بتسلئيل سموتريتش.. سياسي يميني صنعته المدارس الدينية في إسرائيل
بتسلئيل سموتريتش سياسي إسرائيلي وناشط ينتمي لليمين المتطرف، يشغل منصب وزير المالية ووزير الإدارة المدنية بوزارة الدفاع، دخل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عام 2015، ويرأس حزب "الصهيونية الدينية".
نشأ في مستوطنة "بيت إيل"، وتجند في الجيش وعمره 28 عاما، وهو أحد المؤيدين للحرب الشاملة في قطاع غزة كما في الضفة الغربية، ويدعو لدولة تخضع للقوانين الدينية وتشمل كل فلسطين.
عرف بآرائه المتشددة ضد ما تعرف بـ"النزعة الإصلاحية اليهودية"، وأيضا ضد اليسار الإسرائيلي وضد الفلسطينيين. ويرى بعض منتقديه أن له مواقف وتعليقات "غير مدروسة"، إلى درجة أن أحد العاملين معه قال عنه إن "هناك نقصا في التنسيق بين دماغه وفمه".
المولد والنشأة
وُلد بتسلئيل سموتريتش يوم 27 فبراير/شباط 1980 في مستوطنة "حيسوبين" جنوب الجولان السوري المحتل، وهي تكتُّل مستوطنات ذات طابع ديني قومي، وتُعدّ مركزا لتيار "الصهيونية الدينية".
ويقال إن لقبه يعود لبلدة سموتريتش الأوكرانية، حيث عاش أسلافه قبل أن يهاجر جده إلى فلسطين في فترة الانتداب البريطاني.
كان والده حاييم يروحام حاخاما أرثوذكسيا لمدرسة "كريات أربع الدينية"، وهي واحدة من معاقل "حركة كاخ"، كما كان مقربا من الأب الروحي لـ"الصهيونية الدينية" الحاخام تسفي يهودا كوك، وعضوا في النواة التوراتية التي أرسلها كوك لتأسيس مستوطنات في الجولان.
قضى سموتريتش طفولته وشبابه في مستوطنة "بيت إيل" في الضفة الغربية المحتلة، وكان والده مدرسا دينيا فيها لمدة 15 عاما.
وهو متزوج وله 7 أطفال، ويقيم في مستوطنة "كيدوميم" في بيت غير مرخّص، حسب ما أفادت به صحيفة هآرتس. وقالت القناة 12 الإسرائيلية إنه استولى على أرض فلسطينية بملكية خاصة قرب هذه المستوطنة وأقام عليها منزله.
الدراسة والتكوين العلمي
تدرب في مدرسة دينية صغيرة في مستعمرة "بيت إيل"، والتحق بمدرسة "مركاز هراب" (وتعني مركز الحاخام أو "اليشيفاه" أي المدرسة الدينية العالمية)، التي أسسها الحاخام أبراهام كوك عام 1924 (حاليا مقرها في "كريات موشيه" غربي القدس) وتجمع بين الديانة اليهودية والفكر الصهيوني، وفيها تخرّج أبرز رموز اليمين الإسرائيلي المتطرف في إسرائيل.
واصل تعليمه في المدرسة الدينية العليا في مستوطنة كدوميم بالتوازي مع دراسته في كلية أونو الأكاديمية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في القانون بمرتبة الشرف. وحصل على رخصة لمزاولة مهنة المحاماة.
بعد ذلك، انتسب للجامعة العبرية في القدس، وبدأ دراسة الماجستير في القانون العام والقانون الدولي، لكنه لم يكملها.
الحياة المهنية
عُيّن في عام 2013 زائرا رسميا لمنشآت الاعتقال من قبل نقابة المحامين، وممثلا للجمهور في الهيئة العامة لمجلس الصحافة عام 2014.
تولى إدارة المدرسة الدينية في مستوطنة كدوميم، وكان من بين مؤسسي رابطة المدارس الدينية العليا الصهيونية ما بعد الثانوية، وأحد أعضاء إدارتها.
التحق سموتريتش -الذي لا يتخلّى عادة عن وضع "الكيباه" (القلنسوة اليهودية) فوق رأسه- بالجيش الإسرائيلي وعمره 28 عاما، وشغل خلال 16 شهرا منصب مساعد منسّق العمليات الرئيسة في قسم العمليات في هيئة الأركان العامة، والمسمى "جوبنيك"، وهو قسم يعتبره المجندون في الجيش مهينا.
شقّ طريقه إلى الكنيست أول مرّة في انتخابات عام 2015 عن حزب "الاتحاد الوطني (تكوما)"، وانتخب عضوا ممثلا لقائمة تكتل "البيت اليهودي" اليميني، وعيّن نائبا لرئيس الكنيست، وكان أيضا عضوا في اللجنة المالية ولجنة الشؤون الداخلية والبيئة، ولجنة مراقبة الدولة، وعضوا في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع.
بين 23 يونيو/حزيران 2019 ومايو/أيار 2020، تولى حقيبة وزارة المواصلات، كما كان عضوا في الحكومة الأمنية المصغرة (الكابنيت)، ثم أصبح عضوا في حكومة بنيامين نتنياهو الـ37 التي نالت ثقة الكنيست يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2022.
عيّن وزيرا للمالية، وتولى منصبا مستحدثا، وهو وزير إضافي بوزارة الدفاع في إطار التغييرات الأخيرة في القانون الأساسي الإسرائيلي، ووصف رئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت تعيينه بأنه "مقامرة".
النشاط السياسي
يرتبط اسم بتسلئيل سموتريتش بحدثين مركزيين سياسيا:
الأول خلال مشاركاته الأولى ناشطا سياسيا في فترة تنفيذ خطة "فك الارتباط" عن قطاع غزة، إذ كان من أبرز قادة حركة التمرد على إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في القطاع، مما قاد إلى اعتقاله في أغسطس/آب 2005، وذلك بعد العثور على 700 لتر من الوقود في منزله، اشتبه بالتخطيط لاستعمالها في أعمال تخريبية قبل أن يتم الإفراج عنه دون لائحة اتهام.
الحدث الثاني يرتبط بانضمامه إلى حزب "تكوما"، وانتخابه لعضوية الكنيست منذ عام 2015 متنقلا بين أحزاب "البيت اليهودي" و"يمينا" و"الصهيونية الدينية".
وحتى انتخابات الكنيست الـ24 عام 2021، كان شخصية ثانوية إلى جانب الثنائي نفتالي بينيت وأياليت شاكيد في إطار حزب "البيت اليهودي".
لكن "لمع نجمه" عندما انفصل عن بينيت، وأصبح زعيما لحزب "المفدال الجديد"، وكوّن لائحة مشتركة مع حزب "عوتسماه يهوديت" برئاسة إيتمار بن غفير، إذ يعتبران معا خليفة لمؤسس حركة "كاخ" مائير كاهانا.
وقد تمكن تحالف الحزبين في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022 من أن يكون القوة الثالثة في الكنيست الـ25، وخلال هذه الفترة حدث تطوران كان لهما أهمية بالغة على مسيرة سموتريتش السياسية:
أولهما، حين استطاع أن يمنع نتنياهو من تكوين حكومة بدعم من "القائمة العربية الموحدة"، قائلا إنها تشكل خطرا إستراتيجيا يمنح العرب (فلسطينيي 48) قوة تقودهم إلى التحكم بمصير الدولة.
أما الحدث الثاني، فارتبط بمهاجمة تحالف شريكه السابق بينيت مع زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، حيث تمكن من إقصاء بينيت الذي انسحب لاحقا من السياسة، فتحوّل سموتريتش إلى زعيم لحزب "الصهيونية الدينية"، الذي عارض حكومة اليمين منذ البداية.
وزير بدرجة مستوطن
برز بتسلئيل سموتريتش أساسا بنشاطه الداعم للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أقام وأدار حركة "ريغافيم" الاستيطانية عام 2006، التي تنشط في دعم الاستيطان والتحريض على هدم المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية ومنطقة النقب جنوبي إسرائيل.
وقدّم "قانون الاستيطان" في الكنيست عام 2015، وينص القانون على أنه يجوز لحكومة إسرائيل تفويض صلاحياتها في مجال الاستيطان وفي مجالات أخرى للتقسيم الاستيطاني إلى المنظمة الصهيونية.
كما قدّم بالتعاون مع عضو الكنيست يوآف كيش قانون التسوية، الذي يهدف إلى السماح بمصادرة الأراضي في الضفة الغربية، عام 2017 (ألغته المحكمة العليا عام 2020 على أساس أنه ليس دستوريا).
وعلى صهوة "الصهيونية الدينية" التي حملت في برنامجها الانتخابي عام 2022 "سياسة إسرائيل في مناطق الضفة الغربية: استيطان وسيادة"، حاز تحالف سموتريتش في الانتخابات الخامسة على المرتبة الثالثة في ترتيب القوائم في الكنيست.
وقد أنشأت اتفاقية الائتلاف الحكومي وكالةً استيطانية إسرائيلية جديدة بقيادته داخل وزارة الدفاع لإدارة البناء اليهودي والفلسطيني في 60% من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل.
ويقول المراقبون إن سياسات سموتريتش شجعت عنف المستوطنين، حيث ارتفعت هجماتهم شهريا بنسبة تزيد على 30% عام 2023 مقارنة بعام 2022، وفق ما أظهرته أرقام الأمم المتحدة.
وبصفته وزيرا للمالية، خصّص في ميزانية إسرائيل لعام 2024 مبلغا قدره 960 مليون دولار (ربع إجمالي أموال وزارة النقل) لشبكة طرق سريعة تربط إسرائيل بالضفة الغربية، وقد منع الأموال المخصصة للمدن الواقعة في أراضي 48 والبرامج التعليمية في القدس الشرقية.
تصريحات عنصرية
أصبحت تصريحات ومواقف وزير المالية الإسرائيلي المتطرفة والمعادية للفلسطينيين محل انتقاد دولي واسع، إذ قاطع مسؤولون أميركيون وفرنسيون زيارته لواشنطن وباريس عام 2023.
وباستثناء اعتذاره عن مطالبته بـ"محو" بلدة حوارة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية المحتلة، فإن بيانات الإدانة التي تلاحقه لم تغير مواقفه.
ففي لقاء بباريس يوم 19 مارس/آذار 2023، قال إنه "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني"، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021 قال لنواب عرب في الكنيست "من الخطأ أن (رئيس الوزراء الأسبق ديفيد) بن غوريون لم يكمل المهمة ولم يطردكم في 1948".
واحتفى بإقرار الكنيست إلغاء حظر عودة 4 مستوطنين إلى مستوطنات إسرائيلية شمالي الضفة الغربية تم إخلاؤها عام 2005، وغرد قائلا "بدأنا بتصحيح تاريخي".
وقال أيضا "إذا ضربنا بيد من حديد، فلن يكون هناك أطفال يرمون الحجارة"، وتابع "من يرمي الحجارة لن يكون هنا.. إما أن أطلق عليه النار وإما أسجنه وإما أطرده". كما قال إن "من يقبلون بحكم الدولة اليهودية يمكنهم البقاء، أما الذين لا يقبلون فسوف نقاتلهم ونهزمهم".
ومن بين تعليقاته الأكثر عنصرية تلك التي أدلى بها في أبريل/نيسان 2016، عندما دعا إلى الفصل بين النساء اليهوديات والعربيات في أجنحة الولادة، واعترف بأن الفلسطينيات يشكلن خطرا على التركيبة السكانية، وفق زعمه.
في العام 2023، أصدر أمرا بوقف كل تحويلات أموال مقاصة الضرائب إلى السلطة الفلسطينية (أموال لا تعود لإسرائيل بل هي ملزمة بتحويلها حسب الاتفاقات).