وردت السكينة في القرآن الكريم كله 6 مرات في ثلاث سور توزيعها كالآتي:
- 3 مرات في سورة الفتح.
- مرتان في سورة التوبة.
- مرة واحدة في سورة البقرة.
الملاحظ أن كل آيات السكينة وردت في سياق الحركة والجهاد في سبيل الله تعالى وفي المواقف الصعبة الحرجة، فلا تتنزل السكينة على الساكنين الكسلانين بل تتنزل على المتحركين المجاهدين.
والسكينة في كل الآيات تتنزل من عند الله أو تأتي من عند الله (5 مرات تتنزل + مرة واحدة تأتي).
حينما يبايع المجاهدون على الموت في سبيل الله (بيعة الرضوان في الحديبية) تكون النتيجة أن يرضى الله عنهم وينزل السكينة عليهم ويثيبهم الفتح القريب
وهذه أحوال تنزلها حسب ترتيب عدد مرات ورودها في السور الثلاثة وارتباطها بهدف السورة ومقصدها؛ فهيا نتعرف أحوال تنزلها حتى نحظى بها:
6 أحوال تستجلب السكينة
- أولا السكينة في سورة الفتح: 3 مرات
- هدف سورة الفتح: تحقيق الفتوحات الربانية التي أحد أدواتها الجهاد في سبيل الله؛ والفتح يشمل الفتح العسكري والفتح النفسي بتقبل منهج الفاتحين؛ والفتح أرقى من الانتصار؛ فالانتصار قد يحقق الغلبة العسكرية ولكن قد تنغلق معه النفوس وتنشأ البغضاء والكراهية والعداوة والمقاومة لمن حققه.
أحوال تنزل السكينة في سورة الفتح:
- حينما تكون المعركة إيمانية وعندما يواجه المؤمنون الذين خرجوا في سبيل الله بسلاحهم القليل؛ أعداء أكثر عددا وعدة في عقر دارهم وفي مواقف تتزلزل فيها القلوب (وذلك في الحديبية) ينزل الله تعالى السكينة في قلوبهم ويزدهم إيمانا مع إيمانهم ويؤيدهم بجنده: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما) (الفتح:4).
- حينما يبايع المجاهدون على الموت في سبيل الله (بيعة الرضوان في الحديبية) تكون النتيجة أن يرضى الله عنهم وينزل السكينة عليهم ويثيبهم الفتح القريب: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) (الفتح: 18) وكل من يبايع على الموت في سبيل الله في كل عصر يقينا ينال رضا الله تعالى وينزل الله عليه سكينته ويثيبه الفتح القريب.
- حينما يتصدى أهل حمية الإيمان لأهل حمية الكفر ينزل الله تعالى السكينة في قلوب المؤمنين الذين يواجهون حمية الجاهلية الجهلاء البعيدة عن الحق والصواب؛ الممارسة للغطرسة والكبر: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما) (الفتح: 26).
الثبات في ميدان الحق يجلب السكينة والتفرق والفرار يجلب الاضطراب في سياق في معركة حنين وصف الله تعالى الحالين حال التفرق والفرار وجلبها للاضطراب وضيق الأرض بما رحبت
- السكينة في سورة التوبة: مرتان
- هدف سورة التوبة: دعوة العالم بكل مكوناته إلى التوبة وتعديل السلوك وفق منهج الله تعالى واعتماد الجهاد أحد وسائل الدعوة إلى التوبة وقد ورد الحديث في هذه السورة عن السكينة مرتين في سياق الحركة والجهاد في سبيل الله.
أحوال تنزل السكينة في سورة التوبة:
- استشعار معية الله تعالى أثناء التحرك لنصرة الحق تجلب السكينة ففي سياق الحديث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والدنيا كلها تموج وتضطرب وكل قوى الكفر تطارده وتطلب دمه وترصد مائة ناقه لمن يأتي برقبته وهو في قمة الطمأنينة يستشعر معية الله تعالى فتتنزل عليه السكينة الإلهية العجيبة: ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ) (التوبة: 40).
- الثبات في ميدان الحق يجلب السكينة والتفرق والفرار يجلب الاضطراب في سياق في معركة حنين وصف الله تعالى الحالين حال التفرق والفرار وجلبها للاضطراب وضيق الأرض بما رحبت بقوله: (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) (التوبة: 25) ثم بعد الاجتماع والثبات في الميدان أنزل الله السكينة وأنزل الجنود فقال تعالى: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين) (التوبة: 26)
من أراد أن تتنزل عليه السكينة فليحرص على أن يمارسها في حركته في سبيل الله تعالى ويطبقها عمليا في أرض الواقع.
- السكينة في سورة البقرة: مرة واحدة
- هدف سورة البقرة: تحقيق الاستخلاف في الأرض الذي أحد أدواته الجهاد في سبيل الله لمقاومة الظلم والفساد وتطبيق منهج الله تعالى الذي يحمل العدل والرحمة لكل الإنسانية ورد الحديث عن السكينة في سياق الجهاد في سبيل الله:
أحوال تنزل السكينة في سورة البقرة:
- اللجوء لما يأتي من عند الله أثناء الحركة والجهاد في سبيل الله يجلب السكينة (القرآن الكريم)؛ ففي سياق الكلام عن القائد العسكري سيدنا طالوت حينما طلبوا ملكا للقتال في سبيل الله (إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) (البقرة: 246) كان من آيات ملكه تابوت فيه سكينة من الله (قال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم) البقرة: 248 ويذكر أنهم كانوا يستفيدون من السكينة في هذا التابوت بأن يصطحبونه معهم في جهادهم وغزواتهم فإذا رأوه سكنت قلوبهم، وانشرحت صدورهم وواصلوا جهادهم بلا خوف ولا اضطراب فاللجوء لما يتنزل من عند الله يجلب السكينة سواء كان التابوت أو آيات القرآن العظيم.
وبعد؛ فهذه هي الأحول الستة التي تجلب السكينة من عند الله تعالى:
- أن تلجأ للقرآن الكريم تتلوه وتتعبد به أثناء الحركة والجهاد في سبيل الله وفي كل الأحوال.
- أن تستشعر معية الله تعالى أثناء التحرك لنصرة الحق.
- أن تكون الحركة والمعركة إيمانية.
- أن تتصدى مع أهل الإيمان لأهل حمية الكفر.
- أن تثبت في ميدان الحق ولا تفر.
- أن تبايع على الموت في سبيل الله.
فمن أراد أن تتنزل عليه السكينة فليحرص على أن يمارسها في حركته في سبيل الله تعالى ويطبقها عمليا في أرض الواقع.
هيا فلندعُ الله تعالى أن ينزل السكينة على قلوب المجاهدين في سبيله ويؤيدهم بجنده وينعم عليهم بالنصر المؤزر المبين ويشفي صدور قوم مؤمنين بالخلاص من دنس الاحتلال
إلى جانب هذه الممارسة العملية فقد جرب كثير من الصالحين بالممارسة العملية أن قراءة آيات السكينة الستة في الأحوال الصعبة من وسائل جلب السكينة وهي:
- (قال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم) (البقرة: 248)
- (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين) (التوبة: 26)
- (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم) (التوبة: 40)
- (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما) (الفتح: 4).
- (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) (الفتح: 18)
- (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما) (الفتح :26).
هيا نربي أنفسنا وأبناء أمتنا على استجلاب هذه السكينة بكل الوسائل القرآنية العظيمة بالتطبيق العملي من خلال المؤسسات التربوية والمنصات الإعلامية واستثمار أدوار الآباء والأمهات والمربين ورجال العلم وأئمة المساجد، وهيا فلندعُ الله تعالى أن ينزل السكينة على قلوب المجاهدين في سبيله ويؤيدهم بجنده وينعم عليهم بالنصر المؤزر المبين ويشفي صدور قوم مؤمنين بالخلاص من دنس الاحتلال وتحرير المسجد الأقصى المبارك وبكل معاني السكينة في قلوبنا نوقن بتحقيق نصره العزيز وفتحه المبين ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.