إسرائيل والقارة السمراء.. انتكاسات وآمال بنفوذ أكبر

Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu (C) inspects a guard of honor after arriving at the Entebbe airport in Uganda, July 4, 2016. REUTERS/Presidential Press Unit/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. EDITORIAL USE ONLY.
نتنياهو قام بجولتين في أفريقيا ويستعد للثالثة في نحو عام واحد (رويترز)
حققت إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية تقدما طفيفا جدا في علاقاتها مع عدد من الدول الأفريقية، لكنها تأمل أن تكون انطلاقتها الكبرى في القارة السمراء في قمة إسرائيلية أفريقية هي الأولى، تعقد في توغو في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

و"تنظر إسرائيل إلى أفريقيا على أنها المستقبل"، كما قال الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين خلال تلقيه الثلاثاء الماضي أوراق اعتماد سفير غينيا أمارا كامارا.

وموجها حديثه إلى السفير الجديد، أضاف ريفلين أن "علاقاتنا مع أفريقيا عامة وبلادكم خصوصا لها أهمية كبيرة، ونرى مصلحة متبادلة واضحة في بناء هذه العلاقات".

وبعد توغو قدم طالا فال أوراق اعتماده سفيرا غير مقيم للسنغال في إسرائيل. وقال فال للرئيس الإسرائيلي "جئت سفيرا للسنغال وصديقا حقيقيا، لقد كانت إسرائيل أول بلد يعترف باستقلال السنغال، ومنذ ذلك الحين كانت علاقاتنا جيدة".

فال أراد بكلماته هذه ترميم العلاقة بين البلدين بعد أزمة اندلعت إثر رعاية السنغال العام الماضي مع دول أخرى في مجلس الأمن الدولي للقرار 2334 الذي دان الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية واعتبره غير شرعي، داعيا إلى وقفه فورا.

تأييد أفريقي للفلسطينيين
لطالما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يريد انطلاقة في العلاقة الإسرائيلية مع الدول الأفريقية توقف ما أسماه "الدعم الأفريقي التلقائي للفلسطينيين في مؤسسات الأمم المتحدة". ولكن نجاحات نتنياهو لا تزال طفيفة للغاية، إن لم تكن شكلية، وأحيانا يقابلها النفي.

فقبل أيام قال مكتبه -في بيان- إن رئيس دولة الرأس الأخضر جورجي كارلوش فونسيكا أوعز إلى سفير بلاده في الأمم المتحدة بعدم التصويت ضد إسرائيل في المنظمة الدولية.

البيان لفت إلى أن نتنياهو اجتمع مع فونسيكا، قبل شهرين في مونروفيا عاصمة ليبريا، على هامش لقاء للمنظمة الاقتصادية المشتركة لدول غربي أفريقيا (إيكواس).

واعتبر نتنياهو أن "قرار رئيس الرأس الأخضر جاء نتيجة الأنشطة الدبلوماسية المكثفة التي تقوم بها إسرائيل في القارة الأفريقية". لكن فرحة نتنياهو لم تدم طويلا، إذ سارع رئيس الرأس الأخضر الأربعاء الماضي إلى نفي ذلك، بحسب هيئة البث الإسرائيلية العامة (الإذاعة الحكومية)، التي نقلت عن مصادر سياسية إسرائيلية أن هذا "النفي جاء على ما يبدو بعد تعرضه لضغوط من الدول العربية".

هدف نتنياهو بكسر "التأييد الإفريقي التلقائي للفلسطينيين في مؤسسات الأمم المتحدة"، اعتبره المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور أنه "هدف إسرائيلي بعيد المنال".

وأضاف منصور لوكالة الأناضول أن "الدول الأفريقية حتى الآن تصوت بغالبيتها لصالح فلسطين، والدليل على ذلك الزخم الهائل الذي تحصل عليه مشاريع القرارات الفلسطينية في الأمم المتحدة".

‪‬ نتنياهو وسفراء دول أفريقية خلال الاحتفاء بإطلاق اللوبي الإسرائيلي الأفريقي بالكنيست(الجزيرة)
‪‬ نتنياهو وسفراء دول أفريقية خلال الاحتفاء بإطلاق اللوبي الإسرائيلي الأفريقي بالكنيست(الجزيرة)

قمة إسرائيلية أفريقية
وعلى أمل تحقيق هدفه المعلن، زار نتنياهو أفريقيا مرتين خلال قرابة عام، ويستعد لزيارة ثالثة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل للمشاركة في قمة إسرائيلية أفريقية في لومي عاصمة توغو، بين يومي 23 و27 من ذلك الشهر.

نتنياهو زار ليبيريا، في يونيو/حزيران 2017، حيث شارك في لقاء للمنظمة الاقتصادية المشتركة لدول غرب إفريقيا (إيكواس).

وفي يوليو/تموز 2016، زار أوغندا حيث التقى مع رؤساء كل من أوغندا وكينيا وجنوب السودان وزامبيا ورواندا ورئيسي وزراء إثيوبيا وتنزانيا.

ويستعد نتنياهو لزيارة إفريقيا للمرة الثالثة، ولهذا استضاف في منزله بالقدس المحتلة الاثنين الماضي رئيس توغو فاورا غناسينغبي على مأدبة عشاء.

ووفق -بيان لمكتب نتنياهو- فإن رئيس توغو كتب في سجل الزوار "أحلم بعودة إسرائيل إلى أفريقيا، وعودة أفريقيا إلى إسرائيل". ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بقوله إن "توغو هي صديقة حقيقية لدولة إسرائيل".

‪مظاهرة سابقة في جنوب أفريقيا للتنديد بسياسات الاحتلال الإسرائيلي‬  (رويترز)
‪مظاهرة سابقة في جنوب أفريقيا للتنديد بسياسات الاحتلال الإسرائيلي‬ (رويترز)

جهود معاكسة
وعن زيارته المرتقبة لتوغو، قال نتنياهو الأحد الماضي "ستكون هذه ثالث زيارة لي إلى أفريقيا خلال عام، حيث زرت أولا شرق إفريقيا ثم غربها، والآن ستعقد قمة اقتصادية تكنولوجية للدول الأفريقية بهدف إعادة إسرائيل إلى أفريقيا بشكل واسع النطاق".

ومضى قائلا إنه "تجري الإعدادات للقمة بشكل جيد جدا، وستشارك في القمة حوالي 150 شركة إسرائيلية، والعديد من دول غرب ووسط وشرق أفريقيا".

وتابع نتنياهو أن "هذا لا يمر دون جهود معاكسة.. تمارس ضغوط مختلفة على رئيس توغو ليلغي القمة.. وهذه الجهود هي خير دليل على نجاح سياستنا، التي تقضي بدخول إسرائيل إلى القارة الأفريقية".

وكان دبلوماسي فلسطيني، طلب عدم نشر اسمه، صرح للأناضول بأن السلطة الفلسطينية تعمل على منع القمة أو على الأقل عدم خروجها بنتائج سلبية ضد الفلسطينيين، لكنه لفت إلى أن الجهود الفلسطينية "غير مضمونة النتائج في ظل الوضع العربي الراهن".

وفي كلمة له أمام الدورة 29 لقمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا في الثالث من يوليو/تموز الماضي، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس "لقد كانت دول أفريقيا واتحادها العتيد وما زالت نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة، ونحن في نضالنا اليوم، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم من قضيتنا، واستمرار التشاور بيننا كأصدقاء وحلفاء تاريخيين".

ومخاطبا القادة الأفارقة، حذر عباس من أن "محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي للمشاركة في مؤتمراتكم الإقليمية، وترتيب مؤتمرات قارية لها، يشجعها على الاستمرار في غطرستها واحتلالها لفلسطين، وإنكارها لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة والاستقلال.. هذه القيم والمبادئ الإنسانية الأساسية، التي تؤمنون بها أنتم، وآمن بها من قبلكم قادة إفريقيا العظام الذين ضحوا في سبيل حرية قارتكم ودولكم وشعوبكم".

ووفق الخارجية الإسرائيلية، فإن غانا كانت الدولة الأفريقية الأولى التي تعترف رسميا بإسرائيل عام 1956.

وقالت الوزارة على موقعها الإلكتروني إنه "بحلول أوائل السبعينيات كانت إسرائيل تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع 33 دولة أفريقية".

لكنها أضافت إنه بعيد حرب 1973 بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، والتي تلتها الأزمة النفطية العالمية، قطعت معظم الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى علاقاتها بإسرائيل لسببين، "أولهما الوعود التي قطعتها عليها الدول العربية بتزويدها بالنفط الرخيص والدعم المالي، والثاني هو الانصياع لقرار منظمة الوحدة الإفريقية (المسمى السابق للاتحاد الأفريقي) التي كانت مصر وراء اتخاذه، الذي دعا إلى قطع العلاقات مع إسرائيل".

وبحسب الخارجية الإسرائيلية، فإن "ملاوي وليسوتو وسوازيلاند وحدها أبقت على علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل، في حين حافظت بعض الدول الأخرى على اتصالاتها بإسرائيل من خلال مكاتب تمثيل لها ضمن سفارات أجنبية".

ولفتت إلى أنه "في الثمانينيات بدأت العلاقات الدبلوماسية مع دول جنوب الصحراء الإفريقية تُستأنف تدريجيا، مكتسبة بعض الزخم مع تقدم مفاوضات السلام بين إسرائيل وجاراتها العربية، وبحلول أواخر التسعينيات كانت العلاقات الرسمية قد استؤنفت مع 39 دولة جنوب الصحراء الكبرى".

ولإسرائيل سفارات في 10 دول أفريقية من أصل 54 دولة، وهي: السنغال، مصر، أنغولا، غانا، كوت ديفوار، إثيوبيا، جنوب أفريقيا، نيجيريا، كينيا والكاميرون. وثمة العديد من السفراء الإسرائيليين غير المقيمين في دول أفريقية.

وتتضمن العلاقات الإسرائيلية الأفريقية، وفق الخارجية الإسرائيلية، أنشطة عديدة، منها الروابط الاقتصادية والتجارية والثقافية والأكاديمية والتكنولوجية، إضافة إلى مشاريع زراعية مشتركة ومساعدات طبية وبرامج التكوين المهني ومساعدات إنسانية في أوقات الحاجة.

المصدر : وكالة الأناضول