الجزيرة.. محطات من الاستهداف تُوِّجت بطلب الإغلاق

الاتحاد الدولي للصحفيين: مطالبة دول الحصار بإغلاق قناة "الجزيرة"، من بين شروط إنهاء الأزمة الخليجية، تؤدي إلى تقييد حرية التعبير والتعددية الإعلامية في المنطقة.
دول خليجية حاصرت قطر وطالبتها بإغلاق الجزيرة (الجزيرة)

منذ انطلاقتها عام 1996، تعرضت شبكة الجزيرة الإعلامية لحملة مضايقات تزعمتها أنظمة عربية يزعجها الرأي الآخر، ولم تتحمل طرح موضوعات سياسية وحقوقية مغيبة في الإعلام الرسمي، فأغلقت هذه الأنظمة مكاتب الجزيرة، واعتقلت صحافييها وزجت بهم في السجون، ناهيك عن محاولات القرصنة التي تعرضت لها الجزيرة ومختلف فروعها قبل أن تصل الحملة المسعورة إلى المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة.

وخلال مسيرة شبكة الجزيرة، دفع العديد من أبنائها حياتهم ثمنا لإيصال حقيقة الأحداث التي ينقلونها بشكل مهني، في العراق، وفي سوريا، وفي اليمن، وفي ليبيا

ومنعا للرأي الآخر وإخفاء للحقيقة، استهدف الأميركيون والإسرائيليون قناة الجزيرة لما سجلته كاميراتها من صور حية لانتهاكات وجرائم ارتكبت في أفغانستان وفي العراق وفي فلسطين المحتلة وغيرها من الدول، حيث كانت الجزيرة حاضرة وموثقة لأحداث العالم والشأن العربي والإسلامي منه على وجه الخصوص.

غلق مكاتب
أثارت برامج قناة الجزيرة في وقت مبكر من انطلاقها استياء الزعماء العرب في منطقة الخليج خاصة، واتهموها بإثارة الفتن وتزييف الحقائق، حتى أن وزراء الإعلام في مجلس التعاون الخليجي أوصوا في اجتماع لهم في أكتوبر/تشرين الأول 2002 بضرورة مقاطعة قناة الجزيرة "إذا استمرت في نفس النهج" لما تبثه من أخبار وبرامج تسيء إلى منطقة الخليج على حد قولهم.

 كما احتجت دول عربية أخرى على ما تبثه الجزيرة من برامج، فحظر الأردن على سبيل المثال في أغسطس/آب 2002 نشاط الجزيرة على أراضيه، احتجاجا على حلقة من برنامج "الاتجاه المعاكس" التي بثتها قناة الجزيرة في تلك الفترة، واعتبرتها عمّان مسيئة للملك الراحل الملك حسين بن طلال.

وأغلقت مكاتب للقناة في إيران (2005) والعراق (2004)، وموريتانيا، وفي غيرهما من الدول التي كانت تعودت على خطاب واحد يصل إلى جمهورها.

ورغم مساحات الحرية التي تمنحها الديمقراطيات الغربية لوسائل الإعلام، فإن الجزيرة أزعجت بعض الأنظمة، فتعرضت مرارا للمضايقات بسبب نقلها لحقائق أخرى غير التي يبثها الإعلام الغربي.

وكان من أبرز ذلك اعتقال السلطات الإسبانية مراسل الجزيرة تيسير علوني بمنزله يوم 5 سبتمبر/ أيلول 2003 بتهمة الاشتباه في علاقته بـ تنظيم القاعدة، وذلك على خلفية تغطية علوني للحرب الأميركية على أفغانستان.

وقبل ذلك اعتقل الأميركيون في ديسمبر/كانون الأول 2001 سامي الحاج أثناء أداء عمله بأفغانستان، وأودع معسكر غوانتانامو في كوبا، والحاج مصور مساعد كان يعمل للجزيرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2001.

ودفعت الجزيرة ثمنا باهظا لطبيعة تغطيتها لأحداث غزو العراق عام 2003، حيث استشهد مراسلها طارق أيوب في قصف طائرة أميركية لمكتب قناة الجزيرة في حي الكرخ بـ بغداد يوم 8 أبريل/نيسان 2003، إضافة إلى جرح المصور زهير العراقي.

واستمرت المضايقات لقناة الجزيرة وفروعها بأشكال مختلفة، ففي يونيو/حزيران 2003، أعاق مصمم أميركي يدعى جون وليام راسين دخول الزائرين لـ موقع الجزيرة نت وقام بتحويلهم خلال يومين إلى موقع ابتكره وسماه "دع الحرية تصدح".

كما دفعت الجزيرة ثمن بحثها عن الحقيقة باغتيال علي حسن الجابر الذي استشهد في كمين مسلح استهدف فريق الجزيرة قرب مدينة بنغازي الليبية يوم 12 مارس/آذار 2011. وكان الجابر يتولى رئاسة قسم المصورين في قناة الجزيرة.

الحملة المصرية
منذ الانقلاب العسكري في مصر يوم 3 يوليو/تموز 2013 تعرضت الجزيرة لحملة شملت التضييق على نشاطها واعتقال وإبعاد وسجن عدد من صحفييها وتقنييها العاملين بالقسمين العربي والإنجليزي، إضافة إلى التشويش على قنواتها الذي ثبت أن مصدره مصر.

وبدأت حملة التضييق على قنوات الجزيرة مباشرة بعد الانقلاب، واستمرت سنوات بعد ذلك، في ظل استنكار شبكة الجزيرة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية للممارسات التي ينتهجها النظام المصري وتستهدف حرية الصحافة الإعلام.

فقد اعتقلت السلطات المصرية مراسل الجزيرة عبد الله الشامي أثناء تغطيته مجزرة فض قوات الأمن اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية. وخاض الشامي إضرابا عن الطعام اعتراضا على طول فترة حبسه الاحتياطي دون محاكمة حتى أخلي سبيله في يونيو/حزيران 2014.

كما أظهرت تحقيقات أجرتها شبكة الجزيرة أن التشويش على قنواتها مصدره أماكن بمحيط القاهرة قريبة من مواقع تابعة للجيش المصري. 

واعتقلت السلطات المصرية بعد الانقلاب ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة الإنجليزية وهم: باهر محمد ومحمد فهمي وبيتر غريستي، وحاكمتهم قبل أن تطلق سراحهم عام 2015 تحت ضغوط حقوقية وإعلامية دولية.

واعتقلت قوات الأمن المصرية في ديسمبر/كانون الأول 2016 منتج الأخبار بقناة الجزيرة الإخبارية الزميل محمود حسين خلال إجازته السنوية بالقاهرة.

الحصار
تجدد استهداف قناة الجزيرة في ظل الحصار الذي تفرضه دول خليجية ومصر على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، حيث قدمت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر قائمة مطالب إلى الدوحة تتضمن 13 بندا بينها إغلاق قنوات الجزيرة وكل وسائل الإعلام التي تدعمها قطر.

وأثار ذلك المطلب استياء واستغراب الجهات الحقوقية والإعلامية في العالم، وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد: مطالبة دولة قطر بإغلاق قناة الجزيرة هجوم غير مقبول على حرية التعبير والرأي.

من جانبها اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن المطالبة بإغلاق قناة الجزيرة ليست عقابا لقطر، بل هو عقاب لملايين العرب في المنطقة بحرمانهم من تغطية إعلامية مهمة.

من جانبه أكد الاتحاد الدولي للصحفيين أن المطالبة بإغلاق الجزيرة ستؤثر على حرية التعبير في العالم، معتبرا أن الجزيرة مصدر معلومات للمواطنين في الشرق الأوسط وغيره. كما انتقدت منظمات صحفية وحقوقية مطلب إغلاق قناة الجزيرة.

وبدأت الأزمة الخليجية حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت الثلاث الأولى عليها حصارا بريا وجويا، متهمة إياها بدعم "الإرهاب" وهو ما نفته الدوحة.

undefined

المصدر : الجزيرة