بومبيو.. "وزير الخارجية" القادم من الاستخبارات
مايك بومبيو عسكري وسياسي أميركي عمل بالجيش واشتغل بالمجال القانوني قبل أن ينتقل للاستثمار الاقتصادي وإنشاء شركة متخصصة في المجال الفضائي، اشتهر بمواقفه المتطرفة ضد الأقليات الدينية والعرقية في الولايات المتحدة وبينها المسلمون، كما عرف بموقفه الرافض للاتفاق النووي مع إيران.
عين بداية 2017 مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي)، ورشحه ترمب في 13 مارس/آذار 2018 لتولي حقيبة الخارجية خلفا لتيلرسون، وهو ما وافق عليه الكونغرس رسميا يوم 26 أبريل/نيسان 2018.
المولد والنشأة
ولد مايك بومبيو يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 1963 في كاليفورنيا.
الدراسة والتكوين
تخرج بومبيو في أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية العريقة بالترتيب الأول على دفعته مهندسا ميكانيكيا في 1986، ليلتحق بعدها بكلية الحقوق في جامعة هارفارد التي صار لاحقا محررا لدوريتها القانونية "هارفارد لو ريفيو".
الوظائف والمسؤوليات
عمل بومبيو بالجيش الأميركي مدة طويلة بعد تخرجه، غادر بعدها إلى دراسة القانون، ثم العمل في المجال القانوني لثلاث سنوات، انتقل بعدها إلى تأسيس شركة متخصصة في المجال الفضائي.
انتخب بومبيو عام 2010 عضوا بمجلس النواب عن ولاية كنساس.
وفي 24 يناير/كانون الثاني 2017، ثبت مجلس الشيوخ الأميركي تعيين مايك بومبيو مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية ليكون ثالث عضو في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوافق الكونغرس على تعيينه.
وفي 13 مارس/آذار 2018 أقال الرئيس ترمب وزير الخارجية ريكس تيلرسون ورشّح مدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو لخلافته، كما اختار نائبة الأخير جينا هاسبل لتصبح أول امرأة تدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
ووافق الكونغرس الأميركي يوم 26 أبريل/نيسان 2018 على تعيين بومبيو وزيرا للخارجية، في خطوة اعتبرت ضرورية لكي ينكب سريعا على ملفي كوريا الشمالية والنووي الإيراني.
ووجه ترمب عبر حسابه على موقع تويتر الشكر لتيلرسون على خدماته، قائلا إن "مدير الاستخبارات مايك بومبيو سيكون وزير خارجة أميركا المقبل وسيقوم بعمل رائع".
وقالت مراسلة الجزيرة في واشنطن وجد وقفي إن مجلس الشيوخ سيعقد جلسة للتصويت على ترشيح ترمب لمايك بومبيو وزيرا للخارجية، مشيرة إلى أن اسم بومبيو طُرح منذ شهور لتولي هذا المنصب.
التجربة السياسية
كان بومبيو أحد أعضاء لجنة التحقيق في الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون بشأن الهجوم على البعثة الأميركية في بنغازي عام 2012 الذي أدى إلى مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز.
واتهمت تلك اللجنة في تقرير من 800 صفحة هيلاري كلينتون التي كانت وقتذاك وزيرة للخارجية، بأنها قللت من أهمية التهديد في ليبيا.
رشحه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016 لرئاسة المخابرات المركزية، وعبر مدافعون عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان عن قلقهم الشديد من هذا الاختيار بسبب شخصية بومبيو ومواقفه المثيرة للجدل.
فمنذ انضمامه إلى الحزب الجمهوري اشتهر بومبيو بمواقفه المثيرة من قضايا متعددة، بينها العلاقات مع الأقليات الدينية والعرقية، إذ له مشكلة مع المسلمين ويؤخذ عليه اعتباره زعماء المسلمين في الولايات المتحدة "متواطئين" مع الجماعات المتطرفة.
ففي 2013، وعقب شهرين من هجمات بوسطن (التي وقعت في أبريل/نيسان مخلفة ثلاثة قتلى وأكثر من 260 مصابا) أطلق بومبيو، في جلسة لمجلس النواب الأميركي، تصريحات يجاهر فيها بهجومه على المسلمين.
وورد في تصريحاته "عندما تأتي الهجمات الإرهابية الأشد إيذاء للولايات المتحدة في العشرين عاما الماضية من قبل أتباع دين واحد، وتنفذ باسم ذلك الدين، فإن هنالك التزاما خاصا يقع على عاتق قادة ذلك الدين، لكنهم بدلا من أن يردوا (بإدانة الهجمات)، فإن سكوت هؤلاء القادة الإسلاميين في مختلف أنحاء الولايات المتحدة جعلهم متواطئين مع هذه الأفعال، والأهم من ذلك، الأحداث (الإرهابية) التي ستليها".
التصريحات النارية لعضو مجلس النواب سرعان ما وصفها مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في رسالة بعث بها إلى بومبيو يوم 12 يونيو/حزيران 2013 بأنها "خاطئة وغير مسؤولة"، وأكد أن القادة الإسلاميين في الولايات المتحدة أدانوا هجمات بوسطن بعد ساعات من وقوعها.
ورغم أن بومبيو أصدر لاحقا تصريحات تميز بين المسلمين والتطرف، فإن الحقوقيين ما فتئوا يعبرون عن مخاوفهم مما قد يقدم عليه بومبيو بحق المسلمين والمهاجرين بعد ترؤسه الاستخبارات المركزية الأميركية.
وضمن هذا السياق، تعالت بعد ترشيحه للمنصب أصوات تحذر من عودة أيام "الممارسات السود" لسي آي أيه تحت حكم بومبيو، في الوقت الذي شهدت فيه الوكالة في عهد أوباما بعضا من التحسن لم يسلم من انتقادات الحقوقيين.
وما يزيد الوضع سوداوية الوعود التي أطلقها دونالد ترمب بترحيل ملايين المهاجرين من الولايات المتحدة، وتطبيق سياسة صارمة ضد المواطنين الأميركيين من الديانة الإسلامية بالداخل، علاوة على منع استقبال اللاجئين، وبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وهي وعود ينتظر أن تضطلع المخابرات المركزية بدور كبير في تنزيلها على أرض الواقع إذا مضى ترمب قدما في تطبيق وعوده الانتخابية.
وبالإضافة إلى ما سبق، يعد بومبيو من أشد الرافضين لإغلاق معتقل غوانتانامو الذي أقامه الرئيس السابق جورج بوش الابن في كوبا عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ولم يكن بومبيو يفوت مناسبة إلا ويعبر عن تأييده لجمع بيانات الاتصال الذي ألغته وكالة الأمن القومي وتأييده لبرامج مراقبة أخرى.
وعلى الصعيد السوري، فإن النائب الجمهوري يتخذ موقفا متشددا من الصراع في سوريا، وكان من مؤيدي الرئيس الأميركي باراك أوباما في ضرب رأس النظام بسبب رفضه وقتها تسليم أسلحته الكيميائية.
ويعارض بومبيو تقييم أوساط المخابرات لاتفاق أبرم في 2015 رفعت بموجبه العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل الحد من برنامجها النووي. ووعد بومبيو بإلغاء الاتفاق، واقترح في اجتماع مائدة مستديرة عقد في 2014 مع الصحفيين أن تقصف الولايات المتحدة المنشآت النووية في إيران، وهو اقتراح وصفه خبراء المخابرات الأميركيون بأنه سيؤجل فقط تطوير رأس حربي نووي إيراني، لكن لن يوقفه.
كما عارض بومبيو أيضا تنظيم الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري للحد من التغير المناخي، بينما شكلت وكالة المخابرات الأميركية مركز مهمات للقضايا الدولية يرصد الاحتباس الحراري بصفته تهديدا للأمن الأميركي.