"الريف".. منطقة مغربية أرقت الاحتلال الإسباني والفرنسي

The Moroccan city of Nador and mount Gurugu are seen in the background, as people play on a golf course in Spain's north African enclave Melilla, December 8, 2013. Melilla is a small Spanish enclave on Morocco's Mediterranean coast. Armed guards and razor wire lining the 12-km (7.5-mile) frontier around the town have long discouraged Africans fleeing poverty and conflict from seeing Melilla as a gateway to Europe, 180 km (110 miles) away across open water. But despera
منظر عام لمدينة الناضور إحدى أهم مدن الريف، وبجوارها يظهر ملعب غولف على أراضي مليلية المحتلة (رويترز)
الريف منطقة في شمال المغرب تتميز بجبالها الوعرة وقممها الشاهقة وغطائها النباتي الكثيف، وهو موطن جزءٍ هام من الأمازيغ يُسمّون "ريافة" ويتحدثون "تريفيت" (أحد الفروع الثلاثة للغة الأمازيغية بالمغرب)، كما تقطن جزأه الغربي مجموعات قبلية عربية تُدعى "جْبَالة".

الموقع
تمتد منطقة الريف بين مضيق جبل طارق ومدينة طنجة غربا إلى حدود الجزائر شرقا مع محاذاة البحر المتوسط. وجنوبا تتداخل المنطقة مع سهول الغرب ثم سايس، وصولا إلى مناطق المغرب الشرقية.

وتنقسم منطقة الريف إلى ثلاث مناطق: الريف الغربي ويمتد من طنجة إلى بلدة كتامة، وهي بلدة معزولة في قلب الريف سرت عليها سمعة زراعة القنب الهندي أو الحشيش حتى غطت على غيرها مما هو معروف عنها.

أما الريف الأوسط فيمتد من كتامة غربا إلى وادي كرت شرقا، ويُشكل عمق الريف بتضاريسه الوعرة وهويته الأمازيغية الريفية الخالصة.

وفي أقصى شرق المنطقة، يمتد الريف الشرقي إلى حدود الجزائر، وإن كان بعض المهتمين بتاريخ المنطقة يعتبرون أن الريف له امتدادات إلى داخل الجزائر سواء على الصعيد الثقافي أو اللغوي أو الجغرافي.

التضاريس
تتكون منطقة الريف من سلاسل جبلية وعرة تتخللها منحدرات سحيقة وأودية فضلا عن سهول محدودة في أقصى المناطق الغربية. ويعتبر بعض الجيولوجيين جبال الريف وجبال الأندلس وحدة جيولوجية واحدة نتجت عن تصادم الصفيحة التكتونية الأفريقية والأوروبية قبل فتراتٍ سحيقة ثم انفصالها لاحقا. ويُبرز أصحاب هذا الرأي التشابه الكبير بين جبال الأندلس وجبال الريف في البنيات الجيولوجية (سيادة التربة الطينية والأحجار النارية على سبيل المثال) والغطاء النباتي والحيواني.

وفضلا عن ذلك، يبدو الترابط الجيولوجي جليا من خلال تأثير الهزات الأرضية التي تحدث في كلتا الجهتين على الأخرى.

المناخ
تمتاز منطقة الريف بتساقطات مطرية مهمة تتجاوز 1500ملم سنويا أحيانا، وتتساقط الثلوج في المرتفعات التي تتجاوز 1800م فوق سطح البحر بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار. بيد أن هذه الموارد المائية الهامة لا تستغل في القطاع الفلاحي نظرا لصعوبة التضاريس وعدم صلاحية أغلب الأراضي للزراعة.

الغطاء النباتي
تتميز منطقة الريف بغطائها النباتي الكثيف، وتنتشر فيها غابات الصنوبر والأرز، وتوجد أهمها مساحة وأكثرها كثافة في منطقة تساوت بنواحي مدينة شفشاون. وتقدر مساحة الحظيرة الوطنية لغابات الصنوبر والأرز بأكثر من 3500 هكتار، وإن كانت هذه الحظيرة لا تشمل كل المساحات الغابية.

التاريخ
خضع الريف كباقي مناطق وسط المغرب للحكم الروماني ولإماراته ومنها موريتانيا الطنجية. وخلال الفتح الإسلامي خضع الريف للخلافة الأموية في الأندلس، وشارك الأمازيغ بفعالية في الفتوحات الإسلامية، ومن أعلامهم في هذا الباب الفاتح طارق بن زياد.

وفي الفترة الحديثة والمعاصرة، وقع الريف تحت الاستعمار الإسباني، وقاد محمد بن محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة شرسة ضد الإسبان وهزمهم في معركة أنوال (1921)، وأعلن تأسيس جمهورية الريف.

تحالف الإسبان والفرنسيون ضد الخطابي وأرغموه على الاستسلام بعد معارك طاحنة تلتها مفاوضات عسيرة جرت في وجدة وأبدت فيها القوى الاستعمارية صرامة شديدة تجاه الخطابي ورفضت أي تنازل، فاضطر الزعيم الخطابي إلى الاستسلام واعتُقل ونُفي إلى جزيرة لارينيون الفرنسية، ثم سُمح له بالعودة إلى مرسيليا عام 1947 فتمكن من الفرار إلى مصر واستقر بها إلى أن تُوفي عام 1963.

وقد استخدمت قوات الاحتلال التي هاجمت قوات الخطابي الغازات السامة التي ما زال شمال المغرب يعاني من آثارها إلى اليوم، إذ تسجل في المنطقة أعلى نسب الإصابة بالسرطان في البلاد.

غداة استقلال المغرب عن فرنسا عام 1956، قامت حركة احتجاجية في الريف اختلفت التحليلات بشأن أسبابها بين من قال إنها نادت بتحسين الأوضاع المعيشية وإصلاح الإدارة وتمكين أهل الريف من حكم ذاتي، ومن قال إنها طالبت بإنشاء جمهورية مستقلة.

ورد النظام المغربي بقمع الانتفاضة قمعا شديدا قاده ولي العهد آنذاك الأمير مولاي الحسن (الحسن الثاني لاحقا) والجنرال محمد أوفقير الذي حاول الانقلاب على حكم الحسن الثاني عام 1972 بإسقاط الطائرة الملكية في الجو.

السكان
أغلب سكان الريف هم من الأمازيغ (ريافة) ومنه أخذوا تسميتهم، كما أن الثقافة الأمازيغية هي السائدة في الإقليم وهي هويته الأبرز. وينتشر الأمازيغ الريافة في وسط وشرق الريف، كما تتعايش معهم منذ القدم مجموعات أخرى منها صنهاجة وهم أمازيغ كذلك، ويعتقد أن جذورهم البعيدة تعود إلى الصحراء الكبرى التي هي موطن صنهاجة الأول في المنطقة.

تقطن الريف مجموعات بشرية أخرى تعرف بالجبالة وهي خليط من العرب والمورسكيين، وهم المسلمون الذين عادوا إلى المغرب واستوطنوه بعد سقوط غرناطة عام 1492م.

وتوجد في الريف مدن أبرزها تطوان والحسيمة والناضور وشفشاون وتاونات، أما مدينة طنجة فمختلفٌ في نسبتها إلى الريف.

ومن بين مدن المنطقة مدينتا سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا إلى جانب جزر متفرقة على البحر المتوسط تحديدا، ويطالب المغرب باستردادهما.

الاقتصاد
يشتكي سكان الريف من غياب بنية اقتصادية قوية، مما يجعل الاقتصادي الموازي (التهريب) مصدرا مهما للدخل بالنسبة للعديد من العائلات التي تهرب بضائع من المدينتين المغربيتين المحتلتين سبتة ومليلية.

وتشكل السياحة مصدرا آخر لدخل السكان، فتمتع الريف بسلسلة جبلية يجعل منه قبلة لعشاق المناظر الطبيعية، كما أن الشواطئ الممتدة على طول ساحل المتوسط تشكل محجا لعشاق السباحة والرياضات البحرية.

كما يسمح وجود جالية مغربية منحدرة من المنطقة في أوروبا تحديدا باستقطاب أموال كبيرة للمهاجرين الذين سارع كثير منهم إلى الاستثمار في المدن الريفية التي ينحدرون منها، مما يشكل فرصا لليد العاملة.

وقد سمحت شبكة الطرق الحديثة -ومنها الطريق الساحلي الذي يمر عبر جل مدن الريف على امتداد المتوسط- بفك العزلة عن كثير من الحواضر والقرى.

غير أن منطقة الريف -خاصة مدينة كتامة- عرفت بزراعة وتجارة القنب الهندي وتهريبه إلى أوروبا، ولم تفلح الحملات الأمنية في المغرب أو حتى على حدود أوروبا في وضع حد لها، بينما طالب حزب الأصالة والمعاصرة بتقنين زراعة الحشيش لكونه مصدر دخل رئيسيا للكثير من العائلات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية