متسابقون كثر بعضهم غير تقليدي.. تعرف على آلية الاقتراع ومن يمكنه الترشح لرئاسة لبنان
مع بدء العد العكسي لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية المفترضة قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، برزت على الساحة زحمة مرشحين تقليديين وغير تقليديين.
في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من قبل أعضاء مجلس النواب، وتنتهي يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وعليه، يستعد لبنان لإجراء استحقاق دستوري يجب أن يُجرى قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون، الذي أمضى 6 سنوات في الحكم منذ العام 2016، كانت حافلة بالأزمات على كافة الصعد.
وتدوم مدة ولاية الرئيس 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، علمًا أن هذه القاعدة تمّ اختراقها في حالتين، في عهد الرئيسين الأسبقين إلياس الهراوي (1989-1998) والعماد إميل لحّود (1998-2007).
طائفة الرئيس وآلية الاقتراع
ورغم أن الدستور اللبناني لا يميّز بين المواطنين لتولّي المناصب، فإن النظام السياسي المتبّع منذ عقود يقضي بتقاسم السلطات والمناصب العليا وفقًا للانتماءات الدينية والطائفية.
وبناءً على ذلك، يكون رئيس الجمهورية مسيحيًا مارونيا، ورئيس البرلمان شيعيا، ورئيس الحكومة سُنيا، ويمتد العرف إلى مناصب أخرى كأن يكون قائد الجيش مارونيًا، وقائد الدرك سنّيا، ومدير الأمن العام شيعيًا، وحاكم مصرف لبنان مارونيا.
وبحسب الدستور، يُنتخب الرئيس بالاقتراع السرّي بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، في حين تكفي الغالبية المطلقة (النصف+1) لانتخابه في دورات الاقتراع التي تلي ذلك.
الدستور لا يلزم الراغبين بخوض معركة الرئاسة بتقديم ترشيحات مسبقة، فأعضاء مجلس النواب الـ128 هم الذين ينتخبون الرئيس، أي يمكن لكل نائب أن ينتخب أي لبناني مارونيّ يختاره، شرط أن لا يكون ما يمنع أو يتعارض مع الشروط الأساسية مثل العمر والسجل العدلي.
وحتى اللحظة، برزت 5 ترشيحات فردية، لكن يمكن القول إنها لا تلقى أي دعم من الأحزاب السياسية البارزة في البلاد.
رئيس منظمة جوستيسيا القانونية بول مرقص قال إنه لا لزوم لأي مرشح أن يعلن ترشحه للرئاسة، وإنما يجب على المنتخَب أن يكون متمتعا بالشروط التي تؤهله للنيابة (البرلمان) بما فيها شرط الجنسية.
من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي منير الربيع إنه رغم كثرة المرشحين فإنه وفق الواقع السياسي غالبًا ما يكون المرشحون التقليديون (من الوسط السياسي) أقرب من غيرهم لاختيارهم للرئاسة.
ولفت إلى أن المرشح التقليدي بحاجة إلى صفقة سياسية ما وتسوية كي يحصل على الأصوات اللازمة لوصوله إلى كرسي الرئاسة.
وأشار إلى أنه في الوقت الحالي لا أحد من التقليديين قادرٌ على الوصول إلى الرئاسة، لأنه لا خيار إلا بالاتفاق على شخصيةٍ من داخل الدولة كقائد الجيش العماد جوزيف عون باعتباره خيارا توافقيّا للقوى السياسية التي يتشكل منها البرلمان.
وتابع "كما يمكن الاتفاق على شخصية من خارج النادي السياسي لها اهتماماتٌ مالية واقتصادية قادرة على وضع خطة بالتعاون مع القوى الداخلية والخارجية، لتأتي إلى رئاسة الجمهورية".
متسابقون من خارج دوائر النفوذ
تعد السفيرة السابقة لدى الأردن ترايسي شمعون، المقرّبة من الرئيس الحالي حفيدة الرئيس الأسبق كميل شمعون، من أبرز الذين أعلنوا ترشيحهم للرئاسة بمؤتمر صحفي يوم 29 أغسطس/آب الماضي، عندما عرضت برنامجها بعنوان "رؤية جديدة للجمهورية".
وسبقها الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الذي يشغل منصب رئيس الجمعية العالمية لوحدات الشراكة في جنيف والتي تنتمي إليها 41 دولة، إذ أعلن في 26 أغسطس/آب الماضي ترشّحه وفق برنامج حمل شعار "الازدهار والأمان وكرامة الإنسان".
ومن بين الشخصيات التي تقدمت بترشحها مي الريحاني الناشطة في مجال تعليم الفتيات والدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها، وهي كاتبة وشاعرة وناشطة في مؤسسات التنمية الدولية ومقيمة في الولايات المتحدة.
وفي 21 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلن رئيس حزب الإنقاذ البيئي بشارة أبي يونس عزمه الترشح وفق برنامج رئاسي يحمل عنوان "لبنان.. الكيان، الرئاسة، السلطات".
كما أعلن رجل الأعمال سايد بطرس فرنجية ترشحه إلى الرئاسة، وتعهّد بإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية الراهنة وجلب الاستثمارات الخارجية.
شخصيات الوسط التقليدي
كما هي العادة، تبرز في لبنان أسماء سياسيين يُعتبرون مرشحين تقليديين لتولّي المنصب، رغم أنهم لم يعلنوا عن ذلك، فالجميع يدرك أن الرئيس يأتي نتيجة توافق الأحزاب السياسية التقليدية البارزة التي يتشكل منها مجلس النواب.
ومن أبرز الأسماء المطروحة تلقائيًا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الحليف لحزب الله والنظام السوري.
كذلك يبرز اسم قائد الجيش في كثير من الأحيان، الذي يُدرَج في خانة المقرّبين من الولايات المتحدة، مع العلم أن قادة الجيش يُعدّون من المرشحين الدائمين لرئاسة الجمهورية، وآخرهم في الحقبة الحديثة إميل لحود (1998-2007) وميشال سليمان (2008-2014) وميشال عون.
كما يبرز اسم جبران باسيل صهر الرئيس عون رغم انحسار حظوظه بعد خسارته الأكثرية البرلمانية، ولا سيما المسيحية، وتحميله جزءًا كبيرًا من الأزمات التي شهدها عهد عون.
من جهته، يعتبر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع نفسه مرشحًا طبيعيا، لكنه يقول إنه منفتحٌ على الانسحاب لأي مرشح يلبّي مواصفات حزبه.
ويُطرح أيضا في السباق اسما النائبين ميشال معوّض ونعمة إفرام، المنضويَين في دائرة المستقلين المعارضين، وهو ما يعوّلان عليه، إلى جانب علاقاتهما الخارجية بدول كبرى مؤثرة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.
كما أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من الأسماء التي تُطرح وإن على استحياء عند كل استحقاق رئاسي، رغم تراجع حظوظه بسبب الأزمة الاقتصادية منذ العام 2019، وما رافق ذلك من اتهامات طالته بالفساد.
محددات موعد الجلسة
هذه الأيام، تتجه الأنظار نحو الموعد الذي سيدعو فيه رئيس البرلمان نبيه بري إلى جلسة انتخاب الرئيس.
وفي تصريحٍ سابق، ربط بري الدعوة لهذه الجلسة بإقرار المجلس النيابي إصلاحات تمثل شروطًا مسبقة لبرنامج إنقاذ مقدّمٍ من صندوق النقد الدولي.
ويربط مصدر سياسيّ الموعد بحصول اتفاقٍ مسبق بين القوى الرئيسية على اسم الرئيس، وهو اتفاق قد يطول انتظاره بالنظر إلى كثرة المرشحين غير الرسميين، وعدم وجود أغلبية صريحة متحالفة قادرة على إيصال مرشحها بشكلٍ محسوم.
ويشير محللون إلى أن التوافق على اسم الرئيس لم يكن شرطًا داخليًا فقط، بل يتأثر أيضًا بالمناخات والتوجهات الإقليمية والدولية، وفي مقدمها إيران والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة.