إبراهيم الزكزكي.. "آية الله" الأفريقي
زعيم شيعي نيجيري، ورئيس "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" التي ترعى التشيع بالبلاد، وبينما يصفه أتباعه بأنه "عَلم من أعلام ولاية الفقيه" يقول خصومه إنه "قائد مليشيا مذهبية تهدد سيادة الدولة".
المولد والنشأة
ولد إبراهيم يعقوب الزكزكي في 14 شعبان 1372 هجرية الموافق الخامس من مايو/أيار 1953 في مدينة زاريا بولاية كادونا (شمالي نيجيريا)، ويلقب "بالزكزكي" نسبة إلى مدينة زكزك النيجيرية.
ينتمي الزكزكي لأسرة مسلمة سُنية تقول مصادر إن أصولها العرقية ترجع إلى جمهورية مالي الحالية، وقد جاء أحد أجداده إلى نيجيريا أوائل القرن الـ19 الميلادي للالتحاق بدولة الزعيم الديني عثمان بن فوديو (1754-1818م) التي أسسها في المنطقة، ثم أصبح لاحقا مستشارا دينيا لأحد خلفائه في حكمها.
نشأ في مسقط رأسه مدينة زاريا حيث درس في مدارس أولية إسلامية فحفظ القرآن، وتلقى على أيدي بعض مشايخها (مثل عيسى مداكا وإبراهيم ككاكي) بعض العلوم العربية والإسلامية.
الدراسة والتكوين
التحق الزكزكي بمدرسة فاتا العربية الإسلامية بزاريا في 1969-1970، وبعد إكماله برنامجها التعليمي دخل كلية الدراسات العربية في كانو خلال 1971-1976.
وانتقل إلى جامعة أحمد بيلّو في زاريا، حيث درس الاقتصاد ونال شهادة البكالوريوس عام 1979، لكن إدارة الجامعة لم تسلمه شهادته بسبب رفضه أداء الخدمة الوطنية الإجبارية التي يؤديها الخريجون، بينما يقول أنصاره إن مرد ذلك المنع هو أنشطته الدينية في الجامعة.
وبعد تشيعه درس الزكزكي في الحوزات العلمية الشيعية بإيران، وهو يتحدث اللغات العربية والإنجليزية والإسبانية والفارسية، إضافة إلى لغته الأم الهَوْسا ذات الانتشار الواسع بين مسلمي نيجيريا.
التوجه الفكري
لم يحُل انتماء الزكزكي لعائلة سُنية تتبع المذهب الفقهي المالكي السائد في المنطقة، دون اعتناقه المذهب الجعفري الشيعي وتبنيه أيديولوجيا الثورة الإيرانية المؤسسة على نظرية ولاية الفقيه.
بل إن الإعلام الإيراني والشيعي عموما يعدّه "زعيم شيعة نيجيريا" و"عَلما من أعلام ولاية الفقيه"، وينقل عنه اعتزازه بالالتزام بالمنهج الفكري لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، كما كرّمته الحكومة الإيرانية في فبراير/شباط 2015 بمناسبة الذكرى الـ36 للثورة الإيرانية، في حفل حضره مسؤولون إيرانيون كبار، بينهم قادة من الحرس الثوري ورجال دين.
الوظائف والمسؤوليات
تولى الزكزكي الأمانة العامة لجمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا خلال 1977-1978، وكان نائب الرئيس للشؤون الدولية للهيئة الوطنية بنفس الجمعية عام 1979، وبعد تأسيسه "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" تفرغ لزعامتها، إضافة إلى نيله عضوية "المجمع العالمي لأهل البيت" في العاصمة الإيرانية طهران.
التجربة الدعوية
أنشأ الزكزكي "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" أوائل ثمانينيات القرن العشرين وتولى رئاستها منذ ذلك الحين، فظهر على المسرح السياسي والديني المحلي، واكتسب بسبب أنشطته ومحاضراته شعبية واسعة، ولا سيما في أوساط الشباب من طلاب المدارس والجامعات.
واعتنق المذهب الشيعي متأثرا بالترجمات الإنجليزية للكتب الشيعية التي كانت توزعها سفارة إيران في نيجيريا، وبدءا من عام 1995 جاهر بتشيعه لأول مرة عندما أجرت معه إحدى الصحف الإيرانية حوارا انتقد فيه بعض صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما دفع الكثير من أنصاره للانشقاق عنه.
دأب الزكزكي على زيارة إيران التي كانت تستضيف قيادات إسلامية من أنحاء العالم الإسلامي المختلفة لحضور المهرجان السنوي لذكرى "انتصار الثورة الإيرانية"، وهناك تلقى دورات علمية في بعض الحوزات العلمية الشيعية.
بدأ نشر المذهب الشيعي في البلاد عبر الدروس والمحاضرات، وظلت منظمته تتوسع حتى أصبحت تضم عشرات الآلاف من الشيعة بمنطقة شمالي نيجيريا (خاصة في زاريا عاصمة ولاية كادونا)، التي صار ينظر إليها بوصفها بؤرة لنشر المذهب الشيعي في غرب ووسط أفريقيا، ثم امتد نشاطه الدعوي إلى بلدان أخرى، بينها: سيراليون والنيجر وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة.
لحقت بالزكزكي -الذي تتهمه الحكومة بالسعي لتكوين "دولة داخل الدولة" وإنشاء مليشيا مسلحة- متاعب كثيرة بسبب نشاطه المذهبي، فسجن مرات عديدة، وفقد ثلاثة من أبنائه الذين قتلوا مع عشرات من أتباعه في صدامات بينهم وبين الشرطة خلال مظاهرة سيّرتها منظمته بمناسبة يوم القدس العالمي عام 2014.
وقد داهمت سلطات الأمن النيجيرية منزله فجر يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2015، فاعتقلته بعد أن قتلت عناصر من أنصاره -بينهم نائبه محمد محمود تيري- حاولوا الدفاع عنه ومنع الأمن من الوصول إليه، وذلك بعد اقتحامها تجمعا دينيا أقامته منظمة الزكزكي في "حسينية بقية الله" بمدينة زاريا.
وبررت الحكومة الاعتقال بأن المنظمة -التي تدعى إعلاميا "حزب الله النيجيري"- حاولت اغتيال قائد أركان الجيش الجنرال توكر بارتاي أثناء مرور موكبه بالقرب من مقرها شرقي المدينة، بينما نفى الزكزكي ومنظمته رواية الجيش للأحداث، مؤكدين أنها "تلفيق لا أساس له من الصحة".
وقد شجبت إيران تعامل الجيش مع المنظمة، ونقلت وکالة أنباء "تسنيم" الإيرانية عن رئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني أن بلاده "سوف تتخذ الإجراءات اللازمة بشأن المجازر التي يتعرض لها شيعة آل الرسول صلى الله عليه وسلم المظلومين في نيجيريا".