شعار قسم ميدان

ميانمار.. وطن لا يتسع للجميع

ميدان - روهينغا ميانمار Myanmar Rohingya

منذ 9 (تشرين الأول/أكتوبر) 2016، فرَّ حوالي 66.000 نازح من ولاية أراكان في ميانمار ذات الغالبية البوذية، إلى أقرب الدول المجاورة، بنغلاديش، إما على متن قوارب أو مستمسكين بما تبقى من الحاويات البلاستيكية المتهالكة سلفًا، قاطعين النهر الفاصل بين البلدين على أمل الوصول إلى بر الأمان. ليست هذه أول موجة نزوح، فقد واجه الروهينغا على مدى عقود، صنوفًا من الاضطهاد. ولئن فرّوا فيما مضى من جيرانهم البوذيين الذين اشتبكوا معهم في ولاية أراكان في (أيار/مايو) 2012، فإن فرارهم اليوم يأتي مخافة بطش حكومة بلادهم نفسها.

 

آمالٌ عريضة عقدت على فوز الرئيسة الحالية، "أونغ سان سو تشي"، زعيمة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في انتخابات (تشرين الثاني/نوفمبر) 2015، لتُشكِّل أول حكومة مدنية في البلاد منذ عام 1960. عُقد الأمل، بعد إعلان الحائزة على جائزة نوبل للسلام لـ"نضالها من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، أن أولوية حكومتها القصوى ستكون إحلال السلام بين الجماعات الإثنية المسلحة في ميانمار؛ في خطاب ألقته بمناسبة ذكرى الاستقلال في (كانون الثاني/يناير) 2016، جاء فيه "لا يمكننا القيام بأي شيء في البلاد دون إحلال السلام أولا".  إلا أن حكومتها اختارت مقاربة أخرى للأمور؛ وذلك بالرجوع إلى تصريح مقتضب ألقاه "يو وين هتين"، أحد المسؤولين الكبار في الحكومة عن الرابطة الوطنية للديمقراطية مفاده "إن لدينا أولويات أخرى غير الروهينغا".

 

صورة إحدى الحملات التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل للمطالبة بسحب جائزة نوبل من الزعيمة الميانمارية (ناشطون)
صورة إحدى الحملات التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل للمطالبة بسحب جائزة نوبل من الزعيمة الميانمارية (ناشطون)

 
تستمر الحكومة، برفض لفظة "الروهينغا"، حيث تعتبرها محاولةً من أبناء الطائفة لانتزاع اعتراف من الدولة بوصفهم إحدى المجموعات المحلية الـ135 المعترف بها.  يعتبر العديد في ميانمار أنَّ الروهينغا مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش. وقد لعب قانون المواطنة الصادر عام 1982 بشروطه التعجيزية، الدور الأكبر في إنكار المواطنة على الروهينغا. دون هذه المواطنة، سيتحتَّم على أبناء الأقلية المسلمة ملاقاة أسوأ صنوف التمييز والإساءة من بين كافة الجماعات الإثنية الأخرى في البلاد.

 

قبل وقتٍ طويل مضى..
أشعلت اضطرابات شهدتها ولاية أراكان في (حزيران/يونيو) 2012 بين البوذيين والروهينغا فتيل اشتباكات عنيفة حدت بالحكومة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد. منذ تلك اللحظة، وعلى مدى خمس سنوات استُضعفَ 140.000 مسلمٍ من الروهينغا في مخيمات منعزلة تزعم الحكومة أنها "للحفاظ على أرواحهم". هؤلاء، بالإضافة إلى المتحصّنين في قُراهم، لا يملكون أي وصول للصرف الصحي، أو العناية الطبية، أو التعليم. فضلًا عن تقييد حرية التنقل، وهو ما يحد من فرص العمل من بين فرص أخرى.

 

انتهت آخر آمال الروهينغا في الحلّ السلمي بعد انتخابات 2015، عندما تمّ تجريدهم من حقّ الترشُّح والتصويت، وإحداث تأثير سِلمي مهما كان ضئيلًا. ليس هذا الإذلال بجديد، فقد عانى مسلمو أفقر ولايات ميانمار عقودًا من الاضطهاد والتهميش.  وفي مواجهة اليأس المستفحل، بعد مرور أربع سنوات على الاشتباك الأول، لجأ بعض أبناء الروهينغا إلى العنف.

 

ردًّا على الاضطهاد والظلم، قامت جماعات مسلحة من الروهينغا في التاسع من (تشرين الأول/أكتوبر) بشن هجمات متزامنة على ثلاثة مقار لشرطة الحدود شمالي ولاية أراكان. مما أسفر عن مقتل تسعة ضُبَّاط بالإضافة إلى اغتنام أسلحة وذخيرة. بعد مرور شهر، في الثاني عشر من (تشرين الثاني/نوفمبر) قُتل مقدَّم في اشتباكات إضافية بين الجنود والجماعات المسلحة. مثّل الهجوم الأخير شرارة الانطلاقة لجماعة مسلحة أطلقت على نفسها اسم "حركة اليقين"، يوجهها روهينغا نازحون في السعودية، بينما ينفّذ عملياتها على الأرض أبناء الروهينغا الذين تلقّوا دعمًا وتدريبًا دوليين، بالإضافة إلى دعم رجال دين محليين ودوليين أصدروا لهم الفتوى للدفاع عن أنفسهم.

 

أبلغت أكثر من نصف 101 امرأة أجريت مقابلات معهن عن نجاتهن من الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف الجنسي (غيتي)
أبلغت أكثر من نصف 101 امرأة أجريت مقابلات معهن عن نجاتهن من الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف الجنسي (غيتي)

 
لكن برغم الدعم الدولي، تظل أهداف الجماعة، بشهادة مجموعة الأزمات الدولية، محلية بحتة، وهي إيقاف الاضطهاد وتأمين حقوقهم وكفالة استقلاليتهم بوصفهم مواطنين في دولة ميانمار. هذه الهجمات الأخيرة رسمت نقطة اللاعودة للحكومة، التي ردَّت بالقوة المفرطة ضمن ما أسمته "عمليات تنظيف مناطقية" والتي تهدف، اسميا بالطبع، إلى القبض على المُقاتلين واستعادة الذخيرة.

 

بالرغم من منع دخول المنظمات غير الحكومية والجهات الإعلامية إلى منطقة الصراع لجمع الحقائق، إلا أن مسؤولي الأمم المتحدة يقدِّرون أن ما يزيد على 1000 مسلمٍ من الروهينغا قد لقوا مصرعهم أثناء قيام الحكومة بعملياتها. وكان المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، قد أورد أن الهجمات ضد الروهينغا كانت "واسعة النطاق" و"منظّمة"، بما فيها عمليات قتل دون إجراءات قضائية، والاغتصاب والتعذيب وإحراق الممتلكات. كما أكد التقرير الذي استند إلى مقابلات أجريت مع الروهينغا الفارّين إلى بنغلاديش، "احتمالية مرتفعة لوقوع جرائم ضد الإنسانية" في ولاية أراكان.

 

بينما أبلغت أكثر من نصف 101 امرأة أجريت مقابلات معهن عن نجاتهن من الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف الجنسي. أما المعتدون، فقد بدا أنهم كانوا من الجيش، رغم ارتكاب عمليات اغتصاب أخرى من قبل قوات الشرطة وقرويين في أراكان. تدعم هذه الشهادات ما توصلت إليه منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بحث منفصل، من أن القوات الحكومية قد ارتكبت عمليات اغتصاب جماعي، وتفتيشات عارية تعسفية، واعتداءات جنسية ضد نساء وبنات من الروهينغا.  

 

التنصل من المسؤولية

في ضوء تعاظم الأدلة على ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خرج وزير خارجية ميانمار، في الثامن من (شباط/فبراير) بتصريح مفاده أن لجنة تحقيق ولاية أراكان، وهو جسم يتألف من تسعة أعضاء أنشأه مكتب الرئاسة في (كانون الأول/ديسمبر)، ستنظر في الاتهامات الموجهة للحكومة من قبل الأمم المتحدة. تعهدَّت وزارة الخارجية أيضًا بمعاقبة من يثبت ارتكابهم التجاوزات. وقد مثَّلت هذه التصريحات تغيرًا في موقف الحكومة التي كان رد فعلها الأول التعنت وإنكار الفظائع المرتكبة.

  

مجموعة من لاجئي الروهينغا يسيرون عبر طريق موحلة داخل الأراضي البنغلاديشية بعد نزوحهم من ميانمار
مجموعة من لاجئي الروهينغا يسيرون عبر طريق موحلة داخل الأراضي البنغلاديشية بعد نزوحهم من ميانمار
 

رغبةً منها بالإيفاء بهذه التعهدات، طلبت اللجنة في (كانون الثاني/يناير) 2017، تمديدًا مفتوحًا بحجة إتاحة الوقت للتحقيق في جرائم أخرى جرى ارتكابها مؤخرًا. لكن الحقيقة أن رئيس اللجنة هو مدير الاستخبارات العسكرية في الحكومة الانقلابية السابقة، بالإضافة إلى غياب أعضاء ومراقبين دوليين عن الإشراف على عملها، أثار تساؤلات بشأن مدى نزاهة التحقيق والنتائج.

 

في تقرير مرحلي صدر في (كانون الثاني/يناير)، توصلت اللجنة إلى "عدم وجود حالات إبادة أو اضطهاد ديني في المنطقة، على الرغم من أن تحقيقاتها بمزاعم إحراق الممتلكات، والتعذيب والاعتقال التعسفي كانت ما تزال جارية. ولم تكتف اللجنة بذلك، فقد أضافت بأن "عدم انتصاب الأدلة قد حال دون التدخل القانوني اللازم" في مزاعم الاغتصاب، وهو ما تماشى مع إصرار لجنة مكتب المستشارة بأن إشاعات الاغتصاب كانت "ملفَّقة". أما في مواجهة المزاعم بأن قوات الأمن قد سوَّت قُرىً بأكملها بالأرض، اتهم الجيش والحكومة الروهينغا بإضرام النيران بمنازلهم. لكن ثلاث صور اُلتقطت بالأقمار الاصطناعية، وأُعِدَّت بشكلٍ مستقل، كانت كفيلةً بتفنيدِ المزاعم الرسمية. حيث أظهرت الصور نسقًا من أعمال الحريق الممنهجة والمطابقة لتحركات قوة عسكرية متقدمة.

 

 على عكس لجنة التحقيق، تحظى اللجنة الاستشارية لإقليم أراكان بتمثيل دولي. وتتألف اللجنة، التي شكلتها أونغ سان سو تشي في (آب/أغسطس) 2016، من ست خبراء محليين وثلاثة دوليين، بمن فيهم الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.  لكن قدرتها على تخفيف الاحتقان تظل محدودة؛ ذلك أنها غير مخولة بالتحقيق في انتهاكات قوات الأمن. وتتلخص مهامها، عوض ذلك، في اقتراح تدابير التنمية وتأمين الغوث الإنساني، وتحقيق المصالحة، ومنع نشوب الصراع، وتعزيز المؤسسات. وعليه فإن استنتاجاتها وتوصياتها تظل قاصرة عن تقديم عون يذكر في حالات الاستجابة الأمنية القاسية. فضلًا عن أن يتمكن تقريرها الذي لن يتم تسليمه حتى النصف الثاني من عام 2017، من تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية الحالية (كُتب المقال مطلع هذا العام). هذا إن تم، في النهاية، تبني وتنفيذ توصيات اللجنة.

 

من العنف الجماعاتي إلى العنف الأهلي؟

بالإضافة إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة، يظل الوضع في شمال ولاية أراكان، مثيرا للقلق لسببين على الأقل: أولا، تمثل التطورات الأخيرة تزمتا في المواقف لدى الطرفين ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى المزيد من العنف والتطرف. لطالما كانت في أوساط الروهينغا جماعات متشددة، بالأخص في فترة ما بين السبعينيات والتسعينيات، لكنها قليلًا ما تلقت دعمًا شعبيا من أبناء الطائفة المسلمة. أما هذه المرة، فقد لفتت مجموعة الأزمات الدولية إلى عدم إمكانية قيام حركة اليقين بشن هجمات لولا توفر الدعم المحلي. (في الوقت نفسه قد يكون مرد هذا الدعم، خشية العقوبة، بالنظر إلى قيام الجماعة بإعدام اثنين من المُخبِرين في (أيلول/سبتمبر) 2016).

 

"قيام الحكومة بتنفيذ سياسة العقاب الجماعي ضد الروهينغا على تصرفات جماعة متمردة يفاقم تقويض الثقة المجتمعية" (رويترز)

 
يظل من شبه المؤكد مع ذلك؛ أن استخدام القوة العشوائية من قبل قوات الأمن سيضاعف أعداد الروهينغا العازمين على القبول بالعنف بوصفه الوسيلة الوحيدة المتاحة لمقاومة الاضطهاد. بالإضافة إلى القلق من اتساع قائمة أهداف حركة اليقين لتشمل الديني منها. أو أن يتفاقم الوضع بحيث يتحول إلى حرب أهلية. وهذا التفاقم ممكن إذا ما نظرنا إلى دأب الحركة في البحث عن الشرعية الدينية لهجماتها.  بالأخص إن أخذنا بعين الاعتبار، ما أفادت به مفوضية حقوق الإنسان، من قيام قوات الأمن باحتلال المساجد، والتنكيل وإحراق القرآن الكريم، واغتصاب النساء والفتيات داخل المساجد. وهي أفعال يمكن لها تأجيج العواطف الدينية.

 

ثانيًا، يهدد تصاعد العنف بتقويض العلاقات المشحونة سلفا بين المسلمين والبوذيين. شمالي ولاية أراكان، على سبيل المثال، غادر 3000 بوذي مخافة الثأر. بينما في ميانمار، اعتبر الروهينغا وجماعات إسلامية أخرى دخلاء وتهديدًا للبلاد لكونهم "مفرطي التناسل، والثراء، والاختلاف". ذلك أنه يُعتَقد بأن المسلمين أسرع تناسلا من البوذيين، وأشد ثراءً (وأن الأثرياء المسلمين يقومون بالزواج من البوذيات لتحويلهن إلى الديانة الإسلامية)، وأنهم يمارسون شعائر أقصَتهم عن المجتمع بوصفه كتلة متجانسة.

 

أجَّجت الهجمات التمردية في شهري (تشرين الأول/أكتوبر) و(تشرين الثاني/نوفمبر) عاطفة معادية للمسلمين. لكن قيام الحكومة بتنفيذ سياسة العقاب الجماعي ضد الروهينغا على تصرفات جماعة متمردة يفاقم تقويض الثقة المجتمعية. إن من واجب "نايبيداو" تصحيح التصورات الجدلية حول المسلمين، من خلال إدانة العنف والتأكيد على أهمية المسلمين لميانمار. عوض ذلك، تشرعن الحكومة التعصب. بالإضافة إلى الحملة الأمنية القوية والوضع الإنساني المخيف الذي بات منتشرًا في ولاية أراكان.

 

لقد أبقت الحكومة على القوانين التمييزية الخاصة بالعرق القومي وقوانين حماية الدين. إن هذه القوانين تحول دون زواج أصحاب الأديان المختلفة، وتمنع تغيير الديانة، وتحظر تعدد الزوجات، وتحاول الحد من النمو السكاني من خلال إجبار النساء في بعض المناطق على ترك مسافة 3 سنوات بين حمل وآخر. وتتم رؤية هذه القوانين بصفتها معادية للمسلمين بشكل كبير وتستهدف النمو السكاني للمسلمين.

 

نداء للتدخل
أعلنت أونغ سان سو تشي أن حكومتها ملتزمة بحل الصراع في ولاية أراكان، لكنها بحاجة لـ"المساحة والوقت.. لكي تؤتي الجهود أُكُلَهَا". إلا أن بعض الخطوات يجب اتخاذها على الفور. إن أي رد من قِبَل قوات الأمن على المتمردين ينبغي أن يكون مكافئا لحجم التمرد ويميز بين المسلحين والمدنيين. ينبغي على الحكومة أيضا ضمان وصول الدعم الإنساني لأولئك العالقين في المناطق المتضررة والسماح للإعلام والمراقبين الدوليين بتقصي الحقائق.

 

"سيترتب على استمرار تجاهل أزمة الروهينغا من قبل الحكومة تفشّي العنف، وهو ما يمكن أن يقضي على الديمقراطية الوليدة في البلاد" (الأوروبية)

 
يجادل بعض المراقبين بأن أونغ سان سو تشي أشاحت بوجهها عن الوضع في إقليم أراكان لأنه يفضح حقيقة محدودية سلطاتها. فجيش ميانمار يتحكّم بالوزارات السيادية، وهي وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ووزارة الشؤون الداخلية. لكن أونغ سان سو تشي زادت الحال سوءًا بفشلها في القيام بالأمور الأساسية التي لا تتطلب معاونة الجيش، على الأقل. كزيارة المناطق المتضررة أو وضع حدٍ لإنكار الحكومة ارتكابها أي تجاوزات. لقد منح تقاعسها عن أداء واجبها كرئيسة للجميع، الانطباع بأن ما يحدث للروهينغا مقبول.

 

على الرغم من أن قادة رابطة أمم جنوب شرق آسيا يلتزمون بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، إلا أن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، اتهم ميانمار بارتكاب "إبادة جماعية" ضد الروهينغا

سيكون على الحكومة، في الفترة القادمة، إتاحة طريقة عاجلة وواضحة لكي يحصل الروهينغا من خلالها على المواطنة. كانت حكومة أونغ سان سو تشي قد أعادت العمل ببرنامج الرئيس السابق، تين شين، لتحصيل المواطنة. والذي يسمح للمسلمين من غير أصحاب الوثائق بالحصول على المواطنة، لكن العملية تعرقلت بسبب شرط يطلب من الروهينغا تعريفًا كبنغاليين (أي من بنغلاديش في الأصل)، وهو ما يرفضه الكثيرون منهم. وعليه أُسقط الشرط، لكن المشاركين يظلون قلة بسبب قلة الشفافية وانعدام الثقة في الحكومة بشكل عام.

 

بالإضافة إلى ذلك، يتوجب على ميانمار تحديد واتباع استراتيجيات لتنمية الاقتصاد وبناء البلاد. إن رعاية الهوية ضمن خطوط القومية تتطلب خلق فرص لمختلف الجماعات العِرقية والدينية، بما فيها بوذيي أراكان والروهينغا، لخلق مساحات للتفاعل المشترك دون قلق أي منهم على وضعه في البلاد. وخلق هكذا فرص، يترتب عليه هندسة الفضاء الاجتماعي من خلال تصميم مساحات العيش والدراسة والعمل المشتركة.

 

سيترتب على استمرار تجاهل أزمة الروهينغا من قبل الحكومة تفشّي العنف، وهو ما يمكن أن يقضي على الديمقراطية الوليدة في البلاد. وبالإضافة للمضاعفات الداخلية؛ من شأن الوضع القائم الإضرار بالمركز الإقليمي والدولي لميانمار. فقد شهدت بلدان مجاورة ذات أغلبية مسلمة مثل ماليزيا وإندونيسيا مسيرات منددة بما تلاقيه أقلية الروهينغا. وعلى الرغم من أن قادة رابطة أمم جنوب شرق آسيا يلتزمون بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، إلا أن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، اتهم ميانمار بارتكاب "إبادة جماعية" ضد الروهينغا. بينما تخطط منظمة التعاون الإسلامي لإرسال مبعوث رفيع المستوى للقاء الأقلية المضطهدة.

 

على الرغم من أن البعض يعتبر أونغ سان سو تشي بريئة، إلا أن التطورات الأخيرة حدت بالبعض لاعتبارها متواطئة. هي نفسها تقر بأنها ليست سوى سياسية. لكن السياسي فيها ينبغي أن يتعرف على، أو يرى، جدية التطورات شمالي أراكان ويعي ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وأخرى بعيدة المدى لمعالجتها. وإلا فإن بلادها ستعاني عزلة خارجية وفوضى داخلية بينما العنف يهدد باجتياح كافة أنحاء البلاد.
 
————————————————————-
 
مترجمٌ عن: (فورين أفيرز)

المصدر : الجزيرة + فورين أفيرز