ماجد فرج.. رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية

Majid Faraj, head of the Palestinian General Intelligence Service (GIS) and member of Fatah's Revolutionary Council, attends the midnight Christmas mass in the Church of the Nativity in Bethlehem, in the Israeli-occupied West Bank on December 25, 2022. (Photo by AHMAD GHARABLI / POOL / AFP)
ماجد فرج تتهمه حماس بتحريض النظام المصري عليها مما وتر علاقاتها مع القاهرة (الفرنسية)

ماجد فرج، سياسي فلسطيني، قيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، من مواليد عام 1963، اعتقل عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية. وقضى بالسجن عاما ونصف العام بسبب نشاطه في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وساهم في تأسيس الشبيبة الفتحاوية، وكان أيضا من الوجوه البارزة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، أصدر رئيس السلطة في رام الله محمود عباس قرارا بتعديل قانون المخابرات ليمكن فرج من الاستمرار في منصبه فترة غير محددة، وبموجب هذا التعديل أصبح تعيين رئيس هذا الجهاز وإنهاء خدماته بيد رئيس السلطة، كما أصبح يتمتع بدرجة وزير.

الولادة والنشأة

ولد ماجد علي محمد خليل فرج، وكنيته أبو بشار، في 28 فبراير/شباط 1963 في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية، نزحت عائلته من قرية راس أبو عمار في قضاء القدس.

وتوفيت والدته عندما كان في الـ13 من عمره بعد معاناة مع مرض عضال، وهو الأخ الثاني ضمن 6 أشقاء، وبعد زواج والده الثاني صار له 6 إخوة آخرون.

وقد دفعته ظروف الفقر داخل المخيم إلى ترك الدراسة والعمل للمساهمة في إعالة العائلة، فتنقل بين عدد من الورشات والمهن، فعمل في صناعة الصدف في منجرة بالمخيم، وبناء السوق المركزي لبيت لحم، ثم في ورشة الخشب لصناعة ألعاب الأطفال بمركز المصادر للطفولة المبكرة التابع لمؤسسة بيت الشرق التي كان يرأسها الراحل فيصل الحسيني.

واعتقل فرج لأول مرة عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية لمدة عام ونصف العام، وتوالت بعدها الاعتقالات لأكثر من 15 مرة، إذ أمضى في المجمل 6 سنوات متنقلا بين السجون والمعتقلات الإسرائيلية في الفارعة والظاهرية والمسكوبية والخليل ونابلس وعتليت والنقب.

فرج اعتقل لأول مرة عندما كان طالبا بالمرحلة الثانوية لمدة عام ونصف العام (الأناضول)

كان فرج في الـ22 من عمره عندما تزوج من الفلسطينية أمل، حيث جمعهما النضال داخل هيئات حركة فتح، إذ كان حينها مسؤولا بالشبيبة الفتحاوية وكانت هي مسؤولة الشابات، قبل أن يجمعهما الزواج عام 1985، وتتولى الزوجة منصب نائب رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية.

وقد استشهد والده خلال اجتياح القوات الإسرائيلية بيت لحم عام 2002 ضمن عملية عسكرية أطلقت عليها "الدراع الواقي" وحاصرت خلالها كنيسة المهد 40 يوما، وأطلق جنود الاحتلال حوالي 10 رصاصات عليه عندما خرج لشراء الخبز والحليب خلال فترة حظر التجوال.

ودخل معظم أشقائه السجون الإسرائيلية، وكان شقيقه أمجد من كوادر الجبهة الشعبية في بيت لحم، وقضى في السجون 6 سنوات، وتوفي في عقده الثالث بعد معاناة مع مرض عضال، ونعته القوى الوطنية بوصفه واحدا من شهداء الحركة الوطنية الفلسطينية.

وعام 2018 أجرى عملية جراحية ناجحة على القلب في أحد مستشفيات الولايات المتحدة، حيث تم تركيب دعامتين في الشرايين التاجية لقلبه، كما خضع قبلها بـ6 أشهر لعملية قسطرة في القلب بأحد المستشفيات الإسرائيلية.

الدراسة والتكوين

تلقى فرج تعليمه الأساسي والثانوي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الدهيشة، وحصل على شهادة الثانوية العامة وهو في السجن.

وتوقف عن الدراسة لفترة طويلة قبل أن يقرر استئنافها، فحصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة من جامعة القدس المفتوحة عام 1995.

المسار النضالي

انتمى فرج في سن مبكرة للجبهة الشعبية واعتقل بسبب نشاطه فيها لمدة عام ونصف العام، وهو في الـ16 من عمره، ثم قرر بعدها الانضمام لحركة فتح.

وشارك في تأسيس "الشبيبة الفتحاوية" الذراع الشبابية والطلابية لمنظمة "فتح" عام 1982 بهدف تنظيم الشباب الفلسطيني وتوعيته لمقاومة الاحتلال، غير أن إسرائيل حظرتها عام 1987، كما كان أحد قيادات الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى.

فرج (يمين) وعباس مع رئيس المخابرات السرية البريطانية مور (يسار) بالضفة (الأناضول)

التجربة السياسية

مع إنشاء السلطة الفلسطينية عقب اتفاق أوسلو عام 1993، انضم فرج لجهاز الأمن الوقائي في بيت لحم، ثم عين مديرا للجهاز بمحافظة دورا، وعام 2000 تولى الأمن الوقائي بمحافظة الخليل، وعام 2003 عمل مستشارا لوزير الداخلية حكم بلعاوي، إلى أن عين مديرا لجهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية عام 2006.

وكلفه عباس برئاسة المخابرات العامة الفلسطينية في 15 سبتمبر/أيلول 2009، خلفا للواء محمد منصور، وهو الرئيس الرابع للجهاز بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي ومنصور.

ولعب فرج دورا هاما في الكثير من الملفات الإستراتيجية للسلطة الفلسطينية أبرزها المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، والتنسيق الأمني مع إسرائيل، بالإضافة إلى ملفات خاصة عديدة أوكلها إليه عباس مما أكسبه نفوذا واسعا.

وبرز اسمه سياسيا عند مشاركته ضمن وفد حركة فتح في حوارات المصالحة مع حركة حماس، والتي عقدت في القاهرة ما بين عامي 2009 و2011.

وشارك فرج في وفد منظمة التحرير الفلسطينية الذي زار قطاع غزة في أبريل/نيسان 2014، مما نتج عنها إبرام اتفاق مصالحة مع حركة حماس وتشكيل حكومة توافق وطني برئاسة رامي الحمد الله.

في مقابلة صحفية نادرة عام 2016 مع موقع "ديفينس نيوز" دافع فرج عن التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وإسرائيل، وقال إن سيستمر من أجل منع المزيد من الفوضى ومنع من سماهم المتطرفين، وأعلن حينها أن أجهزة الأمن الفلسطينية أحبطت 200 هجوم محتمل ضد إسرائيل واعتقلت أكثر من 100 فلسطيني وصادرت أسلحة.

وتحظى شخصية فرج بالقبول لدى اللاعبين الدوليين والإقليميين، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، وبسبب هذا القبول كلفه عباس في 2 ديسمبر/كانون الأول 2017 بترؤس وفد من السلطة لزيارة واشنطن لمناقشة أزمة إغلاق مكتب البعثة الفلسطينية بالعاصمة واشنطن.

وكان مع الحمد الله في زيارة لغزة في مارس/آذار 2018، حين تعرض الموكب لهجوم بقنبلة زرعت على الطريق لكنهما لم يتعرضا لأي أذى، وحمل عباس حينها حماس مسؤولية الهجوم، غير أن هذه الأخيرة نفت هذه الاتهامات، واتهم قياديون فيها فرج بتدبير التفجير للعبث بأمن القطاع واختلاق حجة للتملص من المصالحة.

وعام 2020، قالت مصادر إعلامية فلسطينية وإسرائيلية إن قوات الأمن الفلسطيني اعتقلت خلية من أعضاء فتح يشتبه في تخطيطها لهجوم على عائلة فرج.

وقد أوردت المصادر أن الموقوفين كانوا يخططون لتفخيخ سيارة أسرة رئيس المخابرات، غير أنه تم التكتم على نتائج التحقيقات النهائية.

Director of Palestinian General Intelligence in the West Bank Majid Faraj is seen in the West Bank city of Ramallah on Dec. 3, 2016. - GETTY/Ahmad Gharabli Director of Palestinian General Intelligence in the West Bank Majid Faraj is seen in the West Bank city of Ramallah on Dec. 3, 2016. - GETTY/Ahmad Gharabli
فرج حصل من رئيس السلطة على نجمة القدس العسكرية عام 2013 (غيتي)

في مرمى الاتهامات

عام 2013، اتهمت حماس فرج بتحريض النظام المصري عليها، وعلى قادتها، من خلال معلومات خاطئة حول وجود دور للحركة في الأحداث الأمنية في مصر.

وأعلنت حماس حينها حصولها على وثائق موقعة من رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية تتضمن تعليمات للقيام بحملة منظمة -بالاشتراك مع إعلام فتح- لتحريض الرأي العام المصري عليها وعلى قطاع غزة، عبر نشر معلومات عن تدخل حماس بالشؤون الداخلية لمصر مما نتج عنه توتر العلاقات بين حماس والنظام المصري.

وقد وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اتهامات لفرج بالاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج في يونيو/حزيران 2016.

وفي الشكوى -التي وجهتها لمكتب النائب العام بالمحكمة الجنائية الدولية- قالت هذه المنظمة إنها أدلة تشير لتورط جهاز المخابرات برئاسة فرج وجهاز الأمن الوقائي في حملة اعتقالات تعسفية تضمنت مداهمات ليلية، ومصادرة مقتنيات شخصية، وتعريض بعض المعتقلين للاختفاء القسري والتعذيب.

وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان -من خلال عدد من الوثائق- أسماء المعتقلين والأماكن التي احتجزوا فيها بشكل مخالف للقانون، وتعرضوا فيها لتعذيب وحشي.

التنافس على خلافة عباس

أصدر رئيس السلطة قرارا بقانون في العاشر من يناير/كانون الثاني 2023 سمح بموجبه لرئيس المخابرات بالبقاء في منصبه لمدة مفتوحة لا تنتهي إلا بقرار منه، وأن يكون رئيس المخابرات العامة بدرجة وزير.

وكانت ولاية فرج قد انتهت عام 2013 بموجب القانون السابق، لكنه ظل يشغل منصبه بدعم من رئيس السلطة.

وقد قرأ مراقبون في هذا القرار خطوة لتعزيز حظوظ فرج في معركة الخلافة على منصب الرئيس، ومحاولة من عباس لتوسيع دائرة القيادات المتنافسة على منصبه بعد وفاته أو فقدانه القدرة على إدارة السلطة بسبب العجز الطبي.

ولخلافة عباس، يحظى فرج بالقبول الأميركي والإسرائيلي بالنظر لدوره في التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، وتعاونه مع وكالة الاستخبارات الأميركية، في عدد من الملفات، ودعمه خطة الأميركي مايكل فينزل التي تستند إلى فكرة إنشاء قوة أمنية فلسطينية يتم تدريبها وإرسالها لمواجهة المجموعات شمال الضفة الغربية.

ويواجه فرج منافسين آخرين في معركة الخلافة هم حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة فتح، ومحمود العالول نائب رئيس المنظمة، وجبريل الرجوب أمين سر لجنتها المركزية، ورئيس الوزراء محمد اشتية، والأسير القيادي بحركة فتح مروان البرغوثي.

التكريمات

وشّحه عباس بوسام نجمة القدس العسكرية عام 2013، الذي يمنح للقيادات العسكرية والأمنية الفلسطينية والعربية والأجنبية التي "قدمت خدمات لفلسطين".

المصدر : مواقع إلكترونية