"غصن الزيتون".. معركة لاستعادة عفرين
"غصن الزيتون" عملية عسكرية يقودها الجيش التركي بمشاركة الجيش السوري الحر ضد وحدات حماية الشعب الكردية بمدينة عفرين السورية الحدودية، حيث أكدت أنقرة أنها عملية لحماية أمنها القومي وتسليم المدينة لأهلها، بينما ترى منظمات كردية ودمشق وأعضاء بمنظمة غولن أنها اعتداء.
أمن قومي
بدأت عملية الجيش التركي ضد وحدات حماية الشعب بمدينة عفرين الحدودية شمالي سوريا، والتي أطلق عليها اسم "غصن الزيتون"، رسميا يوم السبت 20 يناير/كانون الثاني 2018 بعد تدشين المرحلة البرية، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عملية عفرين قد بدأت على الأرض، وستتبعها مدينة منبج، وستستمر حتى حدود العراق، وذلك لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من تلك المناطق، وتحصين الأمن القومي التركي.
وسبق العملية البرية قصف مستمر بالطيران والمدفعية لمواقع عسكرية، وأعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي أن الجيش السوري الحر يشارك بشكل فعال في عملية عفرين.
وعند بدء العملية البرية، أعلنت السلطات أن 15 منطقة جنوبي تركيا على الحدود مناطق أمنية خاصة لمدة أسبوعين.
وفي 20 يناير/كانون الثاني نفذت تركيا قصفا جويا مكثفا على عفرين، وقالت مصادر عسكرية إن القصف استهدف 108 أهداف عسكرية من أصل 113. وكانت أبرز المواقع المستهدفة: محطة الإذاعة في ناحية شيخ حديد، ومقر حجيكو في راجو، وحاجز الغزاوية، وجبل برصايا، ومعسكر قيبار، وقرية المالكية، وحمدية، وحاجيلار، وتل سللور، وفريرية، واللواء 135 قرب قيبار، وتل رفعت، ومطار مينغ العسكري.
بعدها بيوم أُعلن عن سيطرة الجيش السوري الحر على قرية شنكال، وتزامن ذلك مع كشف رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أن "غصن الزيتون" ستنفذ على أربع مراحل، وسينشأ خلالها مجال أمني على عمق 30 كيلومترا.
وحسب وكالة الأناضول، فإن "السوري الحر" نجح وبدعم من القوات التركية في إحكام قبضته على قرى أخرى غير شنكال، منها كورني، وبالي، وإدامانلي، إضافة إلى مزارع كيتا وكوردو، وبينو، وتلة سوريا، وتلة 240، إلى جانب تلتين أخريين.
أربعة محاور
حسب الخطة التي وضعت، فإن الجيش التركي والجيش السوري الحر يقتحمان منطقة عفرين من أربعة محاور رئيسية ضمن مراحل العملية، والهدف هو اتصال قوات الجيش السوري الحر في ريفي حلب الغربي والشمالي، واستعادة المناطق التي تمددت إليها الوحدات الكردية قبل أكثر من عامين تحت غطاء جوي روسي وانتزعتها من الجيش السوري الحر، وهو ما سيؤدي إلى قطع منطقة عفرين عن مناطق قوات النظام.
وتعول المنظمات الكردية على مدينة عفرين من أجل الوصول إلى البحر المتوسط عبر المدينة، كما يشكل التنظيم تهديدا على مناطق "درع الفرات"، ومناطق خفض التوتر في محافظة إدلب.
وتخضع مدينة عفرين سياسيا للإدارة الذاتية، وعسكريا وأمنيا "لوحدات حماية الشعب"، وتعد من التجمعات الثلاثة التي تشرف عليها الإدارة الذاتية في سوريا (الجزيرة، وعين العرب/كوباني، وعفرين).
ولعفرين أهمية إستراتيجية في المشروع الكردي، نظرا لأنها تشكل الجسر الجغرافي لوصل هذا المشروع بالبحر المتوسط إذا أتاحت الظروف ذلك، كما صرح بذلك العديد من المسؤولين الأكراد.
وأكد أردوغان في مؤتمر لحزبه بولاية كوتاهيا غربي تركيا يوم السبت 20 يناير/كانون الثاني 2018، أن هناك من يحاول خداع تركيا بوضع أسماء مختلفة للمنظمات الموجودة في سوريا، وأن بعضهم يقول إنها جيش حماية حدود، في إشارة على ما يبدو إلى ما قالت الولايات المتحدة إنها قوة عسكرية تسعى لتشكيلها على حدود سوريا من المقاتلين الأكراد وغيرهم.
واعتبر الرئيس التركي أن اسم هذه المنظمة هو حزب العمال الكردستاني "ولا يهمنا ما يقولون".
مواقف
تباينت المواقف بشأن "غصن الزيتون" بعد انطلاقها، حيث أكد رئيس الأركان التركية خلوصي أكار أن العملية حق مشروع لبلاده تكفله القوانين والقرارات الدولية، كما اتصل رئيس حزب الحركة القومية التركي المعارض، دولت باهجه لي بالرئيس أردوغان وأعرب له عن دعمه للعملية.
وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قال من جهته إن "لدى تركيا مخاوف أمنية مشروعة، وأبلغتنا مسبقا بغاراتها الجوية" على مدينة عفرين، وأضاف أن تركيا شريك مهم لبلاده في حلف شمال الأطلسي.
وسارع "الناتو" للتعبير عن دعمه لتركيا ولـ"غصن الزيتون"، وقال مسؤول في حلف الناتو لمراسل الأناضول في العاصمة البلجيكية بروكسل إن تركيا تقع في منطقة تسودها الفوضى، وإنها تعرضت لخسائر كبيرة بسبب الإرهاب. وأشار إلى أن تركيا زودت حلفاءها في الناتو بمعلومات حول عملية غصن الزيتون.
وحمّلت موسكو واشنطن مسؤولية الأزمة في عفرين، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "الاستفزازات الأميركية" من العوامل الرئيسية التي أزّمت الوضع شمالي غربي سوريا ودفعت تركيا لشن عملية عسكرية في عفرين ضد مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية.
واعتبرت الوزارة الروسية أن سعي أميركا لعزل مناطق الأكراد ودعمهم بالسلاح وراء حمل الجيش التركي على شن عملية عفرين العسكرية، وأعلنت أنها سحبت أفراد المراقبة التابعين لها من محيط عفرين حفاظا على سلامتهم وتجنبا لأي استفزازات.
وذكرت وكالة الأناضول أن عددا من منتسبي منظمة "فتح الله غولن"، عبروا عن انزعاجهم من "غصن الزيتون"، وقالت إنهم وجهوا انتقادات للعملية العسكرية.
أما الرئيس السوري بشار الأسد فقال إن عملية عفرين لا يمكن فصلها عن السياسة التي انتهجتها تركيا منذ اليوم الأول لاندلاع الصراع في سوريا، ووصف "غصن الزيتون" بـ"العدوان الغاشم على مدينة عفرين".