"المدارس القرآنية" بتونس بين خرق القانون والمعارك السياسية

آمال الهلالي-تونس
وشدد على أن الحملة التي يقودها ما وصفه بـ "اليسار الاستئصالي" وبقايا المنظومة القديمة تستهدف الإسلاميين بشكل عام وحركة النهضة بشكل خاص، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية.

غلق المدرسة القرآنية
وأعلنت الداخلية الأسبوع الماضي غلق مدرسة قرآنية في مدينة الرقاب بمحافظة سيدي بوزيد (وسط غرب) بدعوى ممارستها نشاطا مشبوها وثبوت تورط مسؤوليها بالاتجار بالبشر، وممارسة العنف ضد أطفال، وتلقينهم "أفكارا متشددة".
وأكدت الوزارة في بيان توقيف صاحب المدرسة بتهمة "الاتجار بالأشخاص بالاستغلال الاقتصادي لأطفال والاعتداء بالعنف" ومن أجل "الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي".
وشهد البرلمان جلسة عامة الاثنين حضرها وزراء الداخلية والمرأة والأسرة والشؤون الدينية ومسؤولون حكوميون آخرون حول نفس القضية.
وأكد وزير الداخلية هشام الفراتي تنامي ظاهرة تكوين جمعيات ذات طابع ديني ناشطة في مجال الأعمال الخيرية وتحفيظ القرآن منذ 2011، لافتا إلى أن أغلبها يديرها أشخاص ينتمون لجماعة الدعوة والتبليغ.
وتحدث الفراتي عن وجود جمعيات تنشط خارج الأطر القانونية على غرار المدرسة القرآنية بالرقاب، مؤكدا إغلاق السلطات 11 مدرسة قرآنية تنشط بشكل عشوائي متوزعة على ست محافظات خلال الأيام الماضية.
بدورها صرحت وزيرة المرأة نزيهة العبيدي خلال الجلسة بأن المدارس القرآنية الناشطة بالمحافظات تعد خارج الأطر القانونية ولا وجود لها في القانون التونسي.
ولفتت إلى أن تعليم القرآن يتم عبر مناهج التدريس أو من خلال الكتاتيب الراجعة بالنظر للوزارات المعنية.

بوابة للتكفير
واتهم النائب عن الجبهة الشعبية أحمد الصديق في تصريح للجزيرة نت الحكومات المتعاقبة -بما فيها حكومة الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة– بالتواطؤ السياسي من خلال فسح المجال لوجود هذه الجمعيات التي تنشط تحت غطاء تحفيظ القرآن، حسب قوله.
وتابع "هذه الجمعيات المشبوهة أفسحت المجال لأبواق التكفير والتخريب بهدف استهداف الناشئة لتلقينهم قرآنا وفكرا دينيا بعيدا عن الوسطية والاعتدال مرتبط أساسا بالموجات الوهابية المتشددة".
وحذر الصديق من خطورة الفضاءات التي تنشط تحت راية المدارس القرآنية، مؤكدا أنها تتخذ من تحفيظ القرآن مدخلا لعقول الأطفال واستغلالهم لاحقا في مهام محددة كإرسالهم لبؤر التوتر أو إحداث واقع يضر بالانتقال الديمقراطي.
ونفى النائب اتهامات وجهتها بعض الأطراف لليسار بمحاولة الشيطنة والتوظيف السياسي لحادثة مدرسة الرقاب، مؤكدا أنه تقييم موضوعي للحادثة وتقدير لخطورتها وانعكاساتها.
وأقر بوجود فراغ تشريعي متعلق بضبط شروط إنشاء المدارس القرآنية ومراقبتها، داعيا الحكومة والوزرات المعنية لتحمل مسؤولياتها في ذلك.

اتهامات متبادلة
وكانت قضية أطفال الرقاب قد أقامت الدنيا ولم تقعدها، حيث تحولت لحديث الإعلام والشبكات الاجتماعية وأروقة البرلمان وخطب الأئمة على المنابر.
ودعت النائبة عن نداء تونس فاطمة المسدي -خلال مداخلة برلمانية لإلغاء وزارة الشؤون الدينية، والتسريع بهدم المدرسة القرآنية بالرقاب وجميع المدارس القرآنية التي تنشط بدون ترخيص قانوني.
من جانبه، حذر القيادي بحركة النهضة رضوان المصمودي -عبر صفحته بموقع فيسبوك- من منع الأطفال دون سن 16 سنة من حفظ القرآن، قائلا إنه سيكون هناك جيل بلا دين.
وتساءل "متى يتم إصلاح المنظومة التربويّة والقيميّة والأخلاقية والدينية في تونس؟".
وهاجم الشيخ الزيتوني منير الكمنتر -في خطبة دينية بثها عبر صفحته الرسمية بفيسبوك- "افتراءات" الإعلام التونسي لتشويه حافظي القرآن.
ووصف هذه الحملات بالحرب الشعواء الرامية لضرب المدارس القرآنية لخدمة أجندات خارجية.
وتساءل عن تدخل السياسيين بالمسائل الدينية في الوقت الذي يرفضون فيه تدخل الشيوخ وعلماء الدين في القضايا السياسية.