من هي جماعات الهيكل؟ وما المكاسب التي يمكن أن تحققها في ظل حكومة يمينية متوقعة بإسرائيل؟

بدأ اليهود المتطرفون اقتحام الأقصى بشكل فردي ثم جماعي حتى وصل الحال الآن إلى تأدية صلوات تلمودية علنية في ساحات المسجد، وشكلت هذه الجماعات كتلة متطرفة داخل اليمين الصهيوني، وهي تاريخيا تنظر لاعتبار إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى بمثابة جوهر الوجود الصهيوني على أرض فلسطين.

اقتحام جماعات الهيكل المزعوم للأقصى
جماعات الهيكل تنظم اقتحامات منتظمة للمسجد الأقصى (ناشطون)

بحلول عام 2003، بدأ اقتحام اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى بقرار قضائي، ومنذ ذلك الحين بدؤوا يعوّلون على تحقيق التقدم بشكل تدريجي، فانطلقوا بالاقتحامات الفردية ثم الجماعية عام 2006، حتى وصل الحال الآن إلى تأدية صلوات تلمودية علنية في ساحات المسجد أثناء مسار الاقتحامات.

ومع قرب انعقاد انتخابات البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) -للمرة الرابعة على التوالي خلال عامين- يتجدد الحديث عن معتقدات "جماعات الهيكل" وتصاعد النفوذ البرلماني لها في الحكومة الإسرائيلية والمكاسب التي من الممكن أن تحققها في ظل حكومة يمينية قادمة.

شكلت هذه الجماعات كتلة متطرفة داخل اليمين الصهيوني تاريخيا، وتضم أتباع التيار القومي الديني الذي يرى مزج الطبيعتين القومية والدينية لليهودية، وانطلاقا من ذلك نظر حاخامو هذه الجماعات -من تلاميذ الحاخام أبراهام كوك- إلى اعتبار إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى بمثابة جوهر الوجود الصهيوني على أرض فلسطين.

ويعتبر هؤلاء أن التيار القومي العلماني الإسرائيلي الذي كان يتولى الحكومة عام 1967 أضاع الفرصة النادرة لقصف المسجد الأقصى وإزالته بالقوة العسكرية وتأسيس الهيكل المزعوم مكانه، ويرون في سعيهم المتنامي منذ الثمانينيات مجهودا لتعويض تلك الفرصة الضائعة لتأسيس الهيكل بشكل تدريجي ونقل أجندة تأسيسه إلى قلب الاهتمام المجتمعي والسياسي.

الاحتلال يسعى لتقويض الوصاية الأردنية بالأقصى ويمهد لبناء الهيكل مكان قبة الصخرة
الاحتلال يسعى لتكريس واقع جديد بالأقصى ويمهد لبناء الهيكل مكان قبة الصخرة (الجزيرة)

عمق النفوذ والتأثير

وعن تصاعد النفوذ البرلماني لجماعات الهيكل في الكنيست الإسرائيلي قال الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص إن الحاخام مئير كاهانا شكل الاختراق السياسي الأول لهذه الجماعات، إذ تمكن من دخول الكنيست تحت ستار تقدم اليمين الإسرائيلي بين عامي 1984و1988، لكنه مُنع لاحقا من الترشح بقرار من المحكمة.

وكان الدخول اللاحق لهذه القوة إلى الكنيست عام 2003 بنائبين، ثم تطور -وفقا لابحيص- فأصبح بـ3 نواب عام 2006، و7 نواب عام 2009، وفي عام 2013 بلغ عدد نواب جماعات الهيكل 13 نائبا، وفي 2015 وصلوا إلى 17 نائبا.

أما في انتخابات شهر أبريل/نيسان عام 2019 فكانوا 13 نائبا، وفي انتخابات شهر سبتمبر/أيلول بالعام ذاته وصلوا إلى 17 نائبا، وفي الانتخابات الأخيرة التي عقدت في شهر مارس/آذار عام 2020 صعدوا إلى 18 نائبا.

وعلق الباحث المقيم في الأردن على ذلك بقوله إن تلك الجماعات والنواب المتحالفين معها أو المتبنين لمقولاتها طلبا للشعبية باتوا يشكلون كتلة ثابتة بين 17 إلى 18 نائبا في الكنيست، أي يشغلون نحو 15% من مقاعده، وبما أنهم جزء عضوي من اليمين الحاكم فهم يشكلون 30% من الائتلاف الحاكم تقريبا، ويتوزعون بين حزب "الليكود" الحاكم وائتلاف "يمينا" أو حزب "البيت اليهودي" سابقا.

وشهدت تلك الجماعات ذروة صعودها -وفقا لابحيص- في فترة أزمة بنيامين نتنياهو في الانتخابات الثلاثة المتتالية على مدى عام 2019 ومطلع عام 2020، وتمكنت من الوصول إلى تولي 11 حقيبة وزارية ومن الحضور في الكابينيت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) بنحو نصف الوزراء الحاضرين فيه.

و"هذا ما يفسر مبادرة الحكومة الصهيونية للعدوان على الأقصى بشكل متكرر بين أعوام 2015 و2019 التي شهدت ردا على تلك الاعتداءات انتفاضة السكاكين 2015 وهبّة باب الأسباط 2017 وهبّة باب الرحمة 2019″، كما يقول ابحيص.

وحدة المصير مع نتنياهو

وحول المكاسب التي يمكن لجماعات الهيكل تحقيقها في ظل حكومة يمينية قادمة قال ابحيص إن هذه الجماعات تنظر لبنيامين نتنياهو باعتباره راعي صعود مسيرتها السياسية، رغم خلافها معه على الكثير من القضايا التي ترى أنه يجب أن يكون أكثر تشددا فيها. وبمقابل ذلك يدرك نتنياهو أنها على استعداد للقبول به زعيما دون شروط، وهذا ما يجعلهم أفضل حلفائه في مواجهة اتهامات الفساد، وما دام نتنياهو ملاحقا بتلك التهم -وبمعارضة يشكل إسقاطه برنامجها الوحيد- فسيحتضن تلك الجماعات أكثر وسيحاول تقوية موقفها.

وأشار ابحيص -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه على مدى المحطتين الانتخابيتين السابقتين كان المسجد الأقصى في قلب تحالفات نتنياهو، إذ عقد تحالفا مع زعيم تيار القيادة اليهودية موشيه فيغلين في انتخابات شهر سبتمبر/أيلول 2019، مقابل أن يقدم تسهيلات كبيرة للمقتحمين بوضع لوحات إرشادية لهم على أبواب الأقصى وبداخله باللغة العبرية، وتسهيل أداء طقوسهم على أبواب المسجد وبداخله.

اقتحام جماعات الهيكل المزعوم للأقصى
متطرفون يهود يحاولون أداء صلوات تلمودية بالأقصى (ناشطون)

أما في انتخابات شهر مارس/آذار 2020 فكاد يعقد نتنياهو اتفاقا مع زعيم حزب القيادة اليهودية إيتمار بن غفير، لكن الأخير اشترط فتح الأقصى للمقتحمين أيام السبت تمهيدا لتحويله إلى يوم يخصص فيه الأقصى للمقتحمين الصهاينة فقط، فرفض نتنياهو خوفا من تداعيات هذه الخطوة.

وفي المحطة الانتخابية الحالية رعى نتنياهو تحالفا انتخابيا بين قيادات تلك الجماعات الأكثر تطرفا في كتلة جديدة ستحمل اسم الحزب الديني الصهيوني، وذلك بتحالف بين المستوطن المتطرف وزير المواصلات في حكومة تسيير الأعمال عام 2019 بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير تلميذ الحاخام مئير كاهانا، مقابل أن يمنحهم نتنياهو مقعدا إضافيا في كتلة الليكود.

ويقول ابحيص إنه "يتوقع لتلك الكتلة الأكثر تطرفا أن تحصل على 5 إلى 6 نواب وحدها، ما يجعل حصة جماعات المعبد مرشحة للصعود إلى ما بين 18-20 نائبا موزعين بين 3 أحزاب (الليكود ويمينا والحزب الصهيوني الديني)، وهي الأحزاب المتوقع أن تمكّن نتنياهو من العودة إلى سدة الحكم بائتلاف يميني خالص من جديد".

وختم ابحيص مداخلته للجزيرة نت بقوله إنه إذا فاز اليمين الإسرائيلي بعدد مقاعد تؤهله للحكم وتمكّن نتنياهو من تشكيل ائتلاف حاكم فإن جماعات الهيكل قد تحوز على نحو ثلث أعضاء حكومته، وهو ما يعني أن المسجد الأقصى بفعل هذا التحالف سيتجه إلى تصدر المواجهة من جديد، وإلى أن يصبح استهدافه أعمق في قلب الأجندة الحكومية الإسرائيلية.

 

 

 

المصدر : الجزيرة