شعار قسم مدونات

بين دهاء كلوب وسذاجة فالفيردي كان الختام

blogs كلوب

إنتقلت بطاقة التأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم من برشلونة بعد تسعين دقيقة في الكامب نو إلى ليفربول بعد تسعين دقيقة في الأنفيلد، برباعية تاريخية غيبت ثلاثية رفقاء ميسي ذهابا تغييبا، وجعلت سيد أندية إنجلترا وممثلها الأبرز على الساحة الأوروبية عريسا لليلة الأكبر في دوري أبطال أوروبا لحد الأن، ليلة عظيمة كان الأسعد فيها الهادئ الغاضب المدرب الألماني يورغن كلوب بعدما كان الأتعس بخسارة الذهاب وغيابات الإياب العديدة المؤثرة، وتراكم المشاكل التي لم تأتى فرادى بل إجتمعت وجلعت من الإنجاز إعجازا كان صعبا أو مستحيلا قبل حين، لو سألت أشد المتفائلين من معسكر الأحمر والأبيض أو أشد المشائمين من المعسكر الأزرق والأحمر لما توقعها كما كانت إطلاقا.

  

الداهية الألماني يورغن كلوب سئ الحظ كما يسمى والذي يرى نفسه غير ذلك، صنع من ليفربول منذ قدومه قبل أربع سنوات نسخة إستثنائية رغم عدم تتويجهما بالألقاب، نسخة تنافس بقوة، ثابتة المستوى، جيدة الأداء، وتقدم كرة هجومية ممتعة تجعل من المنافسين الكبار صغارا، عيبها فقط أنها لا تجيد جعل النهاية والختام سعيدا، في لقاء برشلونة أجاد الامبراطور الألماني تسيير المباراة بذكاء، وهي التي لم يكن ليخسر فيها شيئا وهو المنهزم إيابا بنتيجة ثقيلة، مستغلا كل العوامل التي قد تساهم في جعل نتيجة الذهاب نسيا منسيا، فكان أبناء الألماني جد أذكياء في تسيير اللقاء فهدف البلجيكي أوريجي الوحيد وبعض الفرص الخطيرة كان كافيا لدخول غرف الملابس بين شوطى اللقاء بمعنويات عالية رغم إصابة روبرتسون، والتي لم تكن شيئا عظيما يحزن عنه كلوب فتغييره بفينالدوم وجعل ميلنر مكانه جاء بالمطلوب بهدفي البديل الذين كانا كافيين لتعديل النتيجة بين الذهاب والاياب، قبل أن يأتي هدف رابع حاسم مؤهل جاء سببه مزيجا بين ذكاء الظهير الانجليزي ألكسندر أرنولد والبلجيكي لوريك أوريجي وغباء دفاع البارصا ورعونته، أيضا عرف كلوب منذ البداية كيف يشحن لاعبيه ككل وبدلاءه كأوريجي وشاكيري الذين خلفا مفاتيح الفريق صلاح وفيرمينو المصابين، حيث قدما أداءا ممتازا فسجل الأول هدفين وأدى الثاني دوره التيكتيكي المنوط به بإمتياز.

 

على عكس فالفيردي سيكون كلوب أمام فرصة عظيمة لنسيان كل إخفاقات الماضي والتتويج هذه المرة بذات الأذنين بعد أن إنتزعها ريال مدريد منه الموسم الماضي

إنجاز ليفربول الإعجازي والريمونتادا التاريخية التي صنعها لاعبوه لم تكن لتحصل وبهذه السهولة، لولا الخلل العظيم والضعف الكبير في المنافس الكاتالوني الذي لُدِغ من الجحر مرتين وفي موسمين متتاليين، فبعد ريمونتادا روما التاريخية التي حولت تأهلا كان في برشلونة بعد 90 دقيقة على أرضية الكامب نو أنهاها رفقاء ميسي برباعية لهدف، إلى روما بعد 90 دقيقة في على أرضة الاولمبيكو بعدما أنهاها رفقاء مانولاس بثلاثية تاريخية أنهت أحلام رفقاء ميسي في إستعادة لقب غاب عنهم لثلاث سنوات كاملة. جاءت الأن ريمونتادا أخرى من ليفربول فكانت تتمة لموسم يعتبر سيئا الأن، فقد أخفت غابة الفشل شجرة تتويج بالليغا، تنشيط نهائي الكأس ووصول الى نصف نهائي دوري الأبطال وهذا الهدف الابرز للنادي ومادونه يعتبر إخفاقا ولو كان هناك تتويجات محلية عدة، فهكذا عودنا الكبار من الأندية التي لا ترضى إلا بذات الأذنين إنجازا.

 

أرنستو فالفيردي يثبت كل مرة أن النادي الكاتالوني أكبر منه كمدرب، وأنه أصغر حقا من أن يدرب نادي بعظمة برشلونة بتاريخه الكبير، ولولا إنقاذ ميسي لبعض مواسمه بألقاب محلية بين الليغا، كأس الملك وكأس السوبر لكان قبل مدة ليست بالقصيرة خارج أسوار الكامب نو في أحد أندية الصف الثاني. فاليفردي وبعد فوز في الذهاب بثلاثية نظيفة لم يعرف كيف يستغل هذا التقدم الكبير، تقدم في شوط أول غالبا لا تعود الاندية الكبرى جارة أذيال الخيبة بعده في الشوط الثاني، ولكنه يحدث مع النادي الكاتالوني لثاني مرة تواليا في حقبته، تعنت فالفيردي خلال الموسم وأخطاؤه الكثيرة جعل من برشلونة فريقا سهل المنال في أحيان كثيرة يدحض ذلك فقط مفتاحين هما شتيغن وميسي ينقذان رأسه كل مرة إلا هذه المرة.

 

في مقابلة الإياب ضد ليفربول عاد فالفيردي لنفس تشكيل الذهاب ونفس الخطة 4-3-3 هجوميا و4-4-2 دفاعيا بمساعدة كوتينيو لخط الوسط المتكون من فيدال، راكيتيتش، وبوسكيتس، وهو ثلاثي خط الوسط الذي غالبا ما يفقد النادي هيبته واستحواذه، ويجعل الفريق بطئ الانتقال وهو ما ظهر جليا في عديد المرات، في حين كان لقاءا الذهاب مغايرا بنتيجة مغايرة جعلها ميسي كذلك كما جعل لقاء اشبيلية وغيرهما مغايرا أيضا ذات يوم، وهو ما يثبت أن خط الوسط بوجود هذا الثلاثي معا ضعيفا جدا ويحتاج لارثور بشدة وهذا ما كان بعد ما وقع الفأس في رأس فالفيردي في الانفيلد، ليدفع بمالكوم الذي قتله على مقاعد البدلاء ويستعين بسيميدو الذي كان حلا مميزا قبل أسبوع في الكامب نو ووجد نفسه احتياطيا في الإياب.

 

برشلونة فالفيردي لا يقدم مستويات مميزة، غير جيد دفاعيا حيث يغطي ضعف خطه الخلفي الأخطبوط الالماني شتيغن أحسن حراس العالم، ليس هناك ربط بين الخطوط كما كانت العادة على خط وسطه الذي كان الأحسن قبل حين، غاب الاستحواذ، نقصت النجاعة الهجومية، والتي لا يفك شفرة شباك خصوم الفريق سوى القصير الأرجنتيني ميسي غالبا، كلها أسباب وغيرها كذلك يجعل من حقائب فالفيردي حاضرة في أي وقت للحمل وللرحيل، ليستعين النادي الكاتالوني بمن هو أهل حقا لقيادة ميسي وزملاؤه للألقاب الأوروبية.

 

على عكس فالفيردي سيكون كلوب أمام فرصة عظيمة لنسيان كل إخفاقات الماضي والتتويج هذه المرة بذات الأذنين بعد أن إنتزعها ريال مدريد منه الموسم الماضي، وانتزعها منه بايرن ميونيخ بهدف الهولندي أريين روبن في أخر انفاس اللقاء قبل ست مواسم حين كان على دكة بروسيا دورتموند الالماني.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.