ماذا لو قطعت أميركا مساعداتها العسكرية عن العراق؟

Military vehicles of U.S. soldiers are seen at Ain al-Asad air base in Anbar province, Iraq January 13, 2020. REUTERS/John Davison
مركبات عسكرية أميركية في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غربي العراق (رويترز)

أزهر الربيعي-الجزيرة نت

 في الخامس من الشهري الجاري، صوّت مجلس النواب العراقي على قرار يقضي بإخراج القوات الأميركية من البلاد، خطوة دفعت الولايات المتحدة للمضي في دراسة احتمال قطع المساعدات العسكرية للعراق، والبالغ قيمتها 250 مليون دولار إذا أصرت بغداد على قرارها.

وإن حدث ذلك، سينعكس سلبا على العلاقات العراقية الأميركية، كما سيفرض على العراق عزلة لا يقوى على تجاوزها أو تحدي آثارها مع معطياته الاقتصادية المتدهورة، كما يقول مراقبون.

وتقوم الولايات المتحدة أيضا بصياغة عقوبات محتملة ضد العراق في حال خروج قواتها من البلاد، منها منع وصول الدولار الأميركي إلى السوق العراقي، ومن حق الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانونيا فعل ذلك، مما سيجعل العراق في خطر الانهيار الاقتصادي.

‪هشام الهاشمي أكد أن المساعدات الأميركية مهمة في تعديل النظام المالي للعراق‬ (الجزيرة)
‪هشام الهاشمي أكد أن المساعدات الأميركية مهمة في تعديل النظام المالي للعراق‬ (الجزيرة)

مصالح عراقية
الباحث في الشؤون الأمنية هشام الهاشمي يقول إن "هناك مصالح عراقية في تواجد النفوذ الأميركي والمتمثل في المعونات العسكرية والأمنية والاقتصادية الكبيرة التي يتلقاها العراق من أميركا وحلفائها، فقد حصل العراق على 5.28 مليارات دولار، 89% منها للمجال العسكري. إضافة إلى ذلك، تعد الولايات المتحدة المصدر الأساسي لتسليح الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات الشرطة الاتحادية وتقنيات المراقبة والتجسس لدوائر المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني".

ويضيف الهاشمي أن "المساعدات الأميركية تلعب دورا مهما في تعديل النظام المالي للعراق، من خلال الإسهام في تحفيز البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الحليفة للمشاركة في برامج الإعمار والاستقرار، وكذلك حث الشركات الكبرى على الاستثمار داخل العراق، وقطع المساعدات الأميركية على العراق يحول دون ذلك".

وإذا طبّق ترامب قراره بقطع المساعدات العسكرية الأميركية عن العراق، فإن ذلك سيخلق تداعيات على بنية المنظومة العسكرية، ويؤثر سلبا على إكمال تلك البنية وإعادة تأهيلها، بعد أن أنهكتها المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية. وفي ظل عجز الموازنة والفساد المالي والإداري الذي يخيم على تكوين الدولة وأطرها وواجهاتها، لا سيما أن حسابات العراق محمية في البنك الفدرالي الأميركي.

‪العابد رأى أن القوات الأميركية لن تخرج من العراق‬ (الجزيرة)
‪العابد رأى أن القوات الأميركية لن تخرج من العراق‬ (الجزيرة)

تعقيد الوضع
ويرى المحلل الاقتصادي علي حداد أن القرار الذي تدرسه الولايات المتحدة سيؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي، مشيرا إلى أن "الضغوط المالية الأميركية والمرتبطة في الأصل بمناورات سياسية تتعلق بالتواجد الأميركي وسبل مواجهة إيران؛ بإمكانها أن تعقد الوضع النقدي العراقي، وتخلق مشاكل واضطرابات ليس للعراق القدرة على تجاوزها، خاصة في ظل الخروج من منازلة تنظيم الدولة واعتماده على عوائده الريعية".

وأكمل حداد حديثه و"في حال فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية وعسكرية على العراق، قد تدخل البلاد في وضع اقتصادي معيشي صعب جدا، مما يجعل بغداد ملزمة بأن تراجع نفسها، وتتراجع عن أية خطوة غير محسوبة قد تجرها إليها أطراف وجهات عقائدية محلية أو إقليمية، بهدف إرباك المشهد واضطراب السوق المالي والنقدي وحتى النفطي".

ومنذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على إيران، أظهرت عدة قوى سياسية عراقية قريبة من إيران دعمها لرحيل القوات الأميركية من البلاد.

المحلل السياسي غانم العابد تحدث للجزيرة نت قائلاً إن القوات الأميركية باقية في العراق ولن تخرج منه، رغم أن هناك رغبة لدى إيران في إخراجها عبر الطرق السياسية وعبر معسكرها الموجود داخل مجلس النواب العراقي، مشيرا إلى أن إيران تنظر إلى العراق كعمق إستراتيجي لها، والرئة التي تتنفس منها اقتصاديا.

وفي المقابل، قال الباحث السياسي شاهو القره داغي إن "الولايات المتحدة عملت منذ 2003 وحتى الآن على تأسيس علاقات إستراتيجية مع العراق تقوم على أساس المصالح المشتركة مثل باقي دول المنطقة، ولكن التلويح بفرض العقوبات ستكون له تداعيات داخلية وخارجية تؤثر بشكل مباشر على شكل النظام السياسي في العراق وعلاقاته الخارجية.

واعتبر القره داغي "أن خيارات العراق في مواجهة العقوبات الأميركية تبقى محدودة، خاصة إذا قررت واشنطن قطع المساعدات المالية، وفرض العقوبات على صادرات النفط؛ مما قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العراقي بشكل كامل، بالإضافة إلى الجانب الأمني بسبب عجز القوات العراقية عن مواجهة التهديدات الإرهابية وحدها من دون المساعدة الأميركية والخارجية".

وشدد على ضرورة عدم قيام العراق باستفزاز الولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بمطالب سحب قواتها، والتعامل مع هذا الملف بعقلانية، والتفكير في إعادة تشكيل العلاقات بينها وبين أميركا.

المصدر : الجزيرة