لجان "المقاومة" في السودان.. من حركة "قرفنا" إلى إسقاط البشير ورفض اتفاق البرهان ـ حمدوك

بعد 30 سنة من الانفراد بالسلطة، صنعت "لجان المقاومة" بالأحياء والمدن كلمة السر التي أسقطت نظام الرئيس عمر البشير، لكن هذه اللجان ما إن طفت على السطح حتى نالت منها سهام "الدولة العميقة".

جانب من المظاهرات التي دعت لها لجان المقاومة في السودان (الجزيرة)

ظهرت ما تسمى "لجان المقاومة" في شوارع السودان كمحرك أساسي وراء خروج المظاهرات، الفترة الأخيرة، مما يجعها رقما صعبا في المعادلة السياسية حاليا.

فبعد 30 سنة من الانفراد بالسلطة، صنعت لجان "المقاومة" في الأحياء والمدن كلمة السر التي أسقطت نظام الرئيس عمر البشير، لكن هذه اللجان ما إن طفت على السطح حتى نالت منها سهام "الدولة العميقة".

"قرفنا"

ـ عام 1989: مع وصول البشير للحكم عبر انقلاب عسكري، ظهرت فكرة "لجان المقاومة" في الأحياء كمقترح حينها من الحزب الشيوعي عام 1990.

ـ ارتبطت هذه اللجان ذلك الوقت بتنظيم سياسي (الحزب الشيوعي) في ظل مرحلة التضييق السياسي حتى اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي أتاح مناخا نسبيا للعمل السياسي وحرية التعبير، استمر حتى التحضير للانتخابات العامة عام 2010.

ـ 14 مايو/أيار 2010: إثر الحديث عن جدية انفصال جنوب البلاد، برزت حركة "قرفنا" التي تكونت من مجموعة صغيرة من الشباب داخل وخارج السودان عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ـ عام 2012: ظهرت لجان العصيان المدني التي ساهمت فيها الحركات الشبابية "قرفنا، الجبهة السودانية للتغيير" قبل انفصال الجنوب، وأسست صفحة على فيسبوك باسم "الملتقى السياسي".

ـ عام 2016: عادت فكرة ما سميت لجان العصيان المدني مرة أخرى على نطاق واسع، على خلفية محاولات السلطة القيام بإجراءات تقشفية مثل تحرير سعر الدولار الجمركي للأدوية.

ـ عام 2017: بدأت الجماهير التعرف على اسم "لجان المقاومة" المرتبط باحتجاجات محدودة مرتبطة بالأحياء السكنية، بالإضافة إلى مخاطبات في الأماكن العامة كالأسواق والتجمعات بالأحياء، وواجهتها السلطة بالاعتقالات والحلاقة للرؤوس.

ضد حكم البشير

ـ ديسمبر/كانون الأول 2018: أدارت الآلاف من لجان الأحياء بالعاصمة الخرطوم وبقية الولايات الحركة الاحتجاجية من تحت الأرض، وحتى إسقاط البشير في أبريل/نيسان 2019.

ـ بعد سقوط النظام، واصلت "لجان المقاومة" نشاطها للضغط على المجلس العسكري الانتقالي الوارث لنظام البشير حينها، ومحاصرته بالمواكب والمظاهرات والاعتصامات.

ـ 3 يونيو/حزيران 2019: بعد فضّ العسكر اعتصام محيط القيادة العامة للجيش، في عملية لقي فيها ما لا يقل عن 100 شخص مصارعهم وأصيب المئات طبقاً لتقارير منظمات حقوقية، تضاعفت فعالية اللجان.

ـ 9 يونيو/حزيران 2019: سقط الشاب وليد عبد الرحمن سعدابي الناشط البارز في "لجنة مقاومة" حي المزاد بالخرطوم بحري برصاص قناصة، عندما كان يوجه شباب المتاريس أول أيام العصيان المدني.

ـ 30 يونيو/حزيران 2019: نجحت اللجان في تنظيم مليونية قلبت الموازين لصالح مدنية الدولة، في مقابل عسكرتها التي خطط لها المجلس العسكري.

ـ أرغمت المليونية، وما تلاها من حراك ثوري، العسكر على الخضوع للرغبات الشعبية والدخول في شراكة مع المدنيين، لا تتجاوز صلاحيات العسكر فيها حفظ الأمن وبعض المهام التشريفية والسيادية عبر عضويتهم بمجلس السيادة الانتقالي.

ـ سبتمبر/أيلول 2019: بعد تشكيل الحكومة الانتقالية ظهر بعض قادة هذه اللجان للعلن بعد أن كانوا مطلوبين أمنيا، بل إن بعضا منهم لقي حتفه مع وجود شبهات بتصفيتهم عمدا.

ـ نشطت "لجان التغيير والخدمات" التي شكلتها لجان المقاومة، في ممارسة أنشطتها بالأحياء، لكنها واجهت على الفور حملة مضادة من "لجان الكرامة" التي نشطت على الفضاء الإلكتروني فقط.

ـ شعرت "لجان المقاومة" بالتهميش وتم إبعادها من مؤسسات الفترة الانتقالية، غير أنها لم تستكن في القيام بمراقبة الشراكة والمطالبة المستمرة بوقف تغوّل العسكر على الصلاحيات التنفيذية.

ـ شدّدت اللجان في أكثر من مناسبة على أهمية إكمال هياكل السلطة الانتقالية، مثل المجلس التشريعي الانتقالي (البرلمان) وضمان تمثيلها فيه بنسبة كبيرة.

ـ ضغطت اللجان بقوة بغرض تحقيق العدالة الانتقالية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، بما يشمل القصاص لضحايا الثورة السودانية.

ـ تمسكت مرارا وتكرارا في بياناتها وجلّ أعمالها بإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية وبناء جيش وطني واحد بعقيدة واحدة، لا مكان فيها لمليشيات موازية.

ـ تصدى مسؤولون بالمحليات، مستعينين بفتح البلاغات لـ "لجان المقاومة" في بعض الأحياء والتي بدأت في إبدال أسماء مدارس ومستشفيات ومتابعة عملها، كما حدث في مستشفى الشهيد علي عبد الفتاح بضاحية الدروشاب شمالي الخرطوم.

ـ اضطر وزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي لإصدار توجيهات لتنظيم أعمال لجان التغيير والخدمات التي ستسميها قوى "الحرية والتغيير" -التي قادت الحراك الثوري- لإدارة الخدمات في الأحياء والقرى والأسواق.

ـ اشتكى مواطنون من عمليات منسوبة لـ "لجان المقاومة" تمثلت في دهم مقار محليات ومدارس وجامعات ومستشفيات، وجمع رسوم بلا إيصالات.

ـ خرجت استغاثات، من مواطنين بوحدة الربع الإدارية بولاية الجزيرة، تفيد بأن لجان المقاومة فرضت 50 جنيها على كل كيس دقيق.

ـ الخرطوم تضم 1781 "لجنة للمقاومة" تنتشر في كافة أحياء الولاية.

ـ كان حي بري، القريب من وسط الخرطوم، معقلا ملهما لمواكب التنحي التي تحولت في 6 أبريل/نيسان 2019 إلى اعتصام أمام قيادة الجيش.

ـ عام 2020: بعد الانقسام الذي وقع داخل تجمع المهنيين، دينامو الحراك الثوري، وجدت "لجان المقاومة" نفسها متصدرة للحراك الثوري مرة أخرى.

ـ 29 فبراير/شباط 2021: لقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع بعض مكونات "لجان المقاومة" بالخرطوم، ودفع البعض بفكرة تكوين "حزب المقاومة" للمشاركة في السلطة التنفيذية لدعم جهود التسوية السياسية للمكون العسكري.

ـ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021: شهد السودان، احتجاجات وقادت "لجان المقاومة" الحراك الثوري في الشارع رفضا لإجراءات اتخذها البرهان في اليوم ذاته، وتضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل حمدوك، عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها "انقلاب عسكري".

ـ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021: أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة، رفضها الاتفاق السياسي الأخير بين القادة العسكريين ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك.

3 ديسمبر/كانون الأول 2021: رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة، فولكر بيرتس يدعو ممثلي لجان المقاومة إلى عقد اجتماع مشترك لمعرفة آرائهم حول آخر التطورات في البلاد.

ـ اللجان أعلنت قبولها الدعوة لكنها طلبت بث اللقاء مباشرة على منصات اللجان الإعلامية، وهو ما رفضته البعثة الأممية.

ـ 5 ديسمبر/كانون الأول 2021: أعلنت لجان المقاومة أن اجتماعها مع رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة، فولكر بيرتس لم ينعقد، وسلمته مذكرة بموقفها الرافض للاتفاق السياسي الأخير بين البرهان وحمدوك.

الهيكل التنظيمي

ـ هناك لجان قديمة مشكلة منذ احتجاجات سبتمبر/أيلول 2013 وقبلها، مثل لجنة بري المكونة منذ 2008، ولجان حديثة تشكلت بعد الاحتجاجات الأخيرة.

ـ يقوم الهيكل التنظيمي لـ "لجان المقاومة" على لجنة الحي الواحد التي تنسّق عبر الاتصالات الشخصية مع اللجان بالأحياء المجاورة.

ـ نشأت بصورة تلقائية لجان المناطق، مثل "لجان مقاومة" الخرطوم شرق، لجان الكلالات وأبو آدم، جبرة، جنوب الحزام، وكلها بمدينة الخرطوم، لجان بحري وشرق النيل والكدرو بمدينة بحري، لجان كرري وامبدات وأم درمان القديمة في أم درمان، وتعمّم الترتيب والتنسيق نفسه في بقية المدن الكبرى.

ـ تعتمد تكتيكات "لجان المقاومة" على قدر كبير من السرية وتوزيع المهام للمواكب والمظاهرات، ويُطلب من مجموعة من الشبان تأمين المواكب بوضع متاريس تصعّب مهمة الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى الوصول إليها، وتكون مهمة مجموعة أخرى تجهيز الأعلام واللافتات الورقية والقماشية.

ـ تقوم مجموعة ثالثة بتوجيه الموكب للمسار المعني، وحتى المرأة التي عليها إطلاق زغرودة انطلاق الموكب أو المظاهرة يتم تعيينها سلفاً.

ـ تعتمد اللجان في كل تجهيزاتها على التبرعات الشخصية من الأعضاء وسكان الحي المعني.

ـ بمرور الوقت، ظهرت انقسامات داخل بعض اللجان في الأحياء، وصل بعضها إلى المحاكم، كما حدث داخل لجنة حي المعمورة شرقي الخرطوم.

ـ وفق متابعين فإن هناك محاولات لاختراق اللجان يقوم بها عدد من الجهات، سواء المكون العسكري وأتباعه من المدنيين أو من فلول النظام السابق، أو من أحزاب سياسية أخرى راغبة في استغلال "لجان المقاومة" لتمرير أجندة سياسية.

ـ معظم الخلافات داخل اللجان تكون بين منتسبين للحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني، وإلى حد ما التجمع الاتحادي.

ـ هناك فرق بين لجان الأحياء، التي تمارس أنشطة خدمية بدلا عن اللجان الشعبية التابعة للنظام السابق، وبين لجان المقاومة التي تعد جهات رقابية في الأحياء والقرى والأسواق وذات اتصال تنظيمي بقيادة الائتلاف الحاكم.

ـ ترفع "لجان المقاومة" شعار اللاءات الثلاثة "لا شراكة، لا تفاوض، لا مساومة (مع الجيش)" ويعني أن الشعب فقد الثقة تماما في عملية التفاوض بين المكونين المدني والعسكري والشراكة بينهما والقبول بشرعنة الحكم العسكري القائم.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية