الاحتلال يقتحم الخليل وتزايد هجمات المستوطنين في الضفة

مستوطنون يسيرون بحماية جيش الاحتلال امام قرية برقة شمال نابلس بعد اعتدائهم على الاهالي- الضفة الغربية- نابلس- برقة- مواقع التواصل- 3
مستوطنون ينتشرون بحماية جيش الاحتلال في قرية برقة شمال نابلس (أرشيف-الجزيرة)

اقتحمت القوات الإسرائيلية -مساء السبت- مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ترافق ذلك مع تزايد هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية منذ معركة "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة المحاصر، مما أدى إلى تهجير مئات الفلسطينيين. كما كشف تقارير حقوقية ارتفاع أعداد المعتقلين في الضفة، وزيادة التنكيل بهم في سجون الاحتلال.

فقد أفاد مراسل الجزيرة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت منطقة "دائرة السير" في رأس الجورة بمدينة الخليل بالضفة الغربية، وأغلقت كل المداخل المؤدية للمنطقة.

وفي وقت سابق، ذكر المراسل أن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة يطا جنوب الخليل، واعتدت على المواطنين وصادرت عدداً من المركبات.

وفي سياق متصل، أصيب مواطن إثر اعتداء عشرات المستوطنين على مزارعين فلسطينيين في قرية رمّون شرق مدينة رام الله بالضفة.

وقالت مصادر محلية إن مجموعة من المستوطنين المسلحين اقتحموا مداخل القرية وهاجموا -بحماية أفراد من جيش الاحتلال- مزارعين فلسطينيين خلال وجودهم على أراضيهم الواقعة بين قريتي دير دبوان ورمون، وحاولوا سرقة أغنام وتحطيم مبان أقامها فلسطينيون منذ نحو 20 عاما.

كما اعتدى مستوطنون -لليوم الثاني على التوالي- على مواطنين فلسطينيين في سوسيا في مسافر يطا جنوب الخليل.

ويمنع المستوطنون رعاة الأغنام من الوصول لمراعيهم ويهددونهم بالسلاح وبالتهجير قسرا من مساكنهم. وتتعرض سوسيا وغيرها من التجمعات السكانية في مسافر يطا لاعتداءات مستمرة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، غير أن الاعتداءات ازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

منظمات المستعمرين الارهابية تستغل الحرب على غزة للتهجير والتطهير العرقي في الضفة (وكالة الأنباء الفلسطينية)
المستوطنون استغلوا العدوان على غزة للتهجير والتطهير العرقي بالضفة (وفا)

تهجير قسري

في السياق ذاته، كشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان أن المستوطنين ينظرون للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة باعتباره فرصة ذهبية للتهجير والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وأوضح التقرير الاستيطاني الأسبوعي أن المستوطنين يستخدمون العنف، بمساعدة من جيش الاحتلال، لتهجير تجمعات فلسطينية من المناطق المصنفة (ج).

وأشار إلى أن "ممارسات المستوطنين الإرهابية" تفاقمت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ودفعت بأكثر من 1500 مواطن فلسطيني من 25 تجمعا على الأقل إلى الفرار من منازلهم ومناطقهم، مما يرفع نسبة المهجرين خلال العام الماضي إلى 3 أضعاف عن 2022.

ووفقا للتقرير، فقد تحول المستوطنون إلى تشكيلات عسكرية وشبه عسكرية في ظروف الحرب، يسلحها ويوجهها وزير الأمن إيتمار بن غفير، ويمولها وزير المالية بتسلئيل سموترتيش، وتحظى برعاية واضحة من دولة وجيش وشرطة الاحتلال.

وتكشف منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية أن عنف المستوطنين الحالي بهدف التهجير "غير مسبوق" من حيث الوتيرة والشدة، وخاصة جنوب محافظة الخليل.

وأوضح التقرير أنه في ظروف العدوان على قطاع غزة، أخذت تنشط في الضفة جماعات "إرهابية" للمستوطنين تعلن عن أهدافها بوضوح كامل، وهي جماعات من أخوات "تدفيع الثمن" وتمارس نشاطها دون قيود على شبكات التواصل الاجتماعي وتدعو الفلسطينيين إلى الهجرة إلى الأردن.

من هذه الجماعات منظمة تطلق على نفسها اسم "هاجروا الآن" وتدعو على صفحتها في فيسبوك الفلسطينيين في الضفة إلى "الهجرة إلى الأردن قبل فوات الأوان".

وتنشر هذه الصفحة صورة لخريطة تتضمن فلسطين وجزءا من الأردن، حيث يظهر فيها أجزاء من الأراضي الأردنية ضمن الخريطة الإسرائيلية الجديدة، التي عرضها سموتريتش في باريس العام الماضي، ويتوسطها شعار منظمة "الأراغون" المعروفة بتاريخها الإجرامي في فلسطين.

سموتريتش (داخلية)
سموتريتش خلال زيارته فرنسا ويظهر خريطة تجمع الأردن وفلسطين (وكالات)

اعتقالات

في ظل سياسة التنكيل التي تنتهجها إسرائيل ومحاولتها منع العمليات ضدها في الضفة، اعتقلت سلطات الاحتلال منذ مساء أمس الجمعة وحتى صباح السبت 22 فلسطينيا على الأقل، بينهم أطفال وسيدة من القدس.

وذكر بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطينيين أن حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ارتفعت لنحو 6115، تشمل من تم اعتقالهم من المنازل وعلى الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا رهائن.

ورافق حملات الاعتقال عمليات اقتحام وتنكيل واسعة، إلى جانب عمليات تخريب وتدمير واسعة لمنازل المواطنين، وتدمير البنية التحتية، ومصادرة الأموال والمركبات.

وأوضح التقرير أن العدد الإجمالي للفلسطينيين المعتقلين بالسجون الإسرائيلية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 بلغ نحو 8800 مواطنا، بينهم أكثر من 80 أسيرة.

تنكيل وتعذيب

في إطار سياسة الاحتلال في التنكيل بالمعتقلين التي زادت وتيرها منذ "طوفان الأقصى" ذكر نادي الأسير الفلسطيني في بيان له أن سجن مجدو شكّل أحد أبرز السجون التي شهد فيها المعتقلون عمليات تعذيب وتنكيل كانت الأشد، إلى جانب ما جرى في سجن النقب.

وأوضح البيان أن المعتقلين تعرضوا لعمليات تعذيب وتنكيل وحشية، وبشكل ممنهج وجماعي.

وإلى جانب الاعتداءات الوحشية والمروعة في السجن، فإن إدارة السجون تواصل نهجها في سياسة التجويع التي أثرت على حالاتهم الصحية، بالإضافة إلى البرد القارس الذي فاقم بشكل كبير من معاناتهم، وما يرافقه من حرمان الأسرى من توفير ملابس وأغطية بشكل كاف، علاوة على الاكتظاظ الشديد الذي تشهده الأقسام.

وذكر التقرير أن غالبية المعتقلين ينامون على الأرض، ولم تستثن أي فئة من عمليات الضرب والتنكيل، بمن فيهم الأطفال، إضافة إلى الشتائم والألفاظ النابية التي يتلقاها المعتقل خلال الاعتداء عليه.

ملاحقات وإرهاب

في ظل الهجمة التي يتعرض لها الفلسطينيون من قبل جيش الاحتلال ومستوطنيه، بعث المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور 3 رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حول "استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في استهداف الأطفال الفلسطينيين بشكل متعمد".

وجاء في الرسالة "الأطفال في قطاع غزة يتعرضون للقتل والجرح والتشويه والتجويع والتيتم والتشريد، وللأمراض والبرد، بينما يتعرض الأطفال في الضفة الغربية لملاحقات وإرهاب الجنود والمستعمرين، إلى جانب إطلاق النار عليهم والضرب والاعتقال والتعذيب".

وناشد منصور المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، وبما يشمل فريقه المعني بالأطفال في النزاعات المسلحة، والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية "اتخاذ إجراءات فورية وسريعة للغاية وفقا للقانون الدولي".

المصدر : الجزيرة + وكالات