النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين

مشهد من مخيم النصيرات وسط غزة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 (رويترز)

ثالث أكبر المخيمات في فلسطين بعد مخيمي جباليا والشاطئ من حيث المساحة والسكان، ويقع في منتصف قطاع غزة، وأنشئ بعد النكبة عام 1948، على مساحة 588 دونما، وبلغ عدد سكانه حينها 16 ألفا، وارتفع إلى نحو 65 ألفا حتى بداية عام 2024. وسمي المخيم بالنصيرات نسبة إلى قرية بدوية كانت تعيش في المنطقة سابقا.

وتعرّض المخيم لعمليات قصف جوي ومدفعي من قوات الاحتلال خلال عدوانها على القطاع بعد بدء "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ودارت فيه اشتباكات عنيفة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، في ظل حصار مشدد عليه وارتقاء شهداء كثر.

الموقع

يقع المخيم ضمن المنطقة الوسطى في قطاع غزة، جنوب بلدة النصيرات، وجنوب غرب مدينة غزة على ساحل البحر المتوسط، ويبعد المخيم عن مدينة دير البلح نحو كيلومترين ونصف كليومتر، وعن غزة 10 كيلومترات.

يحده من الشمال وادي غزة ومن الجنوب قرية الزوايدة، ومن الشرق مخيم البريج، ومن الغرب البحر المتوسط، وبلغت مساحته حين إنشائه 588 دونما (الدونم يساوي ألف متر)، وتوسعت حتى شملت 9.8 كيلومترات مربعة.

أراضي المخيم أراض سهلية تغلب عليها الكثبان الرملية التي تزداد في مناطق الساحل البحري، حيث تزرع كروم العنب وأشجار الزيتون. ويفصل وادي غزة بين شمال المخيم وجنوبه.

السكان

بلغ عدد سكان المخيم عام 1967 نحو 17 ألف نسمة، زادوا إلى قرابة 28 ألفا عام 1987، ووصلوا عام 2023 إلى 38 ألفا حسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

وتشير إحصاءات "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" (أونروا) إلى أن تعداد السكان وصل بداية 2024 إلى أكثر من 60 ألفا. ويشكل السكان الأصليون للمنطقة نسبة 20%، ويعد اللاجئون فيها أغلبية بنسبة 80%.

وينحدر سكان المخيم من عدة قرى من قضاء غزة مثل قرية حمامة وقرية كوكبا وبلدة أسدود ومدينة المجدل عسقلان وقرية حليقات وقرية برير وقرية بيت دراس، ومن قضاء الرملة قرية بشيت وقرية المغار وقرية عاقر.

ويعيش لاجئو المخيم أوضاعا صعبة إثر الحصار المفروض عليهم من الاحتلال الإسرائيلي، كما أن بيوتهم المتلاصقة ربعها مهدد بالانهيار، ففي عام 1983 سقط وتهدم كثير منها إثر هبوب عواصف قوية. ويعاني 20% منهم من انعدام خدمات الكهرباء.

معظم السكان النازحين في مخيم النصيرات فلاحون من أصول بدوية، ويعتبر صيد الأسماك الدخل الرئيسي لسكان المنطقة، إضافة إلى عدة مزروعات أساسية أهمها العنب والفواكه الشتوية عموما.

الإنشاء

كان المخيم قبل النكبة معتقلا عسكريا أيام الانتداب البريطاني على فلسطين، وعملت بريطانيا على توطين بعض العائلات اليونانية التي رحّلتها من بلادها خلال الحرب العالمية الثانية، وأقامت على أراضيه سجنا كبيرا سمته "الكلبوش".

ومع حلول النكبة عام 48، حوت المنطقة 16 ألف لاجئ جاؤوا من بئر السبع وأسدود وعسقلان والقرى الجنوبية لفلسطين، ولجؤوا للسجن البريطاني، ثم بنت لهم الأمم المتحدة مخيما وسمته النصيرات على اسم القبيلة التي كانت تقطنه.

وكانت الأرض حينها تعود لقبيلة الحناجرة التي تعد عشيرة النصيرات جزءا منها، وكان المخيم يتبع لمدينة دير البلح، ويتوسطه سجن "الكلبوش"، ويقع حاليا في قرية الزوايدة وما زالت آثار كبيرة له موجودة وتسكنها بعض العائلات.

بعد اتفاق أوسلو عام 1993، أحدثت السلطة الفلسطينية تقسيما إداريا جديدا لقطاع غزة، ثم عام 1996 حولت وزارة الحكم المحلي الفلسطينية المجلس القروي في المخيم إلى مجلس بلدي تابع لبلدة النصيرات، ويتبع المخيم إداريا للمحافظة الوسطى.

المعالم الأثرية

يضم المخيم عدة معالم أثرية منها:

تل أم عامر: ويعرف باسم دير القديس هيلاريون، وهو كنيسة بيزنطية اكتشفت عام 1995.

تل عجول: تل أثري اكتشفت فيه مدينة محصنة من العصر البرونزي بين عامي 2000 و1800 قبل الميلاد.

ومعالم أخرى بارزة وقديمة منها مقبرة الشوباني، وتل أبو حسين، إضافة إلى مساجد شهيرة منها مسجد الشهيد حسن البنا ومسجد عز الدين القسام ومسجد سيد قطب ومسجد الشهداء ومسجد الجمعية الإسلامية ومسجد فتحي الشقاقي ومسجد خالد الخطيب وغيرها.

شخصيات وأعلام

خرجت من رحم مخيم النصيرات شخصيات بارزة سياسية وفدائية وشهداء وأسرى، أبرزهم:

قائد وحدة التصنيع العسكري في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة في الفترة ما بين 1994 و2004، أطلق عليه لقب "أبو الصواريخ القسامية" و"رائد التصنيع العسكري".

أمضى معظم حياته مطاردا من الاحتلال والسلطة الفلسطينية، واستطاع إحداث تحول في تاريخ المقاومة الفلسطينية، فقد نجحت كتائب القسام خلال فترة قيادته وحدة التصنيع العسكري في إنتاج 9 أسلحة.

استشهد عام 2004 وعمره 46 عاما بعدما استهدفت إسرائيل بصاروخ سيارة كان يستقلها. وأطلقت كتائب القسام اسمه على بندقية القنص "غول" التي كشفت عنها إبان الحرب على غزة عام 2014، ويصل مداها إلى كيلومترين.

  • توفيق أبو نعيم

ولد في مخيم البريج عام 1962، وتعود أصول أسرته إلى بئر السبع، ودرس مراحله الأساسية في مدارس الأونروا، وحصل على البكالوريوس في أصول الدين من جامعة فلسطين، ثم البكالوريوس في الحقوق، كما نال درجتي الدكتوراه بالدراسات الإقليمية والدولية في غزة والعقيدة الإسلامية من السودان.

عمل في قطاع الأمن داخل غزة، وكان مديرا عاما لقوى الأمن الفلسطينية فيها عام 2015، ثم وكيلا لوزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة عام 2016، وبعدها مديرا عاما لقطاع الأمن في اللجنة الحكومية بالقطاع.

انتمى لجماعة الإخوان المسلمين عام 1983، ونشط مع حركة حماس عند تأسيسها عام 1987، وعمل مع يحيى السنوار في تشكيل خلية عسكرية، ويعد أحد قيادات الحركة الفلسطينية الأسيرة.

وعُيّن أبو نعيم نائبا لرئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في سجون الاحتلال، وأشرف على ملف الشهداء والأسرى بالحركة وعلى ملف العلاقات الوطنية والتنسيق الفصائلي وملف المهاجرين السوريين إلى غزة، وكان رئيسا لجهاز العمل الجماهيري في الحركة.

اعتقله الاحتلال 4 أشهر في سجن غزة المركزي عام 1988، ثم اعتقله مرة أخرى عام 1989، وحكم عليه بالمؤبد و20 عاما، وبقي أسيرا حتى أفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار عام 2011.

تعرّض لمحاولة اغتيال عبر تفجير سيارته بعبوة لاصقة في مخيم النصيرات في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وهو ما أدى إلى إصابته إصابة متوسطة. وعام 1989 هدم منزل عائلته، وقصف الاحتلال منزله 3 مرات خلال الحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في أعوام 2012 و2019 و2021.

المصدر : الصحافة الفلسطينية