رغم جهود القاهرة المعلنة.. تقرير أوروبي يكشف تزايد المهاجرين المصريين عبر المتوسط

تقرير أوروبي يتحدث عن تزايد أعداد المهاجرين المصريين عبر المتوسط بطرق غير نظامية (رويترز)

القاهرة – في الوقت الذي تعلن فيه السلطات المصرية نجاحها في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية تصدر المصريون قائمة الجنسيات الأكثر وصولا بشكل غير نظامي إلى سواحل أوروبا الجنوبية وتحديدا إيطاليا، وفقا لورقة داخلية (وثيقة) لمفوضية الاتحاد الأوروبي.

وكشفت صحيفة "إيوأوبزيرفر" (EUobserver) أن أكثر من 3500 مصري عبروا البحر الأبيض المتوسط في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.

ويمثل هذا الرقم الكبير نسبيا 4 أضعاف المصريين الذين هاجروا خلال نفس المدة من عام 2021، وانتهى بهم المطاف تقريبا على شواطئ إيطاليا، بحسب الوثيقة.

وفي أكثر من مناسبة أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمسؤولين الأوروبيين عدم السماح بخروج أي مركب يقل مهاجرين غير نظاميين من مصر إلى أوروبا عبر المتوسط منذ عام 2016.

وأثناء مشاركته في قمة تجمع "فيشغراد" بالعاصمة المجرية بودابست في أكتوبر/تشرين الأول الماضي جدد السيسي حديثه عن جهود مصر في منع الهجرة غير النظامية، وقال خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان "في مصر لم يخرج مركب واحد للهجرة غير النظامية".

وأضاف أن عدد المهاجرين الذين وصلوا مصر من الدول الأفريقية والدول التي تعاني من اضطرابات بلغ 6 ملايين، لافتا إلى أن مصر أبت -من منظور حقوق الإنسان- أن تسمح بالمزايدة على وجودهم، وهم ضيوف ولا يطلق عليهم لاجئين ويحصلون على نفس معاملة المواطنين في ما يتعلق بالتعليم والصحة.

مساعدات ومحاولات

وفي هذا السياق، من المقرر أن يتلقى خفر السواحل المصري 80 مليون يورو من المفوضية الأوروبية -بحسب الصحيفة- لدعم جهود القاهرة في محاربة الهجرة غير النظامية.

وطالبت الوثيقة الأوروبية الصادرة يوم 15 يونيو/حزيران الجاري بتعاون عاجل بين مصر وليبيا وغيرهما "في ضوء الزيادة الهائلة في عدد المهاجرين غير النظاميين من المواطنين المصريين إلى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة إيطاليا".

ويتزامن الكشف عن هذه الوثيقة مع زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للقاهرة ولقائها بالسيسي، وإعلانها توفير إغاثة فورية بأكثر من 100 مليون دولار لمصر لتأمين الأمن الغذائي"، وفق ما نقلته الصحافة المحلية خلال مؤتمر صحفي مع السيسي.

يأتي ذلك فيما يساور الأوروبيين قلق من عدم قدرة أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان على تأمين احتياجاته من الحبوب بعد نقص المعروض وارتفاع الأسعار، ومصر أكبر بلد في العالم مستورد للقمح لتأمين الخبز لنحو 71 مليون مواطن، من بينهم أكثر من 30 مليون فقير، بحسب إحصاءات رسمية.

وتولي مصر أهمية كبيرة لقضية مكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين عبر سواحلها، وتؤكد أنها تلعب دور حائط منيع ضد كل محاولات عبور البحر المتوسط إلى جنوب أوروبا.

وفي هذا الصدد، أصدرت عدة تشريعات رادعة كان آخرها توقيع السيسي في أبريل/نيسان الماضي على قانون رقم 22 لسنة 2022، لتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين.

وتتضمن التعديلات تشديد العقوبة على كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك.

ورقة الهجرة غير النظامية

ورغم ذلك يستخدم المسؤولون المصريون الهجرة غير النظامية كورقة ضغط على الغرب من خلال إثارة مخاوفهم من إمكانية حدوث هجرات جماعية في حال عدم تقديم المساعدة العاجلة في بعض القضايا التي تمس أمن مصر القومي أو الغذائي أو المائي كما في قضية سد النهضة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي جددت القاهرة تحذيرها من الهجرة غير النظامية إلى أوروبا جراء نقص المياه الناتج عن ملء سد النهضة الإثيوبي وتشغيله، من دون التوصل إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف.

وحذر وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي من أن نقص المياه لن يقتصر أثره على مصر، بل سيمتد ليشمل الدول الأوروبية عبر موجات من الهجرة غير النظامية، حيث تعتمد مصر على نهر النيل لتأمين 97% من احتياجاتها للمياه، ولا يتعدى نصيب الفرد من المياه 560 مترا مكعبا سنويا.

وفي 12 يونيو/جزيران الجاري حذر الكاتب المقرب من السلطات المصرية عماد الدين أديب من موجة هجرة باتجاه أوروبا في حال استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في مصر نتيجة التداعيات السلبية للحرب الروسية في أوكرانيا.

وفي مقال بعنوان "مصر.. من يعوض الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية؟" عدّد أديب مخاطر استمرار هذا الوضع بقوله "سيبدأ سيناريو كابوس الهجرة بالملايين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، وعبر البحر الأحمر إلى دول الخليج".

وسيلة النجاة

وفي هذا السياق، استبعد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي قدرة مصر على منع الهجرة غير النظامية "لأنها إحدى وسائل النجاة من البطالة والفقر وانعدام فرص العمل وتدني مستوى المعيشة"، وفق تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت أكد بيومي أن الهجرة غير النظامية أصبحت شرا لا بد منه لكثير من الشباب لتحقيق حلم بسيط، وهو الانتقال للقارة العجوز بحثا عن فرص عمل، مضيفا "ويتحمل النظام المصري المسؤولية كاملة لعدم سعيه خلال العقود الأربعة الماضية لحل المشاكل التي عانى منها ملايين المواطنين الشباب"، بحسب وصفه.

واعتبر بيومي أن ملف الهجرة هو أكثر ما يؤرق دول الاتحاد الأوروبي، ويدرك المصريون مدى تخوفهم (الأوروبيين) من السماح بزيادة عدد الراغبين في الهجرة، لذلك يمارسون ضغوطا مستمرة عليهم لجني مكاسب مادية ومعنوية، من بينها التغاضي عن توجيه انتقادات لملف حقوق الإنسان في مصر.

هجرة أقل وضحايا كثر

رغم استمرار الهجرة غير النظامية عالميا لكنها شهدت انخفاضا في عدد حالات عبور المهاجرين واللاجئين عبر البحر المتوسط نحو جنوب أوروبا بحسب إحصاء جديد للأمم المتحدة، إلا أن عدد الضحايا شهد ارتفاعا حادا.

ووفق تقرير إحصائي جديد بعنوان "لا نهاية في الأفق" أصدرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين قبل أيام، فإن الأعداد بلغت ذروتها في عام 2015 عندما عبر أكثر من مليون مهاجر البحر المتوسط إلى أوروبا.

وأوضحت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين شابيا مانتو في مؤتمر صحفي بجنيف أن هذا العدد تراجع في عام 2021، وتم الإبلاغ عن 123 ألفا و300 حالة عبور فردية، لكن في المقابل شهد عدد الضحايا ارتفاعا حادا، وتم تسجيل حوالي 3231 حالة وفاة أو فقدان في البحر المتوسط وشمال غرب المحيط الأطلسي.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان