هابل.. منظار فضائي التقط صورا رائعة للكون
منظار فضائي يدور حول الأرض، قدم مجموعة رائعة من الصور التي تابعها الملايين حول العالم من المهتمين بعلوم الفضاء والعالم الخارجي المحيط بكوكب الأرض، وقد احتفلت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بمرور ربع قرن على إطلاقه يوم 24 أبريل/نيسان 2015.
الاسم
استوحى اسم منظار هابل من اسم عالم الفلك الأميركي إدوين باول هابل (1889-1953) الذي كان أول من لاحظ توسع الفضاء، وأنه يتمدد مع الوقت بقيمة ثابتة فيما يعرف بـ"قانون هابل"، وساهم في فهم الكثير في مجال علم الفلك ووضع الأساس لنظرية الانفجار العظيم للكون.
الانطلاق
بعد جهد استمر خمسين عاما، أطلق منظار هابل يوم 24 أبريل/نيسان 1990 من مكوك الفضاء "ديسكفري"، لمعرفة دورة حياة النجوم، وهو مشروع مشترك بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية.
يبلغ طول المنظار 11 مترا ووزنه 11 طنا، ويوجد على بعد 547 كيلومترا فوق الأرض، ويمكن أن تميز عينه الحادة كل نجم على انفراد في المجموعة التي تحتوي على نحو ثلاثة آلاف نجم وليد.
ويستمر منظار الفضاء في إمداد العالم بصور من الفضاء لسنوات أخرى، لكن يتوقع أنه سيدخل مجال الغلاف الجوي ويتفحم ويتفتت، وتأمل ناسا في إبقائه يعمل لغاية عام 2020 حتى يتداخل لفترة قصيرة مع خلفه "جيمس ويب" الفضائي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وتعرض هابل إلى مشكلة كبيرة في البداية، بسبب عيوب ظهرت في المرآة الرئيسية ، فكانت الصور الأولى التي أرسلها المنظار سيئة جدا، ولكن بعد ثلاث سنوات أرسلت وكالة ناسا في ديسمبر/كانون الأول 1993 بعثة لإصلاح العيب، ليتم تثبيت عدسات تصحيحية خلال مهمة سير في الفضاء كانت الأولى من بين خمس مهام صيانة قام بها رواد فضاء، وتمكن هابل بعد ذلك من إرسال الصور الجديدة الرائعة إلى الأرض.
المهام
أتم منظار هابل أكثر من مليون عملية رصد لبعض أقدم وأبعد المجرات، كما أنه ساعد على فهم تكوين النجوم والكواكب وتحديد عمر الكون بفضل أدوات الرصد الأربع الرئيسية فيه وعدساته ومراياه البالغة الدقة.
وكانت ناسا أصدرت صورة لأبعد مجرة تم رصدها باستخدام منظار هابل، وقال علماء الفلك إن المجرة المسماة (جي إن-زد11) تكونت قبل أربعمئة مليون سنة وتقع على بعد 13.4 مليار سنة ضوئية من كوكب الأرض.
والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة بسرعة ثلاثمئة ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.
الصور
تتميز المرآة الرئيسية للمنظار التي يبلغ طولها 2.4 متر بأنها مصقولة بشكل كبير جدا، وذات سطح عاكس بالغ الدقة، وعلى درجة من الدقة بحيث لو جرى تكبيرها لتصبح بقطر كوكب الأرض فإن طول أكبر عثرة فيها لن يتجاوز الست بوصات.
وقد التقط منظار هابل ثلاثين ألف صورة وصفت بالرائعة، من بينها المجموعة النجمية كارينا التي تشكل أرضا خصبة لولادة النجوم الجديدة، وهي تبعد عن الأرض عشرين ألف سنة ضوئية، كما التقط صورة لبارنارد 33، أو سديم رأس الحصان الذي يوجد في كوكبة أوريون (الصياد)، وتظهر المنطقة فيها بالأشعة تحت الحمراء، التي تملك موجات أطول من موجات الضوء المرئي ويمكن لها أن تخترق المواد المتربة التي تحجب عادة المناطق الداخلية للسديم.
والتقط المنظار أيضا صورة لمنطقة "كارينا نيبولا" وهي واحدة من أجمل التكوينات النجمية في المجرة، حيث تشكل الرياح والإشعاعات فوق البنفسجية المركزة من النجوم الكبيرة المواد التي تعتبر آخر بقايا السحابة العملاقة التي تولد منها النجوم، ومن مثل تلك الصور يمكن التعرف على الغازات وتكويناتها في الفضاء، فاللون الأحمر يمثل الكبريت، والأخضر الهيدروجين، والأزرق الأوكسجين.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2009 التقط النقاط الزرق، وهي نجوم جديدة نسبيا، إذ لا يتجاوز عمرها بضعة ملايين من السنين، وهي تدعى "آر136″، وتقبع في منطقة "30 دورادوس نيبولا" المولدة للنجوم في مجرتنا.
وهناك صورة رائعة التقطها المنظار هابل سميت بـ"الفراشة نيبولا"، وهي تقع في مجرة درب التبانة، وتشكلت من تدفق الغازات التي سخنت لدرجة حرارة عشرين ألف مئوية وتنبعث بسرعة 950 ألف كيلومتر في الساعة من النجم الآفل "أن جي سي 6302".
أما الصورة الساحرة التي التقطها هابل المعروفة باسم "أعمدة الكون" فهي عبارة عن أعمدة من الغاز والغبار الكوني كونتها أشعة مركزة من نجوم شابة وتآكلت بفعل رياح قوية من نجوم عملاقة قريبة.