تعرف على رمز هو سر تفشي كورونا وما كشفه تشريح جثث الضحايا؟

مع استمرار تفشي وباء فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19، برز مصطلح علمي يرمز له بحرف يفسر سر انتشار الفيروس، نتعرف عليه هنا، كما نتعرف على ما كشف عنه تشريح جثث ضحايا فيروس كورونا.

الحرف هو "R0″، وينطق آر نات أو آر زيرو، وهو رمز ما يسمى رقم التكاثر الأساسي، وهو يشير إلى متوسط ​​عدد الأشخاص الذين يتوقع أن ينقل الشخص المصاب المرض إليهم.

ويستخدم العلماء آر نات للتنبؤ بمدى وسرعة انتشار المرض، ويساعد على وضع السياسات حول كيفية احتواء تفشي المرض.

على سبيل المثال، إذا كان لفيروس معين R0 يساوي 3، فهذا يعني أن كل شخص مريض سينقل المرض إلى ثلاثة أشخاص آخرين، وهذا إذا لم تطبق سياسات الحماية من العدوى.

وآر نات R0 هو مقياس لمدى عدوى المرض، ولكن ليس مدى فتكه، أي تسببه بالموت.

ماذا تعني قيم R0؟

توجد ثلاثة احتمالات:

• إذا كان R0 أقل من 1 فإن كل إصابة قائمة سوف تسبب أقل من إصابة جديدة، في هذه الحالة سينخفض عدد الإصابات ويتلاشى المرض في النهاية.

• إذا كان R0 يساوي 1، فإن كل إصابة قائمة تتسبب في إصابة جديدة واحدة، وعندها سيظل المرض موجودا في المجتمع، ولكن لن يكون هناك تفشي أو وباء.

• إذا كان R0 أكثر من 1، فإن كل إصابة قائمة تسبب أكثر من إصابة جديدة، سينتقل المرض بين الناس وسترتفع الإصابات، وقد يكون هناك تفشي أو وباء.

يعني هذا أن واضعي السياسات الصحية يهدفون إلى خفض R0 أقل من 1 حتى يتلاشى المرض وينتهي.

كيف نحدد Rللمرض؟

تؤخذ عوامل عدة في الاعتبار، مثل الفترة المعدية، إذ كلما طالت الفترة المعدية للمرض، زاد احتمال انتقاله إلى أشخاص آخرين.

أيضا من العوامل معدل الاتصال بين الأشخاص في البيئة المعنية أو المجتمع، فإذا كان الشخص المصاب بمرض معد على اتصال مع العديد من الأشخاص غير المصابين، فسيتم نقل المرض بسرعة أكبر.

طريقة نقل المرض أيضا تلعب دورا في R0، فالأمراض التي تنتقل بشكل أسرع وأسهل هي تلك التي يمكن أن تنتقل عبر الهواء، مثل الإنفلونزا أو الحصبة.

على النقيض من ذلك، فإن الأمراض التي تنتقل عن طريق سوائل الجسم، مثل الإيبولا، ليست سهلة النقل، هذا لأنك بحاجة إلى ملامسة الدم المصاب أو اللعاب أو سوائل الجسم المصابة الأخرى.

وتميل الأمراض المنقولة جوا إلى أن تكون لها قيمة Rأعلى من تلك المنتشرة من خلال الاتصال المباشر.

ويقدم هذا الجدول قيم Rلبعض الأمراض

R0

المرض

1.51  إلى 2.53

إيبولا في 2014

1.46  إلى 1.48

إنفلونزا الخنازير في 2009

0.9  إلى 2.1

الانفلونزا الموسمية

12  إلى 18

مرض الحصبة

حوالي 1

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس

5  إلى 7

شلل الأطفال

أقل من 1 إلى 2.75

متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد سارس

5  إلى 7

الجدري

ما رقم التكاثر الأساسي لفيروس كورونا المستجد؟

في بداية مارس/آذار قدرت منظمة الصحة العالمية رقم التكاثر الأساسي لفيروس كورونا المستجد بأنه بين 2 و2.5. ولكن حاليا يقدر أن R0 لفيروس كورونا هو 5.7، وفقا لدراسة نشرت على الإنترنت في مجلة إميرجينغ إنفكشواس ديزيز (Emerging Infectious Diseases).

هذا يعني أن شخصا مصابا بمرض كوفيد-19 يمكن أن ينقل الفيروس إلى 5 أو 6 أشخاص.

وبالمقارنة، يقدر رقم التكاثر الأساسي للإنفلونزا الموسمية بنحو 1.3، بينما بالنسبة للحصبة تتراوح بين 12 و18.

رغم ذلك، لا يجري تعيين هذه الأرقام في الحجر لأن قيمة R0 لمرض معين تتغير مع المكان والزمان.

هناك مصطلح آخر وهو رقم التضاعف (doubling time)، وهو الوقت الذي يستغرقه عدد الإصابات للتضاعف، وكلما كان الوقت أقصر كان المرض أسرع في الانتشار.

وبالنسبة لكورونا فيقدر أن رقم التضاعف هو يومين إلى ثلاثة أيام.

كيف يكون تقليل R0؟

-قيود السفر، إذ قدرت دراسة في لانسيت في أبريل/نيسان الماضي أن قيود السفر في ووهان في الصين تسببت في انخفاض Rمن 2.35 إلى 1.05 بعد أسبوع واحد فقط.

– تطبيق التباعد الاجتماعي.

– إجراءات العزل الصحي.

هذا ما كشفه تشريح جثث ضحايا كورونا

ابتداء من 22 مارس/آذار وصولا إلى 11 أبريل/نيسان نفذ كلاوس بوشال، مدير معهد الطب الشرعي بجامعة المركز الطبي في أبندورف، 65 عملية تشريح لجثث متوفين بفيروس كورونا.

46 ممن جرى تشريح جثثهم كانوا مصابين بأمراض الرئة قبل إصابتهم بالفيروس، و28 منهم كانوا يعانون من أمراض داخلية، أو من أمراض أصابت أعضاء مزروعة في أجسادهم. عشرة من المتوفين كانوا يعانون من السكري ومن البدانة، عشرة غيرهم كانوا يعانون من السرطان، و16 منهم كانوا يعانون من الخرف (ألزهايمر)، بعض المتوفين كانوا يعانون من عدد من الحالات المذكورة مجتمعة.

أبحاث في إيطاليا وسويسرا
قاعدة معلومات الدكتور بوشال تدعمها دراسة صدرت عن وزارة الصحة الإيطالية، وهي لا تستند على التشريح، بل على مسار المرض لدى 1738 متوفى، فعلاوة على الإصابة بفيروس كورونا فإن نسبة 96.4% من المتوفين بهذا المرض كانوا يعانون من مرض واحد على الأقل، أغلبها حالات ارتفاع ضغط الدم (70%)، السكري (32%)، أمراض القلب والأوعية الدموية (28%). علما أن متوسط الأعمار في إيطاليا هو 79 عاما، أما في هامبورغ فالمتوسط هو 80 عاما.

في سياق متصل، جرى تشريح جثث 20 ممن توفوا بفيروس كورونا على يد الدكتور ألكسندر تسانكوف رئيس قسم التشريح بمستشفى جامعة بازل بسويسرا فتبين إصابتهم جميعا بارتفاع ضغط الدم، كما أن أغلبهم كان يعاني من البدانة، وأن ثلثيهم عانوا من مشكلات في القلب، وثلثهم عانى من مرض السكري.

ومع ذلك، فإن رئيس الأطباء في مستشفى جامعة بازل يفضل ألا يصف المرض بأنه "غير مؤذ"، بل يقول "كل هؤلاء المتوفين كان يمكن أن يعيشوا عمرا أطول لولا إصابتهم بفيروس كورونا، ربما عاشوا ساعة أطول أو يوما أو أسبوعا أو عاما أطول".

كبير الأطباء في مستشفى Charité (الرحمة) ببرلين ديفد هورست وفي لقاء مع صحيفة "برلينر" أكد أن كل من توفي من مرضاه بعد إصابته بفيروس كورونا كان يعاني من أمراض سابقة، وخاصة أمراض القلب والأوعية الدموية والرئة، ويضيف "بعضهم كان يعاني من البدانة، على كل حال، هذه أمراض شائعة جدا فيمن تخطوا سن 65 في ألمانيا، والإصابة تظهر لدى ثلث أفراد هذه الشريحة. كما نلاحظ أن الإصابات بفيروس كورونا بين أفراد هذه الشريحة ستكون غالبا قاتلة".

وفيما يتعلق بمسار الفيروس يقول هورست "إن الضرر البالغ الذي يلحق بالرئة سيجعلها تمتلئ بالسوائل مما يمنع إتمام عملية تبادل الغازات التي تجري داخلها، علاوة على أن انتشار البكتريا في الرئتين المتضررتين سيؤدي إلى مرض ذات الرئة الذي يقود إلى عجز الرئتين عن القيام بوظائفهما".

ويمضي إلى القول "علاوة على تلف الرئتين، فإن جلطات الدم ستحدث مرارا، والحديث هنا يتعلق بالجلطات التي تسري مع مجرى الدم، ثم تؤدي إلى انسدادات في الشرايين مما يسبب عوارض فشل وظيفي حاد في الأوعية الدموية"، وأشار إلى أن الجلطات الدموية الدقيقة قد تقع في أعضاء أخرى من الجسم مما يؤدي إلى تلفها.

وعند سؤاله عن رأيه في الجدل القائم حول موت الناس بفيروس كورونا، أم موتهم بأمراض أخرى مع الإصابة بفيروس كورونا، علق هورست بالقول "أجد الجدل مثيرا للأسى، ففي الجثث التي شرحناها، كان كل المتوفين يعانون من أمراض سابقة، لكن إصاباتهم لم تكن وخيمة إلى درجة تهدد حياتهم".

ومضى الدكتور ليؤكد ضرورة عدم حصول انطباع لدى الناس بأن كورونا مرض غير مؤذ، فلولا إصابة هؤلاء الناس بمرض كورونا ما كانوا ليموتوا.

المصدر : دويتشه فيله + صن + مواقع إلكترونية