حركة حماس.. مقاومة للاحتلال انطلقت مع انتفاضة الحجارة

من أبرز حركات المقاومة الفلسطينية، انبثقت عن جماعة الإخوان المسلمين بفلسطين، وتزامن انطلاقها مع اندلاع الانتفاضة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 1987، تهدف لتحرير فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم التي هجروا منها. 

النشأة والتأسيس

بدأ التحضير لمشروع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في أواخر السبعينيات من القرن العشرين، واستمر 10 سنوات، وفي العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1987 إبان الانتفاضة الأولى اجتمع عدد من قيادات الحركة الإسلامية في منزل الشيخ أحمد ياسين بقطاع غزة، وأجمعوا على أن حالة الانتفاضة فرصة للانطلاق عمليا للعمل المسلح ضد الاحتلال، والدخول إلى مرحلة جديدة للاشتباك وإلقاء الحجارة وإقامة المظاهرات.

خلال هذا الاجتماع تمت صياغة البيان الأول، وأسندت مهمة طباعته ونشره وتعميمه للجهاز الأمني للحركة الذي كان يسمى "مجد" بقيادة يحيى السنوار، لكن الحالة الأمنية لم تسمح بنشره في اليوم التالي، ولم تتمكن عناصر التنظيم من توزيعه إلا يوم الاثنين 14 ديسمبر/كانون الأول 1987، وانتشر في أرجاء قطاع غزة في اليوم التالي.

وأصدرت حركة حماس ميثاقها الأول عام 1988، وشكلت أول مجلس شورى لها في أغسطس/آب 1991.

عوامل ظهور الحركة

نشأت الحركة نتيجة تفاعل عوامل عديدة عايشها الشعب الفلسطيني، من نكبة 1948 بشكل عام مرورا بهزيمة 1967 بشكل خاص، وهي في مجملها عوامل داخلية وإقليمية ودولية.

فعلى المستوى الداخلي كان استمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الاستفزازية اليومية حافزا على بروز الحركة. وعلى المستوى العربي والإقليمي أثرت هزيمة 1967، والتغييرات الجوهرية في فكر منظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينيات من الـ20، وهو تحول من فكر المقاومة إلى فكر المفاوضات السلمية، إضافة إلى تنامي الصحوة الإسلامية داخل المجتمع الفلسطيني، فكان لكل ذلك أثر في التمهيد لبروز حركة حماس على ساحة العمل السياسي الفلسطيني.

التسمية

حركة حماس جناح من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم فهي تسمى حركة إسلامية، كما أنها بانطلاقتها بدأت طورا جديدا من مواجهة الاحتلال، فهي إذن حركة مقاومة، وبهذا أصبح اسمها حركة المقاومة الإسلامية، واختصرت باسم حماس.

الفكر والأيديولوجيا

لا يكاد فكر حركة حماس يخرج عما تتبناه وتطرحه جماعة الإخوان المسلمين، مع وجود خصوصية للحركة، بسبب عيشها تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وأنها تعد حركة مقاومة، فهي تتخذ الإسلام منهجا لها، مستمدة منه أفكارها ومفاهيمها، وتحتكم إليه في كل تصوراتها.

ومن التوجهات المصيرية التي تؤمن بها حركة حماس أن صراعها مع الاحتلال الإٍسرائيلي "صراع وجودي لا حدودي"، وأن الجهاد والمقاومة هو السبيل للتحرير، وتعتبر مفاوضات السلام مع إسرائيل تضييعا للوقت وتفريطا في الحقوق.

وتؤكد الحركة أنها تتميز بالمرونة العالية في التعامل مع الأحداث، وتقول إنها أثبتت هذه المرونة من خلال دخولها انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2005 وتشكيل أول حكومة في تاريخها. علما أنها رفضت الدخول في الانتخابات التشريعية عام 1996.

أبرز القادة

يعد الشيخ أحمد ياسين أول مؤسسي الحركة وأبرز قادتها التاريخيين، ومعه كوكبة من القادة المؤسسين ومنهم: عبد العزيز الرنتيسي، وعبد الفتاح دخان (المنطقة الوسطى)، محمد شمعة (مخيم الشاطئ) وإبراهيم اليازوري (غزة) وصلاح شحادة (الشمال) وعيسى النشار (رفح).

واغتال الاحتلال الإسرائيلي أحمد ياسين في 22 مارس/آذار 2004، ليخلفه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الذي اغتيل بعد الشيخ ياسين بشهر واحد فقط.

وشارك موسى أبو مرزوق في تأسيس حركة حماس إذ كان مسؤولا عن إعادة بناء التنظيم في الأرض المحتلة بعد عمليات الاعتقال التي قامت بها قوات الاحتلال ضد قيادات وكوادر الحركة، وتولى رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس بين عامي 1993-1995.

وأيضا يعد خالد مشعل أحد المؤسسين، إذ انضم إلى الجناح الفلسطيني من تنظيم الإخوان المسلمين عام 1971، وقاد التيار الإخواني الفلسطيني في جامعة الكويت تحت اسم "كتلة الحق الإسلامية"، وترأس المكتب السياسي للحركة ما بين عامي 1996-2017. تعرض لمحاولة اغتيال في الأردن في 25 سبتمبر/أيلول 1997 ولكنها باءت بالفشل.

انتخب إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي للحركة في مايو/أيار 2017 خلفا لمشعل. كان رئيسا لحكومة السلطة الفلسطينية بعد فوز حركة حماس بتشريعات 2006، ولكن رئيس السلطة محمود عباس أقاله من منصبه في يونيو/حزيران 2007. وكان ممن حكم عليهم النفي إلى منطقة مرج الزهور، ولكنه عاد لقطاع غزة إثر توقيع اتفاقية أوسلو، وأصبح رئيسا للكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة.

محمود الزهار عضو في المكتب السياسي للحركة اعتقل عام 1988 بعد الإعلان عن تأسيس الحركة بـ6 أشهر، وكان ممن أبعد لمرج الزهور جنوبي لبنان عام 1992، وقضى هناك عاما كاملا. وتعرض لعملية اغتيال عام 2003 ولكنها باءت بالفشل.

محطات أولية

بعد التأسيس أصبحت حركة حماس من أبرز حركات المقاومة الفلسطينية، إذ لم تكن بعيدة عن التنافس العربي منذ بدايتها، فقد حظيت بقبول خليجي واضح، وافتتحت مكتبا لها في السعودية عام 1988.

ومع الغزو العراقي للكويت كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد اتخذت موقفا مؤيدا للعراق، الأمر الذي أزم العلاقات الخليجية الفلسطينية، ولكن اتخاذ حركة حماس موقفا مغايرا عن موقف المنظمة ساعد الفلسطينيين على ترميم علاقاتهم مع الخليج، إذ شجبت حركة حماس هذا الغزو واعتبرته حدثا سلبيا، ودعت العراق للانسحاب من الكويت.

وفي خطوة أكدت تقاربا سعوديا مهما لحركة حماس استقبلت السعودية مؤسس الحركة أحمد ياسين عام 1998.

وانتقلت حالة التفاعل بين الجماهير من قطاع غزة للضفة الغربية مع تصاعد أحداث الانتفاضة في قطاع غزة، إذ سعت القيادة لتصعيد المواجهة وإشراك جماهير الضفة فيها، الأمر الذي أدى إلى شن قوات الاحتلال حربا واسعة على الحركة بين اعتقال وملاحقة لقياداتها، وأبرزهم الرنتيسي ويحيى السنوار، وإبعاد بعضهم إلى مرج الزهور جنوبي لبنان عام 1992 إثر عملية خطف وقتل جندي إسرائيلي، واعتقال عدد من أبناء الحركة والتحقيق معهم.

وتطورت الحركة وكبرت وتجاوز عملها حدود قطاع غزة، فقد انتقل مكتبها السياسي إلى دمشق عام 1999، وذلك بعد إغلاق الحكومة الأردنية مكاتبها في عمان، بسبب ما أسمتها تجاوزات غير قانونية للحركة حينها.

تأزم العلاقات السعودية السورية منذ عام 2005 إضافة لأزمة الانقسام الفلسطيني عام 2007 عوامل أثرت سلبا على العلاقات السعودية مع حماس، ولم تشهد هذه العلاقة تحسنا واضحا إلا بعد الثورة السورية عام 2011، إذ حدثت القطيعة بين الحركة والنظام السوري، وتم على إثرها إغلاق مكاتب الحركة السياسية في دمشق، وانتقالها إلى لخليج وتحديدا إلى قطر.

العمل العسكري

أسست الحركة جناحا عسكريا أطلقت عليه اسم "المجاهدون الفلسطينيون" بقيادة صلاح شحادة عام 1986 وذلك قبل انطلاقها بشكل رسمي، وتمكن من تنفيذ بعض العمليات المسلحة، منها زرع العبوات الناسفة وإطلاق النار على دوريات الاحتلال.

ثم أصبح الجناح العسكري يحمل اسم كتائب عز الدين القسام في أواسط عام 1992، وكان يترأسه صلاح شحادة وبعد اغتياله خلفه محمد الضيف الذي يعد من أبرز قادة هذا الجناح.

وساهمت الحركة في تعزيز قوتها وعملها العسكري من خلال تنفيذ عمليات استشهادية نوعية بقيادة المهندس يحيى عياش في تسعينيات القرن الماضي، ثم تطورت خلال الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى عام 2000)، وخصوصا اقتحام المستوطنات الإسرائيلية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة الذي انسحب منه الاحتلال الإسرائيلي عام 2005.

وتعتمد الكتائب على التصنيع المحلي للصواريخ، إذ يصنع مهندسوها صواريخ تجاوز مداها 15 كيلومترا. ومن أبرز ما صنعته نموذج طائرات أبابيل بنوعيها (الاستطلاعي والهجومي)، والتي حلقت في بدايات تشغيلها فوق وزارة الدفاع الإسرائيلية، واستخدمت في معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما نفذت كتائب عز الدين القسام عددا من العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي بمختلف أشكال المقاومة، وتبنت عددا من العمليات الاستشهادية وأسرت العديد من الجنود الإسرائيليين.

وقصفت تل أبيب وحيفا ومفاعل ديمونا بصواريخها محلية الصنع، واقتحمت معسكرات الاحتلال برا وجوا وعن طريق الغوص تحت البحر بوحدات الكوماندوز البحرية (وحدة الضفادع).

تشكيل الحكومة

فازت حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 بأغلبية كبيرة، وأقصت بهذا الفوز حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عن تصدر المشهد الفلسطيني لعقود طويلة، وشكلت حكومة برئاسة إسماعيل هنية.

وواجهت على إثر ذلك ضغوطا داخلية وخارجية أدت إلى إفشالها، واندلعت بينها وبين حركة فتح صراعات دموية انتهت بحسم قطاع غزة لحكم حماس، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الإعلان عن حل حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد اتفاق مكة، وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة طوارئ، وإقالة هنية.

على القائمة الأميركية للإرهاب

وضعت الولايات المتحدة الأميركية حماس على قائمتها للإرهاب معتبرة المقاومة الوطنية التي تقوم بها داخل فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي عملا مجَرّما. ومن ثم أعطت بهذه القائمة الضوء الأخضر لرئيس الحكومة الإسرائيلي السابق "أرييل شارون" للتخلص منها بوسائله الخاصة التي منها الاغتيال والتصفية الجسدية المباشرة لقادتها وكوادرها.

بين الميثاق والوثيقة

أعلنت الحركة في الأول من مايو/أيار 2017 عن وثيقة المبادئ والسياسات العامة أكدت فيها عدم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين مهما طال الاحتلال الإسرائيلي، ومهما كانت الظروف والضغوط.

شملت الوثيقة 42 نقطة مقسمة على 12 عنوانا مؤكدة فيها أن القدس عاصمة فلسطين، وأن المسجد الأقصى حق خالص للشعب والأمة، معلنة رفضها للمشروعات والمحاولات التي تهدف لتصفية قضية اللاجئين، وأيضا رفض الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي، وشددت أنه لا بديل عن تحرير فلسطين بشكل كامل من نهرها لبحرها.

وشملت الوثيقة أيضا أن مقاومة الاحتلال بالوسائل والأساليب كافة حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وأن المقاومة المسلحة تعد الخيار الإستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني.

وأكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني يجب المحافظة عليه مع ضرورة بنائها على أسس ديمقراطية.

وجاءت وثيقة حركة حماس بعد 3 عقود من إعلان ميثاق تأسيسها عام 1988، للتعبير عن مرحلة النضج والوعي والتطور في أدائها وفكرها السياسي. واعتبرت هذه المدة وقتا وجب فيه تقديم أدبيات جديدة وتحديث لمبادئها وفكرها السياسي.

حل اللجنة الإدارية

توصلت حماس وفتح في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى اتفاق برعاية مصرية في ختام جلسة حوار عقدت في القاهرة. يقضي بتمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر.

وسبق هذه التطورات إعلان حركة حماس في 17 سبتمبر/أيلول 2017 حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى القطاع وممارسة مهامها والقيام بواجباتها فورا، إضافة إلى موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية