قوات يونيفيل.. جنود أمميون لحفظ السلام في لبنان

قوات طوارئ دولية أممية تنتشر جنوبي لبنان منذ تأسيسها في سبعينيات القرن العشرين بموجب قرارات أممية اتخذت عقب دخول أعضاء من منظمة التحرير الفلسطينية إلى إسرائيل من لبنان عن طريق البحر وسيطرتهم على حافلة مدنية.

وقد ردت إسرائيل على العملية الفلسطينية باحتلال معظم منطقة جنوب لبنان في مارس/آذار 1978 باستثناء مدينة صور وضواحيها.

وفي 19 مارس/آذار 1978، تبنى مجلس الأمن الدولي القرارين 425 و426 وطالب إسرائيل بوقف أعمالها العسكرية وسحب قواتها من جميع الأراضي اللبنانية، وأعلن قرار إنشاء قوة يونيفيل التي وصلت طلائعها إلى المنطقة يوم 23 مارس/آذار من العام نفسه.

وتتمثل أولوية يونيفيل في ضمان استقرار المنطقة وحماية السكان، والحفاظ على وقف إطلاق النار. ولديها السلطة والقدرة على الرد بقوة على الأعمال العدائية، ويمكن لأفرادها ممارسة حقهم في الدفاع عن النفس واستخدام القوة لضمان عدم استخدام مناطق عملياتها لأعمال عدائية.

نشأة قوات يونيفيل وتأسيسها

نشأت قوات يونيفيل عقب تسلل أعضاء من منظمة التحرير الفلسطينية إلى إسرائيل من لبنان، وسيطرتهم على حافلة مدنية عام 1978، ما أسفر عن مقتل عشرات الإسرائيليين وفقا للجيش الإسرائيلي.

وردا على ذلك احتلت إسرائيل في مارس/آذار 1978 معظم الجزء الجنوبي من لبنان باستثناء مدينة صور وضواحيها، فقدمت الحكومة اللبنانية في 15 مارس/آذار احتجاجا شديد اللهجة إلى مجلس الأمن الدولي ضد الغزو الإسرائيلي، ونفت وجود أي علاقة لها بالعملية الفلسطينية.

وفي 19 مارس/آذار 1978 تبنى مجلس الأمن القرارين 425 و426 ودعا إسرائيل إلى وقف أعمالها العسكرية وسحب قواتها من جميع الأراضي اللبنانية.

كما قرر على الفور إنشاء قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، ووافق قرار المجلس رقم 426 على تقرير الأمين العام حول تنفيذ القرار الأول على أن يتضمن التقرير، في جملة أمور، مبادئ توجيهية لعمليات القوات.

وقد وصلت طلائع القوة الأممية للبنان في 23 مارس/آذار 1978. ويجدد مجلس الأمن الدولي سنويا ولايتها بناء على طلب من حكومة لبنان.

وتنتشر يونيفيل جنوب لبنان، ما بين نهر الليطاني شمالا والخط الأزرق جنوبا. ويقع مقرها في بلدة الناقورة. وتنتشر بحريا على امتداد الساحل اللبناني بأكمله.

مقدار القوة والبلدان المساهمة

بلغ عدد جنود قوات يونيفيل نحو 10 آلاف جندي حتى مطلع سبتمبر/أيلول 2024، وينتمون إلى نحو 50 دولة أبرزها: فرنسا وجمهورية كوريا الجنوبية وبنغلاديش وغانا وبولندا وإندونيسيا وإيطاليا وإسبانيا وتنزانيا وماليزيا.

وتضم يونيفيل قوات بحرية انتشرت في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بناء على طلب من الحكومة اللبنانية لمساعدة بحريتها على تأمين المياه الإقليمية، والمساعدة في منع دخول السلاح غير المرخص أو المواد ذات الصلة إلى لبنان عن طريق البحر.

وإلى جانب القوة العسكرية يوجد نحو ألف مدني لبناني وأجنبي يعملون ضمن طاقم يونيفيل، وفريق مكون من 50 مراقبا عسكريا غير مسلح، موجود في لبنان منذ عام 1949، وهو جزء من "هيئة مراقبة الهدنة" التابعة للأمم المتحدة.

وتتمثل أولوية القوة في ضمان استقرار المنطقة وحماية السكان، عبر دعم الأطراف للقيام بمسؤولياتها للحفاظ على وقف إطلاق النار، ولديها السلطة والقدرة على الرد بقوة على الأعمال العدائية.

وأثناء تنفيذ مهامها، يمكن لأفراد القوة ممارسة حقهم في الدفاع عن النفس، كما يمكنها استخدام القوة بما يتجاوز الدفاع عن النفس لضمان أن مناطق عملياتها لا تستخدم لأعمال عدائية، ومقاومة محاولات منعها من القيام بواجباتها بموجب ولاية مجلس الأمن.

وقد فقدت قوات يونيفيل 335 عنصرا من أفرادها منذ تأسيسها عام 1978 وحتى 31 مايو/أيار 2024.

تعاون يونفيل مع الجيش اللبناني

على إثر حرب يوليو/تموز عام 2006، قررت الحكومة اللبنانية نشر 15 ألف جندي لبناني جنوب البلاد، بما في ذلك مناطق عمل يونيفيل، وعملا بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، انتشرت قوة معززة من القوات الأممية في المنطقة.

ومع انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، دعمت يونيفيل نشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب البلاد للمرة الأولى منذ تأسيسها.

وتدعم يونيفيل الجيش اللبناني في الحفاظ على بيئة آمنة ومستقرة في المنطقة، وضمان أن تكون المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والخط الأزرق خالية من الأسلحة غير المشروعة وعدم استخدامها في أي نشاط عدائي.

مهام قوات يونيفيل

في بادئ الأمر أنشئت يونيفيل عام 1978 للتأكيد على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وإعادة السلام والأمن في المنطقة، ومساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها الفعلية على المنطقة.

وقد أتى قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في 11 أغسطس/آب 2006، بمهام إضافية لقوات اليونيفيل هي:

  • رصد عملية وقف الأعمال العدائية في لبنان.
  • دعم الجيش اللبناني أثناء انتشاره في جميع أنحاء جنوب لبنان، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، بينما تسحب إسرائيل قواتها من البلاد.
  • تنسيق عملية وقف الأعمال العدائية والانتشار مع حكومتي لبنان وإسرائيل.
  • المساعدة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين.
  • مساعدة القوات اللبنانية على إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي عناصر مسلحة، غير التابعة للحكومة اللبنانية ويونيفيل.
  • العمل مع الحكومة اللبنانية على تأمين الحدود وغيرها من نقاط الدخول لمنع دخول الأسلحة دون موافقة من البلاد.

أبرز المحطات

عام 1982 وبعد تبادل لإطلاق النار جنوب لبنان، اجتاحت إسرائيل لبنان مرة أخرى ووصلت إلى بيروت وحاصرتها مدة 3 سنوات، واقتصر دور يونيفيل على توفير الحماية ومساعدة السكان إلى أقصى حد ممكن.

ونفذت إسرائيل عام 1985 انسحابا جزئيا غير أنها أبقت سيطرتها على منطقة جنوب لبنان، واستمرت حينها الأعمال العدائية بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية.

وفي أبريل/نيسان 1996 قتل 120 مدنيا في منطقة انتشار قوات يونيفيل، وجرح المئات بينما أصيب 4 من الجنود الأمميين إثر قصف مجمع الأمم المتحدة في قانا. ونتيجة لذلك جرى تحقيق أممي وأحيل تقريره إلى مجلس الأمن في 7 مايو/أيار 1996.

وتلقى الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، في 17 أبريل/نيسان 2000 إخطارا من إسرائيل يفيد بأنها سوف تسحب قواتها من لبنان بحلول يوليو/تموز من العام ذاته، بما يتماشى مع قراري مجلس الأمن 425 و426.

وانتهت إسرائيل من عملية الانسحاب في 7 يونيو/حزيران 2000، وأرسلت يونيفيل خريطة تبين ما عرف بـ"الخط الأزرق" للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية وتطالبهما الالتزام به.

وعقب ذلك سجلت يونيفيل عددا من الخروقات، منها قيام الجيش الإسرائيلي بدوريات عبر خلالها الخط الأزرق. كما حاول 500 متظاهر فلسطيني في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2000 الاقتراب من الخط، ففتحت إسرائيل النار عليهم ما أسفر عن مقتل 3 منهم.

وشن حزب الله في 20 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته هجوما عبر الخط الأزرق وأسر 3 جنود إسرائيليين، وقد استمرت هذه الخروقات من الجانبين اللبناني والإسرائيلي سنوات عدة.

وعلى إثر اندلاع حرب لبنان الثانية عام 2006 طالب الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان، بتمديد ولاية يونيفيل، ودعا مجلس الأمن الأطراف إلى السماح للقوة بإعادة إمداد مواقعها وإجراء عمليات الإنقاذ والبحث عن موظفيها، ووضع تدابير تراها ضرورية لضمان سلامة موظفيها.

وقد أسفر القتال في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2006 عن مقتل خمسة من موظفي الأمم المتحدة بينما جرح 16 شخصا آخرون.

وأصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1701 الذي دعا لوقف كامل للأعمال العدائية، وأنشأ منطقة عازلة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي مسلحين غير التابعين للحكومة اللبنانية ويونيفيل.

وانتشرت قوة معززة من يونيفيل عام 2006 لمنع تكرار الأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وساعد ذلك بحسب القوات في تأسيس أجواء إستراتيجية عسكرية وأمنية جديدة في جنوب لبنان.

وفي أغسطس/آب 2017 انتقدت الولايات المتحدة الأميركية دور يونيفيل، وقالت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولي نيكي هيلي إن هذه القوات لا تقوم بمهامها بالقوة المطلوبة، وإن الأوضاع الأمنية في جنوب لبنان أصبحت أكثر خطورة.

وعقد مجلس الأمن في أغسطس/آب 2017 جلسة مشاورات مغلقة حول عمل قوات حفظ السلام الدولية، وسط مطالبات أميركية وإسرائيلية بتوسيع مهام هذه القوات لضبط أنشطة حزب الله بصورة أكبر في جنوب الليطاني، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية.

وفي 28 أغسطس/آب 2024 اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2749، الذي مدد فيه ولاية البعثة حتى 31 آب/أغسطس 2025.

وطالب مجلس الأمن الأطراف على جانبي الخط الأزرق بإعادة الالتزام بتنفيذ القرار 1701، وأدان الحوادث التي أثرت على قوات يونيفيل ومراكزها، بما في ذلك إصابة العديد من جنود حفظ السلام.

ودعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لاحترام سلامة وأمن أفراد يونيفيل ومراكزها، والسماح لها بتنفيذ المهام الموكلة لها.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان