أسباب وحلول.. كيف تتخلص من الوحدة ومخاطرها؟
محمد صلاح
الشعور بالوحدة هو حالة من الاحتياج إلى اتصال عميق وليس سطحيا، وهي حالة نفسية ليس لها علاقة ببقاء الشخص وحيدا، فهناك من يعيش وحده دون أن يشكو من شيء، وغيره يشعر بوحدة شديدة وحزن رغم وجود الكثير من الناس حوله.
وأشارت دراسة نشرتها صحيفة إندبندنت البريطانية في يناير/كانون الثاني الماضي، إلى أن الشباب يشعرون بالوحدة أكثر من الكبار، حيث يقول شخص من كل 4 أعمارهم بين 18 و30 عاما إنه يشعر بالوحدة.
فما الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في براثن الوحدة؟ وما المخاطر الجسدية والنفسية والعقلية التي من الممكن أن تنتج عن الوحدة وتهدد الحياة؟ وهل من حلول لتفادي الوحدة أو التعافي منها؟
أسباب الوقوع في براثن الوحدة
هناك سبعة أسباب رئيسية للوحدة، وهي:
1) الصمت: جدار الصمت الذي نبنيه حول أنفسنا من الممكن أن يؤدي إلى صعوبة فهمنا لأنفسنا ويشجعنا على العزلة، فلا يوجد أحد للتحدث معه، ولا أحد للجوء إليه، وهو ما يعزز الشعور بالوحدة.
2) الإقصاء والحزن: ما يحدث حين تتعارض الهوية الشخصية مع المجتمع هو أن تقل القدرة على التواصل، ويزداد الإحساس بالإقصاء وعدم الاهتمام والحزن الدفين الذي يعمق حالة الوحدة.
3) الاغتراب: فوفقا لمؤسسة مايند للصحة العقلية، من أسباب الشعور بالوحدة على الرغم من كون الشخص محاطا بالناس، أنه يشعر بأن أحدا لا يفهمه أو يهتم به، مما يعمق شعوره بالاغتراب.
4) الصدمة: فالصدمات الناتجة عن الاعتداء الجنسي أو الجسدي أو العاطفي أو الفشل العملي، يمكن أن تؤدي إلى انعدام الثقة في الناس وتجنب العلاقات العميقة معهم، ومن ثم الشعور بالوحدة.
5) التكنولوجيا: فتفضيل مشاهدة التلفاز، أو طول المكث على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الإسراف في ممارسة الألعاب الإلكترونية، كلها أسباب للشعور بالوحدة.
6) إدمان المواد الإباحية: فكلما زاد انغماس المرء في متابعة المواد الإباحية، أصبح أكثر وحدة.
7) غياب العلاقات الاجتماعية: فقد أكدت مؤسسة مايند للصحة العقلية أن من أسباب الشعور بالوحدة أن لا يكون لدى الشخص علاقات اجتماعية. كما أظهرت الأبحاث أن ضرر غياب العلاقات الاجتماعية يعادل ضرر تدخين 15 سيجارة في اليوم.
مخاطر الوحدة القاتلة
الشعور بالوحدة أمر لا يمكن الاستهانة به، فقد تكون له مخاطر مدمرة للصحة إلى حد الوفاة:
1) تهديد نظام المناعة: أشارت دراسة أجراها د. ستيف كول، بجامعة كاليفورنيا، إلى أن الشعور بالوحدة يمكن أن يهدد نظام المناعة، ويحفز الجينات المسؤولة عن حدوث الالتهاب بالجسم.
2) زيادة التأثر بنزلات البرد والإنفلونزا: أجريت دراسة في عام 2017 على 159 شخصا، ووجد أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة هم أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد بنسبة 39%.
3) مشاكل القلب والأوعية الدموية: في دراسة أجريت عام 2016 على 181 ألف شخص، وجد أن الوحدة تزيد من الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32% ومن الإصابة بمرض القلب بنسبة 29%، كما تزيد من الإصابة بأمراض تؤثر على القلب كالسمنة وضغط الدم.
4) القلق والاكتئاب: يزيد الشعور بالوحدة من خطر القلق والاكتئاب بمقدار 3 أضعاف، ففي دراسة تعود لعام 2006، وجد أن المستويات العالية من الوحدة ترتبط بزيادة مخاطر الاكتئاب.
5) نمط حياة غير صحي: وجدت دراسة أن الوحدة قد تتسبب في عيش أنماط حياة غير صحية، تشمل سوء التغذية وقلة النشاط البدني والتدخين وعدم ممارسة الرياضة، بالإضافة إلى الشعور بالإجهاد والمعاناة من اضطرابات الطعام والنوم، وفقدان الوزن أو زيادته.
6) التأثير على الصحة العقلية: فقد أكدت دراسة أجرتها الدكتورة آن فينغارد كريستنسن، من جامعة كوبنهاغن، أن "الوحدة هي مؤشر قوي على صحة عقلية أسوأ لدى كل من الرجال والنساء". فهي تجعل الضغط العصبي أكثر صعوبة، وتعزز السلوك العدواني والشعور بالخوف.
7) الوفاة المبكرة: في دراسة أجريت على 3.4 ملايين شخص، ثبت أن الوحدة تزيد من مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة 30%، وقالت د. جوليان هولت لونستاد، من جامعة بريغهام يونغ، "هناك أدلة قوية على أن الشعور بالوحدة يزيد بشكل كبير من خطر الوفيات المبكرة".
التغلب على الشعور بالوحدة
أطلقت حملة في بريطانيا في عام 2016 للقضاء على الشعور بالوحدة، ونصحت باتباع الآتي:
1) التحدث إلى الأصدقاء والعائلة: خلصت دراسة إلى أن الروابط الاجتماعية ولقاء الأصدقاء والعائلة لا يحد من مخاطر الشعور بالوحدة فقط، بل يساعد على التعافي منها.
2) ممارسة الهوايات والاهتمامات المفضلة: عبر الانضمام إلى النوادي التي تنظم النشاطات الاجتماعية وتشكل طريقاً للتعرف على الناس وإنشاء علاقات اجتماعية.
3) العمل التطوعي: قد يكون مفيدا لما يمنحه من شعور بالقيمة والفائدة التي يقدمها، وفقا لدراسة نشرتها غارديان البريطانية تقول إن التطوع ساعتين أسبوعيا يقلل من الشعور بالوحدة.
4) التخفيف من قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي: فقد قامت ميليسا هنت، من جامعة بنسلفانيا، بقياس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على طلاب تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما، وأكدت أن "الاستخدام الأقل من المعتاد، يؤدي إلى انخفاض كبير في الشعور بالوحدة".
5) تغيير طريقة التفكير: أثبتت دراسات أيضا أن تغيير طريقة التفكير قد يكون جوهريا في التعامل مع الوحدة بالتوقف عن المبالغة في التفكير السلبي، والتركيز على الأمور الإيجابية.
6) الاستمتاع بالوقت: فالاستمتاع بالوقت لا يقل أهمية عن النشاط الاجتماعي، فاشغل وقتك بهواياتك واهتماماتك وبالمتعة التي توفرها لك هذه الأشياء، ولا تربط سعادتك بالآخرين.
7) وجود حيوان أليف: وجود حيوان أليف في حياتك قد يؤنس وحدتك، ويساعد في الحد من خطر الموت المبكر، وخاصة لدى من يعيشون بمفردهم، لأنهم الأكثر عرضة لخطر الشعور بالوحدة القاتلة.