الربط الكهربائي مع الخليج.. هل يدفع العراق للاستغناء عن الغاز الإيراني؟
يعاني العراق من نقص في الطاقة الكهربائية منذ عدة عقود رغم وجود الثروات الطبيعية والبشرية التي يمكنها أن تساعده على توفيرها وحتى تصدير الفائض منها، إلا أن ذلك لم يحدث.
ويعتمد العراق على استيراد الغاز من إيران لتوفير الطاقة، في وقت يحرق 10 أضعاف ما يستورده منها، بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وتبلغ تكلفة الاستيراد سنويا نحو 1.2 مليار دولار.
ومع بدء العقوبات الأميركية على إيران صار العراق في وضع حرج، وعليه أن يتوقف عن استيراد الغاز منها، إلا أن الولايات المتحدة استمرت بمنحه استثناء في هذا الشأن، لضمان قدرته على تلبية احتياجاته من الطاقة على المدى القصير، لكن لا يعرف متى ممكن أن توقف ذلك الاستثناء.
فائدة اقتصادية
وللتخلص من قلق منعه من الاستيراد يسعى العراق إلى الربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون الخليجي، في محاولة منه لإيجاد بدائل مستدامة، حيث أعلنت وزارة الكهرباء إنجاز 80% من هذا المشروع.
ويقول المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى للجزيرة نت إن العراق أكمل ما عليه بما يتعلق بالربط الكهربائي مع الخليج، وينتظر من الأشقاء الخليجيين إكمال الجزء المتبقي عندهم ليبدأ المشروع بالعمل.
ويضيف موسى أن الربط الكهربائي مع الخليج ليس استهلاكيا، بل فيه فائدة اقتصادية للعراق الذي سيكون ممرا للطاقة المصدرة من الخليج إلى دول شرق أوروبا.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي صفوان قصي عبد الحليم للجزيرة نت إن عملية زيادة مستوى الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج ستسهم في تخفيض تكاليف الطاقة، وستسمح بمرورها من الخليج إلى آسيا وأوروبا عبر تركيا، مما يشكل موردا جديدا للبلد.
وأضاف عبد الحليم أن "ربط العراق مع الخليج سيحل مشكلة الكهرباء في العراق على المدى الطويل، واستثمار الفائض في بيعه".
وينتج العراق حاليا 13.5 ألف ميغاوات من الطاقة، وهذا أقل من حاجته، حيث يحتاج إلى 24 ألف ميغاوات، لذا يبقى بحاجة مستمرة للاستيراد.
ومنذ عام 2013 وحتى اليوم أنفق العراق 62 مليار دولار على قطاع الكهرباء، وفقا لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلا أن هذا المبلغ الكبير لم يساعد في حل هذه "المشكلة الأزلية" وفقا لتعبيرات متكررة يطلقها العراقيون في حياتهم اليومية.
ويعول العراقيون على ملف الربط الكهربائي مع الخليج لإنهاء هذه المشكلة.
دعم أميركي
وتدعم الولايات المتحدة توجه العراق نحو الخليج من خلال مشروع الربط الكهربائي، وأكدت في أكثر من مناسبة دعمها الطرفين لإنجاح المشروع.
وتقول الخبيرة الاقتصادية العراقية سلام سميسم للجزيرة نت إن إيجاد بدائل عن إيران سيكون حلا اقتصاديا للعراق.
وتوضح سميسم ذلك بالقول إن "أهم فائدة في الربط (الكهربائي) الخليجي هي تنويع مصادر التوزيع في الطاقة، وعدم الإبقاء على مصدر واحد، لأن ذلك يجعل البلد يخضع لظروف هذا المصدر ويمنع التنافس، وبالتالي يكون هناك شبه احتكار".
وأشارت إلى أنه عندما تكون هناك عقوبات على إيران ينتظر العراق الاستثناءات الأميركية، لكن لو كان لديه مصدر استيراد آخر لما حشر في هذا الموقف المحرج.
ويستورد العراق حاليا ما بين 500 ميغاوات من الكهرباء من إيران في فصل الشتاء و1200 ميغاوات في فصل الصيف بتكلفة تبلغ نحو 1.2 مليار دولار في السنة.
وكان بإمكان العراق حل مشكلة الطاقة التي يعاني منها منذ سنوات لو استثمر الغاز الذي يحرقه يوميا، وهو أكثر مما يستورده.
ويصنف العراق ثاني بلد على مستوى العالم بعد روسيا في إحراق الغاز المصاحب، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى أنه "(العراق) أحرق عام 2016 ما مجموعه 17.73 مليار متر مكعب من الغاز، ثم ارتفع ذلك عام 2019 ليصل إلى 17.91 مليار متر مكعب".
ورغم سعي حكومة الكاظمي لإنجاح الربط الكهربائي مع الخليج فإنها ستواجه عقبات سياسية وربما أمنية أيضا من المتضررين من هذا الربط.