الغوطة الشرقية.. منطقة سورية تتعرض للإبادة
الموقع
تنقسم الغوطة السورية إلى قسمين متصلين: الغوطة الغربية والغوطة الشرقية، وتبدأ الغوطة الغربية -ومركزها داريا– من مضيق ربوة دمشق بين الجبال خانقة الربوة، وتمتد غربا وجنوبا إلى مناطق محيط المزة وكفر سوسة وداريا وببيلا وصحنايا والأشرفية وسبينة ومناطق وبلدات سورية أخرى بمساحة تبلغ نحو120 كيلومترا مربعا.
أما الغوطة الشرقية -ومركزها عربين- فهي تبدأ من مدينة دوما وتمتد نحو الشرق والجنوب ببساط أخضر مع كثافة في أشجار الفواكه والخضراوات والذرة الشامية.
وتمتد الغوطة الشرقية إلى قرى وبلدات أصبحت مدنا الآن مثل جرمانا والمليحة وعقربا وحزّة وكفر بطنا وعربين، إلى أن تلتقي بالغوطة الغربية لتكمل احتضان دمشق بالبساتين.
تشكل مدن دوما وعربين وسقبا وحمورية وزملكا وحرستا ومنطقة المرج، إضافة إلى عشرات القرى والبلدات مايعرف بغوطة دمشق الشرقية ، وتتصل الغوطة جغرافيا مباشرة بالعاصمة دمشق.
المساحة والسكان
تقدر مساحة الغوطة الشرقية بنحو 110 كيلومترات مربعة، أما عدد السكان فقدر بمليونين ومئتي ألف نسمة مع بداية الثورة، ويقطنها نحو أربعمئة ألف نسمة حاليا.
المشاركة بالثورة
تعتبر الغوطة الشرقية من أولى المناطق السورية التي التحقت بركب الثورة منذ انطلاقتها في أبريل/نيسان 2011، حيث شاركت مختلف المدن والبلدات -وأبرزها دوما- في الاحتجاجات السلمية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، وتصدت قوات النظام لتلك الاحتجاجات؛ مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
ومع عسكرة الثورة السورية وتسليح الثوار، عرفت قرى وبلدات الغوطة الشرقية مواجهات مسلحة بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة التي باتت أكثر تنظيما، خاصة مع انضواء تشكيلات رئيسية تحت تنظيم واحد، كما حدث بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام.
الحصار
فقدت القوات الحكومية سيطرتها على الغوطة الشرقية عام 2012، لكنها فرضت عليها في العام التالي حصارا محكما؛ خلف أزمة إنسانية، كما ارتكبت في 21 أغسطس/آب 2013 مجزرة بشعة استخدمت فيها صواريخ تحمل مواد كيميائية، مما أسفر عن مقتل 1600، أغلبهم من الأطفال، إضافة إلى مئات من الجرحى.
وارتكبت مجزرة الكيميائي أيضا ضد سكان معضمية الشام بالغوطة الغربية.
ورغم أن الغوطة الشرقية شُملت باتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه ضمن مفاوضات أستانا برعاية روسيا وتركيا وإيران في مايو/أيار 2017، فإنها تعرضت لاحقا لمئات الغارات والقذائف التي أطلقتها قوات النظام التي كانت تحاول اقتحامها من عدة جبهات.
وتسبب الحصار الذي فرضته قوات النظام على الغوطة الشرقية في نقص خطير في المواد الغذائية والأدوية، مما دعا ناشطين إلى إطلاق مناشدات من خلال وسم "الأسد يحاصر الغوطة".
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير له في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إن سكان الغوطة يعانون من نقص شديد في الغذاء لدرجة أنهم يأكلون القمامة ويفقدون الوعي بسبب الجوع ويجبرون أطفالهم على التناوب على تناول الطعام.
وبينما جرى الحديث عن إمكانية التوصل قريبا لتسوية سياسية في سوريا، واصلت قوات النظام السوري قصفها على الغوطة الشرقية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، مما تسبب في مقتل وإصابة عشرات المدنيين، واستهدف القصف مدن وبلدات دوما وحرستا وعربين وزملكا وعين ترما ومديرا.
وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستفان دي ميستورا عن أن الحكومة السورية وافقت على إعلان وقف لإطلاق النار في الغوطة الشرقية، وقال إن الروس أبلغوه بذلك خلال اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في جنيف.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع انعقاد الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد، وذلك برعاية المبعوث الدولي إلى سوريا دي ميستورا.
وفي 5 فبراير/شباط 2018، بدأ النظام السوري المدعوم من وروسيا حملة عسكرية على الغوطة الشرقية، وأسفر القصف الجوي والصاروخي عن سقوط مئات القتلى.
واستمر القصف للمنطقة بشكل مكثف دون انقطاع، وأُعلن يوم 21 فبراير/شباط 2018 أن عدد القتلى خلال 48 ساعة فقط وصل إلى أكثر من 220 قتيلا، فضلا عن مئات الجرحى، علما أن جل الضحايا من الأطفال والنساء. واكتظت مستشفيات الغوطة -المفترض أنها تخضع لاتفاق خفض التصعيد- بالمصابين، وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية في سوريا إن القصف طال عدة مستشفيات بالغوطة.