سجان القصر.. المعجب نائب عام ارتبط بخاشقجي والريتز

Saud Bin Abdullah Bin Mubarak Al Mujeb
سعود المعجب يشغل منصب النائب العام في السعودية منذ يونيو/حزيران 2017 (مواقع التواصل)
عندما بحثت في غوغل عن النائب العام بالمملكة العربية السعودية، عثرت في اللحظة الأولى على حوار يروي فيه أنه كان يتردد على مجالس الملك سلمان بن عبد العزيز قبل توليه العرش، وأن شخصيته تأثرت بحزمه وبعزمه.

اليوم الأحد، يصل سعود المعجب إلى إسطنبول للتباحث مع نظيره التركي بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وحتى الآن لم يُعثر على جثة خاشقجي، بينما تؤكد تسريبات الأمن التركي أن ضباطا مقربين من ولي العهد السعودي ذبحوه وقطّعوا جسده ووضعوه في أكياس.

ونظرا لبشاعة القتل وتعقيدات القضية سياسيا وجنائيا ودبلوماسيا، من المهم تسليط الضوء على المعجب وتعاطيه مع هذا الملف وبعض القضايا التي شغلت الرأي العام العربي والسعودي.

ولد سعود المعجب عام 1966 في محافظة الأفلاج جنوب العاصمة الرياض، ويروي أنه يهوى السباحة والفسحة في الريف، بينما يتضح من مساره الأكاديمي أنه حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة قبل أن يلتحق بسلك القضاء.

شغل المعجب مناصب قضائية، أبرزها رئاسة محكمة الأحوال الشخصية في الرياض، وعضوية كل من المحكمة الجنائية والمجلس الأعلى للقضاء.

وفي 17 يونيو/حزيران 2017، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز مرسوما بتعيين القاضي سعود المعجب نائبا عاما بدرجة وزير.

الفترة التي عُين فيها الرجل في هذا المنصب الرفيع لم تكن عادية في السعودية، حيث شهدت حصار قطر وصعود محمد بن سلمان لولاية العهد بعد عزل ابن عمه محمد بن نايف، بالإضافة إلى ما صاحب ذلك من سجن العديد من الأمراء والدعاة والكتاب ورجال الأعمال.

وتشمل اختصاصات النيابة العامة في السعودية التصرف في الدعاوى ذات الطابع الجنائي، وتوجيه التهم والتحقيق في الجرائم وتمثيل الادعاء العام أمام القضاء والإشراف على تنفيذ الأحكام.

السجن الفخم
في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2017، اعتقلت السلطات السعودية 11 أميرا وسجنتهم في فندق الريتز كارلتون ذي الخمس نجوم، في حملة قالت الرياض إنها لمكافحة الفساد، في حين تؤكد تقارير عديدة أن هدفها الإطاحة بمن يشكلون خطرا على ولي العهد الشاب.

وبينما تعاطى ولي العهد ومستشاره حينها سعود القحطاني مع الشق السياسي للحملة، كان لا بد من ظهور النائب العام في شقها الجنائي، حيث أصدر بيانات تتهم المعتقلين بالفساد.

ويومها أشادت الصحافة السعودية بتصريحات للنائب العام؛ شدد فيها على أن الموقوفين في قضايا الفساد "لن يتلقوا أي معاملة خاصة وسيعاملون طبقا للقانون".

لكن النائب العام المتأثر بشخصية الملك والمعتز جدا بثقة ولي العهد، لم يوجه للأمراء والنافذين تهما رسمية، وإنما أسبغ الصفة القانونية على صفقة أبرمتها معهم السلطة: إطلاق سراحهم مقابل المليارات بعد أن فقدوا مناصبهم ونفوذهم في مواجهة ابن عمهم الذي يهرول نحو العرش.

كذلك، لم يفسر النائب العام للرأي العام لماذا استضاف كبار المعتقلين في واحد من أفخم الفنادق العالمية، بينما يُلقي بالمواطنين العاديين في غياهب السجون المتوارية خلف الرمال؟

وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2018، صدم النائب العام السعودي العالم عندما طالب بإعدام الداعية الوسطي سلمان العودة، ووجه له 37 تهمة تتعلق بالإرهاب والتطرف.

وإلى جانب العودة، طالب المعجب بإنزال عقوبات قاسية على دعاة وكتاب تتهمهم الرياض بالتطرف والتواصل مع جهات خارجية، في حين تؤكد تسريبات أنهم اعتقلوا لأنهم صمتوا عندما أرادت منهم السلطة أن ينطقوا سبا وشتما لقطر وتركيا وقناة الجزيرة وحركة الإخوان المسلمين.

وحي القصر
ولأن سعود المعجب تجرأ على مواجهة الرأي العام بطلب إعدام داعية أعزل عُرف بمكانته في المجتمع، فإن إيفاده إلى تركيا لبحث قضية خاشقجي يثير الكثير من الاستغراب، في وقت تحتاج فيه السعودية إلى من يدفع عنها تهم القسوة على مواطنيها والبطش بهم وراء القضبان.

وفي تغريدة على تويتر، نبّه عبد الله بن سلمان العودة إلى أن الرجل الذي أوفدته السعودية بشأن مقتل خاشقجي هو ذاته الذي طالب بإعدام والده تعزيرا.

وبغض النظر عما إذا كان المعجب يتصرف بوحي من القصر أم من ضميره، فإن تعاطيه مع قضية خاشقجي اتسم بالارتباك والعجلة وحتى التناقض.

حتى الحين، لم يصدر النائب العام التركي أي بيان بشأن قضية خاشقجي رغم أنه أمضى 26 يوما يفتش المباني والسيارات ويستوجب ويحقق ويتعقب رحلات الطيران وحجوزات الفنادق.

في المقابل، لم يفتح النائب العام السعودي تحقيقا في القضية ولم يعلق عليها إلا بعدما اعترفت المملكة بقتل خاشقجي داخل القنصلية في إسطنبول.

وبعد الاعتراف السياسي وفي أقل من 72 ساعة، أصدر النائب العام السعودي بيانا بشأن القتل وطبيعته وأسبابه، وحدد الجناة واعتقلهم ووجه لهم التهم.

ربما من الصدفة فقط أن تكتمل تحقيقات النائب العام السعودي قبل انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي منحتها واشنطن للرياض لتحديد الضالعين في قتل صحفي دخل قنصلية بلاده للحصول على ورقه لإتمام زواجه من سيدة كانت تنتظره أمام المبنى وخرج منها مقطّعا وموزعا بين أكياس.

لكن ارتباك النيابة العامة في السعودية لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما تغيرت روايتها لسبب القتل من الشجار مرورا بالخنق وانتهاء بتأكيد التخطيط المسبق للجريمة.

وإذا كان النائب العام -الذي يتخذ سمت واعظ- بإمكانه إقناع قضاة السعودية بأن العودة يستحق القتل تعزيرا، وأن الناشطة لجين الهذلول تشكل خطرا على أمن المملكة؛ فإنه سيواجه صعوبات في إقناع المحققين الأتراك بأن "ولاة الأمر حفظهم الله" لم يوجهوا بقتل خاشقجي، وألا طائل من البحث عن جثته فقد صعدت روحه إلى السماء.

المصدر : الجزيرة + الصحافة السعودية