تدمر.. أيام في ظل تنظيم الدولة

إياد الحمصي-ريف حمص
وتمكن تنظيم الدولة من بسط سيطرته على المدينة بعد انسحاب قوات النظام من جميع أنحائها باتجاه خنيفيس جنوبا، إثر معارك عنيفة، تكبدت فيها قوات النظام خسائر فادحة.
وفتحت سيطرة التنظيم على المدينة الطريق أمامه نحو البادية السورية، الممتدة من محافظة حمص وسط سوريا وحتى الحدود العراقية شرقا، وهو ما يعني بسط نفوذه على نصف مساحة سوريا الجغرافية.
ويقول أبو علاء وهو أحد القادة الميدانيين لدى تنظيم الدولة إنهم سيطروا على المدينة بعد أن فر عناصر النظام منها، حيث تمت السيطرة على سجن المدينة ومطارها العسكري وفرع البادية، بالإضافة إلى فروع أمن الدولة والأمن العسكري، وجميع الدوائر الحكومية حتى السجلات المدنية والعقارية.
وأشار في حديثه للجزيرة نت أن عدد قتلى قوات النظام، منذ اقتحام المدينة تجاوز 900 عنصر بين جنود نظاميين ودفاع وطني، منهم من قتل أثناء المعارك، وآخرون ألقي القبض عليهم أثناء هروبهم وأعدموا في شوارع المدينة.
وكان النظام السوري قد روج أن عناصر الدفاع الوطني تقوم بإخلاء المدنيين من تدمر، بعد أن انسحب الجيش منها "تكتيكيا"، وهذا ما أثار مخاوف كبيرة لدى المدنيين.

حياة طبيعية
ولم تختلف أوضاع السكان على مدار الأيام الماضية بعد سيطرة التنظيم على المدينة، حيث يقول إسماعيل حسين -أحد الباقيين فيها- إنه لا شيء تغير داخل تدمر، سوى انتشار عناصر تنظيم الدولة في الشوارع، وأمام المقرات الحكومية والمرافق الحيوية كالأفران ومؤسسات الكهرباء والهاتف.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن المدينة تعيش حالة هادئة جدا منذ ساعات طويلة، حيث عادت الاتصالات الأرضية للعمل، بالإضافة لعودة الكهرباء والماء لمعظم أحياء المدينة، فيما بقيت خدمات الإنترنت والهواتف الجوالة مقطوعة عنها.
وتابع أن عناصر التنظيم يقومون بطمأنة الأهالي بشكل مستمر، حيث طلبوا من الجميع العودة إلى ممارسة أشغالهم بعد إعطائهم الوعود بعدم التعرض لهم، "محاولين إقناع الجميع بأنهم موجودون داخل تدمر من أجل حمايتهم".
كما سمح التنظيم للمدنيين بالحصول على تصريح سفر لمدينة الرقة لمن أراد منهم الذهاب لأسباب العلاج وغيره.
من جانبه يروي سليمان الغريب أن تنظيم الدولة قام فور بسط سيطرته على مدينة تدمر باقتحام سجنها، وتحرير جميع المعتقلين باستثناء من كان مطلوبا منهم لدى التنظيم، حسب قوله.
وأشارالغريب في حديث للجزيرة نت إلى وجود سجناء من جنسيات مختلفة ممن أطلقوا من داخل السجن، وشوهدوا وهم يتجولون في شوارع المدينة دون مضايقات من أحد.
وفور سيطرته على مدينة تدمر، بدأ التنظيم بتعيين مقر للمحكمة الشرعية والحسبة وأماكن ومقرات القيادة، فيما أبقى السجلات المدنية والعقارية تحت سيطرته مانعا المواطنين من الدخول إليها ومتعهدا للأهالي بحمايتها.

النزوح لحمص
وتمكن عدد من سكان المدينة من الفرار إلى مدينة حمص بعد أن قطعوا مسافات شاسعة سيرا على الأقدام، وتقول أم عمار الأيوبي -إحدى النازحات إلى مدينة حمص- إن قوات النظام منعتهم من الخروج من تدمر، مع قرب سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة عليها بشكل كامل.
وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن قوات النظام بررت ممارساتها بخوفها على السكان من أن يقوم مقاتلو التنظيم بذبحهم، "وهو ما لم يحدث".
وأوضحت أنها قطعت أكثر من 25 كيلومترا مشيا على الأقدام، لكي تتفادى حواجز النظام وحواجز تنظيم الدولة وتصل بسلام إلى مدينة حمص.
ولم يصدر عن أي فصيل من المعارضة المسلحة أي بيانات أو مواقف تجاه ما يحصل في تدمر، وذلك لعدم تواجد أي منهم قرب المنطقة، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة بشكل كامل.