عقلية الشجرة والحجرة.. أي العقليتين تمتلك وما أفضل طريقة للتفكير؟
تغيير طريقة التفكير للأفضل هو من المعارك اليومية وتستلزم التعلم والعمل والصبر والمثابرة، وهذا هو الفرق بين شخص يصل لهدفه وآخر يتذرع بالأعذار عند كل مطب في الطريق.
سؤال قضت الدكتورة كارول دويك -أستاذة علم النفس بجامعة "ستانفورد" (Stanford)- 40 عاما تبحث عن إجابته؛ وهو لماذا قد يتطابق الناس في المهارات والظروف لكن يذبل بعضهم أمام الصعاب بينما يزدهر البعض الآخر؟ ما الذي يغير النتيجة؟
وبعد البحث -الذي دونت نتائجه في كتابها "العقلية: السيكولوجية الجديدة للنجاح" (Mindset: The New Psychology of Success)- وجدت أن مرجع الأمر لاختلاف طريقة التفكير، فعادة من ينجح يمتلك عقلية نامية ومن يفشل يمتلك عقلية ثابتة، أو كما تطلق عليها رشا العجوز -وهي مؤسسة شركة للترجمة- "عقلية الشجرة وعقلية الحجرة"، والحقيقة هي أننا جميعا نحمل من العقليتين، لكن أيهما تغلب فهي الغالبة على حياتنا كلها، فما تعريف العقليتين وكيف نعرف أيهما نملك؟
اقرأ أيضا
list of 4 itemsخبراء يحذرون.. 6 آثار سلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على صحتك العقلية
الإرهاق يهدد صحتك العقلية.. كيف تجعل ساعات عملك ممتعة؟سيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
باستخدام الساعة الذكية أو الآيفون.. آبل تسعى لتقديم تشخيص لحالات الصحة العقلية
العقلية النامية
كما يوضح الاسم، هي عقلية تؤمن بالنمو، لذا فهي قابلة له. وأصحابها لا يؤمنون بأن الذكاء يقف عند العوامل الوراثية، ولا يتوقفون عن تحدي أنفسهم بتعلم مهارات جديدة، ولا ينتهي شغفهم بالعلم. ويرى ذوو هذه العقلية العقبات على أنها إخفاق مؤقت ويرحبون بأي نقد لتحسين أدائهم، ويرون الناجحين كملهمين ويرحبون بالتعاون معهم.
ومن الأمثلة على القدرة على التغيير؛ الطاهية البريطانية البنغالية الأصل نادية حسين التي فازت بالمركز الأول في مسابقة "الخبز البريطاني العظيم" (The great British Bake Off) للطهي في بريطانيا لعام 2015 التي تقيمها قناة الـ"بي بي سي" (BBC)، وكان من أول تعليقاتها بعد الفوز "لن أضع حدودا لنفسي بعد اليوم"، فهذا إعلان منها عن مسؤوليتها الكاملة في كبح حدود طموحها أو الاستمرار في التطور لتصل لغيرها.
العقلية الثابتة
يؤمن أصحاب تلك العقلية أن حالهم الذي ولدوا عليه هو قدرهم الذي لا يقبل التغيير، ويدخل في ذلك رزقهم فإن ولدوا فقراء لا يمكن أن يخرجوا من تلك الدائرة، وإن ولدوا بذكاء محدود فلا يمكن زعزعة نسبته للأعلى، وأنهم إما جيدون في مهارة ما أو يبتعدون عنها دون محاولة.
وهذا الاستسلام يجعلهم يفسرون العثرات التي تقابلهم على أنها فشل لا يمكن التغلب عليه، إذ إن التغلب على العثرات يستلزم مهارات لا يملكونها فينسبون التقاعس لغيرهم أو للظروف حتى لا يرون أنفسهم فاشلين. لذا فهم يميلون للغيرة ولجرح الناجح لأنه يهدد مكانتهم. ويوضح الجدول التالي أهم الاختلافات بين العقلية النامية والثابتة:
هل يمكن أن تتغير عقلية الإنسان؟
عقلية الإنسان وصورته عن قدراته يمكن أن تتغيرا، فأصحاب العقلية الثابتة يمكنهم تغيير حالهم، وكذلك من الممكن لأصحاب العقلية النامية أن تضربهم الصعاب بشدة وتفقدهم شعلة نشاطهم للحظات أو لفترة، وجميعنا يمر بين الحالتين، فذوو العقلية الثابتة قد تأتيهم همة استثنائية تلهمهم التغيير في أمر محدد أو لوقت معين.
وبحسب منشور لصفحة الصحة التابعة لكلية الطب بجامعة "هارفارد" (Harvard) فإن علم تكوين الخلايا العصبية يشير إلى أنه من الممكن إنشاء خلايا عصبية تعمل على تحسين مهارات الذاكرة والمهارات الفكرية حتى مع كبار السن. ووفقا للدكتورة كارول دويك، يمكنك تغيير طريقة تفكيرك وقدراتك ولا سيما السمات الذاتية مثل الذكاء.
كيف يتصرف ذوو العقلية النامية مقابل ذوي العقلية الثابتة؟
العقلية الثابتة قد تؤثر على المجتمع سلبا بينما العقلية النامية قد تساهم إيجابيا، فمعلمة بعقلية متحجرة ستتعامل مع طلابها على أن قدراتهم ثابتة وعلى أنهم أذكياء وموهوبون أو دون ذلك، ولا شيء يمكن فعله لتغييرهم، فيظل الطالب الضعيف لا يؤمن أن بإمكانه التقدم، بينما معلمة بعقلية نامية ستسعى وتحتفي بكل نجاح، صغيرا كان أو كبيرا وستشعر الطلاب بالراحة في الإجابة وعدم الخوف من الخطأ، فيخرجون من تحتها متقدمين واثقين عندهم أمل في المستقبل.
مسؤول في جيش بعقلية ثابتة سيغضب إذا اقترح عليه من هو أدنى منه رتبة طريقة أو خطة مختلفة عمّا رآه أو عن المعتاد، لأنه يعتبرها إهانة لشخصه ولخبرته العسكرية، بينما قائد بعقلية نامية، قد يكافئ صاحب الفكرة فيحفز ذلك كل من بالجيش للتفكير خارج الصندوق ويشعرهم بالانتماء مما يعلي من الدولة بأسرها.
تغيير طريقة التفكير للأفضل هو من المعارك اليومية التي يجب على كل البشر خوضها وهو في نفس الوقت من أصعبها وأدقها، وتستلزم أدوات من التعلم والعمل والصبر والمثابرة، لكن في النهاية هذا هو الفرق بين شخص يصل لهدفه وآخر يتذرّع بالأعذار عند كل مطب في الطريق. فكما تقول ديبي ميلمان -وهي كاتبة ومعلمة وفنانة أميركية- "إذا حلمت بالقليل، فإن القليل هو ما تستحقه بلا شك".