أزمة تتجدد كل عام.. ما سبب نقص المناهج الدراسية بالعراق؟ وأين تطبع؟

طباعة المناهج الدراسية بالعراق من الملفات المثيرة للجدل منذ نحو 20 عاما (مواقع التواصل)

تعد طباعة المناهج الدراسية في العراق من الملفات المثيرة للجدل، ومع بداية كل عام دراسي تعود أزمة نقص الكتب المدرسية إلى الواجهة، لأسباب عديدة، أبرزها كثرة التعديلات التي تطرأ على المناهج وقلة التخصيصات المالية والخلافات السياسية التي تشهدها البلاد.

ورغم مرور أكثر من شهرين على بدء الدوام المدرسي، تعاني أغلب مدارس العراق من نقص في المناهج الدراسية لجميع المراحل، حيث يتلقى آلاف التلاميذ دروسهم من دون استلام الكتب المدرسية.

أغلب مدارس العراق تعاني نقصا في الكتب الدراسية بسبب تأخر طباعتها أو قلتها (مواقع التواصل)

أزمة متجددة

يقول الباحث محمد الباقر موفق الزبيدي إن طباعة الكتب المدرسية في العراق من المسائل الشائكة بسبب سيطرة جهات معينة على هذا الملف، مع وجود نقص كبير في المطابع الوطنية السنوات السابقة ما عدا المطابع التي استحدثت الفترة الأخيرة.

ويبيّن -للجزيرة نت- أن المشكلة الحاصلة هذا العام والسنوات السابقة سببها الاعتماد على طباعة الكتب المنهجية من مطابع خارج العراق، لافتا إلى أن هناك بعض الصفقات الخاصة التي تشوبها شبهات فساد ولكن تجري المحاولات المستمرة التخلص من هذه المشاكل.

ويعزو الزبيدي أسباب تجدد مشكلة نقص المناهج الدراسية إلى غياب الخطط المنهجية الخاصة بطباعة الكتب والمناهج الدراسية، فهنالك تغيير في المناهج الدراسية كل سنتين أو 3 سنوات أو بين فينة وأخرى.

ويكشف عن حلول طارئة تلجأ إليها المدارس وأولياء الأمور، وهي وقتية لتفادي هذه المشكلة، ومنها الاعتماد على الكتب القديمة والمستخدمة وقيام بعض الميسورين بطباعة هذه الكتب على نفقتهم الخاصة من خلال التنسيق مع المطابع الأهلية وتوزيعها على الطلبة، كما عمد الكثير من أولياء الأمور إلى شراء هذه الكتب.

ويلفت الباحث إلى وجود العديد من المطابع الوطنية التي تأسست السنوات الأخيرة، يمكن أن تساهم في تخفيف المشكلة، وينبغي افتتاح المزيد من المطابع الوطنية المتطورة لكي تتم طباعة جميع المناهج داخل العراق حصرا.

نقص الكتب

ويؤكد مدير "دار المناهج للطباعة والنشر" محمد الناصري على أن نقص أعداد الكتب الدراسية يعود لعدم توفر بيانات بأعداد الطلاب في كل مرحلة، وكذلك اعتماد معظم الطلبة على ملازم (ملخصات) المدرسين.

ويضيف -للجزيرة نت- بأن من أهم أسباب تدهور دور النشر في بيع الكتب هو استنساخ الكتاب إلى أجزاء مما يسهل على الطالب حمله وكذلك رخص سعر الملزمة مقابل الكتاب.

ويلفت الناصري إلى أن هناك إشكاليات أيضا تخص الكتب الجامعية، ومن أعظم المشاكل عدم اعتماد كتاب معين في الجامعات وترك الحرية للأستاذ بتقديم أي كتاب يراه مناسبا، وهذا ما ينطبق على أغلب الكليات وفي كل الفروع والعلوم.

ويبيّن أنه شاهد في أحد معارض الكتب أن أغلب الطلاب والمدرسين كانوا يبحثون عن الكتاب الأرخص ولا يهتمون لجودة الطباعة ولا إن كان نسخة أصلية أو مستنسخة.

ناصر الكعبي أكد أن نقابة المعلمين تدعم بأن تكون مطابع المناهج عراقية أهلية (الجزيرة نت)

قلة المخصصات

من جانبه، يقول المتحدث الرسمي لنقابة المعلمين ناصر الكعبي -للجزيرة نت- بأن أموال طباعة الكتب تستهلك نسبة كبيرة من موازنة وزارة التربية كل عام، علما بأنها تحصل على أقل تخصيص ضمن الموازنة العامة للدولة.

ويبيّن أن طباعة الكتب يدور حولها لغط كثير منذ 2003، لكن ليس لنقابة المعلمين معلومات مفصلة حول هذا الملف لأن طباعة المناهج والقرطاسية تجري وفق الأصول الحسابية بالنسبة لديوان الرقابة المالية في وزارة التربية.

وينوه الكعبي إلى أن نقابة المعلمين طالبت في إضراب 17-18 فبراير/ شباط 2019 بفتح تحقيق حول بيع أو استثمار دار النهرين التابعة لوزارة التربية، لكن الواقع السياسي بالعراق قد يستمع للجهات المطالبة، لكن لا يعطى إجابات حاسمة.

ويتابع "نحن في نقابة المعلمين داعمون بأن تكون مطابع المناهج عراقية وخصوصا الأهلية، من أجل تشغيل اليد العاملة وتنشيط القطاع الاقتصادي، وأن تطبع داخل البلد، كون المطابع العراقية قادرة على أن تنجز مناهج تربوية توائم بين طموحات التلاميذ وذويهم وبين المعلم العراقي".

حيدر فاروق نوه إلى أن جميع المناهج الدراسية باتت تطبع في العراق عدا اللغة الإنجليزية (الجزيرة نت)

أسباب التأخير

بدوره يقول الناطق الرسمي السابق باسم وزارة التربية حيدر فاروق -للجزيرة نت- إن تأخير تخصيص الأموال الخاصة بطباعة الكتب قبل الموعد المحدد لبداية العام الدراسي -رغم تكرار مخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء- أدى إلى تأخير تجهيز المدارس بالكتب الجديدة.

ويؤكد أن وزارة التربية تتابع ملف طباعة الكتب المدرسية باستمرار، إذ قام الوزير الحالي إبراهيم نامس الجبوري بزيارة مطبعة النهرين للاطلاع على واقع طباعة المناهج الدراسية وكذلك مطبعة دار الوارث، للحث على الإسراع بإكمال المناهج الدراسية.

ويضيف فاروق على أن وزارة التربية باشرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتوزيع المناهج الدراسية بعد استلامها من المطابع بالمخازن المركزية، ومن ثم إلى المخازن الفرعية في المديريات العامة للتربية.

وينوه إلى أن جميع المناهج الدراسية باتت تطبع في العراق عدا منهاج الإنجليزية وهو الذي يكون بمثابة عقد مع شركة غارنيت تطبعه خارج البلاد، وهذا العقد يتضمن تأليف وطباعة وتدريب الملاكات التربوية، وتكون طباعة هذه المناهج بإشراف المديرية العامة للمناهج.

وحول شبهات الفساد بعقود طباعة المناهج، يقول المتحدث السابق باسم وزارة التربية إن هناك محاكم ونزاهة، ويمكن لأي شخص يملك هذه الوثائق والدلائل الذهاب إليها لإثبات ادعاءاته.

ويؤكد فاروق أن العام الدراسي المقبل سيشهد توزيع كامل المناهج في وقت مبكر مع بداية العام الدراسي، ولدى الوزارة خطط لتهيئة كافة السبل الكفيلة بنجاح العملية التربوية خلال الفترة المقبلة.

المصدر : الجزيرة