ورزازات.. هوليود أفريقيا
ورزازات أو "هوليود أفريقيا" و"المدينة الهادئة"، توصف بأنها أكبر أستوديو سينمائي طبيعي عالمي، تقع في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، وتجمع بين جنباتها المتناقضات الجغرافية، والتضاريس المختلفة، والحياة الطبيعية المتنوعة.
تتميز ورزازات بجبالها التي يتجاوز ارتفاع بعضها ألف متر، بالإضافة إلى الكثبان الرملية والصحراء القاحلة والأودية الجافة، وفيها الواحات الجميلة والينابيع الدائمة الصافية. وتنبت فيها أصناف فريدة من الشجر والنبات، مثل النخيل والحنّاء والزعفران.
وقيل في سبب تسميتها إن "ورزازات" لفظة أمازيغية مكوّنة من كلمتين؛ الأولى "وَرْ" وتعني "دون"، والثانية "زازات" وتعني الضجيج، لتدل هذه العبارة "دون ضجيج" على هذه البلدة الهادئة، والتي تربض بوداعة على سفوح جبال الأطلس الكبير من جهة الجنوب.
الموقع
تقع مدينة ورزازات في الجنوب الشرقي للمغرب، وتبعد مسافة 600 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة الرباط، وحوالي 200 كيلومتر جنوب شرق مدينة مراكش، وتعتبر العاصمة الإدارية لإقليم ورزازات، والذي تقع حدوده ضمن جهة درعة تافيلالت.
وقد أكسبها هذا الموقع المهم، وطبيعتها الساحرة الخلّابة، مكانة متقدمة في المجالين السينمائي والسياحي، على الصعيدين المحلي والعالمي، وبات يقصدها السائحون والمهتمون بصناعة السينما من كافة أرجاء العالم.

السكان
بلغ عدد سكان بلدية ورزازات عام 2014 أكثر من 71 ألف نسمة، يعمل معظمهم في مجالات الإنتاج السينمائي والإرشاد السياحي، وتعدّ ورزازات من المناطق النامية سكّانيا، حيث زاد عدد سكانها من 56 ألفا إلى 71 ألفا خلال 10 سنوات.
ولا يقتصر عمل الآلاف منهم على الأدوار الثانوية في الأفلام العالمية (الكومبارس) ولكن كثيرا منهم شاركوا في أدوار رئيسية مهمة في بعض الأفلام، ومنهم أيضا مهندسو الديكور وفنيّو الصوت والإضاءة، ومنتجو الإكسسوارات. وبالمجمل، فلا تخلو وظيفةٌ في عملية الإنتاج السينمائي من وجود أهل ورزازات كطرف رئيسي فيها.
وإلى جانب السينما، ينشط كثير من أهل المدينة في القطاع السياحي، فمنهم المرشدون السياحيون، ومنظمو الرحلات الدولية والداخلية للسياح، ومنهم العاملون في مجال المواصلات والنقل، بالإضافة إلى العاملين في قطاع الخدمات الفندقية والمطاعم والأماكن الترفيهية.
التاريخ
تعتبر ورزازات مدينة حديثة نسبيا إذا ما قورنت بشقيقاتها من الحواضر المغربية الموغلة في أعماق التاريخ، فعمر المدينة بشكلها الحديث لا يتجاوز 100 عام، وقبل 1920 لم تكن ورزازات سوى ثكنة عسكرية للحامية الفرنسية.
وتشير كثرة القلاع والحصون فيها إلى أنها كانت محطة عسكرية مهمة للجيوش التي عبرتها أو استقرت فيها، كما أن سكانها الأصليين كانوا يحتمون في هذه "القصبات" من هجمات الأعداء والمحتلين.
وقد كتبت هذه المدينة تاريخها الذهبي المعاصر، بما أودعه الله فيها من سحر المكان وجمال الطبيعة وتنوّع التضاريس والموارد، ما أهّلها لتكون "هوليود أفريقيا"، وحاضرة السينما المغربية والعالمية.
ولتعزيز مكانتها العالمية، وقعت الجهات الرسمية برتوكول "توأمة" بين ورزازات ومدينة "لوس أنجلوس" الأميركية، التي تضم مقاطعة هوليود، مركز صناعة السينما العالمية.

الاقتصاد
جلبت "هوليود أفريقيا" عشرات ملايين الدولارات لدعم الاقتصاد الوطني المغربي، عبر جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة، وساعدت على ذلك عدة قوانين تشجيعية، تسمح لشركات الإنتاج الأجنبية باستعادة نسبة مما تنفقه خلال التصوير.
وتسعى الحكومة لخفض الضرائب المترتبة على الأعمال السينمائية، بحيث أصبحت نسبة الضريبة المستوفاة أقل بكثير من مثيلاتها في أوروبا وأميركا، لدرجة أن المدينة جذبت أعمالا سينمائية وتلفزيونية من أقصى بقاع العالم، مثل كوريا الجنوبية.
وفي المدينة أيضا مطار دوليّ نشط، يعمل على تأمين وصول طواقم العمل السينمائي ومعداتهم، بالإضافة لنقل السياح الذين يقصدون هذه المنطقة.
معالم
تعرف مدينة ورزازات بكثرة القلاع التاريخية، ومن أبرزها قلعة "آيت بن حدو"، والتي تعد من أفضل الأمثلة الحاضرة للهندسة المعمارية المغربية في القرون الوسطى، فقد تم إدراجها كأحد مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1987. وتتميز هذه القلعة بموقعها المميز وببنائها الضخم، وهندستها الفريدة.
ويطلق على هذه القلاع "قصبات" (جمع قصبة)، وهي مواقع أثرية جذابة، بنيت من الطين، وتحتوي على العديد من الزخارف، والتصاميم الهندسية الخاصة بالحضارة المغربية.
ومن أبرز هذه القلاع أيضا قلعة "أمريديل" الشهيرة، والتي بُنيت في القرن الـ17، حيث تمّ تصوير العديد من الأفلام الشهيرة فيها، إضافة إلى قلعة "تاوريرت"، التي تتميز بنقوشها القديمة على الجدران والأسقف.
وتعدّ الرحلات اليومية في قلب الصحراء، من أكثر الأنشطة الترفيهية التي يحرص السائحون على تجربتها، حيث الكثبان الرملية الرائعة.

أهم الأفلام التي تم تصويرها في ورزازات
شهدت مدينة ورزازات صناعة مئات الأفلام العالمية، بدأت بفيلم "راعي الماعز المغربي" عام 1897، ثم فيلم "موروكو" عام 1930، و"عطيل" 1949، ثم توالت الأعمال السينمائية الأكثر شهرة على رأسها "الرجل الذي يعرف أكثر" عام 1955 لجيمس ستيوارت، و"لورانس العرب" 1962 لعمر الشريف، و"باتون" عام 1970 لجورج سي سكوت.
وهنالك أيضا فيلم "الرجل الذي سيصبح ملكا" 1975 لشون كونري، و"جوهرة النيل" عام 1985 لمايكل دوغلاس، وفيلم "وندون" للمخرج الأميركى مارتن سكورسيزي، وهو ما اقتضى بناء نموذج لقصر حاكم التيبت. كما شهدت المدينة صناعة أفلام عالمية أخرى كفيلم "المومياء"، والذي لعب بطولته الممثل الكندي برندان فريزر عام 1999.
وكذلك فيلم "المصارع"، والذي قام ببطولته الممثل النيوزيلندي راسل كرو عام 2000، وفيلم "عودة المومياء" عام 2001، و"لعبة تجسس" لروبرت ريدفورد وبراد بيت سنة 2001، و"مباشر من بغداد" لمايكل كيتون 2002، و"هيدالغو" لعمر الشريف 2004، و"الإسكندر" لكولن فاريل وأنجلينا جولي 2004، و"مملكة الجنة" لأورلاندو بلوم وإيفا غرين وخالد النبوي 2005، وغيرها من الأعمال السينمائية.
أشهر الأستوديوهات
تُعد أستوديوهات ورزازات من أضخم مجمعات الأستوديوهات في العالم من حيث المساحة، وأحد أهم هذه المجمعات أستوديوهات "أطلس"، والتي بدأت بالظهور عام 1983، وبنيت على مساحة 21 ألف متر مربع، أي ما يعادل 5 أفدنة، وتم توسيع المجمع حتى وصل إلى 126 ألف متر مربع، أي ما يعادل 30 فدانا.
ويضم المجمع معامل للمهن السينمائية بمختلف تخصصاتها، ومواقع للمتفجرات، وإسطبلات لمئات الخيول والجمال، ومكاتب لإدارة الإنتاج، و3 أستوديوهات مختلفة الأحجام للتصوير.
وهناك أيضا أستوديوهات "كان زمان"، والتي تقع على بعد 10 كيلومترات من قلب مدينة ورزازات، وهي الأضخم، حيث تبلغ مساحتها حوالي 252 ألف متر مربع، أي ما يعادل 60 فدانا، وتضم عددا من مكاتب إدارة الإنتاج، ومعامل وقاعات للمونتاج، ومخازن وقاعات لاستراحة الفنانين، إضافة لمعارض ومتاجر ومقاه ومطاعم وملاعب ووحدة فندقية على النمط التقليدي، ومركز للتكوين السينمائي، يشمل 4 أستوديوهات مختلفة الأحجام.
ويوجد في ورزازات أيضا مجمع أستوديوهات "أستر"، والذي تم إنشاؤه عام 1992 قبالة قلعة "سيدي داوود" التاريخية، وقد تم فيه تصوير سلسلة "لو بيبل" التلفزيونية التي أنتجتها شركتا "أستر" الإيطالية، و"تي إن تي" الأميركية.