بسبب مزاعم "القنبلة القذرة".. "الطاقة الذرية" تستعد لتفتيش موقعين في أوكرانيا وإسرائيل قلقة من تقارب بين إيران وروسيا

قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها تستعد لإرسال مفتشين في الأيام المقبلة إلى موقعين أوكرانيين بناء على طلب كييف، عقب اتهام روسيا أوكرانيا بالسعي لتفجير "القنبلة القذرة"، فيما قالت إسرائيل إن القلق يتزايد من التقارب الذي وصفته بالخطير بين روسيا وإيران بشأن مسألة الطائرات المسيرة.

وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة -في بيان لها- أنها على "علم بالتصريحات التي أدلت بها روسيا الاتحادية يوم الأحد بشأن أنشطة مزعومة في موقعين نوويين بأوكرانيا"، مضيفة أن كلا الموقعين يخضع بالفعل لعمليات تفتيش، وأن أحدهما تم تفتيشه قبل شهر ولم تجد فيه أي أنشطة أو مواد نووية".

وأضافت الوكالة الأممية أن أوكرانيا طلبت منها إرسال مفتشين إلى موقعين زعمت روسيا وجود أنشطة نووية فيهما، وأشارت الوكالة إلى أن فريقا من مفتشيها سيزور مواقع أوكرانية للتحري عن وجود أنشطة ومواد نووية غير معلنة.

وكان وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قال قبل ساعات إنه تحدث مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بشأن اتهام موسكو لكييف، ودعا الوكالة رسميا "لإرسال خبراء على وجه السرعة إلى المرافق السلمية في أوكرانيا"، أي المنشآت التي "تدّعي روسيا بشكل مضلل" أن أوكرانيا تصنع "قنبلة ذرية" فيها، على حد تعبيره.

رئيس وكالة الطاقة الذرية يتحدث للصحفيين في سبتمبر/أيلول الماضي عند محطة زاباروجيا النووية جنوبي أوكرانيا (الفرنسية)

أيّ موقعين؟

ولم تكشف الوكالة الأممية عن الموقعين اللذين ستفتشهما في أوكرانيا عقب الاتهامات الروسية، غير أن وكالة الأنباء الروسية الرسمية "ريا نوفوستي" قالت -في وقت سابق- إن الأمر يتعلق بمصنع تخصيب المعادن في منطقة دنيبرو بتروفسك (وسط)، ومعهد البحوث النووية في كييف.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت -مساء أمس الاثنين- إن أوكرانيا بدأت بالفعل تنفيذ خطة استخدام "قنبلة قذرة"، وطالبت كييف وحلفاءها الغربيين بالكف عن الخطوات التي "تؤدي بالعالم إلى كارثة نووية"، وأضافت أن هناك دولا غربية تتفاوض مع كييف بشأن تزويدها بمكونات "القنبلة القذرة".

واتهمت الوزارة كييف بالتخطيط لتفجير القنبلة القذرة من خلال "عملية تمويه توحي بأنها استخدام غير طبيعي لذخيرة نووية روسية منخفضة القوة".

وذكرت مصادر دبلوماسية للجزيرة أن روسيا ستطرح في مجلس الأمن الدولي -اليوم الثلاثاء- مخاوفها من استخدام أوكرانيا قنبلة قذرة، وأضاف سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن، أن "روسيا تحثّ الدول الغربية على ممارسة نفوذها على النظام في كييف للتخلي عن خططه الخطيرة لتهديد السلم والأمن الدوليين"، في إشارة إلى اتهام موسكو لكييف بالتحضير لتفجير قنبلة قذرة.

وفي وقت سابق أمس الاثنين، قال قائد قوات الحماية من المواد النووية والبيولوجية والكيميائية بالجيش الروسي الجنرال إيغور كيريلوف إنه "وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، هناك مؤسستان أوكرانيتان لديهما تعليمات محددة لصنع ما يسمى القنبلة القذرة، ودخل عملهما المرحلة النهائية".

وتتكون القنبلة الإشعاعية أو "القنبلة القذرة" من متفجرات تقليدية معبأة بمواد مشعة لنشرها في الغبار وقت الانفجار، وتعد القنبلة القذرة من أسلحة الدمار الشامل.

وأضاف كيريلوف -خلال إفادة صحفية- أن "الهدف من هذا الاستفزاز اتهام روسيا باستخدام أسلحة دمار شامل في أوكرانيا، وبالتالي إطلاق حملة ضخمة معادية لروسيا في العالم"، كما رأى أن كييف تريد على وجه الخصوص "تخويف السكان المحليين وزيادة تدفق اللاجئين عبر أوروبا".

قائد قوات الحماية من المواد النووية والبيولوجية والكيميائية بالجيش الروسي الجنرال إيغور كيريلوف: وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، هناك مؤسستان أوكرانيتان لديهما تعليمات محددة لصنع ما يسمى القنبلة القذرة، ودخل عملهما المرحلة النهائية.

مباحثات عسكرية

في الوقت نفسه، أجرى رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف مباحثات عبر الهاتف مع كل من نظيريه الأميركي مارك ميلي والبريطاني توني راداكين، تناولت موضوع "القنبلة القذرة"، وفقا لبيان مقتضب أصدرته وزارة الدفاع الروسية.

وتعد هذه أول محادثة بين رئيسي الأركان الروسي والأميركي بشأن الحرب في أوكرانيا منذ 19 مايو/أيار الماضي.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن المحادثة بين غيراسيموف ونظيره البريطاني جاءت بطلب من الجانب الروسي، وأضافت أن الأميرال راداكين "رفض خلال هذه المحادثة اتهامات روسيا بأن أوكرانيا تخطط لأعمال من شأنها تصعيد النزاع".

وجاءت اتصالات رئيس الأركان الروسي بعدما أجرى وزير الدفاع الروسي أمس محادثات هاتفية مع نظرائه في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا.

ووصفت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا -في بيان مشترك اليوم- اتهامات موسكو لأوكرانيا بشأن "القنبلة القذرة" بالكاذبة، وقال البيان إن هذه الادعاءات ما هي إلا "ذريعة للتصعيد".

وإثر مشاورات أجراها مع وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والبريطاني بن والاس، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ -مساء أمس الاثنين على تويتر- أن "الحلفاء في حلف شمال الأطلسي يرفضون هذا الادعاء. على روسيا ألا تستخدم هذا الأمر ذريعة لتصعيد" النزاع في أوكرانيا.

قلق إسرائيلي

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إن القلق يتزايد من التقارب الذي وصفه بالخطير بين روسيا وإيران بشأن مسألة الطائرات المسيرة، في إشارة إلى تزويد طهران موسكو بطائرات مسيرة انتحارية استخدمت في الحرب الأوكرانية.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال أمس الاثنين إن التحالف بين طهران وموسكو ما كان ليتم لو أن كييف حصلت على منظومات دفاع جوية من إسرائيل. وتساءل زيلينسكي -في كلمة مصورة خص بها المؤتمر السنوي لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية- عما إذا كان الوقت حان كي تقرر إسرائيل في أي جانب تقف.

لبيد قال إن ثمة تقاربا خطيرا بين طهران وموسكو في موضوع الطائرات المسيرة في أوكرانيا (الأوروبية)

وانتقد زيلينسكي -في هذا السياق- ما وصفه بحياد إسرائيل منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، والذي سمح في رأيه بقيام "تحالف" بين روسيا وإيران.

وقالت الاستخبارات الأوكرانية إنها علمت بوصول مجموعة جديدة من المستشارين الإيرانيين الخبراء بالطائرات المسيرة إلى روسيا، واتهمت الاستخبارات الأوكرانية إيران بالاستعداد لإمداد روسيا بمزيد من الطائرات المسيرة وبصواريخ أرض أرض.

وجاء ذلك أيضا على لسان الرئيس الأوكراني خلال ندوة نظمتها صحيفة هآرتس، إذ قال "بحسب معلوماتنا الاستخبارية، طلبت روسيا تزويدها بنحو ألفي طائرة مسيرة إيرانية من طراز شاهد".

في المقابل، أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان -أمس الاثنين- عن استعداد بلاده لعقد لقاء على مستوى الخبراء مع أوكرانيا، لبحث ما يثار بشأن استخدام روسيا الطائرات المسيرة الإيرانية، وقال عبد اللهيان إن طهران وموسكو تبادلتا الأسلحة في الماضي، لكن ليس خلال الحرب الحالية في أوكرانيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات