دونالد ترامب.. اليميني الثري العائد لرئاسة أميركا

رجل أعمال أميركي مشهور بثرائه، فاز في انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 مرشحا للحزب الجمهوري، متفوقا على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وخسر أمام ممثل الحزب الديمقراطي جو بايدن في انتخابات عام 2020، ثم فاز بولاية ثانية متغلبا على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في انتخابات عام 2024.

عرف بتصريحات ومواقف مثيرة للجدل مثل دعوته لإعادة احتلال العراق، وأمره التنفيذي الذي منع به في ولايته الأولى مواطني 7 دول إسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي تصريحات عززتها قوته المالية والاقتصادية.

المولد والنشأة

ولد دونالد ترامب يوم 14 يونيو/حزيران 1946 في مدينة نيويورك، وهو الرابع في أسرة مكونة من خمسة أطفال لأبوين من أصول ألمانية وأسكتلندية. وكان والده يعمل ببناء الشقق السكنية في نيويورك وتشييد مساكن العسكريين الأميركيين، ومن عمله هذا كوّن ثروته. وقد أثر في تكوين شخصية ابنه دونالد حتى اختار العمل في العقارات تأسيا به وعدّه مصدر إلهامه. وتوفي والده عام 1999.

يكبر دونالد أخاه فريد، الذي كان يطمح لأن يصبح طيارا، إلا أنه توفي بسبب إدمانه شرب الخمر وهو في الـ43 من عمره، مما جعل دونالد ترامب يبتعد عن الخمر والسجائر في حياته.

Former US President Donald Trump
دونالد ترامب تعرض لعدة محاكمات بتهم مختلفة (وكالة الأناضول)

تزوج عام 1971 من إيفانا عارضة الأزياء ثم طلقها عام 1990. وله منها 3 أبناء هم: دونالد الابن، وإيفانكا وإريك. ويعملون جميعهم في مواقع مهمة في مؤسسة والدهم.

زواجه الثاني كان من الممثلة مارلا ميبليز عام 1993 ثم انفصل عنها عام 1999 ورزق منها بطفلته تيفاني. تزوج ترامب مرة ثالثة من العارضة ميلانيا كناوس عام 2005 ورزق منها بطفل أسماه بارون وليام.

الدراسة والتكوين

تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست في فورست هيلز بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. ولما بلغ الثالثة عشرة التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف الأكاديمية، وانتقل بعد ذلك إلى جامعة فوردهام بنيويورك وقضى فيها عامين، قبل أن يلج كلية وارتون للتجارة وإدارة الأموال التابعة لجامعة بنسلفانيا، وتخرج فيها عام 1968 بإجازة (بكالوريوس) في الاقتصاد واختار بعدها العمل في شركة العقارات التي يديرها والده.

إعلان

التوجه الفكري

يصنف ترامب بأنه قريب من اليمين المتشدد في الحزب الجمهوري، واشتهر بعدائه للمهاجرين في أميركا خصوصا المنحدرين من أصول مكسيكية، ويتهمهم بإغراق البلاد بالمخدرات والعنف، ولا يتردد في الدعوة لإعادة النظر في قوانين الهجرة، ووقف منح الجنسية الأميركية لأطفال المهاجرين الذين يولدون فوق الأراضي الأميركية.

يتمتع باستقلالية مالية كبيرة تجعله متحررا من جماعات الضغط في حزبه، ويؤمن بقدرته الشخصية على استرجاع "عظمة أميركا" وما يصفه بـ"الحلم الأميركي"، ومواجهة ما يسميه الهيمنة الاقتصادية للصين.

وأطلق ترامب تصريحات مثيرة للجدل في ما يخص السياسة الخارجية المرتبطة بالعالم العربي، من قبيل دعوته لإعادة احتلال العراق والاستيلاء على حقول نفطه للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.

ولا يتوانى عن إظهار العداء والسخرية العلنية المتكررة من شخصيات نسائية أميركية، بألفاظ توصف في وسائل الإعلام الأميركية بالصادمة. واشتهر أيضا بتهكمه على سياسيين أميركيين بارزين كجون ماكين، أحد المرشحين لرئاسيات عام 2008 (توفي عام 2018)، وإصراره على الطعن في مصداقيته بصفته أحد العسكريين الأميركيين القدامى في حرب فيتنام.

الوظائف والمسؤوليات

انضم عام 1968 للعمل مع والده ضمن مؤسسة ترامب العقارية التي كانت متخصصة في تأجير المساكن للطبقة المتوسطة بأحياء نيويورك، ثم أصبح الرئيس التنفيذي لها بعد توسعها ودخولها الاستثمار في مجالات جديدة.

نجح ترامب عدة مرات في تجاوز الهزات والأزمات المالية التي واجهت شركاته، خصوصا ما بين عامي 1987 و1997، وعامي 2008 و2009، والتي أدت إلى إعلان مؤسسات تابعة له الإفلاس، وتمكن كل مرة من الخروج من الأزمة وإنجاز استثمارات ضخمة داخل الولايات المتحدة وخارجها. وقد أصبح اسم ترامب "علامة تجارية" تقدر بملايين الدولارات في السوق الأميركية.

في مجال الإعلام تولى عام 2003 تنفيذ إنتاج وتنشيط برامج تلفزية في قناة "أن بي سي"، حظيت بالمتابعة في الولايات المتحدة، من أشهرها "المتدرب" و"أستوديو 54″.

التجربة السياسية

لم يسبق لترامب أن مارس عملا سياسيا مباشرا، لكنه -وفق بعض التقارير الأميركية- قدم طيلة عقدين من الزمن تبرعات لحملات انتخابية رئاسية لمرشحين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وقد أصدر النواب الجمهوريون في ولاية نيويورك في أكتوبر/تشرين الأول 2013 مذكرة اقترحوا فيها مشاركة ترامب في سباق المنافسة على منصب حاكم الولاية مع أندري كومو، وهو ما رفضه ترامب.

في عام 2008 أعلن تأييده الرسمي للمرشح الجمهوري جون ماكين في مواجهة الديمقراطي باراك أوباما، وفي يناير/كانون الثاني 2013 أصدر شريط فيديو يساند فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء الانتخابات الإسرائيلية.

في 7 ديسمبر/كانون الأول 2015 دعا دونالد ترامب إلى وقف دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. وقال في بيان نشره تحت عنوان "بيان دونالد ترامب لمنع الهجرة الإسلامية"، إنه يدعو إلى الوقف التام لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.

فاز ترامب يوم 19 يوليو/تموز 2016 رسميا بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني من السنة نفسها، وتعهد بإعادة بناء الجيش الأميركي والقضاء على تنظيم الدولة.

إعلان

وبعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، تمكن ترامب من الفوز وتصدر النتائج المعلنة ليصبح الرئيس الـ45 في تاريخ أميركا.

ووجه المرشح الجمهوري ضربة قوية للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بفوزه في فلوريدا وكارولينا الشمالية، وهما ولايتان متنازع عليهما منحتاه 44 من أصوات كبار الناخبين.

وحقق المرشحان انتصارات مبكرة في ولايات كان من المتوقع لهما الفوز فيها، إذ فاز ترامب بالولايات المحافظة في الجنوب والغرب الأوسط، بينما اكتسحت كلينتون عددا من الولايات على الساحل الشرقي وولاية إلينوي في الغرب الأوسط.

وفي يوم 20 يناير/كانون الثاني 2017 وصل ترامب إلى البيت الأبيض برفقة زوجته ميلانيا، وجلس إلى أوباما وميشال على طاولة الشاي كما تقضي بذلك تقاليد تسليم الرئاسة بأميركا، ودشن خطوته الأولى باعتباره الرئيس الـ45 للولايات المتحدة.

وكان من أول قراراته التوقيع على أمر تنفيذي يمنع بموجبه مواطني 7 دول ذات أغلبية مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية وحظي القرار بتأييد المحكمة العليا الأميركية، فيما استنكر المعارضون القرار.

والدول المحظورة هي: اليمن وسوريا والسودان وليبيا وإيران والصومال، وتضمن القرار المنع حتى في حالة وجود البطاقة الخضراء التي تعطي إذنا بالإقامة في الولايات المتحدة.

وأثناء جائحة كورونا وجهت لترامب انتقادات كبيرة بسبب آلية التعامل مع الأزمة، إذ تصدرت الولايات المتحدة أعداد الوفيات والمصابين. وفقد ملايين الأميركيين وظائفهم بسبب الأزمة.

وحكم ترامب الولايات المتحدة الأميركية في فترته الرئاسية الأولى 4 سنوات. وأثناء هذه الفترة اتخذ قرارات مثيرة للجدل، فوسع الجدار الفاصل مع المكسيك، وأعلن انسحاب بلاده من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، كما أعلن انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة العمل بالعقوبات على إيران في مايو/أيار 2018.

وسحب ترامب أيضا بلاده من اتفاق باريس للمناخ في يونيو/حزيران 2017، ودخل في حرب تجارية علنية مع الصين أثرت على الحركة التجارية العالمية. وتميزت الولايات المتحدة في فترة حكمه بنمو اقتصادي كبير إلى ما قبل بدء أزمة كورونا. واتهم في فترة حكمه بالعنصرية والشعبوية.

وعاد ترامب إلى كرسي الرئاسة، وفاز بولاية ثانية في انتخابات أميركيا عام 2024، عقب 4 سنوات من خسارته السابقة أمام جو بايدن عام 2020.

وحصل ترامب على 312 صوتا في المجمع الانتخابي، مقابل 226 صوتا للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

تهم موجهة إليه

في مارس/آذار 2023 وجّهت هيئة محلفين كبرى في مانهاتن بمدينة نيويورك اتهامات جنائية لترامب وصلت إلى 30 اتهاما وفقا لمحاميه، وفي يونيو/حزيران 2023 وجهت له 7 تهم أخرى، وهي سابقة في تاريخ الولايات المتحدة أن توجه اتهامات جنائية لرئيس سابق.

ومن أبرز التهم الموجهة لترامب: نقل وثائق سرية من البيت الأبيض إلى منتجع "مار أيه لاغو" في فلوريدا بعد انتهاء ولايته. علما أن هذه الوثائق يجب أن تكون في مرافق حكومية آمنة.

كما واجه تهما بتزوير سجلات أعمال شركاته لإخفاء معلومات عن الناخبين في انتخابات الرئاسة سنة 2016، ودفع رشاوى لشراء صمت أشخاص أثناء الانتخابات نفسها، إضافة إلى تهم تتعلق بالاعتداء الجنسي والتهرب الضريبي والتشهير والتآمر لعرقلة إجراءات رسمية والتآمر على الحقوق، وكذلك تهمة تصنف على أنها خيانة وهي محاولته البقاء في البيت الأبيض بعد خسارته الانتخابات عام 2020.

وقد بدأت محاكمة ترامب في منتصف مايو/أيار 2023، ورفضت القاضية مساعي وزارة العدل لتأجيل المحاكمة إلى ديسمبر/كانون الأول، كما رفضت طلب ترامب بتأجيل محاكمته إلى ما بعد انتخابات 2024، بعد أن ترشح للمشاركة فيها.

إعلان

وفي أغسطس/آب 2023 وُجهت لترامب لائحة اتهامات جديدة تتعلق بالهجوم الذي نفذه أنصاره على مبنى الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 أثناء مصادقة الكونغرس على فوز الرئيس جو بايدن، ومحاولتهم الضغط لتغيير نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وفاز بها بايدن.

ويعد الهجوم على الكونغرس عام 2021 سابقة من نوعها في الديمقراطية الأميركية وفقا لتصريح المحقق الخاص جاك سميث.

وقد مثل ترامب أمام المحكمة يوم 4 أغسطس/آب 2023 لمواجهة لائحة الاتهام الجديدة.

مشاكل مع منصة "إكس" (تويتر سابقا)

استخدم ترامب منصة "إكس" للتعبير عن آرائه والرد على منتقديه، وقد أثارت تغريداته كثيرا من الاستغراب والانتقادات، لا سيما وأنه هاجم فيها سياسيين وغيرهم. ووصفت بعض تغريداته بأنها عنصرية.

وكانت منصة "إكس" قد علقت حساب ترامب بشكل دائم في يناير/كانون الثاني 2021. وأصدرت بيانا توضح فيه أن القرار كان بهدف منع حدوث مزيد من التحريض على العنف، وأنه جاء بعد مراجعة دقيقة لتغريدات ترامب.

وأتى القرار بعد تغريدة ترامب عقب اقتحام الكونغرس، إذ وصف المقتحمين بأنهم وطنيون. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 رفع ترامب دعوى قضائية يطالب فيها المنصة بإعادة تفعيل حسابه، إلا أن المحكمة الأميركية رفضت الشكوى في مايو/أيار 2022 مبررة الرفض بأن منصة "إكس" شركة خاصة ولها قوانينها ونظامها الداخلي.

وبعد شراء إيلون ماسك المنصة في أكتوبر/تشرين الأول، أعلن ترامب أنه لن يعود إليها حتى لو أعادت تفعيل حسابه. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أعاد ماسك تفعيل حساب ترامب بعد إجراء استطلاع رأي أيد فيه المستخدمون إعادته.

وكان ترامب قد أسس منصة تواصل اجتماعي خاصة به بعد إغلاق حسابه، سماها "تروث سوشيال" وتتبع لإحدى شركاته، وهي مجموعة "ترامب ميديا آند تكنولوجي".

انطلقت المنصة يوم 21 فبراير/شباط 2022، إلا أنها عانت من مشاكل مختلفة تتعلق باستقطاب الجمهور. واستخدم منصته للتعبير عن آرائه، بما في ذلك المنشور الذي كتبه عقب جلسة محاكمته في مطلع أغسطس/آب 2023، والذي بدا وكأنه تهديد مبطن مفاده "إذا لاحقتموني سوف ألاحقكم"، مما دفع ممثلي الادعاء الأميركي إلى رفع المنشور إلى هيئة القضاء الأميركي، واعتبروه تهديدا وترهيبا للشهود وعرقلة لعملية الكشف عن الأدلة السرية.

الجوائز والأوسمة

حصل ترامب على دكتوراه شرفية في إدارة الأعمال من جامعة روبرت غوردون عام 2010. وتوّج بلقب شخصية السنة في مدينة ساراسوتا، الممنوحة من الحزب الجمهوري في ولاية فلوريدا عامي 2012 و2015. كما حصل على درع "نجم ممشى المشاهير" بهوليود عام 2015.

undefined

المؤلفات

أصدر دونالد ترامب مؤلفات عدة مرتبطة بسيرته الذاتية وتجربته، أشهرها:

  • "فن التفاوض" (1987).
  • "فن البقاء على قيد الحياة" (1991).
  • "الوصول إلى أميركا" (2000).
  • "كيف تصبح غنيا" (2004).
  • "لماذا تريد أن تصبح غنيا؟" (2006).
  • "الطريق إلى النجاح" (2007).

محاولات اغتيال

تعرض ترامب لعدة محاولات اغتيال واحدة منها في 2016، واثنتان في 2017، كما نجا من محاولة اغتيال في يوليو/تموز 2024 حين حاول شاب في الـ20 يدعى توماس ماثيو كروكس إطلاق النار عليه في تجمع انتخابي ببنسلفانيا.

وقال مكتب التحقيقات الفدرالي إن كروكس حاول اغتيال ترامب في بلدة باتلر بولاية بنسيلفانيا، إذ أطلق عليه النار من مبنى مقابل للمنصة التي كان يتحدث فيها أثناء تجمع انتخابي، وأصابه في أذنه.

وبعد ثوان من إطلاقه النار على المنصة، أطلق أفراد جهاز الخدمة السرية النار على كروكس وأردوه قتيلا.

ونجا ترامب من الحادث وأصيب بجرح في أذنه ونقل إلى المستشفى، في حين قُتل أحد الحضور وأُصيب اثنان آخران بجروح خطيرة.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان