بانتظار "أستانا".. مواقف متباينة بشأن "تسوية" قضية سوريا

تضاربت مواقف الدول الأطراف في المعادلة السورية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار والاستعدادات لمفاوضات أستانا عاصمة كزاخستان نهاية يناير/كانون الثاني 2017، لكن حالة الترقب والقلق هي السمة الغالبة على الجميع في انتظار بداية المفاوضات.

في ما يلي مواقف أبرز الأطراف بشأن وقف مفاوضات أستانا واتفاق وقف إطلاق النار:

إيران
طهران القلقة مما وصف بأنه "تراجع" لدورها في المعادلة السورية بعد اتفاق موسكو وأنقرة، حرصت على تكثيف لقاءاتها مع رموز نظام الأسد، وسارعت إلى استقبال وزير الخارجية وليد المعلم ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2016.
وقد كشفت صحيفة وقائع الإيرانية أن أسباب زيارة المعلم وعلي مملوك "هو طمأنة المسؤولين الإيرانيين بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه روسيا ممثلة عن نظام الأسد، وتركيا ممثلة عن المعارضة السورية".

الرئيس الإيراني حسن روحاني رحب -خلال اللقاء- باتفاق وقف إطلاق النار، لكنه حذر من أن تستغل المعارضة السورية "الهدنة في تعزيز قدراتها" العسكرية، مبرزا تفاؤله بأن "تسفر الإجراءات المقبلة ومفاوضات السلام إلى تثبيت سيطرة النظام الحاكم على جميع المناطق السورية".

الأمين العام لـمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني ذكر أن "أي حل يؤدي إلى إضعاف النظام في سوريا ويخالف مصالح شعوب المنطقة محكوم بالهزيمة". وطالب شمخاني بضرورة "الحفاظ على جاهزية قوات الأسد وحلفائه في سوريا" ما يعني رفضا مباشرا وصريحا لسحب قوات إيران والمليشيات المسلحة من سوريا، وذكر شمخاني أيضا أن "الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار إلى سوريا يتمثل في الحرب ضد الإرهاب بلا هوادة، والتركيز على إطلاق حوار سوري سوري وصولا إلى اتفاق وطني بهدف إجراء انتخابات عامة".

هذا التصريح أكده المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف بقوله إن "محور المقاومة" قد يواصل عملياته العسكرية بأي منطقة في سوريا بحال اقتضت الضرورة ذلك، وأضاف أن الهدف الأساسي لجبهة المقاومة هو حفظ سوريا من أي تقسيم وتجزئة فضلا عن الدفاع عن سيادتها.

رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني أعلن أن موقف بلاده من قضية سوريا "لم يتغير"، ويتمثل في ما أسماه "ضرورة انتهاج الخيار السياسي حلا وحيدا للأزمة السورية وإنهاء الصراع المستمر منذ سنوات". 

أما رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجية في مجمع تشخيص النظام علي أكبر ولايتي فقد اعتبر "انتصار حلب انتصارا إستراتيجيا" ووصفه بـ "فتح الفتوح".

تركيا
تركيا التي كانت صانعة الاتفاق إلى جانب روسيا، عبرت عن رفضها القاطع مشاركة أطراف كردية في مفاوضات أستانا، حيث أكد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو رفض بلاده مشاركة وحدات حماية الشعب الكردية في محادثات السلام السورية.

وأضاف جاويش أوغلو "أبلغنا روسيا من البداية أن منظمة إرهابية مثل وحدات حماية الشعب يجب ألا تشارك في محادثات أستانا"، وقال إنه إذا ألقى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية السلاح وأيدا وحدة أراضي سوريا، فيمكن إدراجهما في إطار حل شامل.

وبخصوص الشكوك المتزايدة بشأن دور إيران المرتقب في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، وهي شكوك عززها تضارب مواقف القيادات الإيرانية المختلفة بشأن الاتفاق الروسي التركي، ومفاوضات أستانا، فقد طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2016 إيران بممارسة نفوذها لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، وقال إن "تركيا وروسيا ضامنتان لاتفاق وقف إطلاق النار"، وإيران مدعوة إلى ممارسة نفوذها بشكل إيجابي، لاسيما على حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية والنظام السوري.

الجيش الحر والمعارضة
الجيش السوري الحر قال إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع عليه لم يستثن أي منطقة أو فصيل ثوري في سوريا، مشيرا إلى اختلافات جوهرية بين نسخة الاتفاق التي وقعت عليها المعارضة السورية المسلحة وبين النسخة التي وقع عليها النظام السوري.

وقال الجيش الحر إن النسخة التي وقعت عليها المعارضة المسلحة لا تتضمن وجود أي منطقة في سوريا أو فصيل بالمعارضة مستثنى من اتفاق الهدنة، وهو ما يعني أن جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) مشمولة بالاتفاق.

ومن بين الفروق التي يتحدث عنها الجيش الحر ما يتعلق بوثيقة تشكيل الوفود للمشاركة في مفاوضات الحل السياسي، إذ تشير الوثيقة التي وقع عليها النظام إلى أن الحل السياسي يعتمد على قرارات مجلس الأمن دون ذكر لإعلان جنيف، في حين تتحدث الوثيقة التي وقعت عليها المعارضة عن إعلان جنيف باعتباره مرجعية للمفاوضات إلى جانب قرارات مجلس الأمن.

وحصلت الجزيرة على نسخة من الوثائق الأربع التي قدمتها روسيا وتركيا إلى مجلس الأمن، وتتضمن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا وتشكيل الوفود لمفاوضات أستانا وما يتعلق بآليات الرقابة.

وتتضمن الوثائق الروسية التركية دعوة النظام السوري إلى تشكيل وفد تفاوضي، وتقترح أيضا تشكيل المعارضة المسلحة وفدا تفاوضيا مستقلا بحلول 16 يناير/كانون الثاني 2017، على أن تبدأ مفاوضات أستانا في 23 يناير/كانون الثاني 2017، وأكدت الوثائق أن المفاوضات ستجرى وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وإعلان "جنيف1" وقرار مجلس الأمن 2254 بعد أستانا بأيام.

ورحب المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات بالمعارضة السورية رياض نعسان آغا باتفاق وقف إطلاق النار، وبخصوص مفاوضات أستانا طالب آغا بحضور عربي لهذه المفاوضات وخاصة السعودية وقطر والإمارات التي احتضنت لفترة طويلة الأزمة السورية إلى جانب تركيا. 

فتح الشام (النصرة سابقا)
المتحدث باسم جبهة فتح الشام حسام الشافعي قال إنهم لم يحضروا ولم يوقعوا ولم يفوضوا أحدا في الاتفاقية التي أعلنت، والتي بدأت بوقف إطلاق النار وصولا إلى حل سياسي ينهي الأزمة في سوريا.

وأضاف المتحدث أنه لا يخفى على من حضر ووقع أن مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد لم يذكر نصا أو لفظا، ورأى أن ما يسمى الحل السياسي في هذه الاتفاقية يسير ضمن "إعادة إنتاج النظام المجرم"، حسب تعبيره.

ولفت المتحدث إلى أن الاتفاق لم يتطرق للمليشيات الإيرانية والاحتلال الروسي، حسب وصفه، مبديا استغرابه أن تكون روسيا أحد الضامنين، وشدد على أن الحل هو إسقاط "النظام المجرم" عسكريا بالجهاد والمصابرة، مضيفا أن أي حل سياسي يثبت أركان النظام أو يعيد إنتاجه هو هدر للتضحيات وخيانة للدماء ووأد لما وصفها بثورة مباركة عمرها ستة أعوام.

مواقف عربية
كانت دولة قطر من أولى الدول التي رحبت باتفاق وقف إطلاق النار بسوريا، حيث أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن بلاده مستعدة للقيام بأي دور لإحلال السلام في سوريا، وأن نجاح اتفاق وقف إطلاق النار مرهون بالتزام النظام السوري به.

وقال في مقابلة مع الجزيرة عقب الإعلان عن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار إن دولة قطر رحبت باتفاق وقف إطلاق النار المعلن في أنقرة، وأضاف أنها راقبت عن قرب المفاوضات التي أسفرت عن الاتفاق.

وردا على سؤال عن إعلان روسيا دورا ستقوم به السعودية وقطر في المرحلة القادمة بعد اتفاق الهدنة الشاملة، قال وزير الخارجية القطري إن هناك مرحلة أخرى وهي الحوار السياسي في أستانا، وأكد أن دولة قطر ستلعب أي دور يكون داعما لإرساء السلام في سوريا وفق مقررات بيان جنيف1.

كما قال إن قطر على أتم الاستعداد للاستمرار في تقديم الدعم للمعارضة السورية في مرحلة التفاوض، وبخصوص المليشيات الأجنبية الداعمة للنظام السوري، أشار الوزير القطري إلى أنها حاولت عرقلة اتفاقات سابقة، خاصة خلال إجلاء المدنيين من مدينة حلب، وقال إنه يأتي هنا دور روسيا باعتبارها ضامنا للاتفاق لوضع آليات ردع للأطراف المتحالفة مع النظام السوري.

وقد رحبت الحكومة الأردنية كذلك باتفاق وقف إطلاق النار، وأعربت على لسان المتحدث باسمها محمد المومني عن أملها بأن تسهم هذه الخطوة في التهيئة لخطوات جادة وعملية لتحقيق الحل السلمي للأزمة السورية المستمرة منذ حوالي خمس سنوات.

وقال المومني "إن الأردن دعا منذ بداية الأزمة السورية إلى السعي نحو حل سياسي، باعتباره الحل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا ووقف كافة أشكال العنف والصراعات".

كما رحبت مصر بالاتفاق ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام به باعتباره "خطوة نحو وضع حد للمعاناة الإنسانية التي يمر بها الشعب السوري نتيجة العنف والاقتتال". وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن "الاتفاق تمهيد لاستئناف المحادثات السياسية مع استمرار مكافحة الإرهاب والتطرف واستهداف الجماعات الإرهابية".

وقد صوّت مجلس الأمن بالإجماع يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2016 لصالح مشروع القرار التركي الروسي المتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، حيث جرى إدخال كثير من التعديلات على مضمون الاتفاق الذي تم تقديمه بعد تحفظات، ولم يتبن مجلس الأمن الوثائق الروسية التركية، واكتفى بالإشارة إلى العلم بها.

وتحدث القرار المعدل عن مفاوضات أستانا كجزء من المفاوضات، وباعتبارها تشكل خطوة لاستئناف مفاوضات جنيف في الثامن من فبراير/شباط 2017، وفق ما أكد المبعوث الدولي إلى سوريا ستفان دي ميستورا.

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية