المحكمة العليا الأميركية
أعلى هيئة قضائية في الولايات المتحدة. تندرج في إطار القضاء الاتحادي، وتوصف بأنها المحكمة الأكثر شهرة في العالم، والتي يعد تعيين قضاتها محل جدل سياسي دائم بين الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري.
تأسست المحكمة العليا الأميركية عام 1789 طبقا لأحكام المادة الثالثة للدستور الأميركي، التي تنص على أن رئيس الولايات المتحدة يعين القضاة الفدراليين الاتحاديين بعد مشاورة مجلس الشيوخ وموافقته.
المقر
يوجد مقر المحكمة العليا الأميركية في العاصمة واشنطن دي سي.
الهيكلة
تتكون المحكمة العليا الأميركية من رئيس وثمانية قضاة معاونين، يعينهم الرئيس الأميركي ويوافق عليهم مجلس الشيوخ بالتصويت عليهم بالأغلبية، ويظل القضاة في مناصبهم مدى الحياة ما دام سلوكهم حسنا، ولا تنتهي خدمتهم إلا بالوفاة أو الاستقالة أو التقاعد أو الإدانة، ويتوفر كل قاض على صوت واحد.
الاختصاص
يتحدد اختصاص المحكمة العليا الأميركية في المراقبة والإشراف لكونها محكمة استئناف، وتوصف بأنها "المفسر الأخير للقانون الدستوري"، حيث تقوم بمراجعة إجراءات الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات على حد سواء، ولها سلطة إبطال أي قانون أو قرار لا يتوافق مع الحريات الدستورية الأساسية، علما بأن محاكم الولايات تمارس -بموجب أحكام دساتير الولايات- سلطة مشابهة لها.
ويخلو الدستور الاتحادي الأميركي من أي نص صريح يمنح المحكمة العليا الحق في مراقبة دستورية أي قوانين، رغم أن واضعي الدستور افترضوا أن المحكمة العليا ستمارس تلك السلطة، لكنهم أهملوا النص على ذلك في الدستور.
ولا تنظر المحكمة في قضايا دستورية القوانين والإجراءات ولا تفصل فيها إلا إذا عرضت أمامها في تنازع فعلي، ولا تصدر آراء استشارية، ولا تنظر في قضايا صورية لا تقوم فيها منازعة جدية وفعلية بين فريقين.
وتختص هذه المحكمة تحديدا بالنظر في النزاعات القضائية الواقعة بين الولايات، والدعاوى المقامة على الاتحاد، والنظر في بعض الدعاوى الجنائية التي جعل الكونغرس صلاحية تطبيق العقوبة فيها من اختصاص المحكمة العليا بسبب خطورتها.
قضايا وقرارات
عرضت على المحكمة منذ إنشائها العديد من القضايا المتنوعة أصدرت بشأن مجموعة منها قرارات مهمة، من بينها إعلانها عام 1883 أن قانون الحقوق المدنية الذي صدر عام 1875 غير دستوري.
وقررت المحكمة يوم 29 يونيو/حزيران عام 2006 أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن تجاوز صلاحياته بإنشاء المحاكم العسكرية الاستثنائية لـ"محاكمة المقاتلين الأعداء" المعتقلين في غوانتانامو في إطار "الحرب على الإرهاب".
وفي المقابل رفضت المحكمة يوم 9 مارس/آذار 2015 قبول طعن تقدم به معتقل سوري سابق في غوانتانامو، مما أبقى على قرار محكمة أقل درجة يمنعه من مقاضاة الولايات المتحدة طلبا لتعويضات بسبب أسلوب معاملته أثناء سبع سنوات قضاها رهن الاحتجاز.
ومن هذه القرارات أيضا إصدارها في 26 يونيو/حزيران 2015 قرارا يقضي بمنح الحق للشواذ جنسيا بـ"الزواج" فيما بينهم بكافة الولايات الأميركية، ومطالبتها حكومات الولايات بالاعتراف بهذا النوع من "الزواج" وتوثيقه.
وفي 9 فبراير/شباط 2016 علقت المحكمة برنامجا للرئيس الأميركي باراك أوباما يهدف إلى التصدي للاحتباس الحراري بعد أن رفعت 25 ولاية (معظمها في أيدي الجمهوريين) القضية إلى المحكمة بعد احتجاجها على البرنامج.
كما حكمت المحكمة في يونيو/حزيران 2015 لصالح مسلمة أقامت دعوى شكت فيها من التمييز، بعد أن حرمت من وظيفتها -وهي في السابعة عشرة من عمرها- في شركة لبيع الملابس في أوكلاهوما بسبب ارتدائها الحجاب.
وفي قضية أخرى رفضت المحكمة في قرار أصدرته في 13 يونيو/حزيران 2010 تسجيل اكتشاف جينات الإنسان كبراءة اختراع، وألغت طبقا لذلك براءات اختراع سجلتها إحدى الشركات لجينين مرتبطين بسرطان الثدي، وجاء ذلك بعد رفع اتحاد الحريات المدنية دعوى إليها عام 2009 بشأن تسجيل شركات براءات اختراع جينية.
قامت المحكمة العليا الأميركية عام 1935 بتكريم الرسول محمد (ص) في لوح ديكوري بالحفر التطريزي أنجزه الفنان الأميركي أدولف ألكسندر واينمان، واحتوى نحوتا لأشخاص متجاورين وتم تثبيته على يمين غرفة القضاة في الجدار الشمالي لمقر المحكمة، وكتب أسفله "النبي محمد واحد من أعظم المشرعين في العالم، والقرآن يوفر المصدر الأساسي للشريعة".
وأضاف إينمان كلمات من عنده في النص الوارد أسفل التطريز الجداري: "الرسم لا يظهر أي تشبيه لشخصية النبي محمد (ص)، فالمسلمون ينفرون بقوة من أي تصوير نحتي لنبيهم".
جدل مستمر
تحولت المحكمة العليا الأميركية إلى موضوع جدل في الأوساط السياسية الأميركية بسبب موضوع تعيينات القضاة فيها وميولهم بين "محافظين ومعتدلين وليبيراليين في فلسفة تفسير الدستور".
ورغم أن العرف الأميركي المتبع يسعى إلى تقاسم القضاة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فيحصل كل واحد منهما على أربعة، ويُختار رئيس المحكمة من المحايدين، فإن هناك انتقادات واتهامات متبادلة ومستمرة بشأن محاولة استغلال كل طرف فترة توليه الحكم لتعيين قضاة من شأنهم ضمان تأثيره مستقبلا في قضايا سياسية محتملة تعرض على المحكمة.
وتجدد هذا الجدل بعد تعيين الرئيس أوباما لميريك غارلاند يوم 16 مارس/آذار عام 2016 خلفا لأنتونين سكاليا (أحد قضاة المحكمة المحافظين) الذي توفي في فبراير/شباط 2016، واعتبر الجمهوريون قيام أوباما بالتعيين قبل أشهر من نهاية ولايته الرئاسية "خطوة سياسية".
اختيار ترمب
وقع اختيار الرئيس دونالد ترمب على نيل غورستش لشغل المقعد الشاغر في المحكمة العليا التي تعد أعلى هيئة قضائية تبت في أهم القضايا، وعينه رسميا يوم 31 يناير/كانون الثاني 2017 في المنصب الذي ظل شاغرا بعد وفاة القاضي أنتونين سكاليا في فبراير/شباط 2016.
وفي حال وافق مجلس الشيوخ على تثبيته في المنصب، سيكون غورستش أصغر قاض يعين في المحكمة العليا التي تعد حامية الدستور الأميركي، والتي تحسم القضايا الكبرى في الولايات المتحدة، ويعين كل عضو فيها مدى الحياة بقرار من الرئيس.