طرحها لبيد.. هل تمهد "شبكة أمان" لإسقاط حكومة نتنياهو؟
القدس المحتلة- حمل إعلان رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، منح حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، "شبكة أمان" لأي صفقة تبادل قد تفضي إلى إعادة المختطفين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، في طياته معاني ودلالات كثيرة فيما يتعلق بمستقبل حكومة الطوارئ وسير القتال واليوم التالي للحرب.
وتنص "شبكة الأمان" التي عرضها لبيد على نتنياهو، على أن يدعم حزب "هناك مستقبل" -الذي يترأسه لبيد- صفقة تبادل الأسرى في حال عارضت أحزاب اليمين المتطرف، وهددت بإسقاط الحكومة.
وحسب عرض لبيد، فإن "شبكة الأمان" تقضي -أيضا- أن يدعم لبيد وحزبه حكومة نتنياهو لفترة معينة، دون الانضمام إلى الائتلاف ومن خلال مقاعد المعارضة خلال فترة الحرب، على أن يتم لاحقا التشاور بين مختلف الأحزاب بشأن موعد توافقي لإجراء انتخابات مبكرة.
ورجحت تحليلات أن الائتلاف الحكومي الحالي الذي يعتمد على أحزاب اليمين المتطرف، ليس بمقدوره إنجاز أي صفقة تبادل أسرى في ظل موقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بإسقاط الحكومة في حال التوصل إلى "صفقة سيئة" لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وأجمعت تقديرات على أن نتنياهو بات رهينة ابتزازات اليمين المتطرف المتمثل في حزب "عظمة يهودية" برئاسة بن غفير، وتحالف "الصهيونية الدينية"، برئاسة وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، وتيار المستوطنين في حزب الليكود.
تصدع وتناغم
و أتى عرض "شبكة أمان" ليعزز التقديرات بأن الائتلاف الحكومي الحالي الذي يصر على استمرار الحرب على غزة، لن يصمد طويلا في صورة إنجاز أي صفقة.
تتفق قراءات محللين أن إعلان لبيد جاء لإعادة جميع المختطفين الإسرائيليين ولا يشكل طوق نجاة لإنقاذ حكومة نتنياهو التي ستتفكك أو ستشهد تغييرات وتحالفات جديدة تسبق سيناريو انتخابات مبكرة للكنيست.
ويرى المحلل السياسي، عكيفا إلدار، أن طرح رئيس المعارضة منح "شبكة أمان" لأي صفقة تبادل، يعكس حالة الإجماع الذي يتشكل في إسرائيل الداعي إلى إعادة المختطفين، وهو يتناغم مع تعالي الأصوات الداعية إلى تحريرهم، ومن أجل تفويت الفرصة على أحزاب اليمين المتطرف الرافضة لأي صفقة وتهدد بإسقاط الحكومة.
وأوضح إلدار، للجزيرة نت، أن لبيد يعارض وبشدة بقاء نتنياهو على كرسي رئاسة الوزراء، ويحمله مسؤولية الفشل والإخفاق في منع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وفي إعادة المختطفين ضمن العلميات العسكرية.
ويعتقد المحلل السياسي أن لبيد يعي جيدا أن ملف المختطفين ورقة مساومة مهمة بالشارع الإسرائيلي في الانتخابات المقبلة، لذلك يريد أن يكون شريكا في أي صفقة وتوظيفها في حملته الانتخابية.
وأوضح أن كافة أحزاب المعارضة ومن ضمنها حزب "هناك مستقبل" برئاسة لبيد، على قناعة أن أي صفقة تبادل شاملة، وبمعزل عن التنازلات والثمن الذي ستدفعه الحكومة، ستكون بداية تصدع الائتلاف الحالي، وتعمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وتعزز حالة الاستقطاب الداخلي، وستؤسس لمرحلة جديدة بالمشهد السياسي الإسرائيلي.
ولا يستبعد إلدار أن يكون عرض "شبكة أمان" قد طُرح بإيعاز من جهات في الإدارة الأميركية وإن لم تظهر مؤشرات حيال ذلك، ويؤكد أن طرح لبيد ومواقفه من صفقة التبادل والحرب، تنسجم مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي ألمح إلى أنه على نتنياهو إحداث تغييرات في ائتلاف حكومته.
قبول ورفض
بدوره، يعتقد محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن نتنياهو يقترب من النقطة التي سيتعين عليه فيها أن يقرر ما إذا كان سيمضي قدما في الصفقة أو يرفضها، ولذلك أتى طرح لبيد بمنح "شبكة أمان" لأي صفقة.
وأوضح أن أي صفقة تبادل محتملة ستأتي مع تقديم تنازلات كبيرة من قبل حكومة نتنياهو وستنظر إليها قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي على أنها انتصار لحماس، وأن رفضها من قبل نتنياهو يعني استمرار الحرب كما يطلب شركاؤه بالائتلاف بن غفير وسموتريتش.
ومن الواضح الآن أن اليمين المتطرف في الحكومة، يقول هرئيل "سيخلق صعوبات وعراقيل أمام أي صفقة، حيث سارع بن غفير للتصريح علنا ضد صفقة تتضمن تنازلات وهدد بحل الحكومة، وسموتريتش ليس بعيدا عنه بالموقف من الصفقة والحرب".
وقال المحلل العسكري ذاته إن اليمين المتطرف يشعر بالقلق من احتمال أن يعني وقف إطلاق النار الطويل نهاية الحرب وبالتالي الإبقاء على حماس في السلطة، على الأقل في جنوب القطاع، كما أن نتنياهو يعي أن العودة الجزئية للمختطفين، مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين، ستُفسرها قطاعات واسعة من الجمهور الإسرائيلي على أنها اعتراف بالفشل.
ويرى الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن رئيس المعارضة يائير لبيد داعم ومؤيد للحرب لكنه يختلف عن نتنياهو فيما يتعلق بترتيب الأهداف، فمن أولوياته إعادة جميع المختطفين لدى حماس حتى مقابل تقديم تل أبيب تنازلات كثيرة.
وقال شلحت للجزيرة نت إن لبيد، الذي ينسجم مع مواقف الإدارة الأميركية من صفقة التبادل وأسلوب القتال والحرب، يعارض وبشدة بقاء نتنياهو في الحكم، ويحمله مسؤولية الفشل بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول وفي تحقيق أهداف الحرب.
انهيار وتفكك
وأوضح الباحث نفسه أن لبيد -مثل الكثير من الإسرائيليين- بات على قناعة تامة بأن استمرار الحرب وتحرير المختطفين هدفان غير متوافقين، وعليه أتى طرحه منح "شبكة أمان" لصفقة تبادل ردا على موقف اليمين المتطرف الرافض للصفقة والذي يهدد بتفكيك الحكومة.
وعن مدى واقعية هذه الشبكة، يقول شلحت إن عرضها لا يحمي الحكومة من الانهيار والتفكك، وهو يقتصر فقط على دعم صفقة التبادل والتصويت عليها في الكنيست ليتسنى تنفيذها بظل تهديد بن غفير واليمين المتطرف بتفكيك الحكومة في حال أُنجزت أي صفقة.
وأضاف الباحث أن خلفية تهديدات بن غفير يُفسرها أيضا سلوك نتنياهو الذي بات أكثر رهينة بيد اليمين المتطرف، حيث يعارض الانسحاب من غزة وتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين، ويماطل بصفقة التبادل، ويكرر هدف إسقاط حكم حماس، مما يعكس شروط هذا اليمين للبقاء بالحكومة والاستمرار بالحرب حتى تحقيق أهدافها.
وعلى خلفية حالة الارتهان التي يعيشها نتنياهو، يقول شلحت "أتت مواقف سياسيين إسرائيليين ومن ضمنهم لبيد التي تتناغم مع مواقف أميركا، قبالة التيار الذي يقوده نتنياهو الذي يضع مصلحته الشخصية فوق مصلحة إسرائيل العليا والمصالح الأميركية بالشرق الأوسط".
ويعتقد الباحث أن نتنياهو يتحدى بهذه المرحلة الموقف الأميركي، لكنه لم يصل حتى الآن إلى مرحلة كسر أدوات اللعب مع واشنطن التي لديها أوراق ضغط كثيرة لممارستها بحال كسر نتنياهو هذه الأدوات.