وطيلة فترة امتدت نحو قرنين (1096 و1291م) ظلت الحرب قائمة بين الصليبيين والأيوبيين ثم المماليك.
وفي عام 1516 أصبح لبنان جزءا من أراضي الدولة العثمانية التي ظلت تسيطر على المنطقة من خلال تعيين حكام محليين وأجانب حتى هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى (1914ـ1918).
لبنان واتفاقية سايكس بيكو
ألحقت قوات الثورة العربية الكبرى، بقيادة شريف مكة الحسين بن علي المدعوم من بريطانيا، الهزيمة بالجيش العثماني في الحجاز والشام، فدخلت دمشق في أكتوبر/تشرين الأول 1918 تحت قيادة فيصل بن الحسين (فيصل الأول) الذي شكل حكومة وعين حكاما على بيروت وعمّان وغيرها.
ومثل فيصل والده في مؤتمرات بفرنسا وبريطانيا، لكنه لم يوقع معاهدة فرساي عام 1919، ورفض الانتداب على سوريا (التي كانت تشمل لبنان حينها) وفلسطين والعراق، بينما كان البطريرك إلياس الحويك يطالب باستقلال لبنان.
وبعد عودة فيصل مطلع 1920، أعلن المؤتمر الوطني السوري تنصيبه ملكا على سوريا في مارس/آذار، في ظل استياء من الادعاءات الفرنسية والحديث عن انتدابها على سوريا بموجب اتفاقية سايكس بيكو.
وسرعان ما غزت الجيوش الفرنسية دمشق واحتلتها بعد معركة ميلسون، وأُجبر الملك فيصل على الخروج إلى المنفى، فقسم الجنرال هنري غورو سوريا وأعلن قيام دولة لبنان التي تضم بيروت والبقاع، ثم انتخب شارل دبلس أول رئيس للبنان، لكن البلاد ظلت تحت الانتداب الفرنسي.
الاستقلال
يوم 21 سبتمبر/أيلول 1943 أعلن الرئيس اللبناني بشارة الخوري الاستقلال عن فرنسا، التي ردت باعتقاله رفقة رئيس الحكومة وبعض الوزراء والزعماء الوطنيين، فبدأ رئيس مجلس النواب صبري حمادة ووزير الدفاع مجيد أرسلان حراكا نضاليا قاد إلى إعلان الاستقلال رسميا يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943.
وبموجب ميثاق غير مكتوب توافقت القوى السياسية في لبنان على توزيع مناصب السلطة، بحيث ينال المسيحيون الموارنة رئاسة الجمهورية عبر انتخاب من مجلس النواب، ويحصل المسلمون الشيعة على رئاسة البرلمان، والمسلمون السنة على رئاسة الوزراء، مع توزيع مناصب أخرى عرفيا على طوائف الشعب.
وعام 1975 شهد لبنان حربا أهلية استمرت حتى توقيع اتفاق الطائف عام 1989 الذي تضمن الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، مع توزيع مقاعد مجلس النواب مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إضافة إلى إصلاحات في مجال الإدارة والقضاء وغيرها.
وفي أثناء فترة الحرب الأهلية، اجتاحت إسرائيل لبنان عام 1982 بحجة استهداف منظمة التحرير الفلسطينية، واحتلت بيروت ونفذت مجزرة صبرا وشاتيلا، واستمر وجودها العسكري في جنوب لبنان حتى تحرره يوم 25 مايو/أيار 2000، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونقاط حدودية أخرى.
كما تم استدعاء قوات عربية للفصل بين القوى اللبنانية المتنازعة، وبعد انسحاب معظمها، استمر وجود القوات السورية في لبنان حتى عام 2005.
عودة التوتر السياسي
لم يطل أمد الهدوء السياسي في لبنان بعد اتفاق الطائف، فسرعان ما بدأت بوادر التوتر بسبب عدة قضايا، منها إعادة الإعمار والوجود العسكري السوري والسلام مع إسرائيل والمقاومة وسلاح حزب الله، وغيرها.
ثم جاء اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري يوم 14 فبراير/شباط 2005 ليخلط أوراق اللعبة السياسية بالقضاء على حالة التوازن القائمة منذ اتفاق الطائف، فعاد التوتر بين السنة والشيعة، وتفاقم الوضع عقب نشر حزب الله مسلحيه في أحياء من بيروت ذات أغلبية سنية.
وبعدها بعام، تعرض لبنان لحرب إسرائيلية جديدة في يوليو/تموز 2006 بهدف تدمير القوة العسكرية لحزب الله، وتسببت بدمار الضاحية الجنوبية لبيروت، وطبقت إسرائيل ما عرفت بإستراتيجية الضاحية التي تقوم على العقاب الجماعي وتأليب السكان ضد المقاومة.
ومع نجاح اتفاق الدوحة الموقع عام 2008 في إعادة الهدوء السياسي إلى لبنان من خلال انتخاب نبيه بري رئيسا لمجلس النواب وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري وانتخاب ميشال سليمان رئيسا توافقيا، إلا أن التوتر السياسي عاد من جديد، وكان من مظاهره شغور منصب الرئيس لسنتين بين عامي 2014 و2016.
الشغور الرئاسي
مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2022، تفجرت أزمة سياسية جديدة في لبنان بسبب عدم توافق القوى السياسية والكتل البرلمانية على مرشح جديد للمنصب.
ويدعم حزب الله وحلفاؤه ترشيح سليمان فرنجية، في حين تدعم القوى المسيحية والحزب التقدمي الاشتراكي ترشيح جهاد أزعور.
وفشلت جلسات مجلس النواب في حسم الخلاف وانتخاب رئيس جديد للبلاد، كما لم تفلح المبادرة الفرنسية بقيادة جان إيف لودريان بإقناع القوى اللبنانية بالتوافق.