من جنيف 1 إلى 8.. ماذا تحقق؟
عقدت بين عامي 2012 و2017 ثمانية مؤتمرات بشأن الأزمة السورية في مدينة جنيف السويسرية، في ظل ظروف داخلية وخارجية متباينة. وخلال المفاوضات غير المباشرة التي جمعت وفدي المعارضة والنظام السوريين تحت رعاية الأمم المتحدة، ظهرت خلافات جوهرية بين الطرفين حالت دون حسم القضايا المطروحة للتفاوض.
وفيما يأتي لمحة مختصرة عن مؤتمرات جنيف، وأبرز ما توصلت إليه:
مؤتمر جنيف 1
30 يونيو/حزيران 2012: اتفقت مجموعة عمل مؤلفة من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وتركيا وجامعة الدول العربية -في مدينة جنيف- على مبادئ مرحلة انتقالية، لكن الأطراف المعنية بالنزاع -من السوريين وغيرهم- اختلفوا على تفسير هذه المبادئ التي لم تشر بوضوح إلى مصير الرئيس بشار الأسد الذي تطالب المعارضة برحيله.
مؤتمر جنيف 2
10 فبراير/شباط 2014: أشرف الوسيط الدولي (السابق) الأخضر الإبراهيمي على هذه المفاوضات التي جمعت وفدي الحكومة والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريين، وانتهت يوم 15 فبراير/شباط 2014 إلى "طريق مسدود" بسبب خلافات بين الطرفين.
وكان أبرز الخلافات أن وفد النظام السوري أصرّ على وضع قضية "الإرهاب" على رأس بنود جدول أعمال المفاوضات، بينما تمسك وفد المعارضة بإعطاء الأولوية للبند الخاص بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات بموجب بيان مؤتمر جنيف الأول في يونيو/حزيران 2012.
ولم تتمكن موسكو وواشنطن -راعيتا المفاوضات- من إحداث تقدم بعد إعلان الإبراهيمي أنهما وعدتا بالمساعدة في حلحلة الأمور بين الوفدين اللذين جلسا مرتين فقط في غرفة واحدة منذ بدء الجولة.
مؤتمر جنيف 3
فبراير/شباط 2016: بعد أن تم الاتفاق على موعد الأول من يناير/كانون الثاني 2016 لبدء الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف، أعلنت الأمم المتحدة تأجيل الموعد إلى 29 يناير/كانون الثاني 2016، لتعلن انطلاقها رسميا في الأول من فبراير/شباط 2016 في مدينة جنيف.
ويوم 3 فبراير/شباط 2016 أعلن مبعوث الأمم المتحدة ستفان دي ميستورا تأجيل المفاوضات إلى 25 فبراير/شباط 2016، وقال وقتها إن المفاوضات لم تفشل إنما أجلت.
وعقدت تلك المفاوضات بالتزامن مع دخول الأزمة السورية عامها السادس، لكنها فشلت في النهاية بسبب خلافات بين النظام والمعارضة، أبرزها الخلافات في تنفيذ الفقرتين 12 و13 من القرار الأممي 2254، والخلاف على تشكيل المعارضة السورية وفدها المفاوض.
كما أن المعارضة السورية رفضت أن يكون للأسد أي مستقبل في سوريا الجديدة، وهي رؤية تشاطرها فيها القوى العربية والدولية الداعمة للشعب السوري.
وصوّت مجلس الأمن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015 بالإجماع على مشروع القرار الأميركي رقم 2254 الذي ينص على بدء محادثات السلام بسوريا في يناير/كانون الثاني 2016، مقرا بدور المجموعة الدولية لدعم سوريا باعتبارها المنبر المحوري لتسهيل الجهود الأممية الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية دائمة في سوريا.
ونص القرار على ضرورة إنجاح المفاوضات بين السوريين: تحت الإشراف الأممي، وأن تنتج هيئة حكم ذات مصداقية، تشمل الجميع وتكون غير طائفية، مع اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسوريا في غضون ستة شهور، وإجراء انتخابات في غضون 18 شهرا بإشراف أممي.
مؤتمر جنيف 4
23 فبراير/شباط 2017: بدأت الجولة الرابعة من المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في مقر المنظمة الأممية بمدينة جنيف، وانتهت يوم 3 مارس/آذار 2017، وحضرها وفدا النظام والمعارضة السوريين.
وجاءت الجولة الرابعة عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا أواخر ديسمبر/كانون الأول 2012، وجولتين من المفاوضات بين النظام والمعارضة المسلحة في أستانا بكزاخستان.
وتمكن المشاركون الذين قادهم دي ميستورا من التوصل إلى اتفاق على جدول أعمال يتكون من أربع "سلال"، هي:
– السلة الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.
– السلة الثانية: القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.
– السلة الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهرا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.
– السلة الرابعة: إستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد.
ولم تشهد الجولات السابقة نقاشا حقيقيا بشأن عملية انتقال مفترضة للسلطة في سوريا في ظل رفض النظام السوري تطبيق بيان جنيف 1، خاصة بعد تحقيقه مكاسب ميدانية كبيرة عام 2016 على حساب المعارضة في مدينة حلب وغيرها.
مؤتمر جنيف 5
أبريل /نيسان 2017: ناقشت الوفود المشاركة بالتفصيل المواضيع الأربعة الرئيسية وهي الحكم والدستور ومكافحة الإرهاب والانتخابات. وتبادل وفدا النظام والمعارضة الاتهامات بشأن عدم تحقيق تقدم في جولة المفاوضات التي استمرت ثمانية أيام.
مؤتمر جنيف 6
16 مايو/أيار 2017: دامت هذه الجولة لمدة أربعة أيام، لكنها انتهت، بحسب ما صرح دي ميستورا حينها، دون تحقيق أي تقدم ملموس. واقترح دي ميستورا إنشاء آلية تشاورية لنقاش القضايا التقنية المتعلقة بالقضايا الدستورية والقانونية. وهو اقتراح رفضته المعارضة، لكنها أرسلت وفدا شارك بجولتي نقاش حول المسائل التقنية بعد انتهاء الجولة السادسة.
مؤتمر جنيف 7
9 يوليو/تموز2017: استمرت هذه الجولة لمدة ستة أيام دون تحقيق أي تقدم على ما يعرف بالسلال الأربع التي تشكل جدول الأعمال الرئيسي للمفاوضات، وطالب المبعوث الدولي المعارضة السورية بتوحيد وفودها كشرط رئيسي لعقد جولات جديدة من المفاوضات.
مؤتمر جنيف 8:
28 نوفمبر/تشرين الثاني 2017: اعتبر المبعوث الأممي أن هذه الجولة التي استمرت حتى 16 ديسمبر/كانون الأول كانت فرصة ذهبية ضائعة، حيث لم ينجح في عقد أي لقاءات مباشرة بين الطرفين المتفاوضين، وحمّل روسيا والنظام المسؤولية عن عدم الانخراط بجدية في المفاوضات.
وفي المقابل أصرت المعارضة على اعتبار أن مسألة الانتقال السياسي وتشكيل حكم انتقالي يشكلان أولوية بالنسبة لها، الأمر الذي اعتبره وفد النظام شرطا مسبقا يمنعه من قبول التفاوض.
مؤتمر فيينا 9:
25 يناير/كانون الثاني 2018: عقدت الجولة التاسعة من المحادثات السورية برعاية الأمم المتحدة بفيينا يومي 25 و26 يناير/كانون الثاني، التقى خلالها المبعوث الأممي وفدي النظام السوري والمعارضة.
وقدمت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن والسعودية للمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا دي ميستورا مقترحا بعنوان "ورقة غير رسمية"، تهدف إلى إحياء العملية السياسية في جنيف بشأن سوريا استنادا للقرار 2254. غير أن النظام السوري رفض المقترح.
ولم تنعقد هذه الجولة كما الجولات الثماني السابقة في جنيف لأسباب لوجستية، وجاءت قبل أيام من مؤتمر الحوار السوري في منتجع سوتشي الروسي.