كتائب عز الدين القسام.. الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)
كتائب عز الدين القسام تعد الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهي أقرب إلى الجيش المنظم بما تمتلكه من قدرة قتالية عالية وخبرات علمية في مجال تطوير الأسلحة وتصنيعها.
التأسيس والنشأة
كانت البذور الأولى لكتائب القسام عام 1986 قبل الإعلان عن انطلاق حركة "حماس"، ويعد صلاح شحادة المؤسس لأول جهاز عسكري للحركة عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، ثم صار يحمل اسم "كتائب عز الدين القسام" في أواسط 1992.
وتقول القسام إن علاقتها مع حماس علاقة "تكامل تنظيمي وانفصال ميداني" إذ تعد جزءا من هيكلها وتشارك في صنع القرار فيها والتوجيه وفق أنظمتها الداخلية، لكنها تنفصل عنها في "الجوانب العملية المختصة بالعمل العسكري".
التوجه الأيديولوجي
تتبنى كتائب القسام التوجه الإسلامي السني، وتعتبر الجهاد والمقاومة الوسيلة الأنجع لاسترداد الحقوق وتحرير الأرض، ومن أهدافها وثوابتها تحرير كل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.
تقول الكتائب عن نفسها "تحرير فلسطين هو هدفنا والمقاومة وسيلتنا، والقدس عاصمتنا، واللاجئون هم أهلنا وشعبنا وعودتهم حق وواجب، والأسرى هم أبطال فلسطين وشموع الحرية وتحريرهم هو رأس أولويتنا مهما كلفنا ذلك من ثمن، هذه ثوابتنا التي لا يمكن أن نساوم عليها، والحقوق لا تسقط بالتقادم، على هذا انطلقنا، وعليه نمضي".
وتعتبر أن "معركتها مع الصهاينة لأنهم احتلوا فلسطين وليس ليهوديتهم"، وأن المقاومة انطلقت ردا على الاحتلال، "الذي لا يفهم إلا لغة القوة ولا يردعه إلا المقاومة".
وتقول القسام إن نطاق عملها يقع ضمن حدود فلسطين التاريخية، التي تمتد من رأس الناقورة شمالا إلى بلدة أم الرشراش جنوبا، ومن نهر الأردن شرقا إلى البحر الأبيض المتوسط غربا، وتبلغ مساحتها 27 ألف كيلومتر مربع، وعاصمتها القدس.
وتعبر القسام عن قبولها بالتحرير المرحلي لأجزاء من فلسطين، وأنها تقبل "التهدئة والهدنة المرحلية المؤقتة" للتخفيف من معاناة شعبها وتعتبرها استراحة محارب، دون التفريط بالثوابت ولا الاعتراف بإسرائيل.
أبرز المحطات بتاريخ كتائب القسام
تولى صلاح شحادة قيادة الجهاز العسكري الأول إلى أن اغتالته إسرائيل في 23 يوليو/تموز 2002 بقصف جوي لحي الدرج في قطاع غزة. ومن أبرز قادة الكتائب محمد الضيف وأحمد الجعبري، اللذان وضعتهما إسرائيل على رأس قائمة المطلوبين.
استشهد الجعبري في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بغارة إسرائيلية على سيارة كان يستقلها. وكان يعتقد على نحو واسع في فلسطين أنه هو القائد العام الفعلي لكتائب القسام في ظل أحاديث عن إصابة القائد الأعلى للمجلس العسكري محمد الضيف بالشلل التام نتيجة قصف إسرائيلي تعرض له قبل سنوات في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
لا يعرف رقم محدد لعدد عناصر كتائب عز الدين القسام، لكن المتحدث باسمها أبو عبيدة قال في حوار مع الجزيرة نت في ديسمبر/كانون الأول 2012 إن عدد جنود القسام يناهز العشرين ألفا، وإنها تعتمد على أكبر من هذا العدد، وأوضح أنه ليس من سياسة الكتائب الإعلان عن التفاصيل التي تتعلق بهيكليتها وقيادتها وعدد أفرادها.
وأكد أبو عبيدة أن كتائب القسام موجودة في كل فلسطين، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.
وتعتمد الكتائب التصنيع المحلي، ويصنع مهندسوها صواريخ محلية أبرزها "القسام 1″، و"القسام2" و"القسام3″، الذي يتجاوز مداه 15 كيلومترا.
في آخر يناير/كانون الثاني 2015، أصدرت محكمة مصرية حكما اعتبرت فيه كتائب عز الدين القسام "تنظيما إرهابيا"، وهو الحكم الذي استنكرته الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية.
وقد وصفت تلك الأجنحة في بيان مشترك الحكم بأنه قرار ظالم "لا يصب في مصلحة الفلسطينيين والمصريين على حد سواء، ولا ينسجم مع الدور المأمول من مصر في رعاية الملفات ذات العلاقة بالمقاومة الفلسطينية حاضرا ومستقبلا".
أما حركة حماس فاعتبرت الحكم "مسيسا ويخدم إسرائيل في المرتبة الأولى"، وقال أحد قيادييها "بعد قرار المحكمة إن مصر لم تعد وسيطا في الشؤون الفلسطينية الإسرائيلية".
العمليات العسكرية
نفذت كتائب عز الدين القسام عددا من العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي بمختلف أشكال المقاومة، وتبنت عددا من العمليات الاستشهادية.
وقد كان من أبرز ما صنعته نماذج من طائرة بدون طيار (أبابيل) الأولى استطلاعيا، والثانية هجوميا، حلقت واحدة منها فوق وزارة الدفاع الإسرائيلية، في بدايات تشغيلها، واستخدمت القسام هذا النوع من الطائرات في معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما قصفت تل أبيب وحيفا ومفاعل ديمونا بصواريخ محلية الصنع، واقتحمت معسكرات الاحتلال عن طريق الغوص تحت البحر.
أبرز العمليات الفدائية
يقول أبو عبيدة في حواره مع الجزيرة نت إن العمليات الاستشهادية وغيرها ستبقى من وسائل المقاومة المتاحة، ولن تسقطها الكتائب من حساباتها.
وفي 4 أكتوبر/تشرين الثاني 1993 قاد أحد عناصر القسام سيارة مفخخة لاستهداف حافلة عسكرية إسرائيلية تنقل جنودا من القوات العسكرية إلى مقر قيادة جيش الاحتلال بالقرب من "بيت إيل" شمال مدينة رام الله، وفجر سيارته بعد أن استطاع تخطي كل الحواجز العسكرية وقتل 3 جنود وجرح 30 آخرين.
ومع انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) أطلقت القسام سلسلة عمليات "العهدة العشرية"، ونفذها عشرة فدائيين بداية من عام 2001، أسفرت عن مقتل 30 إسرائيليا، وكانت ردا على العدوان الإسرائيلي بالقتل وهدم البيوت.
وفي الأول من يونيو/حزيران 2001 فجر سعيد الحوتري "ملهى الدلافين" على شاطئ تل أبيب، وقتل في التفجير 21 إسرائيليا وأصيب أكثر من 120.
ومن أبرز العمليات الفدائية عملية نفذتها الكتائب يوم 27 مارس/آذار 2002 في نتانيا شمال إسرائيل، والتي أدت إلى مقتل 19 إسرائيليا وجرح أكثر من 120 آخرين.
وفي 14 يناير/كانون الأول 2004 تمكنت ريم الرياشي -أول فدائية تجندها القسام- من الدخول إلى معبر بيت حانون وتفجير نفسها وسط مجموعة من جنود المعبر، وقتل في العملية 4 جنود وأصيب 10 آخرون.
وفي 31 أغسطس/آب 2004 من العام نفسه، خططت القسام لعملية أسمتها "بئر السبع" المزدوجة، حيث استهدفت حافلتين تابعتين لشركة "مترو دان"، قتل على إثرها 17 إسرائيليا وأصيب مئة، وأعلنت الكتائب أن العملية كانت ردا على اغتيال أحمد ياسين مؤسس حركة حماس والقيادي فيها عبد العزيز الرنتيسي.
وفي 18 يناير/كانون الثاني 2005 استهدفت القسام عبر فدائي لها مستوطنة "غوش قطيف" العسكرية جنوب قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل ضابطين أحدهما رفيع المستوى، مع إصابة 7 جنود، وأطلقت الكتائب عليها اسم "ثقب في القلب"، إذ استطاعت الدخول إلى قلب الموقع العسكري.
أبرز الاقتحامات والمعارك
بالاشتراك مع الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة (ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى) استهدفت القسام معبر المنطار (كارني) شرق غزة، وأطلق على العملية اسم "زلزلة الحصون"، وأسفرت عن مقتل سبعة جنود وإصابة آخرين يوم 13 يناير/كانون الثاني 2005.
وفي 19 أبريل/نيسان 2008 استشهد ثلاثة فلسطينيين وأصيب 13 جنديا إسرائيليا في عملية فدائية نفذها عناصر من المقاومة الفلسطينية مستهدفين بسيارات مفخخة قوات إسرائيلية تشرف على مراقبة معبر في جنوب قطاع غزة.
وقد استشهد الفلسطينيون الثلاثة في المواجهات التي اندلعت في معبر كرم أبو سالم بين عناصر المقاومة والقوات الإسرائيلية، بعد أن فجر ناشطون ثلاث سيارات مفخخة مستهدفين الجنود الإسرائيليين الذين يراقبون المعبر الفاصل بين غزة وإسرائيل.
يوم 20 يوليو/تموز 2014 ومع بدء الاحتلال عدوانه على غزة بالقصف الجوي، عبرت عناصر القسام نفقا يبلغ طوله 3 آلاف متر، واستطاعت إيقاع دورية عسكرية إسرائيلية في كمين نصبته في موقع 16 العسكري، وقتلت 5 جنود بينهم قائد كتيبة، فيما استشهد 11 من عناصر القسام بعد أن كشف موقعهم.
يوم الثلاثاء 8 يوليو/تموز 2014 قامت وحدة خاصة من كتائب القسام، في ثاني أيام العدوان على قطاع غزة، بعملية عسكرية أسمتها "عملية زيكيم" واقتحمت خلالها القاعدة البحرية الإسرائيلية مقابل موقع زيكيم العسكري، وقصفتها بصواريخ كاتيوشا.
وأكدت القسام أن الهجوم أوقع العديد من القتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال، إلى جانب تدمير آليات عسكرية.
وكان للكتائب دور كبير في ردع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقد طوّرت عملياتها في مواجهة العدوان الثالث على القطاع في صيف 2014، فخاضت معركة برية عبر الأنفاق واستخدمت أسلحة نوعية. وساهمت في مواجهة الاحتلال في عدة معارك مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، منها معركة وفاء الأحرار عام 2006 ومعركة الحساب المفتوح ومعركة الفرقان عام 2008، ومعركة حجارة السجيل عام 2012 ومعركة العصف المأكول عام 2014 ومعركة سيف القدس عام 2021.
حرب الأنفاق
وشاركت القسام ونسقت عدة عمليات استهدفت أنفاقا، منها ما كانت خلال انتفاضة الأقصى في 26 سبتمبر/أيلول 2001، حينما فجرت الكتائب عبوة كبيرة أسفل موقع ترميد العسكري الإسرائيلي قرب بوابة صلاح الدين في رفح على الحدود المصرية الفلسطينية.
وتمت العملية داخل الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة، واستهدفت عمارة من ثلاث طوابق كان يقطنها عدد من الجنود الإسرائيليين، عن طريق حفر نفق طوله 150 مترا مفخخ بكمية كبيرة من المتفجرات.
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2001 تمكنت القسام من تفجير موقع "حردون" العسكري (برج مراقبة) في حي بينا برفح، والذي يقع على الحدود الفلسطينية المصرية، فتدمر الموقع وقتل وأصيب من بداخله. واستهدف الموقع بنفق بلغ طوله 200 متر.
وفي 27 يونيو/حزيران 2004 قالت القسام إها حفرت نفقا بلغ طوله 495 مترا انطلاقا من منطقة آمنة حتى وصلت إلى نقطة تقع أسفل حاجز "أبو هولي" (المحفوظة) شمال خانيونس، وبدأت بالحفر أسفله على عمق 7 أمتار تحت الأرض حتى وصل إلى عمق 80 سنتيمترا تحت مستوى الموقع العسكري. ووزعت القسام عبوات التفجير إلى ثلاثة أفرع وملأتها بمئات العبوات شديدة الانفجار.
أبرز عمليات الأسر
يعد أسر الجنود الإسرائيليين والعمليات الاستشهادية من أقوى أسلحة الردع لدى القسام.
ومن أبرز الأسرى الذين أسرتهم وشاركت بأسرهم الرقيب آفي سابورتس من منطقة جولس عام 1988، وإيلان سعدون عام 1989 الذي قتل ولم تجد إسرائيل جثته إلا بعد 7 أعوام.
ثم في عام 1992 أسرت آلون كرفاتي وقتلته، وبعدها نسيم طوليدانو من داخل الخط الأخضر،
"ورأيتني أدور في زنزانة لأول مرة أدخلها ورجع بي شريط الذكريات لماذا أتواجد هنا، والمنافقون يأكلون ويرتعون ويتمتعون، وعلمت أنني بدأت أدفع ثمن الكلمة التي قلتها، وخلعت إمامتي ووضعتها وسادة تحت يدي، وخلعت جبتي وافترشتها على بلاط الزنزانة رقم 19 في معتقل القلعة، ومرت ساعات الليل وأنا أذكر الله، الذين اطمأنت قلوبهم ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1994 تمكنت القسام من أسر نحشون مردخاي فاكسمان واقتادته لمنزل في قرية بير نبالا بالضفة، وكان الهدف تحرير أحمد ياسين، لكن قوات الاحتلال استطاعت اقتحام المقر في محاولة لتحريره، وأدت العملية في النهاية لقتل الأسير وقائد الوحدة المقتحمة مع جندي وإصابة 20 جنديا إسرائيليا.
وفي عام 2005 تمكنت القسام من أسر عضو في جهاز الشاباك الإسرائيلي ساسون نورائيل، ردا على عمليات الاعتقال العشوائية في الضفة، قبل أن يقتل في النهاية.
ومن أبرز عمليات الكتائب قيامها -مع ألوية الناصر صلاح الدين التابعة للجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام- بأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 يونيو/حزيران 2006، بعد مهاجمة موقع للجيش الإسرائيلي قرب حدود قطاع غزة.
وقد احتفظت كتائب القسام بالجندي حيا حتى إتمام صفقة تبادل الأسرى في أكتوبر/تشرين الأول 2011، التي تم بموجبها الإفراج عن ألف أسير فلسطيني.
وفي عام 2014، أسرت كتائب القسام أربعة إسرائيليين وهم: شاؤول آرون (جندي)، هدار غولدن (جندي)، أفيرا منغستو (مسرح من الخدمة العسكرية)، هشام السيد (متطوع في الجيش تم تسريحه).
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أطلقت فصائل المقاومة بقيادة كتائب عز الدين القسام معركة "طوفان الأقصى"، واقتحم أكثر من ألف مقاتل منها مستوطنات غلاف غزة وسيطروا عليها وعلى المراكز العسكرية الإسرائيلية فيها.
وعلى إثر هذه العملية قتل أكثر من 1300 إسرائيلي -بينهم جنود وضباط- وأسرت المقاومة عشرات الإسرائيليين أيضا، بينهم ضباط برتب عالية وجنود.