شعار قسم ميدان

جيل جديد من الاستخبارات.. كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد منشآت إيران النووية؟

مقدمة الترجمة

أعدَّ باتريك تاكِر، المحرر التقني في مجلة "ديفِنس وان"، تقريرا تناول فيه التكنولوجيا المستخدمة في كشف أحدث المنشآت النووية الإيرانية السرية، كما يناقش عددا من رواد شركات التصوير عبر الأقمار الاصطناعية حول مستقبل هذا المجال.

 

نص الترجمة

رجَّح تحليل حديث صادر عن مركز الأمن والتعاون الدولي (CISC)، التابع لجامعة ستانفورد، أن إيران قد تكون على بُعد 18 إلى 24 شهرا من استكمال بناء منشأة لتجميع أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض داخل منشأة "نطنز" النووية. وأوضح التحليل أن إيران ستتمكَّن من استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم، بل والتوسُّع فيه، رغم الانتكاسات الشديدة والمتعدِّدة التي ألقى فيها المسؤولون الإيرانيون باللوم على الأعمال التخريبية.

 

ووفقا لمُحلِّلي المركز، الذي وصف المنشأة الجديدة للمرة الأولى لصحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن المنشأة تقع جنوب المنشآت الموجودة في نطنز، وبُنيت في عمق الجبل من الداخل لتكون أقل عُرضة للضربات الجوية وبعيدة عن أعين الأقمار الصناعية. واستخدم مُحلِّلو المركز أدوات ذكاء اصطناعي من شركة "أوربيتال إنسايت" لتساعدهم في تتبُّع عُمَّال البناء في الموقع، وتوصَّلوا إلى إمكانية تتبُّع فترات الانقطاع عن العمل المرتبطة بالانفجار الذي وقع العام الماضي في منشأة نطنز، وبعض التغيُّرات الأخرى المرتبطة بأعمال الحفر والتشييد لمنشأة التجميع الجديدة. وقالت "أليسون بوتشِيوني" الباحثة بالمركز: "يساعدنا التحليل بواسطة الذكاء الاصطناعي وتَعَلُّم الآلة في معرفة مواقع وجود العُمَّال في أي وقت بصورة أدق".

حدَّد الباحثون الفترة التي بدأ فيها الإيرانيون تشييد الموقع الجديد بأنها في الفترة بين 30 أغسطس/آب إلى 14 سبتمبر/أيلول 2020، إذ لاحظوا زيادة عدد المَرْكبات في الموقع بما يصل إلى تسعة أضعاف أثناء الأشهر الثلاثة التالية، وذكروا في البحث الذي نشرته دورية "جَينز إنتلجنس ريفيو" أنه مؤشر على "زيادة كبيرة في نشاطهم". ويصف البحث الدور الجوهري الذي لعبه الذكاء الاصطناعي في التحليل: "أحصت خوارزمية كشف العناصر التي صمَّمتها شركة أوربيتال إنسايت المركبات في 84 صورة التقطها القمر الصناعي في الفترة بين مايو/أيار 2018 ومايو/أيار 2021، ومن ثمَّ قدَّمت نظرة ثاقبة عن النشاط في منشآت نطنز الموجودة بالفعل وتلك التي بُنيَت بعد ذلك. كما جرى تتبُّع نشاط المركبات، لا سيما في مواقف السيارات خارج منشأة نطنز الرئيسية، إلى جانب منشأة لدعم أعمال البناء جنوب نطنز، مما يُرجِّح أن المركبات في كلا الموقعين مرتبطة مباشرة بمهمات أو بأعمال بناء".

 

وبحسب الباحثين، انخفضت حركة المركبات في الربيع، وبناء عليه، وبالنظر إلى عوامل أخرى، مثل تصلُّب الطرق وبناء موقف سيارات جديد، فقد توصَّلوا إلى أن "بناء المنشأة في ذلك الوقت كان قد اكتمل في معظمه، وأنهم (الإيرانيين) بصدد تجميع البنية التحتية وتعزيزها، وربما بدء عمليات تجميع أجهزة الطرد المركزي في فترة من 18 شهرا إلى سنتين، حسب حجم البنية التحتية التي سيضعونها في المنشأة". وتُضيف بوتشيوني أن بناء منشأة التجميع الجديدة يُظهِر أن إيران "تعمل بجد للحفاظ على قدراتها في تخصيب اليورانيوم"، وأنها "تُعزِّز إمكانيات أسلحتها النووية"، وأن الذكاء الاصطناعي يلعب دورا أكبر في مساعدة المُحلِّلين على التوصُّل إلى استنتاجات ربما تعذَّر الوصول إليها في السابق. "باختصار، أعتقد أنها أداة عظيمة".

 

يقول جيمس كروفورد، الذي أسَّس شركة "أوربيتال إنسايت" عام 2014، إنه تحمَّس مع الظهور المفاجئ لشركات جديدة في مجال التصوير عبر الأقمار الصناعية مثل شركة "بلانِت"، بالإضافة إلى الزيادة المُذهِلة في المصادر الجديدة للبيانات. "علمت بتأسيس بلانِت لابز وسكاي بوكس وغيرهما، وقلت إن هذه الشركات ستطغى على المحللين البشر الذين لا يتوفرون بالأعداد الكافية. لقد وجدت فرصة فريدة هُنا للاستفادة مما يفعله الذكاء الاصطناعي في الرؤية الحاسوبية (أحد مجالات علم الحاسوب، تسعى لتصميم تطبيقات ذكية قادرة على فهم محتوى الصور كما يفهمها الإنسان)، واستخدامه في مشكلة ما انفكت تتصاعد، وهي أن الأقمار الصناعية تلتقط كمية هائلة من الصور".

شركة "أوربيتال إنسايت"
شركة "أوربيتال إنسايت"

حاول كروفورد منذ عدة سنوات إجراء إحصاء غير رسمي لعدد المُحلِّلين اللازمين لتحليل صور تغطي العالم بأكمله يوميا، واستنتج "أننا إذا أردنا إلقاء نظرة على الأرض كاملة يوميا فسنحتاج إلى 8 ملايين مُحلِّل". ثمة تحدٍّ آخر، وهو العثور على تقنيات جديدة في علم البيانات يمكن للباحثين تطبيقها على مختلف أنواع التحليل، مثلا لمعرفة ما إن كان بعض جوانب "رؤية الآلة" ذا صلة بالمسألة التي يجري تحليلها.

 

يقول كروفورد: "إن نهجنا لدمج هذه المصادر المتباينة، مثل دمج بيانات "جي آي إس" (نظام المعلومات الجغرافية) مع بيانات الهواتف المحمولة، مع صور مواقف السيارات التي التقطها القمر الصناعي، كل هذا يُمثِّل مشكلة مُحدَّدة بطريقة ما. ولذا فإن هذا التحليل بشأن إيران قد أجراه خبراء في المجال، وأحد الأمور التي يعمل عليها فريقنا المتخصص في علم البيانات الآن هو كيفية بناء أدوات عامة من شأنها السماح للأشخاص بجمع البيانات والتوليف بين شتى أنواعها".

———————————————————————————

هذا المقال مترجم عن Defense One ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

ترجمة: هدير عبد العظيم.

المصدر : مواقع إلكترونية