غادي آيزنكوت.. عراب "إستراتيجية الضاحية" وغريم نتنياهو في الكابينت
غادي آيزنكوت عسكري وسياسي إسرائيلي، ولد عام 1960 في طبريا شمال فلسطين المحتلة لأبوين من يهود المغرب، التحق بالجيش عام 1978 وتدرج في الرتب حتى أصبح لواء، وتقلد منصب رئيس هيئة الأركان العامة وتقاعد عام 2019، ويوصف بأنه عراب ما عرف بإستراتيجية الضاحية في لبنان عام 2006.
دخل عالم السياسة عام 2022 وانتخب عضوا بالكنيست، واختير عضوا في الحكومة الأمنية المصغرة (الكابينت) التي تشكلت بعد عملية طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
معروف بمعارضته سياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأدلى بالعديد من التصريحات التي تتهمه بالإخفاق، وتنتقد استمرار الحرب وتطالب بصفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
المولد والنشأة
ولد غادي آيزنكوت يوم 19 مايو/أيار 1960 في طبريا شمالي فلسطين المحتلة لوالدين من يهود المغرب.
وترعرع بمدينة إيلات ويقطن في مدينة هرتسليا، وهو متزوج وأب لـ5 أبناء.
الدراسة والتكوين
تابع دراسته الجامعية حتى حصل على البكالوريوس في التاريخ من جامعة تل أبيب، ودبلوم الدراسات العليا من الكلية الأميركية للدراسات العسكرية والأمنية.
كما التحق بـلواء غولاني في الجيش الإسرائيلي وهو في الـ18 من عمره وتدرج في الرتب العسكرية حتى رتبة لواء.
التجربة العسكرية
بدأ آيزنكوت تجربته العسكرية بالتحاقه بلواء غولاني عام 1978 وهو حينها في الـ18 من عمره.
وخلال الحرب الإسرائيلية في لبنان بداية الثمانينيات من القرن الـ20 خدم قائد فرقة، كما خدم ضابط شعبة عمليات خلال عامي 1986 و1987، وعين بعدها ضابطا للعمليات بقيادة المنطقة الشمالية، وتمت ترقيته إلى رتبة عقيد عام 1992.
بعد عامين عين قائد "لواء إفرايم"، ثم قائد غولاني ما بين عامي 1997 و1998، ورقي في عام 1999 إلى رتبة عميد، وعُين بمنصب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة ووزير الدفاع في ذلك الوقت إيهود باراك، حيث شارك بحكم منصبه في المفاوضات مع سوريا.
وفي عام 2003 وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عُين قائدا لفرقة الضفة الغربية التي يطلق عليها الاحتلال (يهودا والسامرة)، ورقي بعد عامين إلى رتبة لواء وعين رئيسا لشعبة العمليات في هيئة الأركان العامة.
وخلال حرب إسرائيل الثانية مع لبنان، كان مسؤولا عن تخطيط وتطبيق عمليات الجيش الإسرائيلي.
أصبح قائدا لقيادة المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي عام 2006، وفي يوليو/تموز 2011 أنهى مهام منصبه قائدا لقيادة المنطقة الشمالية، بعد أن ظل فيه نحو 5 سنوات.
أصبح نائب رئيس هيئة الأركان العامة عام 2012، ثم رئيسا للهيئة في الفترة ما بين 2015 و2019.
إستراتيجية الضاحية
يوصف آيزنكوت بأنه عراب ما عرف بـ"إستراتيجية الضاحية"، القائمة على تدمير البنية التحتية باعتبار سكان المدن التي توجد بها قوى مقاومة عسكرية ليسوا إلا محاربين لإسرائيل أيضا، وتهدف بالتالي إلى العقاب الجماعي وتأليب السكان ضدهم.
وهي عقيدة إستراتيجية عسكرية انتهجها جيش الاحتلال في حربه على لبنان في يوليو/تموز 2006، واتخذت اسمها من الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، التي تتمركز فيها مقار حزب الله اللبناني.
ولهذه الإستراتيجية بعد ديني، إذ تستند على نصوص في سفر "العهد القديم" تتعلق بأساليب القتل والتدمير والإبادة التي يجب أن تكون سلوكا في حروب بني إسرائيل مع الآخرين.
وانتهج الجيش الإسرائيلي هذه الإستراتيجية في غزة خلال حروب 2008 و2012 و2014 و2019، ثم ظهرت بقوة في حرب 2023-2024، مما أدى لتدمير نحو نصف المباني في القطاع، حسب تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية يوم 31 يناير/كانون الثاني 2024.
وبعد تقاعده من الجيش وعمله في العديد من مراكز الأبحاث، ومن بينها مركز واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، أعلن آيزنكوت عن تصوره الجديد للأمن القومي الإسرائيلي، حيث اعتبر في كتاب أصدره عام 2019 أن التهديد الأول لم يعد خارجيا وإنما يرجع للتصدع الداخلي للمجتمع.
سياسي مناوئ لنتنياهو
قبيل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022 تحدثت صحف إسرائيلية عن توجه آيزنكوت لدخول عالم السياسة من بوابة حزب "هناك مستقبل" بقيادة رئيس الوزراء آنذاك يائير لبيد، قبل أن يعلن في أغسطس/آب من العام نفسه التحاقه بتحالف سياسي يضم صديقه وزير الدفاع بيني غانتس.
ترشح للكنيست ضمن قائمة مشتركة مع حزبي "أزرق أبيض" الذي يقوده غانتس، و"أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر، وحصلت القائمة على 12 مقعدا، ليصبح عضوا في لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست.
ومنذ انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أظهر آيزنكوت موقفا مناوئا لسياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ففي مطلع ديسمبر/كانون الأول لوح بالخروج في مسيرة مليونية إذا اتخذ نتنياهو قرارات مضرة بالمصالح الوطنية لإسرائيل.
كما كان من أبرز مواقفه داخل الكنيست رفض مشروع قانون يسمح بالعودة إلى 4 مستوطنات شمال الضفة الغربية تم إخلاؤها بموجب قانون فك الارتباط عام 2005 وهي: حوميش وغانيم وكاديم وسانور، حيث نوقش المشروع في الأشهر الأولى من 2023 وصادق عليه الكنيست رسميا في 21 مارس/آذار.
وبعد عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واختيار آيزنكوت لمنصب وزير بلا حقيبة في مجلس الحرب، برز موقفه المناهض بقوة لسياسة نتنياهو، الذي يتهمه بالمسؤولية عن الإخفاق في اكتشاف تحضيرات حركة حماس للعملية ويشكك في إستراتيجيته بغزة.
وفي أحد تعليقاته بجلسات مجلس الحرب قال آيزنكوت ، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية "علينا التوقف عن الكذب على أنفسنا، وأن نتحلى بالشجاعة ونتوجه إلى صفقة كبيرة تعيد المختطفين إلى وطنهم".
واتسعت دائرة الخلاف مع نتنياهو بعد مشاركة آيزنكوت إلى جانب حليفه وعضو مجلس الحرب بيني غانتس في مظاهرة حاشدة بتل أبيب تعارض الحكومة وتهاجم طريقة تعاطيها مع ملف الأسرى في غزة وتطالب نتنياهو بالتنحي عن منصبه.
وخلال الحرب قتل أكبر أبنائه الجندي غال آيزنكوت في تفجير نفق مفخخ بضواحي جباليا يوم 7 ديسمبر/كانون الأول 2023، كما قتل بعد يومين في معارك غزة ابن شقيقته الجندي ماؤر كوهين.
وأعلن غادي إيزنكوت استقالته من حكومة الطورائ التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 10 يونيو/حزيران 2024 بعد اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، واستقال معه بيني غانتس شريكه في حزب "معسكر الدولة".
ودعا إيزنكوت وغانتس إلى إجراء انتخابات مبكرة "في أسرع وقت ممكن" قائلين إن نتنياهو فشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة، وهي القضاء على حركة حماس وإعادة الأسرى من القطاع واتهماه باتباع سياسات تخدم مصالحه السياسية الخاصة.