احتراف التونسيات للرياضة.. مكاسب ومصاعب
مجدي بن حبيب-تونس
ورجاء واحدة من بين مئات التونسيات اللاتي اخترن دخول غمار احتراف الرياضة متحديات العقبات الكثيرة التي تهدد نجاح التجربة وتحول دون التوفيق بين الواجبات العائلية والمواظبة على التمارين والمباريات الرياضية.
وتطورت تجربة الاحتراف في أوساط الرياضة النسائية بتونس في السنوات الأخيرة مع بروز جيل جديد من الفتيات اللاتي تجاوزن الصعوبات وقررن احتراف نشاط رياضي مثل كرة اليد والتنس والملاكمة، غير أن التجربة ما تزال تصطدم بالعديد من العراقيل نتيجة انعدام الحوافز المادية وغياب العناية بالرياضة النسائية.
الخيار الصعب
تروي رجاء التومي قصة احترافها قائلة "لم يكن خيارا سهلا بالنظر إلى المعارضة التي وجدتها من العائلة للمواظبة على الدراسة وقطع علاقتي بالرياضة، ولكني سعيت للتوفيق بينهما قبل أن أختار التفرغ لكرة اليد في 2005".
وقالت اللاعبة -التي تحترف حاليا بالنادي الأفريقي- إن عائلتها قبلت على مضض تفرغها للنشاط الرياضي سنة 2005 عندما وقّعت عقد احتراف بالدوري النرويجي.
وتعترف التومي بمحدودية نجاح التجربة بتونس بسبب اصطدام رغبة اللاعبات برفض العائلة والصعوبات الاقتصادية التي تحاصر معظم الأندية وتمنعها من توفير عقود تضمن تأمين مستقبل الناشطات بها مما أدى لاعتماد نظام الهواية بأغلب النوادي.
وشاركت التومي في 280 مباراة لمنتخب تونس للسيدات وتوجت بلقب بطولة أفريقيا للأمم 2014 كما شاركت في بطولة أفريقيا في سبع مناسبات وفي بطولة العالم في خمس دورات.
بدورها شددت الملاكمة التونسية وداد اليونسي على أن نظرة المجتمع للمرأة المحترفة للرياضة وخصوصا للعبة الملاكمة حدت من نجاح التجربة ودفعت أغلب الرياضيات إلى الاكتفاء بالممارسة في إطار الهواية.
وواجهت وداد -التي دخلت غمار الملاكمة في 1997 ثم اختارت الاحتراف- صدا كبيرا من عائلتها ومحيطها بدعوى أن الملاكمة لا تناسب الجنس اللطيف، بحسب قولها.
وقالت حاملة لقب بطولة العالم للملاكمة الفرنسية في ديسمبر/كانون الأول 2015 "بعد تجارب هاوية بعدة أندية أبرزها الترجي التونسي قررت التفرغ كليا للملاكمة وانطلقت مسيرتي الاحترافية سنة 2007 حيث فزت ببطولة العالم في ثلاث مناسبات آخرها العام الماضي ومثل ذلك التتويج حافزا كبيرا لمواصلة المسيرة رغم العراقيل".
تجربة محدودة
في مقابل بعض التجارب الناجحة، اختار البعض ممارسة الرياضة كهواية بسبب الصعوبات المادية وغياب عقود احتراف واضحة تضمن الاستقرار المادي للاعبة، حسبما أكدته للجزيرة نت لاعبة الجمعية النسائية بمدينة جمّال (وسط) خلود مفتاح.
وقالت مفتاح للجزيرة نت "الكثير من اللاعبات يفضلن نظام الهواية لعدم وجود عقود تضمن امتيازات مالية كبيرة رغم أن تطور الرياضة يبقى رهين اعتماد تجربة الاحتراف وفق قوانين تضمن حقوق اللاعبة".
وترى المكلفة بالرياضة النسائية بوزارة المرأة نهلة بوذينة أن أمام تونس سنوات من العمل لترسيخ تجربة احتراف الرياضة لدى الجنس اللطيف.
وقالت بوذينة للجزيرة نت "الأندية المتخصصة في الرياضات النسائية ترزح تحت وطأة الصعوبات الاقتصادية، وهو ما يقلل من فرص نجاح تجربة الاحتراف التي ظلت حكرا على بعض لاعبات كرة اليد مثل منى الشباح ورفيقة ورزوق ورجاء التومي وأسماء الغاوي وبعض لاعبات الاختصاصات الفردية مثل حبيبة الغريبي (ألعاب القوى) وسارة بسباس (المبارزة) وغيرهن".
وتستأثر كرة اليد بأكبر عدد من المحترفات، غير أن وزارة الرياضة لا تملك معطيات دقيقة عن عدد محترفات الرياضة بتونس.
وحسب الأرقام الرسمية، يبلغ عدد النساء اللاتي يمارسن الرياضة في تونس حاليا ما يقارب 32 ألفا موزعات على 91 جمعية، علما أن كرة اليد تستقطب النصيب الأوفر بثلاثة آلاف مقابل 2300 في كرة السلة و2250 في الجودو.