بوبليكو: المزاج الإصلاحي لمحمد بن سلمان لم يقنع المستثمرين الأجانب

A Saudi man walks past the sign of the Future Investment Initiative during the last day of the investment conference in Riyadh, Saudi Arabia October 25, 2018. REUTERS/Faisal Al Nasser
تداعيات قضية خاشقجي دفعت العديد من المستثمرين للغياب عن دافوس الصحراء (رويترز)

تعصف أزمة عميقة بالمملكة العربية السعودية، تتجلى في تراجع الاستثمارات الأجنبية مقارنة بالسنوات الماضية، وخاصة في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي، حسب ما جاء بصحيفة إسبانية.

فقد ذكر الكاتب دييجو هيرنز في تقرير له بصحيفة "بوبليكو" الإسبانية، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وضع صورته في الخارج وسلطته المطلقة في السعودية على المحك في ضوء المطالبة بتوضيح ملابسات الجريمة المعقدة والمثيرة للجدل والتي راح ضحيتها الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأضاف أن دبلوماسية الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتقلبة والغريبة مالت إلى إدانة هذه الجريمة، معتبرا أن مطالبة ترامب السعودية بضرورة تقديم جملة من التوضيحات بشأن القضية لم تكن من قبيل الصدفة، إذ تخفي وراءها الحرص على المصالح التجارية لصهر الرئيس المثير للجدل جاريد كوشنر وزوجته، ابنة الرئيس، إيفانكا ترامب.

كما ينم اهتمام ترامب بهذه القضية عن حرصه على عدم تأثيرها على صفقة بيع المعدات العسكرية الأميركية التي وقّعها ترامب مع السعودية خلال أول زيارة رسمية له خارج البلاد والتي تقدر قيمتها بحوالي 110 مليارات دولار، الأمر الذي خلق عجزا في الخزينة السعودية يقدر بأكثر من 15% من الناتج المحلي الإجمالي في دولة تتمتع بفوائض مالية كبيرة بفضل ثرواتها النفطية، على تعبيبر هيرنز. 

وتعليقا على المزاج الإصلاحي لمحمد بن سلمان، أورد الكاتب ما جاء في تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أكد أن نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية قد انخفضت بنسبة تجاوزت 80% بين عامي 2016 و2017، حيث تراجعت قيمتها من 7.5 ملايين دولار إلى 1.4 مليون دولار فقط. وتتزامن هذه الفترة مع أول سنتين من إعلان بن سلمان عن خطته الإصلاحية "رؤية 2030".

وأبرز الكاتب أن محمد بن سلمان رسم خطة واضحة يهدف من خلالها إلى تغيير مسار أمة تأسست منذ سنة 1932، وتحرير نظامها الاقتصادي من اعتماده على النفط، كما أعلن عن عزمه إنشاء صندوق سيادي بأصول تتجاوز 2 تريليون دولار، وهو ما يمثل ضعف أصول النرويج، وهي أهم مستثمر في قطاع النفط في العالم.

الشكوك وغياب الشفافية
غير أن هيرنز لفت إلى أن الشكوك باتت تعتري أصحاب رؤوس الأموال إزاء مشروع "رؤية 2030″، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل بدأ المستثمرون بالانسحاب من المشروع بطريقة غير متوقعة ولم يحسب بن سلمان حسابها، وهو ما أكدته كذلك العديد من البيانات الصادرة عن الأونكتاد حتى قبل أن تنفجر قضية خاشقجي، على حد تعبيره. 

وأبرز الكاتب مؤشرات تظهر أن السعودية أصبحت ذات مناخ غير ملائم للأعمال التجارية التي تطلّبها مشروع رؤية 2030.

وأضاف أن مقتل خاشقجي دفع مجموعة كبيرة من رجال الأعمال والمستثمرين والسياسيين البارزين إلى الاعتذار عن المشاركة في مؤتمر دافوس الصحراء تنديدا بالجريمة.

وقال إن من بين هؤلاء رؤساء تنفيذيين لعدد من المؤسسات، من بينها بنك جي بي مورغان تشيس وشركة فورد وشركة الإعلام الضخمة فياكوم وشركة ماستركارد وبلاك روك، كما غابت العديد من الشخصيات الهامة على غرار المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

ونقل الكاتب عن الخبير في الاقتصاد السعودي فيليب كورنيل قوله إن "الرياض تنقل الأصول والأموال إلى الخارج وهو ما أعاق الاستثمارات الأجنبية، التي يرى أصحابها أن الظروف الداخلية للبلاد غير ملائمة للاستثمار بسبب النزعة الاستبدادية لولي العهد وأسلوبه المتقلب في تنفيذ جدول أعماله الاقتصادي".

وأفاد الكاتب بأن سحب الاستثمارات الأجنبية على خلفية قضية مقتل خاشقجي الشائكة يمكن أن يؤثر سلبا على الاقتصاد السعودي. في هذا الشأن، انخفض سعر البرميل الواحد من النفط من 80 دولارا إلى 75 دولارا.

عموما، قد يتسبب غياب الشفافية وتذبذب الحسابات في أجندة إصلاح محمد بن سلمان في مواقف متقلبة بين المستثمرين الذين يتوجسون من المخاطر الاقتصادية والسياسية التي تلوح في الأفق السعودي، على حد تعبيره.

المصدر : الصحافة الإسبانية