نجيب أبو كيلة.. رجل أعمال فلسطيني الأصل أصبح رئيسا للسلفادور
نجيب أبو كيلة سياسي ورجل أعمال سلفادوري من أصول فلسطينية، ولد عام 1981 في مدينة سان سلفادور بجمهورية السلفادور، عمل في سن مبكرة لم تتجاوز الـ19 عاما في مجال ريادة الأعمال، ثم توجه للعمل السياسي عام 2012 ليصبح في غضون 7 سنوات الرئيس السادس للبلاد.
اعتبر فوزه برئاسة السلفادور بمثابة زلزال سياسي، نظرا لأنه مرشح من خارج أكبر حزبين رئيسيين اعتادا تداول السلطة منذ انتهاء الحرب الأهلية في البلاد عام 1992.
المولد والنشأة
ولد نجيب أبو كيلة في 24 يوليو/تموز 1981 في العاصمة سان سلفادور من أب فلسطيني تعود أصوله إلى مدينة بيت لحم، وهو الدكتور ورجل الأعمال المسيحي المؤثر إرماندو أبو كيلة قطان الذي اعتنق الإسلام لاحقا، ثم أصبح إماما لمسجد في السلفادور الذي بناه قرب مصنعه للنسيج.
والدته السلفادورية أولغا أورتاز، وله 3 إخوة هم يوسف وكريم وإبراهيم، تزوج عام 2015 من السلفادورية غابريالا رودريغيز.
توفي والده عام 2017، أي قبل سنتين من توليه رئاسة البلاد، فتوجه أبو كيلة نحو ريادة الأعمال ليسير على خطى والده فنجح في مجاله.
الدراسة والتكوين
درس أبو كيلة القانون في جامعة أميركا الوسطى "جوزي سيميون كاناس" "يو سي إيه" (UCA)، وهي الجامعة المحلية والرئيسية في السلفادور الأكثر اعتدالا باعتبار سيطرة الفكر اليساري على الجامعة الوطنية "يو إي إس" (UES).
لم يحصل على شهادة جامعية لانقطاعه عن الدراسة وتوجهه في سن مبكرة إلى عالم الأعمال، حيث كان يطمع أن يصبح مديرا لشركة خاصة.
المسيرة السياسية
بدأ مشواره السياسي في 11 مارس/آذار 2012 حين نجح في الوصول إلى رئاسة بلدية ضاحية نويفو كوسكاتلان الصغيرة، ورشح من قبل جبهة "فارابوندو مارتي" اليسارية.
استطاع جلب انتباه قادة الجبهة عن طريق شخصيته المميزة وأسلوبه الخارج عن المعهود في مشهد سياسي يتنازعه تجاذب ثنائي بين جبهة "فارابوندو مارتي" من جهة والتحالف الوطني الجمهوري من جهة أخرى، ليصبح المرشح الأنسب للجبهة لخوض غمار انتخابات رئاسة بلدية العاصمة سان سلفادور التي فاز التحالف الوطني برئاستها في انتخابات سابقة.
وفعلا تمكن عام 2015 من الفوز برئاسة بلدية سان سلفادور العاصمة، الأمر الذي جعله يعلن اهتمامه بمنصب رئيس البلاد.
في فبراير/شباط 2018 زار أبو كيلة إسرائيل باعتباره رئيسا لبلدية سان سلفادور، ورافقته زوجته السلفادورية غابرييلا رودريغيز.
والتقى في القدس رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلي نير بركات، وكذلك رئيس بلدية تل أبيب، وشارك في طقوس يهودية عند حائط البراق وجبل "هرتزل" في القدس المحتلة.
هذه الزيارة استنكرتها الجالية الفلسطينية في السلفادور، وعبرت عن غضبها من "تنكر" أبو كيلة لأصوله الفلسطينية ولتاريخ والده الذي كان من أهم الشخصيات المعروفة في البلد المدافع عن القضية الفلسطينية.
في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2017 أدى انتقاده المتكرر لقياديي جبهة "فارابوندو مارتي" إلى طرده بعد اتهامه بالتشجيع على الانقسام الداخلي والتشهير السياسي ضد الحزب، إضافة إلى أن أبو كيلة تعمد التغيب عن الجلسة المقررة من قبل لجنة أخلاقيات الحزب التي رأى أنها متحيزة لصالح المدعين.
طرده من الجبهة جعله يصوب اهتماماته نحو منصب رئيس السلفادور والتحضير لخوض غمار رئاسيات 2019 مقدما نفسه مرشحا مستقلا يرفض النظام السياسي القائم في البلاد، غير أنه واجه عقبة دستورية تمنع الترشح على غير المنتمين لحزب سياسي مرخص له من قبل السلطات، مما جعله يعلن نيته تكوين حزب أطلق عليه اسم "حركة الأفكار الجديدة" (Nuevas Ideas) ليتمكن من الترشح.
إعلان أبو كيلة عن طموحاته الرئاسية جعل حزبي "جبهة فارابوندو مارتي" اليساري و"التحالف الوطني الجمهوري" المحافظ يلتقيان لإحباط مشروعه الرامي إلى تأسيس حزبه السياسي الخاص.
وفي النهاية تمكن أبو كيلة من الانضمام إلى حزب صغير ينتمي إلى يمين الوسط يعرف باسم "التحالف الكبير من أجل الوحدة الوطنية" المعروف اختصارا بالحروف الأولى من كلماته باسم "غانا" (GANA)، أي "الفوز" باللغة الإسبانية.
في الثالث من فبراير/شباط 2019 أعلنت المحكمة الانتخابية في السلفادور فوز نجيب أبو كيلة برئاسة البلاد، وذلك منذ الدور الأول بعد نيله 54% من الأصوات أمام منافسه الأساسي رجل الأعمال الثري كارلوس كاييخا العضو في حزب "التحالف الجمهوري الوطني" الذي حل في المرتبة الثانية بنسبة 32% من الأصوات، فيما حظي هوغو إرنانديز مرشح "جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني" الحاكمة بتأييد 14% فقط من الناخبين.
أسلوب تواصلي مغاير
خلال فترة رئاسته لبلدية سان سلفادور تمكن نجيب أبو كيلة من إعادة ترميم المركز التاريخي للمدينة، وهو الأمر الذي عجز عنه سابقوه، كما كان أول رئيس بلدية يتخلى عن راتبه الشهري ويحوله إلى منح للطلبة المتفوقين من أبناء عائلات السلفادور الفقيرة.
عرف أبو كيلة أيضا بخطاباته الواقعية التي تناول فيها قضايا تمس بصفة مباشرة مواطني السلفادور الباحثين عن الأمان -والذين لا يزال شبح الحرب الأهلية يخيم على أذهانهم- ومكافحة الفساد والحرب على العصابات الإجرامية ومروجي المخدرات.
يتمتع نجيب أبو كيلة بقدرات إقناع قوية جعلته لا يجد صعوبة في محاورة الجماهير والناخبين، معتمدا في ذلك على خطابات ثورية مطالبة بتغيير الواقع السياسي والاجتماعي، وعلى قواعد هندام الشباب من سترة جلدية وقبعات رياضية وحسابات نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي سهل عليه مهمة جذب الفئة العمرية الشابة الطامحة إلى التغيير.
يذكر أنه في سبتمبر/أيلول 2019 وبعد توليه رئاسة السلفادور بدأ أول خطاب له من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة بأخذ صورة سلفي، مما أثار استحسان البعض واستهجان البعض الآخر، خاصة معارضيه.
انتقادات
يتهمه معارضوه بالسطحية في التعاطي مع الملفين الأمني والاقتصادي للبلاد، إضافة إلى جنوحه لبعض السلوكيات التي يقول معارضوه إنها تذكر السلفادور بحقبات الدكتاتورية والحكم الفردي المطلق.
في فبراير/شباط 2020 اقتحمت قوات عسكرية وأمنية مبنى البرلمان السلفادوري وتلا هذا الاقتحام دخول أبو كيلة، وتم تفسير هذه الواقعة بأنها طريقة للضغط على النواب من أجل التصديق على قرض بقيمة 109 ملايين دولار لتجهيز القوات المسلحة في حربها على العصابات الإجرامية.
وفي أبريل/نيسان 2020 أجاز أبو كيلة استخدام الشرطة والجيش القوة المميتة ضد أفراد العصابات لوقف تزايد أعمال العنف التي اندلعت أثناء جائحة كورونا.
كما اصطدم الرئيس منذ توليه السلطة في 2019 مع القضاة الدستوريين والسلطة القضائية والبرلمان الذي كان يهيمن عليه حينذاك حزب "أرينا" اليميني وجبهة "فارابوندو مارتي" للتحرير الوطني (حركة تمرد ماركسية سابقة).
في مايو/أيار 2021 صوت البرلمان على إقالة قضاة في المحكمة العليا مناهضين للرئيس أبو كيلة، في خطوة أدرجتها المعارضة في خانة الانقلاب، فيما اتهمهم القضاة المنصبون لتعويضهم بالضلوع في الفساد وإصدار أحكام تعسفية.
عقب الأزمة السياسية التي تلت إقالة القضاة -والتي كانت لها ارتدادات دولية رافضة لهذا التوجه- أصدرت المحكمة العليا في السلفادور في سبتمبر/أيلول 2021 قرارا يسمح للرئيس أبو كيلة بالترشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية للعام 2024.
وفي سبتمبر/أيلول 2022 أعلن أنه سيسعى إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية مدتها 5 سنوات، الأمر الذي اعتبره محامون انتهاكا لما لا يقل عن 4 مواد من الدستور، بما في ذلك المادة التي تحدد مدة الرئاسة بـ5 سنوات فقط، وتنص تحديدا على أن الرئيس الذي تنتهي مدة رئاسته لن يستمر في مهامه يوما آخر.
الوظائف والمسؤوليات
- مالك شركة "ياماها موتورز" (Yamaha Motor) في السلفادور، وهي الوكيل الحصري لمنتجات "ياماها" في البلاد.
- رئيس ومدير لشركة "أوبرمت".