خدعة الضريبة الوردية.. كم تدفعين مقابل كونك أنثى؟
زهراء مجدي
ظهر بانادول "بيريود" الوردي، والمخصص لتسكين آلام الدورة الشهرية، وانتشر على نطاق واسع، دون معرفة الفرق بينه وبين بانادول إكسترا الذي استخدمته النساء لسنوات للغرض نفسه، غير أن سعر الأول أعلى بفارق كبير.
لم يستغرق الأمر وقتا طويلا ليأتي الرد من الأطباء والصيادلة بأنه -ولسوء الحظ- فإن هذا المنتج ليس سوى خدعة ذكية جدا للتسويق ومثال على "الضريبة الوردية".
خدع تسويقية ذكية
يتم تعريف "الضريبة الوردية" في مجال السوق على أنها المبلغ الإضافي الذي تدفعه النساء مقابل خدمات وسلع معينة، وذلك لأنها غالبا ما تأتي في عبوات وردية، بتصميم أنثوي.
ويمكنك ملاحظة ذلك في مسكنات الآلام التي تأتي عادة في اللون الأحمر، ليقابلها اللون الوردي للإناث رغم ثبات المادة الفعالة في النوعين. فمسكنات الصداع وآلام المفاصل وآلام الدورة الشهرية تحتوي على خمسمئة ملليغرام من الباراسيتامول، و65 ملليغراما من الكافيين، ومئتي ملليغرام من الإيبوبروفين، ما يعني أن المنتجين متطابقان، ولكن السعر المضاف على بانادول "بيريود" جاء من أجل العلبة الوردية وحدها.
وشفرات الحلاقة أيضا هي من أكثر المنتجات التي يتم تسويقها للإناث لجنسهن، والتي انتشرت بالسنوات الأخيرة، ويتم وضعها في مكان بارز للفت أنظار الإناث، ومن العلامة التجارية نفسها المنتجة للرجال، ولكن بسعر مضاعف عنها، رغم أن رؤوس الشفرات متطابقة تقريبا، ومع شريط البلسم المرطب المثبت على الرؤوس سوى فرق واحد، وهو أن مثبت الشفرة عند الرجال مصنوع من المعدن، أما عند النسخة النسائية فمصنوع من البلاستيك المطاطي.
ومن بين منتجات العناية الشخصية أيضا يمكنك اكتشاف فرق السعر في أسعار الأمشاط، والمرطبات، ومزيل العرق، وحتى الضمادات التي نستخدمها لتسكين آلام المفاصل.
وببحث بسيط على أمازون بين منتجات شركة بربيري للعطور والإكسسوارات، تختلف أسعار ساعات اليد للرجال عن النساء بفارق يصل إلى مئة دولار، ويصل إلى عشرين دولارا في العطور المختلفة مع ثبات نسبة التركيز والإصدار.
كم تدفعين مقابل كونك أنثى؟
في دراسة أجرتها إدارة شؤون المستهلكين في مدينة نيويورك (DCA)، المسؤولة عن الحفاظ على أسعار عادلة، تم فحص إجراءات التسعير لعدة منتجات مصنوعة للجنسين، بدءا من منتجات الأطفال وحتى منتجات الكبار، مما يوفر لمحة عن تجارب المستهلكين من جميع الأعمار.
وشملت الدراسة اللعب والإكسسوارات، وملابس الأطفال، وملابس البالغين، فضلا عن منتجات العناية الشخصية ومنتجات الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن.
وقارنت الدراسة ما يقرب من ثمانمئة منتج بإصدارات مختلفة للذكور والإناث، من أكثر من تسعين علامة تجارية، تباع في أكثر من عشرين متجر تجزئة بمدينة نيويورك، سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر.
وتوصلت الدراسة -بعد مقارنتها منتجات في خمس صناعات كبرى- إلى أن الإناث يدفعن أكثر من الذكور بنسبة 7% في ألعاب الأطفال وإكسسواراتهم، و4% في ملابس الأطفال، و8% أكثر في ملابس الكبار، إضافة إلى 13% أكثر في منتجات العناية الشخصية للكبار، و8% أكثر لمنتجات الرعاية الصحية المنزلية لكبار السن.
وكانت الأزمة في وصول فكرة الضريبة الوردية لمنتجات الأطفال، للتفرقة بين منتجات الذكور والإناث بداية من سن شهر واحد، ليجد الآباء فرقا في أسعار الملابس ومنتجات العناية الشخصية والحفاضات، وهي الفجوة التي بدأت صغيرة بين بعض الشركات وفي طريقها للاتساع.
ويحدث ذلك على الرغم من حظر القانون الأميركي، وغيره التمييز على أساس الجنس في قطاعات مختلفة، بينما الشركات المنتجة في هذه الدول، التي تصدر منتجاتها عالميا لم تواجه قانونا يحظر عليها فرض أسعار مختلفة على المستهلكين، للسلع ذاتها، أو ما شابهها، لمجرد أنها تستهدف جنسين مختلفين.
كيف تتخلصين من الضريبة الوردية؟
تأتي ضرورة القيام بذلك للتوقف عن إنفاق مزيد من المال دون الحصول على قيمة حقيقية، لكن ربما يكون الآباء والأمهات أكثر دراية بكل ما يخص أطفالهم، ففي دراسة مركز (DCA) بدأت عادات استهلاك الآباء والأمهات تتغير مع إدراكهم هذا الفارق بالأسعار.
وقال ثلث أولياء الأمور -في الدراسة- إنهم باتوا يتجنبون شراء كثير من الملابس المصنفة على أساس الجنس، وأصبحوا يشترون ما يحتاجونه فقط، ويتنازلون عن بقية المنتجات.
وأكد 22% من أولياء الأمور أنهم قاموا بتصوير منتجات وأسعار، وفضح شركات -وجدوا بها فجوة سعرية قائمة على النوع- بمواقع وسائل التواصل الاجتماعي.
ويمكنكِ تحقيق ذلك باكتشاف مثيلات وبدائل لمنتجاتكِ الوردية واتخاذ قرار منطقي بالتوقف عن شراء المنتجات الأغلى.
وفي بعض الحالات بالطبع، سيكون من الأفضل دفع مزيد لمنتج بعينه، مثل مرطبات الجلد، لأن بشرة النساء تختلف عن بشرة الرجال، حيث تكون مرطبات ما قبل الحلاقة مناسبة لجلد أرق، ولكن هنا سيكون ذلك قراركِ وليس قرار المنتجين.