حركة المقاومة الإسلامية

من أبرز حركات المقاومة على الساحة الفلسطينية. خاضت تجربة المشاركة السياسية في 2006 وفازت في الانتخابات، ثم سيطرت على قطاع غزة في 2007 بعد اشتباكات مسلحة مع السلطة الوطنية. وهي تنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني". أصدرت عام 2017 وثيقة المبادئ والسياسات العامة.
تأسست حركة المقاومة الإسلامية -المعروفة اختصارا باسم "حماس"- في ديسمبر/كانون الأول 1986 على يد الشيخ أحمد ياسين وبعض عناصر الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية، مثل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور محمود الزهاروغيرهما.
وكان الإعلان الأول لحركة حماس عام 1987، لكن وجودها تحت أسماء أخرى في فلسطين يرجع إلى ما قبل عام 1948، حيث تعتبر نفسها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928. وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي".
القادة
من قادتها من استشهد مثل الشيخ أحمد ياسين ويحيى عياش وإسماعيل أبو شنب وعبد العزيز الرنتيسي وسعيد صيام، ومنهم من هو على قيد الحياة مثل خالد مشعل ومحمود الزهار وإسماعيل هنية.
تولى خالد مشعل رئاسة المكتب السياسي لحماس سنة 1996، واستمر في منصبه بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين في 23 مارس/آذار 2004، وتعرض في 25 سبتمبر/أيلول 1997 لمحاولة اغتيال فاشلة في العاصمة الأردنية عمّان على يد عميلين للموساد الإسرائيلي.
كما اعتقل في 22 سبتمبر/أيلول 1999 في الأردن بعد عودته من إيران، حين قررت السلطات الأردنية إغلاق مكاتب حماس. وبعد ذلك أُبعد إلى قطر يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1999، ثم اختار الإقامة في دمشق مع التردد على الدوحة من حين إلى آخر.
وبعد اندلاع الثورة السورية في 2011 وتوتر الأوضاع في البلاد، قرر مشعل وباقي قياديي حماس مغادرة دمشق بشكل نهائي.
وفي أبريل/نيسان 2013 أعادت حركة حماس انتخاب خالد مشعل رئيسا لمكتبها السياسي بالتزكية، وذلك خلال اجتماع لمجلس الشورى المركزي -الذي يمثل الحركة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات- عقد في العاصمة المصرية القاهرة.
التوجه السياسي
لا تؤمن حركة حماس بأي حق لليهود في فلسطين، وتعمل على طردهم منها، ولا تمانع في القبول مؤقتا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، لكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق في فلسطين التاريخية. وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود".
وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي. وتعتقد أن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد أن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.
وتعتقد حماس بخطأ المسيرة السلمية التي سار فيها العرب بعد مؤتمر مدريد عام 1991، وتعتبر اتفاق أوسلو (عام 1993) -ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة- تفريطا واعترافا لإسرائيل بحقها في الوجود داخل فلسطين.
وتنشط حماس في مجال التوعية الدينية والسياسية والاجتماعية، وتتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج، وفضلاً عن مؤسساتها المتعددة والكثيرة داخل فلسطين فإنها تحظى بدعم عدد مهم من المؤسسات في الخارج.
العمل العسكري
يمثل العمل العسكري للحركة توجها إستراتيجيا كما تقول لمواجهة "المشروع الصهيوني في ظل غياب المشروع التحرري العربي والإسلامي الشامل"، وتؤمن بأن هذا العمل وسيلة للإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة حتى تحقق أغراضها، وللحيلولة دون التمدد "الصهيوني التوسعي في العالمين العربي والإسلامي".
وتعتبر حماس أنها ليست على خلاف مع اليهود لأنهم مخالفون لها في العقيدة، ولكنها على خلاف معهم لأنهم يحتلون فلسطين.
وقامت الحركة بالعديد من العمليات العسكرية عن طريق جناحها العسكري المسمى "كتائب عز الدين القسَّام"، وأثارت عملياتها الفدائية جدلاً دولياً انعكس على الداخل الفلسطيني.
كما قامت بدور أساسي في انتفاضة الأقصى التي بدأت في 28 سبتمبر/أيلول 2000، كما كانت المحرك الرئيسي للانتفاضة الأولى في عام 1987، وما تلاها من أعمال مقاومة.
تشكيل الحكومة والهدنة
شاركت حماس للمرة الأولى في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 وفازت بأغلبية كبيرة، وأقصت بهذا الفوز حركة فتح التي تصدرت المشهد الفلسطيني لعقود.
وبعد رفض الفصائل المشاركة في حكومة حماس، شكلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية الذي سلم في 19 مارس/آذار 2006 قائمة بأعضاء حكومته إلى الرئيس محمود عباس، لكن الحكومة قوبلت بحصار إسرائيلي مشدد عرقل عملها، وبمحاولات داخلية للإطاحة بها من خلال سحب كثير من صلاحياتها وإحداث القلاقل الداخلية طوال عام 2006.
وبمبادرة من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وقّعت حركتا حماس وفتح على ما بات يعرف بـ"اتفاق مكة" في فبراير/شباط 2007، وشكلت الفصائل حكومة وحدة وطنية.
لكن بعد اتفاق مكة بأسابيع قليلة تجددت الاشتباكات بين مسلحي فتح وحماس، وهو ما انتهى بسيطرة حماس على قطاع غزة، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي في 14 يونيو/حزيران 2007.
وفي ظل هذا الوضع، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن حل حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد اتفاق مكة، وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة طوارئ.
وفي سبتمبر/أيلول 2009 رفضت حماس التوقيع على "الورقة المصرية" التي طرحتها القاهرة للوساطة بينها وبين فتح، وقالت حماس إنها بحاجة إلى وقت لدراستها قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور من جديد لشهور طويلة.
وفي مطلع مايو/أيار 2012 وقعت الفصائل الفلسطينية وبينها حماس اتفاق المصالحة في القاهرة (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني)، تلته قمة بين محمود عباس وخالد مشعل أعلنا فيها بدء "شراكة فلسطينية جديدة".
وضعت الولايات المتحدة الأميركية حماس على قائمتها للإرهاب، معتبرة المقاومة الوطنية التي تقوم بها داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي عملا "إرهابياً".
وقد أعطت بهذه القائمة الضوء الأخضر للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتخلص منها بوسائلها الخاصة التي منها الاغتيال والتصفية الجسدية المباشرة لقادتها وكوادرها.
في القاهرة يوم 28 فبراير/شباط 2015، قضت محكمة الأمور المستعجلة بتصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة إرهابية، بعدما قضت قبل شهر واحد (26 يناير/كانون الثاني 2015) بعدم الاختصاص في نظر دعوى تطالب باعتبار حماس "منظمة إرهابية".
نفت الحركة كل الاتهامات، ووصفت الحكم بأنه مسيس وهروب من الأزمات الداخلية، واعتبرته صادما وخطيرا، يستهدف الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة الفلسطينية.
وفي 6 يونيو/حزيران 2015، ألغت محكمة الأمور المستعجلة في مصر الحكم المذكور، وقضت بعدم الاختصاص في نظر الدعوى، وذلك بعد طعن الحكومة المصرية -ممثلة في هيئة قضايا الدولة- في الحكم استنادا إلى صدور قانون للكيانات الإرهابية، الذي يجعل إدراج شخص أو منظمة على قوائم الإرهاب ليس من اختصاص محاكم الأمور المستعجلة.
وانتقل نظر الدعوى إلى محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة التي حددت جلسة 10 مايو/أيار 2015 للنطق بالحكم قبل أن ترجئ النطق بالحكم إلى يوم 23 من الشهر نفسه، ثم إلى يوم السبت 6 يونيو/حزيران 2015 لتلغي الحكم الذي أصدرته يوم 28 فبراير/شباط 2015.
وثيقة المبادئ
كشفت الحركة في الأول من مايو/أيار 2017 عن وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي جاءت في 42 نقطة مقسمة على 12 عنوانا.
وأكدت "حماس" في الوثيقة أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967، هي "صيغة توافقية وطنية مشتركة" مؤكدة أنه "لا تنازلَ عن أيّ جزء من أرض فلسطين مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال".
وتمسكت الحركة بالقدس عاصمة فلسطين، وأعلنت رفضها "كل المشروعات والمحاولات الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين" وأنه "لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وشددت على أنه لا "بديل عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا، من نهرها إلى بحرها".
حل اللجنة الإدارية
توصلت حماس وفتح يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى اتفاق برعاية مصرية في ختام جلسة حوار عقدت في القاهرة. ويقضي الاتفاق بـ"تمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر".
وسبق هذه التطورات إعلان حركة حماس يوم 17 سبتمبر/أيلول 2017 حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.